يتم التحميل...

الموضوع: تجنّب الخلافات‏

خطاب

الحاضرون: منتسبو قوات الحرس الثوري في معسكري (الإمام الحسين عليه السلام وولي العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

عدد الزوار: 33

التاريخ: قبل ظهر 15 آذر 1359 هـ. ش/ 27 محرّم 1401 هـ. ق 1
المكان: طهران، جماران‏
الحاضرون: منتسبو قوات الحرس الثوري في معسكري (الإمام الحسين عليه السلام وولي العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

‏‏بسم الله الرحمن الرحيم‏

شباب إيران نموذج في التاريخ‏

لم يشهد تاريخ الإسلام إلا في برهة وجيزة من صدره الأول شباباً مثل شباب إيران ولم يُسجِّل التاريخ عن شعب كشعب إيران، ففي أي من فترات التاريخ - باستثناء تلك الفترة الوجيزة والمحدودة جداً من صدر الإسلام  - يمكن العثور على بلد يعشق شبابه الجهاد ويستميتون في الدفاع عنه بهذا الشكل؟ ويلتف شعبُه بأسره حول الجيش وجميع القوات المسلحة ويقدم لهما هكذا دعم ومساندة؟ وأين شاهدتم طلاباً للشهادة بهذا العشق؟ إنني عندما أنظر إلى وجوهكم النورانية البشوشة، وأرى دموع الشوق تسيل من مآقيكم تأخذني الحسرة ويتمالكني إحساس بالإستحقار لنفسي، نعم، إنني أستحقر نفسي عندما أقف أمام هذه الوجوه النورانية، التي تحكي عن قلوب نيّرة تعيش التوجه والإنقطاع إلى باريها تبارك وتعالى.

فبماذا عساي أشايعكم ولا أملك إلا الدعاء؟ وكيف لمثلي أن يثني عليكم وأنتم تعيشون هذا الإحساس من الانقطاع إلى الله، وتمتلكون هذه العزيمة الراسخة والشجاعة النادرة؟

الإختلاف بين القوات المسلحة يمثل إرادة العدو

أعزائي! إن لكم عند الباري تعالى منزلة عظيمة، إن هذه المرحلة الحساسة التي تعيشونها وتعيشها الأمة جمعاء، ينطبق عليها ما قاله الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الأحزاب "برز الإيمان كُلّه إلى الكفر كلِّه" 2. إنكم اليوم حراس الإسلام وجنده فاحرصوا أن يكون‏ ذهابكم إلى الجبهات وجهادكم هناك خالصاً لوجه الله تعالى، وتجنبوا جميع أشكال الخلاف بينكم سواءً الخلافات الشخصية أو بين التشكيلات فإنكم جميع - سواءً الجيش أو قوات الحرس الثوري أو الشرطة أو سائر المتطوعين للجهاد في سبيل الإسلام والدفاع عنه - جيوش للإسلام وجيوش لصاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف). فاعملوا على حفظ ورعاية الآداب الإسلامية، وتجنبوا أي تفرقة وإختلاف بينكم، لأنكم بذلك تعينون العدو على تنفيذ خطته الهادفة إلى تجزئتكم من خلال فصل الجيش عن قوات الحرس الثوري وفصل الحرس الثوري عن سائر القوى الأخرى. إنكم جميعاً أبناء أمة واحدة وأتباع دين واحد وقرآن واحد وتسيرون خلف راية واحدة وهي راية الإسلام فحافظوا على وحدتكم وانسجامكم، لأنّه - لا قدر الله - إذا دبّ الإختلاف فيكم وبين قادتكم والتشكيلات المختلفة فإن البلاد ستسقط بأيدي الكفر لا محالة، وعندها سيعود الإسلام من جديد ليعيش في عزلة طويلة الأمد.

