التاريخ: ظهر 31 شهريور 1359 هـ. ش/ 12 ذي القعدة 1400 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: بدء العام الدراسي الجديد
المخاطب: الشعب الإيراني
بسم الله الرحمن الرحيم
محاولات بعض الفئات لإثارة الشغب
في هذا الوقت الذي تفتح فيه المدارس أبوابها، أتمنى لشبابنا وأطفالنا الأعزاء أن يلتحقوا بمدارسهم، ويشرعوا في دراستهم وكلهم إيمان والتزام بالإسلام وبالجمهورية الإسلامية، وأرى من الواجب تذكير أولئك الذين لا يريدون لمدارسنا أن تفتح أبوابها من خلال إثارة أعمال الشغب فيها، إنكم بأفعالكم هذه، وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يعلن فيها النظام العراقي الحرب على إيران، إنما تعينون العدو على تدمير بلدكم وشعبكم الذي تدّعون الحب والإخلاص والوفاء له، فإن كنتم صادقين في حبكم لهذا الشعب، فلماذا لا تساندون الدولة في مواجهة التحديات التي تتعرض لها، وإنّ تماديكم في هذه الأمور، سيكشف عن حقيقتكم، ويعرّيكم أمام الشعب الإيراني، ويؤكد حقيقة عمالتكم لأمريكا، وتواطئكم مع صدام الخبيث ضد شعبكم وأمتكم.
فعلى شعبنا أن يتنبّه لهذه المسائل، ويتعامل معها بيقظةٍ وهدوء.
تحذير النظام العراقي من بدء العدوان على إيران
هناك بعض النقاط يجب أن تقال: أولًا: على هذا النظام أن لا يظن أنّ شعبنا وجيشنا عاجزان عن الرد على إعتداءاته؛ إني وعند الضرورة، وفي اللحظة المناسبة، سأوجه ندائي للشعب ليثبت لصدام حسين وأمثاله من الأذناب لأمريكا، بأنهم ليسوا شيئاً يذكر، وسيكون ردنا مبنياً على أساس وقف هؤلاء عند حدّهم، دون أن يمسّ الشعب العراقي (لا قدّر الله) أدنى ضرر. لذا فإننا عازمون ومصممون في حال لم يتجاوز العراق حدّه، وكرر إعتداءاته، أن نعلن التعبئة العامة في صفوف الشعب، وعندها على الشعب العراقي أن يعلم باننا لسنا طرفاً معه، وإنما شغلنا مع صدّام حسين وأذنابه، الذين حرضتهم أمريكا ليعتدوا علينا. وإنّ ردنا سيكون موجهاً ضد هؤلاء، وليس ضده، فلقد سمعت الصوت المنحوس لهذا الإنسان عندما أصدر بيانه، على ما يبدو أنّه أسلم من جديد!! فلقد راح يعزف على وتر الدين ويتمسك بالإمام علي بن أبي طالب، والإمام الحسين (عليهما السلام)، محاولا خداع الشعب بذلك، ولكن هيهات، إنّه يجهل بأنّ الشعب العراقي يعرفه جيداً، وأنّه من الأيام الأولى لاستلام الإشتراكيين الحكم وإعلان السيد الحكيم1 عدم مشروعية هذه الحكومة وتكفيره لهؤلاء، عرفهم الشعب العراقي جيداً، وترسخت معرفته بهم من خلال ممارساتهم الإجرامية، وإعدامهم للكثير من العلماء العظام.
فهؤلاء الذين يتوسلون بالشعب العراقي الآن، هم أنفسهم الذين قمعوه بالأمس. لقد أدركت ومنذ تولي صدّام حسين الحكم، بأنه إنسان غير طبيعي، وله خلل في عقله، ولهذا فإنه يتصرف كالمجانين، ويلقي بنفسه إلى التهلكة.
توصية للشعب بضبط النفس ومواجهة مروّجي الشائعات
لديّ كلام موجّه للشعب الإيراني، وكلام آخر، موجّه للشعب والجيش العراقي. أمّا فيما يخصّ الشعب الإيراني: فعلى هذا الشعب أن لا يظن بأنّ جيشنا عاجز عن الوقوف في وجه هؤلاء المعتدين، كلا، إن الجيش الإيراني، وقواته المسلحة، وقوات حرس الثورة، قادرون على ذلك، ولكنهم لا يستطيعون فعل أي شيء، ما لم تصبح المسألة جديّة. ففي اليوم الذي تصبح فيه المسألة جدية، سآمرهم أن يتعاملوا مع الأمور بجدية، وأن يوقفوا العراق عند حدّه.
