يتم التحميل...

الموضوع: الحكومات هي سبب مشاكل المسلمين - الرجوع إلى الإسلام الحقيقي‏

خطاب

الحاضرون: المشاركون في مؤتمر تحرير القدس، ممثلي حركات التحرر العالمية

عدد الزوار: 141

الزمان: بعد ظهر 18 مرداد 1359- 27 رمضان 1400
المكان: طهران، حسينية جماران‏
الحاضرون: المشاركون في مؤتمر تحرير القدس، ممثلي حركات التحرر العالمية

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

الحكومات هي سبب مشاكل المسلمين‏

أبارك للمسلمين حلول شهر رمضان المبارك وكم أتوق لرؤية ذاك اليوم الذي سيتمكن فيه المسلمون من حل مشاكلهم والتغلب عليها عن طريق الإحساس بالمسؤولية وأداء الواجب.

إن قضية القدس ليست مشكلة المسلمين الوحيدة، بل هي واحدة من المشاكل التي نواجهها.

فلدينا الكثير من المشاكل في أفغانستان والباكستان ومصر والعراق وتركيا والتي تحتاج إلى دراسة معمقة لكشف أسبابها وجذورها والعمل على وضع الحلول المناسبة لها. لماذا ياترى يتعرض المسلمون إلى ضغط ومضايقة من قبل حكوماتهم وهجمة شرسة من قبل الدول الغربية؟ وكيف يمكنهم أن يتغلبوا على هذه المشاكل والتي تعتبر رمز النصر ومفتاحه وخصوصاً تحرير القدس وأفغانستان.

إن مشكلة المسلمين الحقيقية تكمن في حكوماتهم فالمسلمون ومن خلال فطرتهم الذاتية قادرون على حل كافة المشاكل ولكن الحكومات لا تسمح لهم بذلك.

لو ألقينا نظرة في المشاكل التي تواجه البلدان الإسلامية ككل لوجدنا أن أغلب هذه المشاكل هي من صنع الحكومات التي تعمل لصالح القوى الغربية والشرقية المعادية للمسلمين.

إذاً فالحكومات الفاسدة والخائنة هي مشكلة المسلمين الأولى والتي تحتاج إلى حل سريع للوصول إلى الأهداف المرجوة.

الإرادة والتصميم مفتاح القضاء على المشاكل‏

لقد واجه الشعب الإيراني مشاكل أكبر نسبياً من الشعوب الإسلامية الأخرى فقد كان الشاه يتمتع بقدرة كبيرة مدعوماً من قبل الغرب وكافة الحكومات الإسلامية وغير الإسلامية.

ولقد رأيتم كيف أن مفتاح هذه المشاكل لم يكن باللجوء إلى دولة أو قوة ما لتساعدنا على ذلك. بل كان مفتاح حل هذه المشكلة بيد الشعب نفسه، من خلال الإنتقال من مرحلة الخوف إلى الشجاعة، من اليأس إلى الأمل، ومن التفرقة إلى الوحدة، ومن الأنانية إلى الله عزوجل، إن هذا التغيير والتحول العظيم هو الذي حل هذه المشكلة الكبيرة بحيث لم يتوقع أحد ذلك أبداً. لا تظنوا أننا فعلنا ذلك بالسلاح، أبداً، فسلاحنا كان الحجارة لا غير، سلاحنا الحقيقي هو العقيدة والإيمان، الإيمان بالله تعالى والتوكل على مبدأ القدرة، ووحدة الكلمة.

إن كل البنادق التي ترونها اليوم هي مما غنمناه من الشاه ورجاله ولم نملك أية بندقية في السابق. لقد توارى الخونة والمفسدون في ذلك اليوم كالحيوانات المختبئة في حجورها.

كان الجميع ينادي بالإسلام والجمهورية الإسلامية حتى الأطفال والمرضى في أسرّتهم وكذلك الشباب وكافة شرائح المجتمع، الجامعة، المدرسة، الأسواق.

لقد كنا غافلين سابقاً بسبب نجاح الغرب في تهميش دورنا والتلاعب في عقولنا ولكنا اليوم وبمدد من الله سبحانه وتعالى استيقظنا من ثباتنا العميق هذا، وقضينا على هذه المشكلة والتي كان الجميع يعتبرونها مستحيلة الحل.

كان الشاه وأعوانه هم المشكلة، ولقد إنبثق الحل من الشعب نفسه وليس عن طريق السلاح المرسل من الخارج أو الدعم الدولي، بل كنا في مواجهة مع العالم بأسره.

حتى العراق والكويت ومصر وقفوا في مواجهتنا وعارضوا ثورثنا، ومع كل هذا فقد تمكن شعبنا الأبي، الصامد، من دك معاقل الأعداء، وهدم هذا السد المنيع حسب زعمهم.

