الإمام المهدي وطول عمره
الإمام المهدي (عج)
إنّ من الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي، طول عمره في فترة غيبته، فإنّه ولد عام 255، فيكون عمره إلى الأعصار الحاضرة أكثر من ألف مائة وخمسين عاماً، فهل يمكن في منطق العلم أن يعيش إنسان هذا العمر الطويل؟والجواب:من وجهين، نقضاً وحلاً.
عدد الزوار: 106
إنّ من الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي، طول عمره في فترة غيبته، فإنّه ولد عام 255، فيكون عمره إلى الأعصار الحاضرة أكثر من ألف مائة وخمسين عاماً، فهل يمكن في منطق العلم أن يعيش إنسان هذا العمر الطويل؟
والجواب
من وجهين، نقضاً وحلاً.
أمّا النقض، فقد دلّ الذكر الحكيم على أن شيخ الأنبياء عاش قرابة ألف سنة، قال تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا﴾(العنكبوت:14).
وقد تضمنت التوراة أسماء جماعة كثيرة من المعمرين، وذكرت أحوالهم في سفرالتكوين1.
وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمرين، ككتاب المعمرين لأبي حاتم السجستاني، كما ذكر الصدوق أسماء عدّة منهم. وفي كتاب كمال الدين2، والعلامة الكراجكي في رسالته الخاصة، باسم "البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان"3، والعلامة المجلسي في البحار4، وغيرهم.
وأمّا الحلّ، فإنّ السؤال عن إمكان طول العمر، يعرب عن عدم التعرّف على سعة قدرة الله سبحانه: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾(الأنعام:91)، فإنّه إذا كانت حياته وغيبته وسائر شؤونه، برعاية الله سبحانه، فأي مشكلة في أن يمدّ الله سبحانه في عمره ما شاء، ويدفع عنه عوادي المرض ويرزقه عيش الهناء.
وبعبارة أُخرى، إنّ الحياة الطويلة، إمّا ممكنة في حدّ ذاتها أو ممتنعة، والثاني لم يقل به أحد، فتعين الأول، فلا مانع من أن يقوم سبحانه بمدّ عمر وليّه، لتحقيق غرض من أغراض التشريع.
أضف إلى ذلك ما ثبت في علم الحياة، من إمكان طول عمر الإنسان إذا كان مراعياً لقواعد حفظ الصحة، وأنّ موت الإنسان في فترة متدنية، ليس لقصور الاقتضاء، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة، ولو أمكن تحصين الإنسان منها بالأدوية والمعالجات الخاصة لطال عمره ما شاء.
وهناك كلمات ضافية من مهرة علم الطب في إمكان إطالة العمر، وتمديد حياة البشر، نشرت في الكتب والمجلات العلمية المختلفة5.
وبالجملة، اتّفقت كلمة الأطباء على أنّ رعاية أُصول حفظ الصحة، توجب طول العمر، فكلما كثرت العناية برعاية تلك الأُصول، طال العمر،لأجل ذلك، نرى أنّ الوفيات في هذا الزمان، في بعض الممالك، أقلّ من السابق، والمعمّرين فيها أكثر من ذي قبل، وما هو إلا لرعاية أُصول الصحة، و من هنا أسّست شركات تضمن حياة الإنسان إلى أمد معلوم تحت مقررات خاصة وحدود معينة، جارية على قوانين حفظ الصحة، فلو فرض في حياة شخص اجتماع موجبات الصحة من كل وجه، طال عمره إلى ما شاء الله.
وإذا قرأت ما تدوّنه أقلام الأطباء في هذه المجال، يتّضح لك معنى قوله سبحانه: ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(الصافات:143-144).
فإذا كان عيش الإنسان في بطون الحيتان، في أعماق المحيطات، ممكناً إلى يوم البعث، فكيف لا يعيش إنسان، على اليابسة، في أجواء طبيعية، تحت رعاية الله وعنايته، إلى ماشاء؟!
* الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.ج4،ص148-150
1- التوراة، سفر التكوين، الإصحاح الخامس، الجملة 5، وذكر هناك أعمار آدم، وشيث ونوح، وغيرهم.
2- كمال الدين، ص 555.
3- البرهان على طول عمر الإمام صاحب الزمان، للكراجكي، ملحق بـ«كنز الفوائد»، له أيضاً، الجزء الثاني. لاحظ في ذكر المعمرين ص114 ـ 155، ط دار الأضواء، بيروت ـ 1405.
4- بحار الأنوار، ج 51 الباب 14، ص 225 ـ 293.
5- لاحظ مجلة المقتطف، الجزء الثالث من السنة التاسعة والخمسين.