الموضوع: دور السوق في دعم الإسلام - رعاية الأحكام الإسلامية في السوق
خطاب
الحاضرون: أصحاب المهن وكسبة طهران، وجمع من شباب خوزستان
عدد الزوار: 53
التاريخ: 25 دي 1359 هـ. ش/ 8 ربيع الأول 1401 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: أصحاب المهن وكسبة طهران، وجمع من شباب خوزستان
بسم الله الرحمن الرحيم
دور السوق في دعم الإسلام
لقد كان للأسواق الإيرانية على مر التاريخ دور مؤثر وفاعل ولاسيما سوق طهران، فقد كان سنداً قوياً للإسلام والبلاد وسيبقى كذلك- إن شاء الله- ولذلك كان رضا شاه يحرص على محو السوق من إيران. قد لا تتذكرون ذلك ولكن كبار السن يتذكرون. إن النظام السابق كان يخاف من كل مجمع له سور وسقف لئلا يكون ذلك المكان محلا لاجتماع المؤمنين والمتدينين والشباب المؤمن. كان يخاف من المساجد لاجتماع التجار فيها ومن السوق نفسه لكونه مكان تجمع للناس. لقد كانت السوق ساعداً قوياً وداعماً لتحقيق المقاصد الإسلامية وتقدم الإسلام والاقتصاد الإسلامي وما زال كذلك. فقد كان محمّد رضا لا يجرؤ على دخول السوق لأن الأنظمة السابقة لاسيما نظامه لم يكن لها شعبية، أما الآن فقد إختلف الأمر حيث أن الحكومة والسوق، ورئيس الجمهورية والتجار والكسبة إخوة. فهم من هذا الشعب وليسوا كالمسؤولين في النظام السابق الذين يعتبرون أنفسهم في الأعلى وهم بحسب الواقع في الأسفل. لقد كان للسوق دور رائد في مساندة علماء الإسلام العظام، فقد كان يكفي أن يعطل السوق ولو لنصف يوم حتى تحل مشكلة ظهرت لعلماء الإسلام العظام أو للعالم الإسلامي. فالسوق ذخيرة عظيمة للإسلام وعلى التجار والكسبة المحافظة على هذا الأمر بدقة متناهية.
إن الانتهازيين الذين يحرصون على ملء جيوبهم دون أن يكترثوا بمصالح المسلمين العامة، موجودون في جميع شرائح المجتمع وفي السوق خاصة هناك منحرفون لا يخافون الله سبحانه وتعالى، الآن وفي وقتنا الحالي يضعون العراقيل أمام الحكومة وهذا مما يبعث على الأسف. فجميع طبقات الشعب المليونية في المدن والقرى والنواحي والأسواق قلقون حول أوضاع الحرب ويدعمون الجيش وحرس الثورة ويساندون المتضررين من الحرب، في حين نجد عدة قليلة تقف في وجه هذه الأمواج البشرية، في كل مناطق البلد، وفي السوق أيضاً يقفون أمام إسلامهم وبلدهم الإسلامي. عليكم أيها السادة التجار أن تسعوا لعدم إعطاء الفرصة لإتهام السوق والنيل من سمعته، فالسوق الإيرانية حسنة السمعة كان دائماً سنداً للبلد والشعب والإسلام وكان يسهم في حل المشاكل وهو جزء من الشعب الذي يسعى للإرتقاء بإقتصاد البلاد. حاولوا أن لا تعطوا الذريعة لتلك القلة التي فقدت مصالحها غير المشروعة أو أولئك الذين يخافون من فقدانها ليتهموا السوق أو ينقلوا عنه أقوالا كاذبة فإن فعلوا ذلك فعليكم الإعتراض والمطالبة بالإعلان عن أنفسهم، يجب علينا الإنتباه إلى هذه المسائل والأمور.
إن تجمعات السوق إذا سارت وتحركت وفق الموازين الإسلامية- والحمد لله هي كذلك- فلن تتعرض البلاد لأي خطر لأن السوق تعتبر ذخيرة للجيش والبلاد والحكومة، وفي حال تمكن المغرضون من نشر الشائعات وبث الإختلاف في السوق- لا قدر الله- فإنه سيأتي يوم يقضون فيه على عمود الإسلام القوي.
فعليكم أخذ الحذر واليقظة فأنتم تعلمون بدور السوق وتأثيره في حل المشاكل والأمور المستعصية منذ عهد الميرزا الشيرازي 1 وحتى وقتنا الحاضر لقد كانت الأسواق تغلق أبوابها إذا خرج عالم الدين من طهران بسبب سوء معاملة الحكومات القاجارية وذلك تضامناً معه واحتجاجاً على سوء تصرف الحكومة مما يؤدي إلى اعتذارها ودعوة عالم الدين للبقاء في طهران. فيجب على السوق والمتعاملين فيها أن يكونوا داعين، ويعملوا على أعمار المساجد وملئها بالناس ففي بعض بلدان أهل السنة وما رأيته في الحجاز أنه عندما يرفع أذان الظهر فإن السوق تغلق أبوابه أو تبقى مفتوحة يحرسها الشرطة ويهرع الناس والتجار لأداء الصلاة في المسجد الحرام أو في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. يجب أن تكون السوق مظهراً كاملا للإسلام والعدالة وأن يقبل على كل ما يوافق أحكامه ويبتعد عما يخالفها كتطهير السوق من الربا، فإذا وجد أشخاص يأكلون الربا- لا قدر الله- فعلى التجار أنفسهم أن ينصحوهم. حذارِ أن يتفشى مثل هذا المرض ويقضي على بلدنا. إن أكل الربا يهلك الشعب ويقضي على الأسواق، وهو معصية كبيرة لايدانيها معصية حتى أنه أعظم من الزنا 2، وهو في حكم إعلان الحرب على الله عزّ وجلّ 3. وكذلك يجب أن تكونوا على حذر من ظهور أشخاص مستغلين يبيعون بغلاء يؤدي إلى شلل حياة الناس في الوقت الذي يقدم هؤلاء الناس رجالًا ونساءً وأطفالا كل ما بوسعهم لمساعدة المتضررين من الحرب ويضحون من أجلهم.- لا قدر الله- لو أضرت أعمالنا بالإسلام فإن مسؤولية ذلك ستكون عظيمة علينا أمام الله عزوجل. كونوا على حذر من طرح مواضيع في الأسواق أو في أماكن أخرى تتعلق بالجيش أو المحاكم أو الشرطة أو حرس الثورة تؤدي إلى إضعاف هذه القوى، هؤلاء الآن منشغلون بالحرب وخاصة الجيش والشرطة وحرس الثورة وهم في الخط الأمامي للجبهة يبذلون دماءهم وأنفسهم في سبيل عزة هذه الأمة.
