الموضوع: دور الإذاعة والتلفزيون في إصلاح أو إفساد المجتمع
حديث
الحاضرون: جمع من منتسبي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون
عدد الزوار: 117
التاريخ 28 تير 1358 هـ. ش/ 24 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: جمع من منتسبي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون
بسم الله الرحمن الرحيم
ميزة الإنسان عن بقية الكائنات
لقد خلق الله الإنسان وجعله يلمس بكل جارحة من جوارحه عظمة وجوده سبحانه وتعالى، العين ترى ابداع الخالق والإذن تسمع ما يستحق السمع، وهكذا العقل بالنسبة لما وراء الطبيعة. فمن خلال ما أنعم به الله تعالى على الإنسان من جوارح يستطيع هذا الإنسان كسب الفضيلة وأحياناً إذا أساء استعمالها غرق في الفساد.
أهمية التلفزيون كوسيلة للإعلام
من بين جميع وسائل الإعلام المتوافرة لدينا، من صحب ومجلات ودور السينما والمسرح والراديو والتلفزيون. يعد التلفزيون من أكثر تلك الوسائل ارتباطا وتعلقا بحياة الانسان. فالصحافة، مهما زادت سعة انتشارها فلن تصل إلى حد يسد حاجة البلد برمته، ومن ناحية أخرى فإن الكثيرين لازالوا لايستطيعون الاستفادة منها، والسبب هو أن نصف مجتمعنا تقريبا لايستطيع القراءة أو الكتابة. أما دور السينما فإنها تبقى ضمن دائرتها المحدودة. والراديو كذلك في كل مكان ولكنه مسموع فقط، أما التلفزيون فهو الوسيلة الأوسع انتشاراً والذي حتى القروي الأمي يستطيع الاستفادة منها وهو جالس في منزله، يستطيع أن يرى من خلاله ويسمع، وبالتالي فهو ذو أثر كبير على الأغلبية المطلقة في المجتمع. فالراديو والتلفزيون وسيلتان تستطيعان أن تمارسان دوراً إيجابياً في بناء المجتمع أو تدميره. فهاتان الوسيلتان أكثر تأثيراً من بقية وسائل الإعلام على ثقافة المجتمع.
الأهمية الإعلامية للراديو والتلفزيون
يستطيع الإعلام المرئي عن طريق السمع والمشاهدة تربية الناس أو هدم الأسس الإنسانية في داخلهم، ومن هذا المنطلق كانت المسؤولية الملقاة على عاتق الواقفين على إدارة هذه الأجهزة الإعلامية مسؤولية جسيمة بمعنى عندما نمتلك الراديو والتلفزيون السالمين، فإن تأثيرهم سيكون إيجابياً وسيسير المجتمع في المسير الصحيح، ولا قدر الله إذا كان فيهما أي انحراف فإنه سيؤدي إلى ضياع المجتمع بأكمله. لذا ينبغي لوسائل الإعلام القيام بدور المربي في المجتمع، بل هي وجدت في الأساس لإصلاح المجتمع. ولو فرضنا إنها لم توجد لذلك فهي بالنهاية وسيلة من وسائل التربية. حتى الصحيفة والمجلة يجب أن تكونا تربويتين لمن يقرأهما، والسينما يجب أن تكون مربياً لمن يدخلها وكذلك المسرح ويأتي دور الراديو والتلفزيون على نطاق أوسع. لذلك ينبغي استخدام هذه الأجهزة لتربية أفراد وطنيين مسلمين صالحين.
وضع وسائل الإعلام في العهد البائد
مع الأسف لقد حاولوا في الماضي تضليل كافة تلك الوسائل الإعلامية، كلنا رأينا الصحافة وشاهدنا ما تعرضه دور السينما وسمعنا الراديو وكافة تلك الأجهزة التي يجب استخدامها لتربية مجتمع سليم، لقد حرفوها واستعملوها لتضليل المجتمع، فكانت الصحف تكتب أشياء معاكسة لتطلعات الشعب، والراديو والتلفزيون يبثان ما ينافي مصالح البلد والشعب.
