الموضوع: نهوض المسلمين والمستضعفين في العالم ضد المستكبرين
رسالة
المخاطب: مسلمو ايران والعالم
عدد الزوار: 119
التاريخ: 15 بهمن 1358 هـ. ش/ 17 ربيع الأول 1400 هـ. ق
المكان: طهران، مستشفى القلب
المناسبة: ذكرى المولد النبوي الشريف
المخاطب: مسلمو ايران والعالم
بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك لكل المستضعفين والمحرومين ولجميع شعوب العالم وخصوصاً المسلمين بمناسبة المولد السعيد والهجرة المباركة لخاتم النبيين وأفضل المرسلين، التي كانت منطلقاً للنهضة الإسلامية والإلهية، ومصدر نشر العدالة ودين تهذيب الإنسان، ونقطة البداية في الحركة باتجاه اقتلاع اساس الظلم والمكر، والارتقاء الى المكانة الإنسانية السامقة، والهجرة من كل أنواع الظلم والخصال الشيطانية - الحيوانية صوب النور المطلق ومصدر الكمال، ومؤسس الأمة والإمامة. يجب على المسلمين وهم على أعتاب القرن الخامس عشر الهجري أن ينهضوا ويدافعوا تحت الراية الإلهية - الإسلامية عن حقوقهم الحقة، ويقطعوا دابر الجائرين، لا سيما القوى العظمى في الشرق والغرب، ويوقفوا الدكتاتوريين المدعين الديمقراطية والشيوعية عند حدّهم.
إن ثورتنا الأصيلة والعظيمة الإلهية الإسلامية الإيرانية التي نمر حالياً بذكراها السنوية، قبس من النهضة العظيمة لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي جاءت ولادته السعيدة وهجرته المحفِّزة، في عصر كانت ظلمات الجهل تلف العالم برمته، والاقوياء يتلاعبون بحياة المستضعفين كالحيوانات المفترسة. وقد انطلقت النهضة الإسلامية للشعب الإيراني في عصر يماثل ذلك العصر الجاهلي، وفي بيئة حلّت فيها الحراب محل العدالة، والسجن والتعذيب والكبت محل الحرية، والفقر والبؤس محل الرفاه والراحة، فثار شعبنا، لأن مخالب الوحش الذي بدا بصورة إنسان، كانت قد نشبت حتّى المرفقين في دماء شبابنا الأعزاء. وحبست الانفاس في الصدور، وسعت الى محو آثار الإسلام والإنسانية، وهدم اركان العدالة. كان الكبت والإرهاب سائداً الى درجة أن الرجال لم يكونوا يجرؤون على الشكوى امام زوجاتهم، ولا الأخوة أمام اخواتهم، ولم تكن الأقلام ووسائل الإعلام إلّا في خدمة الظالم. وعند ذاك خرجت يد القدرة الإلهية من أكمام العدالة وتجسّدت في نداء (الله أكبر)، وغيرت حال الشعب الايراني من الضعف الى القوة، ومن الجبن الى الشجاعة، ومن التهاون الى الحركة، وهدر سيل البشر الإلهيين الذين علموا ان الشهادة سعادة، والإيثار بالدماء أعظم العبادات، فنسف سور الشياطين، وعروش وتيجان 2500 سنة من الظلم والجور وملء البطون، نسفاً لم يُبق لهم دياراً ولا خبراً.
وحيث يقف المسلمون اليوم على أعتاب القرن الخامس عشر الهجري، وإيران على أعتاب الذكرى السنوية للثورة والهجرة، نحتفل بهذه الولادة السعيدة والهجرة الكبرى والثورة الاسلامية ونباركها. إلّا أن الاحتفال الأكبر سيكون عندما ينتصر المستضعفون على المستبكرين، ويقضون عليهم الى الأبد، ويقطع المسلمون - بوحدة الكلمة وتحت لواء التوحيد - يد الجائرين عن بلدانهم. والشعب الإيراني الذي اصبح له والحمد لله بعد سنة واحدة من الثورة، جمهورية اسلامية ودستور ورئيس جمهورية، سيؤسس برشاده المعنوي وطمأنينته، مجلس الشورى الاسلامي، حتى يعوضوا بهمتهم العالية عّما حصل من دمار في عهد الطاغوت، لاسيما خلال الخمسين عاماً الأخيرة، الدمار المعنوي والمادي الذي حصل بتخطيط من القوى العظمى، وخاصّة أميركا، وأدّى بالشعوب المسلمة، لاسيما الشعب الإيراني الى حافة السقوط، مع أن تعويض كل الخسائر أمر متعذّر، إذ كيف يتسنى تعويض الأضرار الدامية التي وقعت للشباب الغيارى الذين استشهدوا دفاعاً عن الإسلام والبلاد، والأعزاء الذين تعوقوا وقطعت أطرافهم خلال هذه المدة؟ ليت الشعب الايراني استطاع دعوة مفكري العالم حينما كانت الشوارع والأحياء مصبوغة بدماء شبابنا الأبرار، وسماء ايران ملونة بلون الشفق الأحمر. ليت أحرار العالم سمعوا آهات وأنين امهاتنا وأخواتنا المفجوعات، حتى يشاهدوا نموذجاً مصغراً لجبال الجرائم التي ارتكبتها اميركا الناهبة لثروات العالم والشاه المخلوع.
إن الشعب الإيراني الحر يدعم الشعوب المستضعفة في العالم في مقابل من لا منطق لهم سوى منطق المدافع والدبابات، ولا شعار لهم سوى الحراب. إننا ندعم كل حركات التحرر في العالم باسره، التي تكافح في سبيل الله والحق والحقيقة والحرية. لتعلم الشعوب العربية الشقيقة والأخوة اللبنانيون والفلسطينيون، إن كل بؤسهم من اسرائيل وأميركا، وكل مشكلاتهم من الاختلافات بين رؤساء البلدان الإسلامية. عليهم أن يتحدوا ويجتثّوا بقوة الإيمان أصل الفساد في المنطقة من جذورها إسرائيل المجرمة.
إننا نعلن مرة أخرى دعمنا السخي لأخوتنا المسلمين والمظلومين الأفغانيين، وندين احتلال المحتلين بشدة. نحن مسلمون، ولا نبالي بشرق أو غرب. إننا ندافع عن المظلوم ونحمل على الظالم. هذا واجب إسلامي.
يا شعوب العالم! كلكم مستضعفون، انتفضوا واستعيدوا حقوقكم، ولا تهابوا عربدات المتسلّطين فالله معكم والأرض ميراثكم، ولا خلف في وعد الله تعالى. نسأل الله تعالى انتصار المحرومين، ونرجو منه اتحاد كلمة أهل الحق.
وأخيراً أرجو من السادة المحترمين الذين اجتمعوا في (مقبرة جنة الزهراء) عند الأضرحة الحمراء لشهداء الإسلام المضرّجين بدمائهم لمشاهدة نموذج من جرائم الشاه المخلوع، والذين اطلعوا عن قرب على مشهد مصغّر من المشاهد الكبرى للجرائم الهائلة التي ارتكبتها اميركا والشاه، أرجو أن يبلغوا هتاف مظلومية الشعب الإيراني للعالم، وافشال الدعاية التي تموّلها أمريكا والصهيونية بسخاء ضد شعبنا، عسى أن يكونوا مرفوعي الرؤوس في حضرة الإنسانية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي
* صحيفة الإمام، ج12، ص:118