واجبات علماء المسلمين ودورهم في إيقاظ الشعوب‏

علينا إيقاظ الشعوب لتعرف واجباتها، وللعلماء والجامعات دور كبير في ذلك.

علينا أن نزيل تلك الفكرة التي ألقاها الغرب والخونة في أذهان الناس خلال المئة عام المنصرمة والتي تقول إنه من المستحيل أن نعارض الأمريكان والسوفييت ونتغلب عليهم.

ولكن زيف هذا الإدعاء وبطلانه قد بان للجميع وخير مثال على ذلك هذه الثورة العظيمة التي قادها الشعب الإيراني الباسل، والأعزل، والمجرد من السلاح، فثورتنا هذه لم تتحقق بفعل السلاح والعتاد كما يظن البعض فالعشائر العراقية تمتلك الكثير من الأسلحة ولكنهم يفتقدون للإرادة والتصميم ويعتقدون بأن لا فائدة من مواجهة القوى الإستكبارية وللأسف الشديد فإن هذا الإعتقاد قد ترسخ في أذهان الكثير من المسلمين.

على كل مسلم وإنسان شريف يحب شعبه ودينه ويهدف إلى خدمة وطنه أن يعمل على إيقاظ كل من حوله ليصحو الشعب من ثباته العميق ويتخلص من الأفكار الملوثة هذه.

علينا أن نزيل كلمة مستحيل ومحال من أذهان الشعوب ونستبدلها بالإرادة والتصميم وأنه من الممكن، ومن السهل، القيام والتغيير.

كيف يمكن أن نقبل بأنه لا يمكننا فعل شي‏ء؟ وكيف يمكن أن يبقى المسلمون على خنوعهم وهم مليار مسلم ويمتلكون كل الإمكانات من منابع طبيعية، وأراض واسعة، بالإضافة إلى ذلك الذخر الإسلامي والدعم الإلهي.

ألم نرى كيف فشل السوفييت في فرض سيطرتهم على أفغانستان وتضييق الخناق عليها إذ لا يمكنهم أن يفرضوا أمراً لا يقبله شعب بأكمله.

إذاً علينا في البداية العمل على إيقاظ الشعوب فشعوبنا كانت في غفلة تامة قبل 20 سنة ولكنها راحت في السنوات الأخيرة تستيقظ شيئاً فشيئاً بفضل جهود العلماء والجامعيين وهكذا عمت المظاهرات كل مكان ودوى شعار الله أكبر في كافة الأرجاء وأجبر العدو على الهروب مع أنه كان ينوي المكوث طويلا ومديداً.

لقد كنت على علم وإطلاع كامل بنية الغرب في إحكام سيطرة محمّد رضا بهلوي على إيران وتقوية أركان سلطته أكثر فأكثر لنهب ثرواتنا وسلب ممتلكاتنا ولكن عندما يرفض الشعب ذلك لا يمكنهم فعل شي‏ء. علينا أن نعمل على إيقاظ الشعوب ونجعلها تدرك بأنها قادرة على تحقيق أهدافها من خلال إزالة كلمة مستحيل من أعماقها.

على هذه الشعوب أن تنذر حكوماتها وتهددها في أنها إن لم تُسلّم بإرادة الشعب وتحقق مطالبه فإنها ستثور عليها كما فعل الشعب الإيراني.

لا يمكن حل كافة هذه المشاكل دون إزالة هذه الحكومات الخائنة.

أينما ذهبنا في هذا العالم وليس فقط في الدول الإسلامية لوجدنا أن الحكومات هي التي تمنع النمو الفكري والمعنوي والمادي لشعوبها. إن الحكومات الخائنة هي التي تخرب أذهان الشباب وأفكارهم من خلال تعيين بعض المرتزقة كأساتذة في الجامعات يعملون على تشويه أذهان الشباب المسلم.

إذاً فكل مشاكلنا ناشئة عن حكوماتنا فهي التي تمنع تقدمنا.

الدعوة إلى القومية هي أصل مشاكل المسلمين‏

لقد صرفت القوى العظمى المئات من السنين وأرسلت الكثير من الأفراد لدراسة طبيعة مجتمعاتنا ودراسة الأفراد والمناطق في بلادنا ووصلوا إلى نتيجة مفادها أن الإسلام وحده هو القادر على مواجهتهم والقضاء على مخططاتهم. إذاً فقد وجدوا أن الإسلام هو أهم شي‏ء لدينا. ولذلك عملوا على إيجاد حكومات فاسدة كخطوة أولى في مواجهة الإسلام والتي عملت بدورها على بث التفرقة وتشديد الطائفية والقضايا العرقية بين المسلمين وزرع الفتن بين العرب من جهة والأتراك والعجم من جهة أخرى.

