الموضوع: نداء بسبعة مواد حول أولوية الدفاع المقدس وتجنب المسؤولين للخلافات
نداء
المخاطب: الشعب الإيراني
عدد الزوار: 47
التاريخ 12 فروردين 1360 هـ. ش/ 25 جمادى الأول 1401 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: 12 فروردين، ذكرى تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران
المخاطب: الشعب الإيراني
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام لا نهاية له على الشعب الإيراني الثوري الذي قطع أيدي الجناة من الخارج والداخل بثورته وتأسيسه للجمهورية الإسلامية.
ورحمة الله تعالى على شهداء طريق الاستقلال والحرية والجمهورية الإسلامية، والسلام على المقاتلين الشجعان في الجبهات التي تبعث على الفخر والاعتزاز المدافعة عن الوطن العزيز والإسلام الكبير.
السلام على المشردين وعلى عوائل الشهداء وليبارك الله جهود المدافعين خلف الجبهات في كافة أنحاء إيران.
أبارك لكم جميعاً الذكرى الثالثة لتأسيس الجمهورية الإسلامية رسمياً والتي تغلبت فيها هذه الأمة العظيمة وهذه التنظيمات الثورية والقوات المسلحة الغيورة على كل المشاكل الكبيرة وتواطؤ القوى العظمى والقدرات الشيطانية- والتي على رأسها الجانية أمريكا- وفيها انتصر الحق على الباطل والإسلام على الكفر بمشيئة الله تعالى، أبارك لكم تأسيس حامية المستضعفين وملجأ المظلومين.
إننا اليوم نواجه أعداءنا من المستكبرين وخائني الوطن الذين باعوا أنفسهم، من موضع القوة وذلك بفضل وحدة الكلمة والهدف. وقد واجهنا في السنة الماضية المؤامرة الأمريكية وعميلها المسلوب الإرادة السادات الذي أراد أن يثير فتنة بإعطائه اللجوء للشاه المخلوع، واتخذ منه وسيلة لذلك. وبفضل الله تعالى وتأييده فقد لقي الشاه حتفه لينتقل إلى القبر بشكل فاضح وكان مصير المتآمرين الفاضح مزابل التاريخ.
ونواجه هذه السنة الفرع الأكثر فساداً وجريمة للغرب والشرق، والحمد لله فقد كانت هذه الحرب المفروضة سبباً لانسجام أكبر لأمتنا المجاهدة. فقد وقعت حكومة العراق البعثية بحساباتها الخاطئة وخداع المحرضين لها في المصيدة وليس لها حل آخر. لأن الشعب العراقي قد أدار ظهره لهذا النظام وسبّب له تزلزلًا ومن جهة أخرى فقد وضعته القوات المسلحة الإيرانية الشجاعة في مأزق. ويريد أن يخرج نفسه بكل تحركاته وتشبثه بكل شيء من هذا المأزق الذي وضع نفسه فيه بيده الخائنة، وهو يتوهم أن يعيد لنفسه سمعته التي ذهبت في مهب الريح وأن يسدل الستار على جرائمه السابقة على الشعب العراقي والإيراني التي ليس لها مثيل، وهو غافل عن أن الوقت تأخر وسوف يلحق بالشاه المخلوع مع أعوانه إلى ما ذهب إليه الشاه.﴿ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴾ 1، فيجب أن يعلم صدام وأعوانه الظلمة أن مدى انسجام وقدرات جيشنا الشجاع وقوى الحرس الغيور وباقي قواتنا المسلحة والنظامية والشعبية الإسلامية في هذه السنة أكبر من السنين الماضية. وإن أمتنا المجاهدة والبطلة تدعمهم أكثر من السابق. وإن عدد المتطوعين من أجل الشهادة في سبيل الله تعالى يتزايد يوماً بعد يوم، حيث ينتظرون الأمر الإلهي، فاليوم وعلى إثر المقاطعة الإقتصادية بدأ مفكرو أمتنا بالعمل الدؤوب وأصبحوا يؤَمِّنون النواقص الموجودة بشكل ملفت للنظر ويعوّضون وإلى درجة كبيرة عن الأضرار الناجمة عن المقاطعة بسعي دؤوب. فقد وقفت اليوم دولة إيران وبدعم الشعب بشكل أقوى وأشد في مقابل الأعداء.
ويجب أن يعلم الجاني صدام وأعوانه أن الجرائم التي حلت على العراق وإيران بأيدي رجاله لا يمكن أن تقاس بميزان، فالخسائر المالية بلغت مئات المليارات من التومان والجرائم الإنسانية هي أكبر من الخسائر المالية بكثير. فقد قتل خيرة شبابنا الأعزاء والذين كان من المفترض أن ويسعوا من أجل رفعة الإسلام على أرجاء المعمورة وفي وطننا العزيز، وجيش العراق الذي كان من المفترض على الأقل أن يقف ضد عدو العرب المجرمة إسرائيل وينهض من أجل الدفاع وإنقاذ القدس، يهاجم بلداً إسلامياً لا يفكر إلا بالإسلام ويجبره على ذلك ويلحق به الضرر.
