الموضوع: أهمية وضرورة تطهير الجامعة وإصلاحها
خطاب
الحاضرون: أعضاء لجنة الثورة الثقافية
عدد الزوار: 135
التاريخ: 16 تير 1359 هـ. ش/ 24 شعبان 1400 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: أعضاء لجنة الثورة الثقافية
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية و ضرورة تطهير الجامعة وإصلاحها
بالطبع إن كل ما ذكرتموه جيد ولكن هناك نقطة يجب الالتفات اليها وهي انه أنتم الآن تستعدون لاستقبال الاساتذة والطلبة في الجامعات، وهناك الكثير من الطلبة والأساتذة سيعملون على إخفاء هوياتهم الحقيقية بأقنعة إسلامية وسيمارسون نشاطاتهم في الجامعة باعتبارهم أساتذة او طلبة، فعليكم أن تفكروا في علاج هذه الظاهرة منذ الآن.
نعم، الجميع مسلمون ومتقون والجميع يؤيدون هذه النهضة الاسلامية، ولكن هذا لا يمنع من أن نلقي الآن نظرة إلى ماضيهم.
إذاً فلتكن منكم جماعة تنظر في ماضي الأساتذة وماضي الأشخاص الذين يريدون أن يدخلوا إلى الجامعة حتى لا يتحول هذا المركز مرة أخرى إلى مكان لتجمع افراد يأتون إلى هناك ولا تكون هناك دراسة، وتكون هناك نشاطات سياسية واشياء من هذا القبيل.
كذلك علينا أن نزيل كافة العوامل والأسباب التي تؤدي بالجامعات إلى الفساد وتجعلها مراكز للفساد كما كانت في الماضي، كما يجب أن نغلق أبواب الجامعات في وجه النشاطات والفعاليات الفئوية.
فالجامعة منهل للعلم ومركز للدراسة والتعليم وليست مركزاً يستغل من قبل فئة معينة في سبيل تحقيق أهدافها ومآربها الخاصة. وبعد ستة أشهر تعود الأوضاع في الجامعات إلى ما كانت عليها سابقا، ويكون هناك نفس الفساد. وعند ذاك عندما تريدون ان تستأنفوا الدراسة فإن المشاكل ستكون أكبر.
أؤكد هنا مرة أخرى على أهمية إعادة فتح الجامعات وإستقبال الأساتذة والطلبة، ولكن ينبغي علينا أن لا نكتفي بما يعلنه الأساتذة من مواقف وما يظهرونه من تدين وإلتزام. بل علينا أن نمعن النظر في سلوكهم وأفعالهم السابقة. أي نوع من الأفراد هم؟ ما هي مواقفهم السابقة؟ كيف كانت طريقة تعاملهم مع الطلبة؟ وهل شاركوا في مؤامرات أم لا؟ إن اتخاذ هذه الإجراءات سيزيل الكثير من الشوائب والإنحرافات من الجامعات، وبعد أن تفتح الجامعات أبوابها لتكن منكم مجموعة تقوم بمراقبة هؤلاء الأفراد والتحقق من أفعالهم وإعلام الجهات المختصة بالمخالفات. كيف يتعامل الأساتذة مع الطلبة؟ ماهي الأفكار التي يطرحونها إلى جانب عملهم التدريسي؟ واذا ما رأوا ان هناك انحرافا، فيجب الابلاغ عن ذلك. ويجب ان تكون هناك جهة تقوم بالتحقيق فيما لو أراد كل استاذ القيام بمثل هذه الاعمال.
إن خطورة هذا الأمر تكمن في أن هؤلاء الأفراد سيعملون على تخريب كل ما ستصلحون من الامور، لذا فإن القيام بالإصلاحات الضرورية ينبغي أن يتم في جو مناسب نقي من الشوائب. ومن جهة أخرى فإن الوضع الجديد لن يطيب للكثيرين مما سيدفعهم إلى السعي لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وإبعاد الطلبة عن الأهداف السامية وهي الدراسة والتحصيل العلمي وإدخالهم في دوامات الفساد والأفكار ال- ملوثة. ينبغي الإستفادة من أفراد مخلصين جل إهتمامهم تربية الأجيال وتعليمها.
