الموضوع: فتنة إضعاف الجيش - انتقاد بعض التصرفات الغير مناسبة
خطاب
الحاضرون: قادة القوى الثلاثة في الجيش
عدد الزوار: 143
الزمان: 3 مرداد 1359- 12 رمضان 1400
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: قادة القوى الثلاثة في الجيش
بسم الله الرحمن الرحيم
إعلان الأسف من محاولات بعض المجموعات لإضعاف الجيش
إنه لباعث على الأسف والإستياء أن تقوم بعض الشخصيات العسكرية بدافع الخيانة أو بسبب الجهل بإعطاء المبرر للفاسدين والخونة لإغتنام الفرص ومحاولة إضعاف الجيش. نحن اليوم في أمس الحاجة لتقوية كافة المؤسسات الحكومية.
المسائل التي تطرح في هذا الوقت والتي تهدف إلى إضعاف الجيش والقوات المسلحة هي ليست من جانب الشعب بل من قبل مجموعات تريد إضعاف الجيش وإضعاف الأمة بأكملها وإن حدث ذلك لا سمح الله، فستكون الطامة الكبرى.
إن دولتنا اليوم هي في أمس الحاجة لوحدة الفكر والتضامن والنظم نظراً للأوضاع الراهنة التي تسودها. النظام في دولة ما هو عبارة عن قواعد وأسس يتم من خلالها إطاعة القائد والمسؤول أينما كان وإن عدم إطاعته يوحي بعدم وجود النظام.
ومع وجود الخلل والفوضى في جسد النظام وعدم وجود تعاون بين مؤسساته العسكرية والمدنية فإنه من غير الممكن أن نتوقع له التقدم والإزدهار.
إن وجود 100 شخص أو 200 شخص منحرف لا ينبغي أن يؤثر على سمعة الجيش بأكمله ويشوه صورة الجيش أمام الشعب. فالجيش هو نفسه الذي قام بمواجهة هذه المجموعات وإطفاء الفتن وكذلك قام الحرس الثوري بمساندته في ذلك، لذا ينبغي أن لا نسلب الجيش حقه، فالجيش هو الذي حقق تلك الإنتصارات، وهو الذي أطفأ نار الفتنة في كردستان وبقية المناطق بالتعاون مع الحرس الثوري.
تصرفات فردية ومؤسساتية مخالفة للإسلام
من الأسف أن يسعى الكثيرون بشكل فردي أو بشكل جماعي لتخريب الأمور وإظهارها بأسوء ما يمكن. وقد سرى ذلك في المجلس وفي الحكومة أيضاً، حيث نرى صدور بعض التصرفات وإطلاق بعض المواقف التي تسيء للأمة وللإسلام بأكمله.
إن لم تتحد جميع أركان هذه الدولة وتتضامن فيما بينها فعلينا إذاً أن ننتظر ونواجه المشاكل والفتن، على الجيش أن يتمتع بقوة فاعلة وأن تكون طاعة القائد فيه صفة يتسم بها كل فرد في هذا النظام.
الطاعة هي واجب شرعي ولا يجوز التهرب من المسؤولية كما كان يحدث سابقاً، فالله سبحانه وتعالى يرى الظاهر والباطن، وإن أردنا التخلص من هذه المشاكل والإضطرابات وكبح جماح هذه الفتن فعلى الجميع من قوات مسلحة وحكومة أن تتضامن فيما بينها وإلا لن نحقق النصر ولن نصل للنجاح أبداً، فالنصر الحقيقي لم يتحقق بعد. لقد تمكنا اليوم من سحق قوة كانت تعرقل تقدمنا وزحفنا وهذا لم يكن ليتحقق إلّا بفضل الجيش والحرس الثوري والشعب بأكمله، فعلينا أن ندرك ونقدر أهمية ذلك، لا ينبغي أن نحكم على الأكثرية من خلال تصرفات الأقلية، فلا ينبغي مثلًا الإستياء من رجال الدين لمجرد أن نعرف مثلًا أن جهاز الساواك السابق كان يضم في صفوفه عدداً من رجال الدين وكذلك بقية المراكز الحكومية. فوجود هؤلاء الأفراد أمر طبيعي جداً فقد حكم النظام السابق قرابة 50- 60 سنة، قام فيها بعملية غسيل للعقول وتخريب للفكر ولذلك فإنه ليس من العدل أن نتوقع إصلاح هذه الأمور بين ليلة وضحاها فالأمر يحتاج إلى وقت وعلينا هنا أن نتحد فيما بيننا لكشف هؤلاء الأشخاص وتقديمهم للعدالة.
