يتم التحميل...

الموضوع: خلع الحجاب وتآمر الإنكليز

خطاب

الحاضرون: الإيرانيون المشاركون في مؤتمر المرأة في كوبنهاغن‏

عدد الزوار: 51

التاريخ: 19 شهريور 1359 هـ. ش 20 شوال 1400 هـ. ق‏
المكان: طهران، حسينية جماران‏
الحاضرون: الإيرانيون المشاركون في مؤتمر المرأة في كوبنهاغن‏

‏‏بسم الله الرحمن الرحيم‏

الأمم المتحدة في خدمة الدول العظمى‏

إن كل منظمة أو مؤسسة تشارك الدول العظمى في تأسيسها تعمل على خدمة هذه الدول ومنافعها. وخير مثال على ذلك، منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي جميعها في خدمة الدول العظمى، فقد احتفظت هذه الدول بحق الفيتو لنفسها وبذلك يمكنها أن تعارض أي قرار دولي يمس مصالحها ويعرض منافعها للخطر. ولا داعي للفيتو أصلًا لأن المنظمة تدار من قبلهم. والكثير من المنظمات الدولية اليوم تعمل على خدمة مصالحهم. نحن لا نثق بالدول العظمى أبداً حتى ولو صدر عنها تصرف صحيح لأنه برأينا مقدمة لمؤامرة ما أو وسيلة لتضليل الشعوب واضطهادها.

المشروع الإستعماري لخلع الحجاب‏

إن ما قمتم به أيها الإخوة يبعث على الفخر والإعتزاز أيدكم الله ووفقكم لكل خير.

تعلمون جميعاً أن الأعداء يعملون على تشويه صورة الثورة في الخارج، وطمس الحقائق الموجودة في الداخل والتي يتوجب علينا نحن أن نبينها للعالم أجمع. فجميع أفراد الشعب يتمتعون بحرية تامة نساء ورجالًا. النساء مؤمنات ملتزمات وربما كان إلتزامهن أكثر من الرجال أنفسهم.

لقد بدأت حملة محاربة الحجاب في عهد رضا شاه لتفريغ المجتمع من قيمه وعقائده وزيادة حدة المشاكل في إيران. لا أظن أن أحدكم قد لمس عن قرب شراسة تلك الحملة ومرارتها. فلقد دعا رضا خان لخلع الحجاب علناً وأطلق ابنه لقب المرأة الحرة على السافرات من النساء.

كانوا يشجعون النساء على ترك الحجاب جانباً والخروج سافرات بل كانوا يجبرون الناس على إقامة الحفلات والتجمعات المختلطة واصطحاب نسائهم إليها ومن كان يمتنع عن ذلك يتعرض للمساءلة والمضايقة.

كانوا يهدفون إلى جعل النساء وسيلة للهو وتفريغ المجتمع من قيمه وإبعاده عن الحياة السياسية من خلال سلسلة من الإجراءات والخطط التي تمنع الجامعيين والشباب من المشاركة في الحياة السياسية للبلاد، والتفكير بالشكل الصحيح.

كانت الدعوة لخلع الحجاب من أكثر المؤامرات خطراً على المجتمع، فلقد اتبعوا أسلوباً وقحاً وبشعاً في فرضه على النساء الملتزمات وعلماء الدين ووصلت بهم الوقاحة إلى درجة أنهم طلبوا من السيد كاشاني «1» المشاركة في تلك المجالس والحفلات المختلطة.

ولم يقتصر هذا الأمر على طهران فحسب بل شمل كافة أنحاء البلاد حتى مدينة قم لم تسلم من ذلك أيضاً. كان الهدف من كل ذلك جعل الشباب غافلين عن قضاياهم الأساسية من خلال ترويج الفساد والفحشاء وترخيص أماكن معروفة لذلك وقد بلغ عدد مراكز الفساد بين طهران وتجريش المئات.