ضرورة التربية الأخلاقية في المراكز التعليمية
على الجامعات أن تضم إليها أساتذة ملتزمين ينوهون إلى المسائل الأخلاقية إلى جانب وظيفتهم التعليمية لتساهم في تنشئة الطلبة تنشئة حسنة. وهذا الأمر أشد أهمية في المدارس الثانوية بشكل خاص، لتربية أجيال ذات فكر مستقل تعمل لتحقيق أهدافها الخاصة ومصلحتها الذاتية وليس لمصلحة أمريكا وروسيا وبريطانيا. طبعاً إن أهمية هذه الأمور لا ينبغي أن تحد من المسائل التعليمية وتؤثر عليها سلباً. فعلى المعلمين أن يتحدثوا للطلبة عن القضايا الأخلاقية والعقائدية. وأما المادة التعليمية فيجب إختيارها فيما يناسب ثقافة بلدنا وإمكانياته. فعلى سبيل المثال ليس من المناسب أن تقوم بتدريس بعض إختصاصات الفنون الجميلة وغيرها من الفروع الدراسية التي تساهم في تخلفنا وغفلتنا كبعض أنواع الموسيقى التي لا أعرف عنها الكثير وليس لدي الإطلاع الكافي عنها. بل علينا تدريس الفروع العلمية التي نحتاجها والتي تساعدنا في الإعتماد على أنفسنا والإستغناء من خلالها عن الأجانب.
الجامعة التي يرغب بها الأجانب لايجاد الانحراف
أتمنى لكم ولكل الجهات التي تعمل معكم إبتداءً من الحكومة وحتى رئيس الجمهورية، والحكومة القادمة، أتمنى للجميع النجاح والتوفيق في خدمة هذا البلد. إن صلاح المجتمع في صلاح الجامعة، فالجامعة هي مركز الفساد والإصلاح، ولهذا يسعى الاجانب دائماً إلى جرّها نحو الإنحراف. وقد جرب أن يفعل ذلك مع الحوزات العلمية ولكنه فشل. من الممكن أن يكون قد ظهر في الفترة الأخيرة بعض الإنحراف في الحوزات العلمية ولكنه ما زال أقل بكثير من الهدف الذي يسعون إليه. ولذلك فقد ركّزوا اهتمامهم على الجامعات وعملوا على جعلها مراكز للدعاية والانحراف والفساد. وكانوا يجرونها إلى هذا الجانب أو ذاك. هذا هو المهم في الجامعة اليوم. وبعون الله وكما أشرتم سابقاً ستكون جامعاتنا العامل الأكبر في إستغنائنا عن الأجانب، حتى ولو استغرق ذلك مدة طويلة. فليحفظكم الله جميعاً وليسدد خطاكم في تحقيق هذه الأهداف.
لنفرض أننا قمنا بفتح أبواب الجامعات الآن. نتعرض الآن للمشاكل التي ذكرناها؟ بالطبع نعم، لذا علينا أولا أن نهيء الظروف المناسبة والأساس الصحيح قبل القيام بذلك كي لا تعود تلك الفئات إلى ممارسة نشاطاتها السابقة من ترويج للفساد وإثارة التفرقة وما يتبع ذلك من أمور.
إن هدفنا في هذا المجال هو أن تكون الجامعات مراكز تعليمية بكل معنى الكلمة وليس مراكز للفساد والانحراف والضلال. ولكن إذا أردنا من الجامعة إسمها فقط فلنفتح أبوابها منذ الآن، وليحدث ما حدث سابقاً من مشكلات ذكرناها.
علينا أن نقوم بذلك عندما ندرك أنها جامعة بكل معنى الكلمة، وأن فيها الفائدة للبلاد وللإسلام. لذا فعلينا أن ندرس الأمر بدقة قبل كل شيء، كي لا تعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً.
