الموضوع: رسالة الصحافة في النظام الإسلامي
خطاب
الحاضرون: السيد محمود دعائي (ممثل الإمام ورئيس مؤسسة إطلاعات للنشر)، الكتاب ومنتسبو مؤسسة إطلاعات، منتسبو شركة إيران للطباعة وأسرهم
عدد الزوار: 35
التاريخ: بعد ظهر 5 شهريور عام 1359 هـ. ش/ 16 شوال 1400 هـ. ق 1
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: السيد محمود دعائي (ممثل الإمام ورئيس مؤسسة إطلاعات للنشر)، الكتاب ومنتسبو مؤسسة إطلاعات، منتسبو شركة إيران للطباعة وأسرهم
بسم الله الرحمن الرحيم
تهذيب المجتمع, من وظائف الصحافة
كان للصحف والمطبوعات في عهد الطاغوت البائد دور كبير في الكثير من المشاكل التي واجهتنا، فلقد اختار الطاغوت ومن ورائه الغرب أفراداً معينين لإدارتها والتبليغ ضد الإسلام تحت ستار إسلامي ووطني. ولعل الضرر الذي ألحقته هذه الصحف بمكانة الإسلام في هذا البلد يفوق كل الأضرار والضربات التي وجهتها الأجهزة الطاغوتية الأخرى للإسلام.
يجب أن تعمل صحفنا اليوم على رفع راية الإسلام وتبليغ أحكامه الإلهية والحث على الأخلاق الإسلامية الحميدة للإرتقاء بالمجتمع وتهذيبه، بينما كانت الصحف في عهد الطاغوت تقوم بدور معاكس لما ذكرناه تماماً من خلال توجيه حملة هوجاء ضد المبادئ الإسلامية والقيم الوطنية.
لقد كانت الدعوة إلى الفساد علنية ووقحة من خلال الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون لجر الشباب نحو الفساد والإنحطاط، وأظن أن وسائل الإعلام هذه قد لعبت دوراً أكبر في هذا المجال من مراكز الفساد والفحشاء نفسها. إذ عملت على تشجيع الشباب للغوص في الانحراف والفساد بدلًا من التوجه إلى الجامعات وطلب العلم. إن الشباب كالنبتة الصغيرة اليانعة والتي تتأثر بما حولها سريعاً ولا يمكن أن نتوقع أن ينشأ شبابنا بشكل صحيح مع وجود هذه الحملة الشرسة ضد المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية. لقد قام الأوغاد والعملاء بوضع الخطط الخبيثة بهدف طمس هوية البلد الإسلامية وإبادتها، وتوفير الأجواء المناسبة لدخول الأجانب ثانية ونهب ثروات البلاد، وهكذا لم يسمحوا لهذا المجتمع بتلقي التربية الصحيحة طيلة 50 سنة. بل حولوا جميع مراكز الدولة ودوائرها إلى أوكار فساد ومعاقل إنحراف وساقوا المجتمع نحو الإنحطاط قسراً، فبينما كان من المفترض أن تكون الجامعات مراكز للعلم والتربية، والصحف منابر للثقافة والفضيلة، إذ بها، تتحول إلى الدعوة للفساد والإنحطاط الخلقي. لكن الله سبحانه وتعالى منَّ علينا وعلى هذا الشعب العزيز وخلصنا من مراكز الفساد هذه وهكذا عادت الصحف إلى دورها في التربية والهداية وتهذيب المجتمع.
تغيير الشعب مع الامداد الغيبي
يجب على أخواتنا وإخواننا أن يعرفوا واجبهم وتكليفهم في الوقت الحاضر. فلو تم إصلاح المطبوعات، صلحت معها وسائل الإعلام الجماعية، وبالتالي إصلاح المجتمع بشكل عام، من خلال إبعاد الشباب عن الفساد والفحشاء. كلكم تعرفون كثرة مراكز الفساد في طهران، وتعددها، وتحول العاصمة من مركز للعلم والثقافة إلى بؤرة لخلايا الفساد الناشطة، التي تبعد الإنسان عن إنسانيته وتجرده منها وترمي به في قاع اللاأخلاقية والضياع. إن إصلاح المطبوعات هو الطريق لنشر التقوى والعلم وتربية الناشئة بشكل صحيح، فمن خلال الصحف والإذاعة والتلفزيون يمكننا أن نجذب الشباب نحو التقوى والعلم والفضائل.
