الموضوع: الدعوة إلى الحق، الدعوة إلى الصبر- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
خطاب
الحاضرون: طلاب معاهد إعداد المدرسين في تبريز وأعضاء تعبئة المستضعفين في مشهد وتنكابن
عدد الزوار: 58
التاريخ: صباح 11 دي 1359 ه-. ش/ 24 صفر 1401 ه-. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: طلاب معاهد إعداد المدرسين في تبريز وأعضاء تعبئة المستضعفين في مشهد وتنكابن
بسم الله الرحمن الرحيم
وظيفة الجميع التواصي بالحق والصبر
أشكر جميع السادة على تجشمهم عناء السفر في هكذا جو بارد، وقدومهم من مناطق بعيدة، من خراسان، من تبريز وتحملهم لعناء الجلوس في هكذا مكان ضيّق وصغير. أسأل الله تبارك وتعالى التوفيق والسلامة لكم جيمعاً، ولجيمع أفراد الشعب. كما تعلمون فإن إيران تواجهها اليوم العديد من المشاكل الداخلية والخارجية، وإزالة هذه الأخطار والمشاكل التي تواجهها تحتاج إلى فترة من الزمن. وما أحوجنا في هذه المرحلة للتكاتف والتلاحم وللعمل بما وصّانا به الله في كتابه العزيز في سورة العصر: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصبر"، ما أحوجنا اليوم لأن نوصي بعضنا بعضاً بالصبر والصمود والثبات. ما أحوجنا اليوم لأن ندعو إخواننا وأصدقاءنا إلى الحق، إلى الإسلام، إلى الجمهورية الإسلامية، فلو كان الإنسان يريد الحق وإقامة دولة الحق في بلاده وتطبيق الإسلام، فعليه أن يصبر كما صبر الأنبياء والأولياء عليه السلام فطريق الحق طريقٌ مليء بالعقبات والصعوبات. إن ما تعرضنا له حتى الآن لا يعادل شيئاً من حجم المعاناة والمضايقات والأذى الذي تعرض له الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون الأوائل في مكة ومن ثم في المدينة. ففي مكة؛ عاملهم المشركون بوحشية ومارسوا ضدهم أنواع التعذيب الجسدي والضغوط والحصار الاقتصادي لدرجة اضطرت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى اللجوء الى غار في الجبال، مع هذا لم يسلم من أذى المشركين والمنافقين وسائر الفئات الفاسدة وحاصروه ومنعوا عنه قوت يومه حتى عندما هاجر وأصحابه إلى المدينة، لم يتركهم المشركون بحالهم وشنوا ضدهم الكثير من الحروب، هذا فضلًا عن الأعمال التخريبية التي كانت تمارس في الداخل من قبل المنافقين واليهود. فما تعرض له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنصاره لم نتعرض له بعد رغم محاصرة أمريكا لنا اقتصادياً، وتعرضنا لضغوط من قبل الكثير من الدول، إلا أن أمتنا التي فجّرت هذه الثورة، ستحافظ عليها وتصونها. وإن هذا الحصار الاقتصادي وهذه الحملات العسكرية ليست سيئة للغاية، وبحمد الله؛ إن جميع أفراد الشعب، بنسائه ورجاله، وصغاره وكباره، يناضلون في سبيل صون ثورتهم الإسلامية وحفظها، ويرون أنفسهم جيمعاً في حال حرب وجهاد، وجميع شبابنا ومن مختلف مناطق إيران مستعدون للتطوع من أجل محاربة أولئك المخدوعين من قبل حزب البعث الكافر.