ويجب أن يعلم العالم أن إيران اليوم ليست كالقوى العظمى أو الأنظمة الفاسدة العميلة بحيث أن أقلية من الكاذبين والمنافقين تحكم أكثرية من المظلومين وتتحكم بمقدر اتهم. بل إنّ إيران اليوم شعب تعهد مجموعة من المخلصين بإدارة أمور الدفاع عن هذا البلد بإرادته، ويعتبر الشعب أيضاً أن على عاتقه أن يقدم الدعم لهم.
كما جرى طوال مدة انتصار الثورة في كل أنحاء وطننا العزيز فإنّ الرجل والمرأة والصغير والكبير قد شاركوا بفكرهم في حل مشكلات الدولة والجيش، وكما في هذه الحرب المفروضة سواء في الجبهة أو في الداخل لكل أفراد الشعب مشاركته في الدفاع عن البلاد، فإرادة شعب كهذا هي التي تقرر مصير البلد في الحرب والصلح.
وأما تلك الاطراف التي تقوم بالمساعي الحميدة وتتردد بين الطرفين للوساطة بينهما، فان كانت قد قامت بذلك حقا لاهداف انسانية وإسلامية وبحسن نية فيجب عليها أن تميز بعد التحقيق الكامل بين الظالم والمظلوم والمعتدي والمعتدى عليه وتعلن المذنب للعالم. فأمتنا خاضعة أمام الحق والعدالة، كما هي مقاومة أمام الظلم والجور. اننا نأمل أن تقوم هيأة بالتحقيق الكامل في الاعتداءات والجرائم التي ارتكبت وتعلن الظالم والمعتدي ويعاقب بشكل يكون فيها عبرة لمن يعتدون على حقوق الانسان، وبهذه الطريقة ايضا يمكن إعادة الصلح والاستقرار للعالم. إن غض النظر عن الجناة وعن جنايات الظالمين سوف يفتح الطريق أمام الظلمة ويجرّ العالم إلى الهلاك.
والآن وأداءا لواجبي كخادم للشعب الإيراني الشريف، يجب أن أذكر ببعض النقاط وان كانت مكررة
1- تبلغ كافة الفئات والتنظيمات والأحزاب والتكتلات في أنحاء إيران بأنهم إذا سلموا أسلحتهم وأعلنوا توبتهم، فهم آمنون ويمكنهم العيش في بلدهم كإخوة، ويعفى عما مضى، اما لو استمروا بجناياتهم، فلو ندموا فيما بعد فبحكم الإسلام سوف لن تقبل توبتهم، وأنا متأكد أنهم سوف يندمون قريبا، فيجب أن تكونوا قد أدركتم أيها المخالفون للجمهورية الإسلامية في هاتين السنتين أنكم لن تستطيعوا مواجهة شعب ضحى بنفسه في طريق الوطن والإسلام، وسوف تضطرون للاستسلام بعد عناء ومشقة وبعد ارتكاب الجرائم، فمن الأفضل لكم أن تلتحموا بالشعب وتتجنبوا تبعية الشرق والغرب، وتعلنوا عودتكم إلى أحضان الشعب والإسلام ليحميكم الشعب.
2- وقد لوحظ في هذه الأيام وبحمد الله تناقص الخلافات بعد توقف الصحف عن الصدور 2 وقد كانت عاجزة عن خلق الخلافات، وقد امتنعوا أيضاً بعد الانتشار إلى حد ما من إثارة الخلافات 3.
وقد ارتاح بال الشعب من الضجة التي كانت تحدثها بعض الفئات المنحرفة، وفي الجبهات كان المقاتلون الشجعان والقادة مطمئنين من هذه الناحية ومتحمسين في عملهم، وبحمد الله فقد تحققت انتصارات ملموسة لإيران، وبناء على هذا فإنه من الواجب على من يحبون هذا البلد ويحبون الإسلام أن يتابعوا هذا الطريق الذي هو طريق الحق والطريق الذي يرضي الله تعالى، وأن يحترزوا من اثارة اي خلافات أو توسيعها حيث أنها طريق للشيطان ومخالفة لرضا الله تعالى، حتى يكونوا سعداء في الدنيا والآخرة ويسيروا في طريق بناء هذا البلد.
3- على كل الخطباء، سواء في الأماكن العامة او الخاصة وعلى جميع الكتاب، يجب شرعا الاجتناب عن اي اشارة أو كناية أو حديث أو مقالة مثيرة للخلاف، فالخلاف اليوم للأمة الإسلامية كالسم القاتل. ويجب أن يعلموا أن إثارة الخلاف في الوقت الحاضر ليس إلا اتباعاً للنفس الأمارة ولشيطان النفس وهو خدمة للقوى العظمى وخصوصاً أمريكا. ومن المنكرات الكبيرة التي يجريها الشيطان على ألسنتهم وأقلامهم باسم الإسلام، ويجب أن يعلموا أن الثورة الإسلامية لن تتحمل ذلك وسوف تعاقب المخالف.