أما الآن فبعد أن أصبح بلدنا حراً، ولا أحد يستطيع أن يعتدي عليه، وأنتم الآن أحرار في إدارة الأجهزة الإعلامية لما فيه خير الشعب، ويجب أن تفكروا في تحويل هذا الجهاز الإعلامي إلى جهاز لبناء الإنسان، الذي حالوا دون بنائه منذ أكثر من خمسين سنة.
خشية الغربيين من الإنسانية
إن الأوروبيين والأمريكيين يخافون من الإنسان حين يكون ناضجاً وسالما في مجتمعه، وإذا ما وجد في بلد ما فإنهم يسعون للتخلص منه. لقد حرصوا على إيقاف رشد ونمو القوى الإنسانية في بلادنا، وأطلقوا الدعايات من الخارج والداخل، حرّفوا صحفنا، وأقاموا مراكز الفحشاء، المراكز التي كان من المفترض أن تكون أماكن للتربية كدور السينما، تحولت إلى مراكز للمجون، وكانت إذا دخلها الشاب لمدة اسبوع أو اثنين أو شهر تحول إلى شاب فاسد. ولاشك في إنكم رأيتموها أو سمعتم عنها. ومن أقصى طهران إلى أدناها أقاموا مراكزاً لبيع الخمور أكثر من المكتبات واتبعوا سياسة عدم السماح للدول الشرقية بالتقدم خصوصاً الدول الغنية بالنفط.
لهذا كانت جميع مشاكلنا تكمن في عدم امتلاكنا الإنسان القادر على العمل ولو وجد لكان مقهوراً أو مبعداً أو سجيناً، ومن كان على هواهم وسلّموه المناصب والإدارات ليعمل لصالحهم، خاصة في المؤسسات والدوائر المؤثرة.
وظيفة الجميع بناء المجتمع وتغييره
اليوم حيث أصبحت بلادنا ومقدراتها أمانة في أيديكم يجب على كل شخص وفي أي مكان يتواجد فيه أن يبني ويوجد التغيير، فالتغيير هنا يعني أن الراديو والتلفزيون على سبيل المثال كانا ينشران الثقافة الطاغوتية في زمن الطاغوت. وكان جل تركيزهم على الموسيقى والغناء لتمييع شبابنا وضياعهم. إن الموسيقى تضعف الروح الإنسانية وتصادر الاستقلال الفكري للإنسان. كان نصف عمل الراديو والتلفزيون هو بث الموسيقى أو عرض المشاهد الفاضحة التي كانت تضل فكر الشباب وتدعوهم للفحشاء، فحين يفتح الشاب المذياع ويسمع الموسيقى المبتذلة ويشاهد الاغراء في التلفزيون والسينما والمجلة والصحيفة، فإلى أين سوف ينجر تفكير الشباب ومعه المجتمع بأكمله؟! لقد حصل مارأيتموه وكيف دمر البلد بأسره.