إن الناس العاديين ليس لديهم معلومات دقيقة عن فنون الحرب بخلاف العسكريين ولا سيما الضباط الكبار منهم، فإنهم يدركون فنون الحرب بدقة فإذا ما تقدم الجيش في يوم وانسحب في يوم آخر فلا يطرح ذلك في المجالس والأسواق لماذا حصل كذا وكذا... فأنتم غير مطلعين على سير العمليات الحربية، فيوم تقدم إلى الأمام ويوم إنسحاب وهذه الأمور من إختصاص المعنيين والقيّمين على هذه المسائل، والواجب على غير المختصين التحفظ والإحتراز عن طرح مثل هذه المواضيع. وإني أنصح الجميع خصوصاً ونحن الآن مبتلون بهذه الحرب، أن لا يبدوا وجهات نظرهم حيالها (من وجهة نظري أن الأمر هكذا). فيجب أن لا تعلنها مهما كانت وجهة نظرك. يجب عدم إعلان أي أمر قد يؤدي إلى تشويش أفكار قادة الجيش ورئيس الجمهورية والحكومة، فقد يقال كلام دون معرفة عاقبته وربما يحسب قائله إن قوله هذا يسهم في خدمة الأمة، بينما يكون الواقع خلاف ذلك، فيجب أخذ الحيطة والدقة في هكذا مسائل. حتى الذي يعود من الجبهة عليه أن لا يتحدث عما يحدث في الجبهة، فالجبهة لأولئك المتخصصين بها، هم الذين يشخصون كيف يديرون الجبهة ويحافظون عليها. فإذا حدث ضعف أو فتور على الجبهة- لا قدر الله- بسبب أقاويلنا وأحاديثنا فنحن مسؤولون.
يجب على السوق أن تكون قلباً واحداً خلف الجبهة تدعمها وتساندها وكذلك مجلس الشورى والكتاب والصحفيين وجميع وسائل الإعلام، الإذاعة والتلفزيون والصحف لتحقيق النصر، وأن لا يسهموا في إرباك وإضعاف قواتنا المسلحة. وإني أبشر جميع القوات المسلحة والشرطة المرابطين على الحدود بعشائرها وبعامة أبناء شعبها وبقواها المسلحة كحرس الثورة والشرطة وغيرها بأن إيران خلفكم، فيجب عليكم عدم الإصغاء إلى مثل هذه الأحاديث والأقاويل التي تثار أحياناً، فكثيراً ما تكون صادرة عن نوايا حسنة وربما تصدر أيضاً عن نوايا سيئة.
عليكم أن تتوكلوا على الله وأن تبذلوا ما بوسعكم من غال ونفيس، ولتعلموا أنه لا يوجد جيش في العالم يدعمه شعبه كما يدعمكم شعبنا. إنظروا إلى الجيش العراقي، إن الشعب العراقي يعارضه وشعبنا يساند ويدعم جيشنا بشتى الوسائل. وكذلك فإن أسواق المسلمين وجميع فئات الشعب تساندكم إلا بقايا العهد البائد هنا، وبعض عملاء القوى الكبرى هناك، هؤلاء يثيرون الشغب ويبثون اليأس في النفوس وهم لا يمثلون الشعب فالشعب هو أولئك العاملون في الأسواق والمصانع والبراري الذين يخدمون الأمة، هؤلاء هم الذين يساندونكم ويعاضدونكم، فتوكلوا على الله عزّ وجل واعملوا وتقدموا بكل قوتكم وفق خططكم المرسومة ولا تفتر عزائمكم لحديث شخص من العملاء. أرجو أن تحل جميع مشاكلنا بسرعة وأن تصبح أسواقنا إسلامية تهتدي بهدي الإسلام. وأدعو الله عزّ وجل أن يمنّ عليكم بالصحة والعافية والتوفيق لخدمة الإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج13، ص:412,409
1- المرحوم آية الله الميرزا محمّد حسن الشيرازي مرجع تقليد الشيعة في عهد ناصر الدين شاه وصاحب فتوى التنباك التاريخية التي أدت إلى إلغاء اتفاقية التنباك المشهورة، توفي سنة 1312 هـ . ش.
2- فروع الكافي، الكليني ج 5، ص 144، ح 1.
3- إشارة إلى الآية( 279) من سورة البقرة " فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون".
2011-05-28