ضرورة سد النقص من قبل الشعب نفسه
إخوتي! إنكم على علم بما عانته إيران من بلايا ومحن في أوائل الحركة الدستورية والدور المؤثر والفعال لأذربيجان في هذا الأمر، وكيف استطاع القادة الذين نهضوا منها تحقيق النصر وذلك من خلال بذلهم الكثير من الجهد وتحملهم المعاناة والتعب. واليوم أصبح شعبنا كله كأذربيجان ذلك الوقت، مع فارق من حيث مساحة وامتداد الثورة، ففي ذلك الوقت بالإضافة إلى أذربيجان كانت جيلان وبعض المناطق الأخرى، أما اليوم فالثورة عمّت جميع أرجاء البلاد وجميع أفراد الشعب على إختلاف شرائحهم، والجميع ينظر إلى الثورة على أنها ثورته وأن انتصارها يعني انتصاره. فالحال الآن ليست كما في السابق؛ حيث كانت الحكومة معزولة عن الشعب والجيش كذلك، والشعب ينظر إليهما على أنهما غرباء عنه، اليوم والحمد لله كل الأمة بإستثناء بعض الفاسدين المتعاملين مع القوى الكبرى، ينظرون إلى الحكومة والجيش وجميع عناصر القوات المسلحة والقادة على أنهم من أنفسهم، وهذا بالذات سرُّ تحملهم وصبرهم إزاء ما يتعرضون له من ضغوط ومصاعب. فعلينا بالصبر والتواصي به، فإحقاق الحق يحتاج إلى الصبر. فلو كنا نريد الإسلام ونريد القرآن وأن يحكم الإسلام بلادنا والبلدان الأخرى، فعلينا أن نكون دعاة للحق وأن نتواصى به جميعاً. اللجان الثورية، قوات التعبئة، العاملون في حقل القضاء والمحاكم، قوات حرس الثورة، الشرطة والأمن,.. والجميع علينا أن نتواصى بالحق ونكون دعاةً له، وفي حال ظهرت، لا قدر الله، بعض الإنحرافات أو قام بعض الأفراد بأعمال مخالفة للحق، أو تسلل بعض المفسدين داخل دوائر الدولة، فعلينا أن نحول دون ذلك.
فالبلد الذي يدّعي الإسلام وإقامة جمهورية إسلامية، جميعُ أفراده مسؤولون عن إصلاح الإنحرافات وتقويمها من منطلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا ما صدر عن دائرة أو مؤسسة أو لجنة ما عملٌ مخالف للشرع والقانون فعلى أفراد نفس هذه المؤسسة أو الدائرة أن يحولوا دون وقوع ذلك بأن يتواصوا بالحق في المخالفات، وبالصبر في الأزمات والمشكلات ليسدوا بذلك الطريق على أولئك المفسدين الذين يريدون التسلل إلى دوائر الدولة ومؤسساتها بهدف التخريب وتشويه صورتها في أعين الناس، وعلى كل من تسوّل له نفسه إرتكاب أعمال تخالف الشرع والقانون، فاعملوا الصالحات وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، لتكونوا مصداقاً لقوله تعالى: "والعصر إن الانسان لفي خُسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" فلا تكونوا من الخاسرين إن شاء الله.
أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على جميع المسلمين، وهو اليوم وظيفتنا جميعاً. الوقوف في وجه المنكرات والنهي عنها واجبٌ على جميع المسلمين، والأمر بالمعروف والتواصي بالحق من واجبات كل مسلم وأنتم ونحن موظفون بالأمر بالمعروف في كل ما يتعلق بالأجهزة التنفيذية للدولة، بحيث يتوجب على كل منا إطلاع الجهات المختصة بكل مخالفة قد تقع هنا أو هناك، لتقوم بدورها بمتابعة المسألة. كما أنه علينا أن نتحلى بالصبر والثبات أمام ما تواجهه بلادنا من مشاكل في الوقت الراهن، فإن هذه المشاكل لا يمكن التغلب عليها إلا بالصبر، فما دمتم تعتبرون الحكومة والجيش منكم وإليكم وكل ما فيه مصلحة البلاد فيه مصلحتكم، وكل ما فيه إلحاق الضرر بها فيه إلحاق الضرر بكم فأنتم ونحن موظفون بصون الحق في هذه البلاد، والوقوف في وجه كل باطل وعمل هو مخالف للحق. وأن نتواصى بالحق، ونتواصى بالصبر في ظل هكذا ظروف صعبة وتحديات كبيرة تتعرض لها البلاد، فأدعو إلى الحق وأدعو إلى الصبر لعل الرحمة الإلهية تشلمنا جميعاً بصبركم هذا، ويتحقق بذلك الفرج لأمتنا وشعبنا.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج13، ص:369,367