لا يظن الشعب الإيراني أننا بمجرد بدء الحرب سنفقد توازننا ولا نعرف كيف نتدبر أمرنا، كلا، فالمسألة ليست أكثر من أنّ هؤلاء ألقوا بقنبلة هنا وهناك، وحشدوا بعض الآليات، ثم ولّوا هاربين، والحكومة الإيرانية تتدارس الآن مسألة الرد عليهم، وسترد عليهم إن شاء الله، لقد دُمّرت قواتهم البحرية بشكل كامل، وإن قواتهم البرية ستلقى نفس المصير. فالمسألة ليست شيئاً يذكر.
فهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها إيران للحرب، فقد كان لها نصيباً وافراً من بين الحروب التي وقعت، وإني لأتذكر إثنين منها جيداً. ولم تنل هذه الحروب من إيران شيئاً يُذكر. فعلى الشعب الإيراني أن يتوخى الحذر، ويحافظ على هدوئه، أمام الشائعات والمسائل التي قد يثيرها الأعداء، أو بعض الأحزاب السياسية، أو الجماعات المتواجدة في إيران، مستغلة الظروف والتحديات الخارجية التي تتعرض لها البلاد، لإيهام الناس عبر الاتصال بهذا الطرف أو ذاك، وترويج الأكاذيب والشائعات المختلفة، وكأن البلاد مقبلة على إنقلاب هدفه تغيير الحكم والقضاء على الثورة.
فعلى الشعب الإيراني أن يكون حذراً، وأن يعلم، أن لا شيء على أرض الواقع، وأن لا يسمح لهؤلاء بخداعه وإثارة أعمال الشغب هنا وهناك. والأمر الآخر الذي من الممكن أن يثيره أعداء الجمهورية الإسلامية والإسلام، هي أن يروّجوا للشائعات التي من شأنها إضعاف ثقة الشعب بالجيش والقوات المسلحة، وإظهار الجيش على أنّه عاجز عن مواجهة العدو والتصدي له، وذلك لزج الشعب في خطوط المواجهة، ولكنّ الأمر ليس كذلك، والجيش والقوات المسلحة الإيرانية مشغولة الأن بضرب العدو وإيقافه عند حدّه. فلا تظنوا أن الجيش سيأتي يوماً مطالباً إياكم الالتحاق بالثكنات العسكرية بالإكراه، فهذا الأمر ليس بجائز شرعاً، ومن المعاصي الكبيرة التي لا يرضى الله عنها، فلا تولوا أهمية لهذا الأمر، وإذا ما وجدَ هكذا أشخاص، وحاولوا القيام بذلك، فعليكم الإمساك بهم وتسليمهم للمراكز المختصة للتحقيق معهم، ولينالوا جزاءهم العادل. وخلاصة كلامي الموجه للشعب الإيراني هو: أن يحافظ على هدوئه، وأن لا يدع للخوف طريقاً إلى قلبه، لأنه في الأساس لا يوجد ما يخيف، وأن لا يبالي بالشائعات التي تثار هنا وهناك، والوقوف بوجه صانعيها ومروّجيها، فإني على اتصال دائم ومطلع على مجريات الأحداث، وتصلني الأخبار لحظة بلحظة، واليوم جاءني السيد رئيس الجمهورية2، والسيد رئيس الوزراء3، وأفادوني بتقرير عن آخر الأخبار، وإذا ما جاء يوم شعرت فيه بالحاجة لإعلان التعبئة العامة فسأعلنها. نسأل الله أن لا يأتي هذا اليوم أبداً
إنذار للجيش العراقي
وأما كلامي الموجّه للجيش العراقي، هو أنّك مع من تريد أن تحارب؟ ومن تناصر، ومن تخالف؟ أتناصر صدّام الإشتراكي الكافر؟! وضد من؟ أضد الإسلام؟! على الجيش العراقي أن يعلم، أن هذا الانسان الذي يتظاهر بذكر علي بن أبي طالب عليه السلام تارةً، وذكر الحسين بن علي عليه السلام تارة أخرى، هو أعدى أعدائهما، إنّه أصلًا عدوٌ للإسلام.على الجيش العراقي أن يعلم أن حربه هذه، حرب ضد الإسلام، ويناصر فيها الكفر على الإسلام، والله تبارك وتعالى لن يغفر ولن يترك من يقوم ضد الإسلام مناصراً للكفر من العقاب، فصدام حسين بحسب الحكم الشرعي، هو كافر، وظهير للكفار، من أمثال كارتر، وبتأييدٍ ومددٍ وعتادٍ منه، يهاجم إيران. إنّه كارتر الذي أجبر أزلامه وخدّامه من أمثال صدّام حسين والسادات على الهجوم ضد إيران، وإلحاق الضرر بها ما أمكن.