وإن المدعي العام للبلاد مكلّف بإنهاء هذه الطريقة الخطيرة، اما الخطب السليمة والبناءة في بيئة سليمة وغير متوترة من أجل الوحدة والتفاهم والحد من الخلاف والتوتر فهي مفيدة ومدعاة لرضا الله.
4- إنني قلق على علماء الدين، الحماة الأصيلين للإسلام، وأخاف أن يُشوَّه امام الشعب وجه هذا الحصن المنيع للإسلام عن طريق بعض رجال الدين الموكلة إليهم بعض مهام الدولة وخصوصاً في المحاكم واللجان الثورية والنيابة العامة بسبب سلوك البعض بعدم الانتباه للموازين الإسلامية، اذ سيستغل ذلك أعداء الإسلام والعلماء ويقوموا بنشر التهم والشائعات وسوف يعطون بعض الاخطاء البسيطة اضعاف حجمها الحقيقي.
وللأسف فإن بعض العلماء غير المطلعين على الحقيقة، سيقعون تحت تأثير الشائعات وسيقومون بانتقاد الجمهورية الإسلامية وكل المحاكم وكل أركان الجمهورية الإسلامية بحجة الدفاع عن الإسلام ويصبحون بذلك وهم غير واعين مساعدين لأعداء القرآن الكريم والإسلام وشركاء في جريمة بعض الفئات المنحرفة.
أطالب رئيس الديوان الأعلى للقضاء في البلاد والمدعي العام للبلد والثورة ورئيس مجلس القضاء الأعلى تشكيل هيآت مؤلفة من علماء ومؤمنين وملتزمين حتى يتابعوا محاكم البلاد ويقيلوا القضاة غير الصالحين والمدعين العامين غير اللائقين، وليحاكموهم إذا كانوا قد اعتدوا على أحد ما أو على ماله، فإن التهاون في هذه المسألة والتسامح فيها خطر عظيم على الجمهورية الإسلامية وكلما مضى ذلك كلما زاد الانزعاج وازداد الخطر.
5- وقد يسمع أحياناً أن بعض الحرس يتجاوز عمله القانوني في بعض الأماكن في البلد ويخرج عن طريق الاعتدال والشرع ليتدخل في شؤون المحاكم أو بعض الدوائر الأخرى بشكل غير لائق، فعلى قادة الحرس جميعاً في كل البلاد أن يمتنعوا ويمنعوا هذه الظاهرة المخالفة للقانون والمخالفة لتعاليم الإسلام، ولو كان قد تدخل البعض بهذه الطريقة- وربما كان من تلك الفئات المنحرفة قد انخرط بينهم- فيجب تسريحهم، وإذا كانوا قد ارتكبوا ذنبا اوجرما فيجب إحالتهم إلى المحاكم، وعلى المجلس الأعلى للحرس أن يأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار وأن لا يسمح لهذا الكيان المضحي والمخلص بأن يفقد سمعته بين الشعب، فإن نفوذ البعض من
تلك الفئات المنحرفة وارتكابه لبعض الأعمال المخالفة للعقل والشرع- لا سمح الله- قد يسيء إلى هؤلاء الشبان الثوريين الأعزاء، وعلى قادة الحرس الثوري في كل البلاد أن يحدوا ويوقفوا انحرافات بعض الأشخاص.
6- إنه من الواجب على الدولة أن تقدم المساعدة اللازمة للزراعة والمزارعين أكثر مما مضى، وعليها عدم الامتناع عن تقديم أي دعم وعدم التأخير والتأجيل في هذا الأمر الحيوي، وأن يؤكدوا في هذا الموضوع على المحافظين في كل المحافظات في البلاد بأن أمر الزراعة في بلدنا هو من أهم الأمور، وإجراءه الصحيح هو أساس اقتصاد البلد.
7- وأريد من كافة الشعب العزيز أن لا يهتموا للشائعات التي يطلقها بعض المتآمرين وعملاء النظام السابق أو القوى العظمى وأن لا يستمعوا لأكاذيبهم، فإن مخالفي الثورة الآن يئسوا من المؤامرات السابقة، فاتبعوا طريق بث الشائعات والأكاذيب لكي يثبطوا من همة الشعب عن هذا الطريق ويجروا البلد إلى اليمين أو اليسار.
أسأل الله تعالى السعادة والنصر للإسلام في هذه السنة الجديدة، ونأمل بأن يحفظ هذا البلد الإسلامي من شر الأشرار بقدرته الكاملة، والسلام والتحية على الأمة العظيمة ورحمة الله وسلامه على الشهداء والمتضررين في طريق الإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
*صحيفة الإمام، ج14، ص: 196
1-هود:81
2- إشارة إلى العطلة الرسمية لأيام عيد النوروز، والتي كانت لا تنتشر فيها الصحف.
3- لقد أمر الإمام الخميني بتشكيل لجنة لحل الخلاف الذي تصاعد بين أبو الحسن بني صدر مع مسؤولي السلطة التشريعية والقضائية ورئيس الوزراء.