ضرورة طرد كل عنصر فاسد من الجيش
لقد ذكرت مراراً أن وجود بعض الأفراد السيئين والمنحرفين في الجيش ينبغي أن يكتشف ويعالج من قبل الجيش نفسه، وعلى الجيش أن يمتثل لأوامر المحكمة العليا وأن يسلم هؤلاء الأفراد إليها. ومن جهة أخرى ليس للمحكمة ولا للحرس الثوري الحق في التدخل المباشر في ذلك، كي لا تسود الفوضى وتعم الإضطرابات ونتعرض لنكسة كبيرة.
على جميع القوى والمؤسسات أن تكون متلاحمة متضامنة تعرف كل منها مسؤولياتها الواقعة على عاتقها وتعي تماماً سلسلة المراتب، وعلى الجميع إطاعة الرئيس والقائد العام ليسود النظم في هذا البلد.
إن الغرب يبتهج عندما يرانا نفتقد للنظام، ويدعي بأن هؤلاء يعيشون في غابة موحشة ولذلك ينبغي أن نعين قيم ومسؤول يدير أمورهم وينظم حياتهم فهم غير قادرين على ذلك.
على الجميع أن يقفوا خلف الحكومة والرئيس والجيش وبقية مراكز القوة في الدولة وشعبنا والحمد للّه يقوم بذلك بشكل جيد، والدولة التي يقف فيها الشعب خلف الجيش والقوات المسلحة ويسانده لن تصب بمكروه أبداً.
إن وجود أربعة أفراد فاسدين في مكان ما لا يعني أن الكل فاسد وسيئ، فوجود بعض المنحرفين بين رجال الدين لا يعني أن الكل منحرف وهذا ينطبق على كافة الفئات والشرائح الأخرى. وأظن أن تواجد بعض المفسدين هنا وهناك أمر طبيعي جداً وخصوصاً في الجيش، لذا على الجيش أن يعمل على كشف أمرهم وطردهم وعدم التهاون في ذلك. لكي لا يستغل البعض ذلك ويشرع في إضعاف الجيش والتشكيك به. وهذا ينطبق أيضاً على كافة المؤسسات الحكومية والعسكرية.
إن الدولة هي دولتكم وأنتم من سيقطف ثمارها وليس كما كان في السابق حيث كان الأمريكان والسوفييت يسرقون أموالنا وخيراتنا وينهبوها.
أيها الشعب الكريم إن كل ما ستحققونه من مكاسب وغنائم وكل ما ستقدمونه من تضحيات ستكون ثماره وفوائده لكم في النهاية.
لن نخاف الفتن ما دام الشعب يساندنا
إتحدوا وساندوا بعضكم البعض، وعلى المجلس أن يعمل على دعم ومساندة القوات العسكرية والمؤسسات الحكومية بمن فيها أعضاء الحكومة ورئيس الجمهورية. كما ينبغي على رئاسة الجمهورية أن تساند هؤلاء أيضاً. على الجيش إطاعة رئيس الجمهورية على أنه الرئيس العام لكل القوى وعلى رئيس الجمهورية أن يعامل الجميع كأب لهم.
إنه الإسلام أيها الإخوة وهو يختلف عن الأنظمة الأخرى التي يسعى كل فرد فيها لتقوية نفسه وإضعاف الآخرين.
علينا جميعاً بالتضحية والفداء، وأن يكون هدفنا هو عزّة الدين ورفعته لاعزة أنفسنا، فلا وجود للنفس هنا لأن الدين هو كل شيء وعندما يكون الدين هو الهدف فلا وجود للأنا بل على الجميع أن يعملوا على نصرة الدين ونشره وليس السعي لتحقيق أهداف ومآرب شخصية. علينا أن نكون كمسلمي صدر الإسلام في التضحية والتفاني في خدمة الإسلام وهو السبب الذي مكنهم من النصر ونشر الإسلام، رغم أنهم كانوا ضعفاء ولكنهم تمكنوا من سحق قوى جبارة، ها أنتم اليوم أقوياء والحمد للّه ويساندكم 35 مليون إنسان فمن أي شيء ترهبون؟
لا ترهبوا شيئاً ولا تخافوا من الفتن والمؤامرات ولن يقدر أحد على قهركم إن الأعداء حاولوا مراراً أن ينالوا منكم ولكنهم فشلوا والحمد للّه.