لذا على الشعبين العراقي والمصري أن يعلما، أن مناصرة صدام الكافر في حربه على إيران إنما هو مناصرة لجبهة الكفر ضد الإسلام، وفيه الأذى للإسلام ولنبي الإسلام.
مهمة الشعب العراقي في الثورة على صدام
على الشعب العراقي أن يعلم، أن صدام جرثومة الفساد مثلما كان محمّد رضا شاه إيران، فهما وجهان لعملة واحدة في تعاملهما مع شعبيهما.
لقد استطعنا نحن استئصال محمّد رضا من إيران وطردهه فعليكم أنتم استئصال صدام من العراق. فإنكم إن لم تثوروا وتواجهوا جرثومة الفساد هذه، فإنه سيقضي على إسلامكم، وسيستخلفه بعروبة مزعومة- لا يُعلم إن كان هو نفسه يؤمن بها أم لا- إنه يريد أن يمهد الطريق لأمريكا على دول المنطقة الإسلامية، وإنما كان ذنبنا أننا وقفنا في وجه أمريكا، ذلك الجرم الذي لا يغفر عند صدام، ولهذا راح يتهمنا بأننا مجوس، خارجون عن الدين، ونحن الذين نروّج للقرآن وعلومه في بلادنا، ونسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وأحكامها، ونستعيض بها عن الأحكام التي كانت سائدة زمن الشاه.
لقد اعتَبَرنا هذا السيد مجوساً، واعتبر نفسه وأزلامه وهم الخارجون عن الدين، وأعداء الإسلام والمسلمين، من أنصار علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً على الشعب العراقي أن يعلم، أن ذلك الإنسان خطير، وخطره على الشعب العراقي أكبر من خطره علينا وعلى الآخرين. ولهذا فعلى الشعب العراقي أن يحشد جميع طاقاته وقدراته لاستئصال هذا الشخص الفاسد، وتلك العصابة الملتفة حوله، العدوّة للإسلام والقرآن والعاملة على نسف مصالح المسلمين.
وعلى عناصر الجيش العراقي وقياداته من الضباط أن يعلموا، بأن الحرب على إيران حرب على الإسلام، حرب على القرآن، حرب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن أعظم المحرمات التي لن يتجاوز عنها الله أبداً.
لذا ندعوكم للقيام بما قام به الجيش الإيراني زمن الشاه البائد، فكما هم تخلّوا عنه، وفرّوا من ثكناتهم والتحقوا بالشعب، قوموا أنتم بترك ثكناتكم أيضاً، وتخلّوا عنه، وجنّدوا طاقاتكم لاستئصال هذه الجرثومة الخبيثة.
إن الله سيؤيدكم وينصركم لو نهضتم للقضاء على هذا الشخص، ويعينكم على اختيار شخص منكم من شعبكم لإدارة البلد، فانهضوا وضعوا يدكم بيد الشعب، واستئصلوا هذا الفاسد العدوّ للإسلام والمسلمين ومصالحهم. إن الشعب العراقي ليس مع صدام حسين أبداً ولا في يوم من الأيام. إنه مع الإسلام، والشخص الذي يتخذ الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، والكعبة قبلة، لا يمكن أن يرضى لنفسه العيش في ظل حكومة كافرة يديرها عصابة من المجرمين المدعومين من قبل كفّارٍ من أمثال كارتر وغيره، لذا أوصي الجيش العراقي إذا كان غير قادر على النهوض والقضاء على هذا الشخص الفاسد، واستبداله بآخر، أن يفرّوا، ولا يضعوا أنفسهم في مواجهة مع الإسلام.
وأقول للشعب العراقي: إنهض بجميع قواك، ضد هذا الشخص الفاسد، الذي جنّد نفسه الآن للحرب ضد الإسلام، إن حربه على إيران هي حرب الكافر على المسلم، حرب جيش الكفر على جيش الإسلام.
عليكم أن تواجهوا هذا الشخص، وتحاربوه، بكل قواكم، لأني، فيما لو تمادى صدام وأسياده في توسيع دائرة ممارساتهم الإجرامية ضد الجمهورية الإسلامية، سأحدد عندها للشعب الإيراني تكليفه، وأتمنى أن لا تصل الأمور إلى هذا الحد، ولكن لو وصلت، فبغداد لن تبقى بغداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج13، ص: 170-174
1- السيد محسن الحكيم المتوفى سنة 1359 هجري قمري، أحد مراجع التقليد وزعيم الشيعة في العراق.
2- السيد أبو الحسن بني صدر.
3- السيد محمد علي رجائي.