الآثار التخريبية للموسيقى
إذا كنتم محبين لبلدكم وللإسلام، محبين لشعبكم، فعلى كل واحد منكم وبحسب مكانه ووظيفته في الجهاز الإعلامي، أن يقوم بإصلاح هذا الجهاز. يعني يجب أن لاتكونوا متأثرين بالثقافة الغربية. فلا توجد أية ضرورة لبث الموسيقى بين خبر وآخر فهذا تشبه بالغرب، ومن الأنسب لكم أن تبتكروا شيئاً يليق بثقافتنا كوننا مسلمين. ولاتظنوا بأن هذه الموسيقى تدل على رقي البلد، بل هي تخرب عقول أطفالنا وتفسدها. فعندما تطرق الموسيقى مسامع الشباب على الدوام فسوف يتأثرون بها ولن يستطيعوا التفكير بجدية. لقد طلبت كراراً من السيد قطب زادة 1 التوقف عن بث هذه الموسيقى وكان جوابه بأن هذا غير ممكن. أنا لاأعلم لماذا هو غير ممكن؟ اسمعوني جيداً. إذا ما أردنا ان نقدم على عمل لصالح بلدنا، وجاء الغربيون أو المتغربون وأشكلوا علينا وقالوا إن ذلك عمل رجعي، فهل يجب علينا أن نتخلى عنه، ونرتمي في أحضانهم؟ أم نأخذ بنظر الاعتبار ما هو في مصلحتنا ومصلحة شعبنا، فالجهاز الإعلامي يجب أن يلعب دور المعلم والمربي لهذا المجتمع، يجب أن يكون مربياً لهذا الإنسان الذي يراه ويسمعه كل يوم يتأثر به حتماً، فالموسيقى هدر للوقت وليست بالمسألة الجدية التي يجب أن نعطيها اهتمامنا، فأنتم حينما تريدون إصلاح المجتمع يجب أن تنتبهوا إلى الأمور الجدية وليس الهزلية.
عليكم الاهتمام بالقضايا الجادة. إنكم مسؤولون عن اعادة اعمار البلد، ومن يكون مسؤولًا عن البلد يجب أن يهتم بالقضايا الجادة. فإذا تقرر بث فيلم يجب أن يكون فيلماً جاداً، وليس الأفلام التي كانت تبث في عهد الطاغوت والتي كانت تجر شبابنا إل الفساد والفحشاء. وإذا أردت ان تتحدث عن موضوع، يجب أن يعمل على إصلاح فكر شبابنا، وهكذا. فلابد من التخلص من هذه الموسيقى المخربة للعقول.
لاتهابا من إتهامكم بالرجعية
واظبوا على أن تكونوا جديين في عملكم، فبلادنا الآن بحاجة إلى الجد لإصلاح ماأفسده الآخرون، لدينا الآن قروض كثيرة يجب تسديدها. فقد سرقوا ونهبوا ودمروا ثم رحلوا ففي مثل هذا الوضع ليس أمامنا إلا العمل بجدية لنخرج بسلام من هذه المرحلة الحساسة. لقد خلفوا لكم الكثير من المشاكل التي يجب عليكم حلها ولاتهابوا من أن ينعتوكم بالرجعيين، فمنذ 50 سنة وهم ينعتوننا بهذا الوصف، فليقولوا ذلك، وليكن اهتمامنا جدياً بحل مشاكلنا الداخلية ولندع ما يقوله الآخرون. فليس من شأننا أن نهتم بما يحصل هناك أو ما يقولونه أو كيف يحلون مشاكلهم، فنحن شرقيين لدينا ثقافتنا الخاصة ومن خلالها نستطيع التغلب على الصعاب التي تواجهنا.
ضرورة امتلاك الاستقلال الفكري والتخلص من التغرب
يجب أن نمتلك الاستقلال الفكري، ويجب فصل طريقة تفكيرنا عن الطريقة الغربية وذلك لكي نعيش مستقلين فكرياً، وإن استقلالنا الفكري لا يتحقق إلّا في ابتعادنا عن التشبه بالآخرين. فلتكن شؤوننا مستقلة وأفكارنا مستقلة، جهازنا الإعلامي مستقل، ولنمتلك الحياة الخاصة بنا، ولاتعيروهم اهتماماً حين يتهمونكم بالرجعية ولاتهابوا من أن ينتقدونكم في كتاباتهم أو مقالاتهم. فإذا أردتم أن تستقل بلادنا فليعمل كل منكم بجد من موقعه بما يحقق مصالح هذا البلد ولا تهابوا النقد أو الاتهام. ولتكرس الجهود لاصلاح أداء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بما يساعد في بناء الإنسان وينمي فيه كمالاته الروحية والمعنوية والعقلية، ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا ما الذي فعله النظام البائد في تخلف هذا البلد تحت واجهة (الحضارة الكبرى).