تصوروا أنهم كانوا يطلقون على الرجال والنساء الذين يرتادون هذه الأماكن، بالرجال الأحرار والنساء الحرائر! وهكذا عمل رضاخان ومنذ وصوله إلى دفة الحكم ومن ورائه الإنكليز (لعنهم الله) على فرض هذا الأمر على الشعب، وكانت الدعوة إليه علنية من خلال الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى.

ووحدها طهران كانت تحتوي على الكثير من مراكز الفساد ولم يكن فيها مدرسة دينية واحدة. كانت هذه هي الخطة الشريرة التي فرضتها الدول العظمى على شعبنا للسيطرة عليه والإستيلاء على ثرواته.
مشاركة النساء في الحياة السياسية والاجتماعية مع المحافظة على العفة

علينا أن نتسلح باليقظة أمام مخططاتهم الشريرة هذه كي لا نقع في الشرك الذي نصبوه لنا. ويجب أن نحفظ كرامتنا وإنسانيتنا ونحافظ على العفة العامة وأن لا نتأثر بهؤلاء ونتشبه بهم. ومن ناحية أخرى يجب أن لا تؤدي المشاركة في مجالسهم إلى تقوية أهدافهم ومصالحهم وتحقيقها، بل يجب أن يتصدى لهم أفراد ملتزمون يدافعون عن‏ مصالح البلاد ومنافعها. وفقكم الله وأيدكم جميعاً في خدمة الإسلام وأهله. إن المرحلة التي نمر بها تختلف عن الماضي؛ فعلى المرأة اليوم أن تقوم بواجباتها ووظائفها الإجتماعية والدينية بعفة كاملة وليس كما كان يحدث في عهد النظام السابق، حيث كانت النساء تشارك في المجالس المختلفة من دون هدف ما. طبعاً لقد دخلت النسوة اليوم إلى المجلس ولكن الفرق شاسع بين الحالتين، إذ تتمتع النسوة اليوم بعفة كاملة وحجاب إسلامي متين.

في إحدى السنوات الأخيرة من وجودي في مدينة قم وأظنها السنة الأخيرة قبل حادثة الخامس عشر من خرداد، سمعت أن النساء أردن الذهاب إلى قبر رضا شاه والتظاهر ضد الدعوة لخلع الحجاب. وقد جاء إلي مسؤولو الدوائر الحكومية في قم وطلبتُ من كل واحد منهم أن يخبر الوزارة التي يتبعها أنه إذا استمرت الحكومة بفرض هذا الأمر على أبناء الشعب، فإني سأدعو الشعب لاعلان الحداد العام بسبب ما اقترفتموه من قتل وإبادة في مسجد كوهرشاد.

وهكذا أبلغ هؤلاء المسؤولون الجهات المختصة وتخلوا عن فكرتهم الشريرة تلك. فدعوتهم هذه كانت تتعارض مع قيمنا الدينية والإجتماعية ولذلك رفضها شعبنا بقوة.

اليوم والحمد للّه قد انتهت كل هذه القضايا وعلى نسائنا ورجالنا أن يدخلوا الحياة السياسية والإجتماعية ويبينوا وجهات نظرهم تجاه قضايا الأمة. وعليهم أن يراقبوا سير العمل في المجلس والحكومة ويعارضوا كل ما هو مخالف للمصلحة العامة. أسأل الله أن يوفق ثورتنا ونهضتنا لبلوغ النصر العظيم. وفقكم الله جميعاً وسدد خطاكم لما فيه خير هذه الأمة. فلتشارك النساء في المجالس والندوات بفعالية وبعفة كاملة بعيداً عن الظواهر التي كانت شائعة في النظام السابق.

على النساء أن تنافسن الرجال في ميادين العلم والمشاركة في الحياة السياسية. وفقكم الله وسدد خطاكم.

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج13، ص:148,146


1- السيد أبو القاسم كاشاني عالم مجاهد كان له دور كبير في تأميم النفط مع مصدق.

2011-05-28