تجنب الإختلاف، وظيفة الجميع‏

إن تجنب الإختلاف والحفاظ على وحدة الأمة وإنسجامها هو مسؤولية الجميع، لا سيما شباب هذه الأمة، لأن الإختلاف معناه زوال الأمة، والعودة إلى ما كنا عليه في السابق من الذل والهوان، فلنسعَ جاهدين لتوطيد أواصر الإخوة فيما بيننا. فاليوم جيش إيران وشرطة إيران وجميع قواتها المسلحة لا سيما أنتم أيها الأخوة، منضوون تحت راية واحدة وهي راية الإسلام، لذا عليكم أن تعيشوا الأخوة فيما بينكم، فإنكم لو اتحدتم وتآخيتم وحملتم على عدوكم حملة رجل واحد، فإنكم ستهزمونهم، وأمّا لو دبّ الإختلاف في صفوفكم - وهذا ما يطمح إليه عدوكم - فإن الأمور ستأخذ منحىً آخر. إنه واجبٌ إلهي على جميع الكتّاب والصحفيين والعاملين في حقل الإعلام لا سيما عليكم أنتم أيها الذاهبون إلى الجبهات للجهاد، واجبٌ عليكم جميعاً أن تكونوا دعاة للوحدة والتوحد. إن هؤلاء الشبان الشجعان الذين يقاتلون في سبيل الإسلام، من أي فرقة كانوا، هم فخر هذه الأمة وقرة عين الإسلام، لذا فعلينا جميعاً أن نقدّر ونثمن لهم هذه التضحيات والجهود، ونفتخر بهم. وليسعَ جميع العاملين في حقل الكتابة والإعلام والنشر إلى دعوة الناس إلى التوحد وحثهم على الجهاد، فإن الألسن والأقلام التي تدعو إلى الإختلاف وزرع التفرقة إنما ترتكب جريمة لا تغتفر عند الله، فإنكم جميعاً ابناء هذا البلد، وتريدون خيره وسلامته، فذروا الإختلاف إذاً، ولا تصغوا إلى من يريد زرع الإختلاف والتفرقة، وكونوا يداً واحدة وصوتاً واحداً ولا تغفلوا عن ذكر الله تبارك وتعالى فإن القوى الكبرى بعد أن يئست من جدوى الحرب والأعمال العسكرية، تريد الآن أن تهاجمنا من الداخل، من خلال زرع الإختلاف والتفرقة بيننا.

هدف الأعداء من إضعاف علماء الدين‏

كونوا يقظين ولتكن أمتنا يقظة إلى أن كل من يحاول زرع الإختلاف والتفرقة، ويسعى لإضعاف علماء الدين، ليس هدفه النهائي علماء الدين فقط، وإنما خطتهم أبعد من ذلك بكثير، فاليوم يسقطون علماء الدين، وغداً يتوجهون نحوكم، فهؤلاء يخططون لغزو البلاد وسلب ونهب كل ما فيها دون أي مواجهة أو أن يعترض طريقهم أحد. وعلماء الدين كما تعلمون ومنذ تولي رضاخان الحكم إلى الآن، كانوا دوماً هم السباقون في إعلانهم الرفض إزاء كل ما كان يهدد أو يستهدف مصالح البلاد وأمنها واستقلالها، وقد قاسوا في سبيل ذلك الكثير وتعرضوا للتشريد والنفي والسجن، وجميع الناس كانوا خلفهم. لذا فإن الأعداء يعملون على تغييب هذه الشريحة القوية والخطيرة، وعزلها عن الجماهير بإبعاد الجماهير عنها، وإنه ليوم سعدهم وهنائهم ذلك اليوم الذي يتحقق فيه هذا الأمر، فعلى المفكرين المتنورين غير المتورطين بالعمالة للقوى الكبرى، ولكنهم يتحدثون ويطرحون طروحات تنسجم ومقاصد أولئك، أن يصحوا ويدركوا أن هذا البلد الإسلامي الذي يعيش الاستقلال وعدم التبعية لأي جهة، هو بلدهم فلا يقوموا بأعمال تهدد أمنه واستقلاله وتعيده مرّة أخرى إلى أسر التبعية، وليدعوا إلى الجهاد والنضال، وإلى كل ما فيه خير البلاد وصلاحها وليروّجوا للثقافة الإسلامية والإسلام. فمنذ أكثر من خمسين سنة وأنتم تطالعون الثقافات الغربية ورأيتم ماذا كان نتاجها وما الذي جرّته على أمتنا من الويلات. فإن كل ما ابتلي به شبابنا من الإنحراف وأصاب أمتنا من البلايا والمحن كان سببه هذه الثقافات، فامنحوا الثقافة الإسلامية الآن ولو بضع سنوات لتروا بأعينكم ما الذي سيحدث وما الذي ستفعله.

إنني من الداعين لكم جميعاً، وأعيد وأؤكد أن نصركم على أعدائكم متوقف على مدى إيمانكم ووحدتكم، فاسعوا إلى تقوية إيمانكم ورص صفوفكم ولأن تكونوا مع سائر القوات المسلحة الأخرى يداً واحدة على أعدائكم.

فإن الهدف واحد والغاية واحدة, وهي تحطيم القوى الكبرى ودحرها وآمل من الله أن تذهبوا وتعودوا بالسلامة ظافرين منتصرين لأعود وألقاكم هنا في جو مفعم بفخر الإنتصار.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج13، ص:308,306


1- تم درج هذا الخطاب في صحيفة النور تحت تاريخ 16/ 9/ 1359 هـ. ش.
2- بحار الأنوار، ج 39، ص 1، ج 20، ص 215.

2011-05-28