مجلس تحديد سياسة عمل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون
الأمر الآخر الذي أود الاشارة اليه، هو موضوع تشكيل مجلس يتولى تحديد سياسة عمل مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، إذ يجب أن لا يحدد سياسة هذه المؤسسة شخص واحد، بل من وجود لجنة أختار أنا أحد أفرادها والآخر يختاره رئيس الوزراء واثنان آخران تختارهما هيئة الإذاعة والتلفزيون والخامس إما نختاره نحن أو هم، هؤلاء الخمسة هم من يجب أن يحددوا سياسة الإذاعة والتلفزيون من خلال التشاور فيما بينهم،. كما ينبغي أن يكون هناك رأي للسلطة التنفيذية أيضا. وقد بحثنا هذا الموضوع ووافق السيد قطب زاده الرئيس الحالي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، هذا الاقتراح بأكمله، فلتكن الإدارة له وأنا نفسي أرغب بذلك. وإذا لم يقبل بمجلس الشورى أو رفض أن يكون مديراً مفوضاً فليتنحى جانباً ولتنتخب الشورى مديراً آخر لها حيث أن هذا العمل يجب أن يتم عن طريق الشورى، أما إذا رأيتم أن هؤلاء الخمسة يمارسون عملهم بدكتاتورية عند ذلك تقدمون شكوى ضدهم، ونحن بدورنا سوف نقوم بعملية الإصلاح. هذا ما تم بحثه يوم أمس بحضور السيد رئيس الوزراء وهو ماسيتم العمل به.
في هذه الأثناء تحدث عدد من الحاضرين، فقال الإمام الخميني:من الآن فصاعداً مكتب الإمام مفتوح أمام الجميع ولايجب أن تخافوا من مكتب الإمام أو من الإمام ذاته، فنحن لا نفرض على أحد أمراً. إننا ننشد مصالح البلد، ونرحب بكل خطوة في هذا المجال.
البارحة أتى السادة إلى هنا واختاروا خمسة أعضاء للشورى. وسيكون لكل منهم رأي واحد فقط، حتى المدير يملك صوتاً واحداً، وإن رأي الأكثرية ينفذ من قبل المدير، وإذا عمل المدير خلافاً لقرارات الشورى يعزل، وقد أخبرت السيد بازركان أن يستدعي السيد قطب زاده ويخبره بما قررنا بشأن الشورى في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وليعرض عليه منصب المدير التنفيذي للمؤسسة ضمن الشروط المحددة لعمل المدير والتي تمنحه الصلاحيات في إظهار رأيه والذي يعتبر رأياً واحداً ضمن آراء الشورى، ويقوم بدور المنفذ لقرارات هذه الشورى سواء كانت متفقة مع رأيه أو مختلفة. وإذا امتنع عن ذلك فيجب عليه التنحي جانباً وسيأتي مكانه من يرضى بهذا المنصب ضمن الصلاحيات والمهام المقررة له. وإذا ما تخلف أعضاء الشورى عن المهام الموكولة إليهم، وثبت ذلك التخلف ولو في أمر واحد فسوف نعفيهم من تلك المسؤوليات، هذا ماقررناه، وسيوفقنا الله إلى مانصبوا إليه. يجب علينا أن نتعاون جميعأً. لقد حان الوقت لكي نعمل معاً لوضع قانوننا الأساسي وننتختب مجلس الشورى ورئيس الجمهورية، ولنضع الخلافات الهامشية جانباً، فليس مناسباً الآن أن نختلف فيما بيننا. وبعون الله ستستقر الحكومة ومن بعدها مجلس الشورى ومن ثم كافة الأمور الأخرى. فليحفظكم الله جميعكم ويوفقكم بعونه تعالى.
*صحيفة الإمام، ج9، ص: 126
1-المشرف على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون آنذاك.