طيلة السنوات السابقة كانت الأجواء العامة تشجع الشباب على الفساد والمنكر، وكان يتم ذلك بناء على خطة مدروسة من قبل المشرفين على هذا الأمر ليتمكنوا من خلال ذلك من التحكم بمصير الشعب دون أن يواجهوا أية معارضة، وهكذا نشروا الفساد في كل مكان، وضيقوا الخناق على مراكز العلم والتقوى دون أن يعارضهم أحد. ووصل بهم الحد إلى سوق الشباب نحو المخدرات والهيرويين والمسكرات ومراكز اللهو والغناء. إن كل هذا لم يحدث عن طريق الصدفة بل كان مدروساً بدقة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما الذي تغير ياترى وما الذي أدى إلى تغير هذا الوضع؟ ما الذي دفع بالشباب إلى ترك مراكز الفساد والإلتفاف حول الثورة؟ وكيف تخلص أفراد الشعب من التلوث الفكري الذي أشاعه الأوغاد وأنيرت عقولهم بنور الإسلام الحنيف؟ كيف تفضل الله تعالى على هذا الشعب وأنقذه من هذا المستنقع؟
إن تغيير عقول الناس من عقول منحرفة وفاسدة إلى عقول نورانية إسلامية، يحتاج إلى الكثير من الوقت، بينما نرى أن هذه البذرة الطيبة قد نمت نمواً سريعاً، ووضعت ثمارها في غضون سنة أو ما يزيد قليلًا. فما الذي حدث ياترى ومن المسؤول عن هذا التغيير المفاجئ؟ كيف تغير الناس من أشخاص منحرفين فاسدين معبأين بعداوة الإسلام وكره الدين إلى حماة له ودعاة للحق؟ إن ما حدث أمر خارج عن حدود الموازين الطبيعية. والخالق عزّ وجل وحده هو القادر على فعل ذلك.
ضرورة التصفية العامة في البلاد
أوجه كلامي هذا إلى جميع الإخوة والأخوات وخاصة من يعمل منهم في سلك المطبوعات. إننا وبحمد الله نمتلك اليوم أفراداً مخلصين وشرفاء كالسيد دعائي وغيره من الذين سخروا أنفسهم لخدمة هذا الشعب.
تسلحوا باليقظة وحافظوا على استقامتكم وتقواكم والتزامكم ولا تسمحوا للأيادي الأجنبية بالعبث في وطننا الحبيب كي لا تعود الأمور إلى سابق عهدها. واجهوا كل خطة يضعها الخونة، ومؤامرة يحيكها المنافقون واقتلعوا كل جذور الفساد بألسنتكم أو بأقلامكم أو حتى بالتدخل المباشر للقضاء على كافة اشكال الفساد في هذا البلد. عليكم بمهاجمة قلاع الفساد بشكل عام وأن لا يقتصر هجومكم هذا على الفساد الإداري فقط. لنبدأ من الأسواق لنخرجها من الحالة الطاغوتية التي تعيشها إلى واقع إسلامي مثالي تراعى فيه أحكام الإسلام وتعاليمه، والأمر ينطبق أيضاً على المراكز الصناعية والزراعية. إن مستقبل هذه الأمة يتوقف على مدى نجاح الصحف والمطبوعات في عملية مواجهة الفساد والإنحراف، ورفع شعار التربية والتهذيب، وإن قامت بدورها على أكمل وجه، وآمل أن يحدث ذلك فحينها لن يلحق بالأمة أي ضرر ومكروه.
غالباً ما تضعف الدولة وتتزلزل أركانها عندما يكون الشعب والمسؤولون غير مكترثين بالمشاكل الموجودة. ولقد رأيتم كيف عمل الغرب على تجاهل مصالحنا ونهبنا وطمس هويتنا، فغفل الشعب عن حقائق الأمور وراح ينظر إلى كل شيء بمنظار غربي. كما غفل عن قدرته كذلك وخضع خضوعاً كاملًا للقدرة الغربية. ولكن عندما صحونا من غفلتنا وبحثنا عن قوتنا ووجدناها تمكنا من سحق هذه القوى العالمية مجتمعة، وأدركنا حينها أننا نمتلك الكثير من القدرات والقوى والتي يمن الله بها على كل من يتوكل عليه.
إلتفتوا إلى هذا الأمر جيداً وحافظوا على هذه الروح الثورية الإسلامية من خلال الخضوع والإمتثال للأوامر الإلهية، والتحلي بالأخلاق الفاضلة وعندها ستسحقون كل القوى العدوانية الداخلية منها والخارجية.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظكم جميعاً ويحفظ كل من يرفع شعار الإسلام ورايته في هذه الدولة الأبية وأن يمن عليكم بالسعادة والسلامة.
أعتذر إليكم لضيق المكان وشدة الحر هنا. وفقكم الله في خدمة الإسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج13، ص:125,123
1- تم درج هذا الخطاب في صحيفة النور تحت تاريخ 4/ 6/ 1359 هـ. ش.
2011-05-28