أكرر ما قلته أيها السادة بأن التوجه القومي هو أصل مشاكل المسلمين وهو المسؤول عن صراع الشعوب ونشوب الحروب وتولّد العداء بين العرق الإيراني مثلًا مع بقية الأمم أو بين العراقيين مع الشعوب الإسلامية الأخرى.

إنها خطة قذرة نفذها المستعمرون في مجتمعاتنا بدقة كاملة.

ففي العراق وفي عهد الحكومة السابقة (طبعاً إن الحكومة الحالية أكثر سوءاً من الحكومة السابقة) تم طرح شعار إحياء مجد بني أمية 1 بدلا من مجد الإسلام حيث أن الإسلام قد نزل ليقضي ويفني جميع الأمجاد ويقيم مجد الله عزوجل فقط.

طبعاً لم تنبثق هذه الفكرة من العراقيين أنفسهم بل جاءت من قبل القوى الإستكبارية لتفريق المسلمين وزرع العداء بينهم.

وكذلك في إيران وعلى مدى سنوات طويلة قام العديد بقرع طبول القومية بعضهم كان مغرضاً والآخر غافلًا وكان الهدف من ذلك إقتلاع جذور الإسلام من إيران.

لقد جاء الإسلام ليساوي بين الشعوب والأمم ويصهرها في بوتقة واحدة لا فرق فيها بين العرب والعجم ولا بين الأبيض والأسود.

الأصل هو التقوى والميزان هو الإلتزام بالإسلام، وكل ما نراه من تفرقة وفتن هي من صنع الغرب.

قبل عدة سنوات وفي عهد رضا خان شكل البعض رابطة تعقد الإجتماعات والمؤتمرات وتنتج الأفلام وتصدر البيانات التي تظهر أسفاً شديداً من إنتصار الإسلام في إيران ومن دخول العرب إلى إيران ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يزرفون الدموع حزناً على استيلاء الإسلام على عرش كسرى والمدائن.

يالهم من خبثاء أيبكون حزناً على سلاطينهم الفاسدين.

إن الغرب هو المسؤول عن كل ذلك فكل هذا هو تلقين من الغرب ومخالف للقرآن والتعاليم الإسلامية، ولقد رأينا أن الغرب وبعد إنتصاره الثاني على الدولة العثمانية مزق الدولة الإسلامية إلى 15 دولة وعينوا على كل دولة خادماً لهم وللأسف الشديد لم يفهم الكثيرون هذا الأمر ولم يبدي أحد إهتمام بذلك ومازالوا غافلين حتى يومنا هذا.

العودة إلى الإسلام مفتاح حل مشاكل العالم الإسلامي‏

مشكلتنا في الحقيقة هي الحكومات ومشكلة العالم الإسلامي هو حكوماته الحالية. علينا حل هذه المشكلة والحل هو يقظة هذه الحكومات ورجوعها إلى الإسلام وترك القومية العربية جانباً، والتركية وغيرها. وإن لم تفعل الحكومات ذلك فعلى الشعوب أن تقوم بذلك بنفسها كما فعل الشعب الإيراني الذي حل هذه المشكلة بالقوة. إن هذه الحكومات لن تفعل أي شي‏ء ولا يجدر بنا أن نتوقع منها أن تفعل شيئاً ما، فهي لا تفكر إلا بنفسها وبإحكام قبضتها على السلطة ولا تهتم بالإسلام أبداً. وعندما يتحدث هؤلاء عن الإسلام فان هدفهم هو تضليلنا وإغوائنا.

إسلام صدام كإسلام محمّد رضا خان وكإسلام السادات وهو إسلام لفظي لا غير.

لقد هاجم صدام دولتنا. لماذا؟ لأن إيران دولة إسلامية.

والآخر يتحالف مع الأعداء لضرب المسلمين. أهكذا الإسلام أيها السادات؟

أهكذا الإسلام يا صدام!

ألم تزعم أنك مع الشعب الإيراني فكيف تمطره بالقذائف والنيران أهذا هو الإسلام!

إنه إسلام أمريكي وسوفيتي أليس كذلك!

لنرجع إلى الإسلام المحمّدي الحنيف وإلا ستبقى مشاكلنا جاثمة على صدورنا ولن نتمكن حينها من حل القضية الفلسطينية والأفغانية وغيرها.

إذاً فالحل هو الرجوع إلى الإسلام المحمدي، فإن فعلت الحكومات ذلك فخير، وإن لم تفعل فعلى الشعوب إجبارها على ذلك. وإلا ما الفائدة من التظاهر في يوم القدس وغيره وتشكيل المؤتمرات وإلقاء الكلمات على المنابر والتي لا تغير في الأمر شيئاً "طبعاً لها أثر لا بأس به ولكنا اليوم صرنا نبخل بالكلام والتظاهر أيضاً".