إن كل من يسعى إلى فتح الجامعات ويدعو إلى الإسراع في ذلك هو إنسان غافل، أو بالأحرى منحرف. لذا علينا أن لا نعير لهؤلاء أي إهتمام، بل عليكم بحث هذه الأمور مع أشخاص متخصصين ولهم إلمام كامل بالأمور.
لنفتح أبواب الجامعات عندما نتأكد من أنها ستكون جامعات حقيقية ومراكز للعلم ومؤسسات للتربية والأخلاق.
فقد كان الهدف من فتح الجامعات في السابق هو التظاهر أمام العالم أجمع بأننا نملك جامعات على غرار الدول الغربية، والكل يعرف ماذا حققت تلك الجامعات طوال ثلاثين سنة من عمرها.
مراعاة مصلحة الإسلام والبلاد من وراء إصلاح الجامعات
يجب أن نسعى لإمتلاك جامعات حقيقية ولا يهم إن تعجب الغرب أم لا، إن تعجب المتنورين، فنحن نعمل لتحقيق أهدافنا ولخدمة مصالحنا وليس كسب إعجاب الآخرين، فهذا إنحراف عن المضمون. علينا أن نعمل ما يرضي الله ويكون مفيدا لشعبنا المستضعف وليقل من يقول ما يشاء.
فتصفيق الجمهور يجب أن لا يكون هدفا لنا، وعلينا أن نبتعد عن هذه الأمور الظاهرية. لنبني جامعات حقيقية غير مبالين بمن سيغضب ويستاء من عملنا هذا وإن شتمونا. على الإنسان أن يقوم بواجبه وتكليفه دون أن يهتم بآراء الآخرين المفروضة. لنبتعد عن الوجاهة وكسب الإعجاب وكل هذا الزيف.
هنالك بعض الأشخاص ممن يطرح بعض الأفكار المستحدثة ليجد له مكاناً بين المفكرين المثقفين والمتنورين مع أنهم غير معتقدين بذلك وهذا خطأ.
في البداية يجب أن نشخص ما المفيد لنا؟ وما هو المفيد لهذا الشعب المستضعف المتخلف، وحاولوا أن يبقى متخلفا؟ وكيف يمكننا أن نتخلص من هذا التخلف؟
إن إعادة فتح الجامعات يجب أن تتم بعد سلسلة من الإجراءات الوقائية والعلاجية كي لا نتعرض للمشاكل السابقة أو لمشاكل أكبر وأفظع منها. وعندها سيقول القائل: بأنكم أنتم من سبب ذلك وأن الثورة هي التي ساقت الجامعات نحو الفساد والإنحراف هذا. من الخطأ فتح الجامعات ما لم يتم إصلاحها والداعون الى فتحها مخطئون أو أنهم واقعون تحت تأثير بعض الجهات. نفس أولئك المخربون يريدونها أن تفتح الآن.
يجب أن لا نتهور ونتسرّع في ذلك، فينحرف طلابنا، ويغرقوا في الفساد، ويتخلوا عن واجباتهم التعليمية، ويشرع الطلبة بالتحزب والإنخراط في القضايا الفئوية مبتعدين عن العلم والدراسة العلمية. لاتعيروا لإختلاف الآراء والأذواق إهتماماً في هذه النقطة بالذات، بل عليكم أن تدركوا أهمية ما تقومون به من خدمة لهذا الشعب المستضعف.
إذا تجاهلنا هذه الإنحرافات، ووقفنا مكتوفي الأيدي أمامها لاستغل البعض ذلك وعمل على تخريب الأمور أكثر فأكثر. افعلوا ما ترونه مناسباً فالآخرون سيعارضون بعض أفعالكم وسيؤيدون بعضها الآخر، لكنهم لن يتمكنوا إن شاء الله من فعل أي شيء.
أتمنى لكم التوفيق والنجاح في هذا الامر، وأشكركم، وبيان الشكر هو من أخ لآخ آخر، وإلّا فإن القضية هي قضيتكم. يجب علينا جميعاً أن نشكر الله سبحانه وتعالى لأنه أتاح لنا هذه الفرصة لنتشرف بالقيام بمثل هذه الاعمال.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج13، ص:13,10