ولن يكرر العدو فعلته هذه لأنه جبان وسيسعى جاهداً للفرار والبحث عن مهرب ينجو بنفسه من خلاله.
إذاً فلا داعي للخوف ولا تلتفتوا إلى ما يقال بأن البعض يحيك المؤامرات ضدنا أو أن بختيار1 مثلًا يخطط لبعض الأمور في الخارج.
إن الهدف من إشاعة ذلك هو إضعافنا وتفريغ عزائمنا شيئاً فشيئاً لينقضوا علينا في الوقت المناسب من خلال التدخل المباشر.
لكن شعبنا متحد ومتلاحم ويساند الحكومة ويؤيدها وعليكم أنتم جميعاً كإخوة أن تتحدوا وتتكاتفوا فهو واجب شرعي لكم وخصوصاً نواب المجلس وأعضاء الحكومة وشخص رئيس الجمهورية.
الالتزام بالقانون وعدم التدخل في شؤون الآخرين
إن اتحدنا فسيكون النصر حليفنا ولكن إن قام كل منا بفعل ما يحلو له لتحقيق أهدافه الشخصية، وتدخلت إداراتنا بعمل بعضها البعض كأن يتدخل الجيش في عمل الشرطة أو الحرس وبالعكس فإن هذا الأمر سيصل بنا إلى الفشل الحتمي.
على كل منا أن يقوم بواجبه على أكمل وجه وعندها ستكون الدولة منظمة يمكنها التقدم والازدهار، وإن تدخل كل منا في عمل الآخر فلن نتمكن من القيام بواجباتنا جيداً، إن ما ذكرته الآن واجب شرعي لا يخصكم أنتم وحدكم بل يشمل الجميع من جيش وشرطة وحرس وحكومة ورئيس والكل مكلفون بالتقيد به.
القانون حدد وظيفة كل منا وعلينا القيام بهذه الوظيفة في نطاقها القانوني، والتدخل في عمل الآخرين هو خرق للقانون وعمل مخالف للشرع. على كل منا أن يقوم بواجبه كما حدده القانون، فرئيس الجمهورية مثلا له الشرعية التامة في التحرك ضمن نطاق مسؤولياته، والمجلس أيضاً يتمتع بمساحة قانونية يتحرك فيها، فلا يجوز مثلا للمجلس أن يتدخل في شؤون السلطة التنفيذية ولاحق لهذه الأخيرة في التدخل في شؤون السلطة التشريعية ولا يحق لكلاهما التدخل في شؤون السلطة القضائية. ينبغي أن يعمل القضاء بحرية بعيداً عن كافة الأطراف، وكذلك السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، وهذا الأمر في غاية الأهمية. إن تدخل كل منا في عمل الآخر فلن يكون ما بنيناه دولة حقيقية.
فهل من المعقول أن يتدخل الجيش في أمر الفتوى أو العكس. في هذه الحالة لن نتمكن من القيام بمسؤولياتنا. علينا أن نعمل كما أمرنا الله سبحانه وتعالى ولنأخذ بعين الإعتبار أن الشرطي الذي يخدم في المنطقة الفلانية أو ذلك الجندي الذي يحارب العدو الفلاني هم كلهم إخوة في الإسلام. أشكركم جميعاً وأذكركم بنظم أمركم وإلا سنتعرض لمخاطر جمة. آمل أن لا يصيب هذه الدولة مكروه أبداً فنحن نعمل جميعاً في سبيل الله والله ناظر يرى أعمالنا. تذكروا أيها الأخوة أن أولئك الذين حاولوا القضاء على منجزاتنا من خلال نشر الفساد والفتن قد سقطوا على فراش الموت. تذكروا الآخرة فإننا مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى. والإسلام والدولة الإسلامية هي أمانة في أعناقنا والاستهتار في هذه الأمانة هو خيانة ينبغي تحمل مسؤولياتها يوم القيامة فإياكم والتفرقة وإضعاف بعضكم البعض بل اتحدوا للتخلص من كافة الأفراد السيئين ولتكن المحبة والوئام نظام يحكمكم حفظكم الله جميعاً ووفقكم وسدد خطاكم لما فيه تقدم هذه الدولة وازدهارها ولما فيه مرضاة الله عزّ وجل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج13، ص:55,51
1- شابور بختيار، آخر رئيس للوزراء في النظام البهلوي.
2011-05-28