لو تظاهرت جميع الشعوب الإسلامية وخرجت إلى الشوارع في يوم القدس لما تمكنت تلك الحكومة 2 الحمقاء من إلغاء التظاهر ومنع الشعب من الخروج للشوارع.

إن لهذا التظاهر المليوني والعالمي أثر كبير في حل قضية القدس وبقية القضايا الإسلامية.

فلقد طردنا محمّد رضا خان بالمظاهرات، والهتافات، وترديد الشعارات. أم ظننتم أننا طردناه بفعل البنادق؟ لقد فر وفر جميع رجاله لكثرة الأثر الذي خلفه شعار الله أكبر والذي ملأ قلوبهم هلعاً وخوفاً. إن لرفع راية الإسلام وترديد الشعارات الإسلامية فائدة عظيمة وذلك بشرط أن يشارك الجميع بها وليس بشكل إفرادي.

ففي إيران انطلق شعار الله أكبر من كافة المدن والمناطق الإيرانية في وقت واحد. وليس من طهران وقم والأهواز فقط. ولو أمر الحرس الجمهوري أن يرفع شعار الله أكبر في كل مكان لأطاع الجميع ذلك.
هل كان من الممكن حدوث هذا قبل قيام الثورة الإسلامية؟ إن الشعب اليوم وبكافة شرائحه ينتظر إشارة أو أمراً من أحد المدرسين الحوزويين في قم ليسرع في إجابته.

على كافة شعوب العالم أن تتعلم من الشعب الإيراني وتحذو حذوه وأن تعتبر هذه الأوامر بمثابة أوامر إلهية كما يحدث في إيران تماماً.

وفي النهاية أتمنى من الشعوب كافة أن تجعل من الشعب الإيراني نموذجاً تقتدي به.

تصدير الروح الثورية والمعنوية للعالم‏

عندما نعلن أننا بصدد تصدير ثورتنا هذه، فنحن نعني تصدير تلك الروح الثورية الإسلامية، وليس أن نحمل البنادق ونهجم على المناطق والدول الأخرى. منذ مدة والعراق يهاجمنا ويعتدي علينا ولم نفعل شيئاً في البداية ولكننا رحنا ندافع عن أرضنا وعرضنا وهذا واجب علينا. إننا نريد تصدير ثورتنا، هذه لكل الدول الإسلامية، لتتمكن هذه الدول من القضاء على مشاكلها.

على كل من يحرص على الإسلام ويحب وطنه أن يعمل على إيقاظ شعبه ليثمر هذا التغيير الرباني في جميع البلدان الإسلامية كما حدث في إيران. لن نرهب حينها أي عدو ولن نخشى قيام العدو بإحتلال المسجد الأقصى. ولكن إن بقينا على إختلافنا وإنقسامنا هذا وتفرقنا إلى طوائف وفئات متناحرة بقيادة حكومات خائنة فعندها لن نقوى على فعل أي شي‏ء. علينا أن نعمل بما جاء به الإسلام (إنما المؤمنون إخوة) 3، (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)4، (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا مع الصابرين)5.

إن العمل بهذه التعاليم القرآنية هو مفتاح التخلص من سلطة الغرب ومن نير الحكومات الفاسدة تماماً كما فعل المسلمون في صدر الإسلام ولبوا هذا النداء الإلهي.

علينا أن نفكر بطريقة إسلامية وأن نتسلح بوعي إسلامي ونتصرف كما فعل المسلمون في صدر الإسلام. وفقكم الله أيها الإخوة القادمين من مختلف أرجاء البلاد للمشاركة في يوم القدس العظيم. وإن شاء الله سنشهد ذلك اليوم الذي يصبح فيه المسلمون إخوة فيما بينهم ليتمكنوا من إقتلاع جذور الفساد من أرض المسلمين وطرد إسرائيل، تلك الغدة السرطانية من المسجد الأقصى وبقية المناطق الإسلامية. سصلي في القدس معاً إنشاء الله‏

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج13، ص:75,69


1- تحولت سلسلة بني أمية بعد معاهدة الصلح مع الإمام الحسن( عليه السلام) إلى نظام حكم ملكي على يد معاوية بن أبي سفيان.
2- إشارة إلى النظام الحاكم في مصر، ومنعه للشعب المصري من التظاهر في يوم القدس العالمي.
3- سورة الحجرات، الآية 10.
4- سورة آل عمران، الآية 103.
5- سورة الأنفال، الآية 46.

2011-05-28