الموضوع: تحريم الانتماء إلى حزب (رستاخيز) البعث الايراني
نداء
المخاطب: الشعب الإيراني المسلم
عدد الزوار: 212
التاريخ: 21 اسفند 1353 هـ. ش/ 28 صفر 1395 هـ. ق
المكان: النجف الأشرف
المناسبة إعلان محمد رضا بهلوي تأسيس حزب (رستاخيز)1
المخاطب: الشعب الإيراني المسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
نظراً لمخالفة هذا الحزب عن الإسلام ومصالح الشعب الإيراني المسلم، فإن المشاركة فيه حرام على الجميع ومساندةٌ للظلم ولاستئصال المسلمين، والمخالفة عنه من أبرز مصاديق النهي عن المنكر. إن هذه النغمة الجديدة التي أطلقها الشاه بأمر من خبراء النهب هو في إبعاد الناس عن القضايا السياسية الاساسية وتوسيع الكبت السياسي وفتح الطريق لمخططاتهم، وسلب الناس أي قوة للمقاومة وخنق أنفاسهم في الصدور. لذا يجب عليّ التذكير بأمور- أداءً للتكليف- علّها تمكن الامة الإسلامية من منع تطبيق هذه المخططات بمقاومتها الشاملة قبل فوات الاوان.
قبل كل شيء لابد من الاشارة إلى أن هذا العرض غير الشرعي الذي تقدم به الشاه هو اعتراف بالإخفاق الذريع الذي مُني به المسعى الاستعماريّ المسمّى- ثورة السادس من بهمن- وإعراض الشعب عنه.
إنّ من كان يتشدق منذ عشر سنوات بأن الجماهير توافق هذه (الثورة) ودعاها- ثورة الشاه والشعب- نراه اليوم يقسم الشعب أقساماً مختلفة موافقين له بأسنَّة الحِراب. إذا كانت هذه (الثورة) للشاه والشعب، فما الحاجة لحزب مفروض؟ يجب القول عن هذا الحزب المسمى- بالبعث القومي الإيراني: إنه بهذا الشكل المفروض على الناس يخالف الدستور والموازين الدولية، ولا نظير له في أحد بلدان العالم.
وإيران هي الدولة الوحيدة التي أسست حزباً بمرسوم ملكي وأجبر الشعب أن ينضمَّ إليه، وكلّ من تخلّف عن ذلك، فإنَ مصيره السجن والتعذيب والنفي أو الحرمان من حقوقه الاجتماعية. إن شعب ايران المستضعف مجبر أن يعلن موافقته على هذا النظام الملكي هذا النظام البالي المرفوض من الإسلام والمحكوم عليه بالزوال. هذا النظام الذي يُنزل بأسس الإسلام ضربةً جديدةً كلَّ يوم، ولو سنحت له الفرصة- لا سمح الله- لقضى على أساس القرآن في هذا البلد.
هذا النظام الذي عرّض وجود الشعب للفناء، وسلبه جميع حرياته، وزجّ طبقات الشبّان المثقفين في السجون والمنافي وسلبهم الحياة، يريد بهذه الألاعيب الحزبية المفروضة أن يزيد الضحايا والمساجين مرَّة أُخرى.
شعب ايران المسلم مجبر على طاعة ملك لُطّخت يداه إلى المرافق بدماء علماء الإسلام والشعب المسلم. هذا الشاه الذي يسعى جاهداً إلى بيع آخر قطرة من نفط هذا البلد وتقديم عائداته الى الرأسماليين والناهبين، ويعتزّ بذلك.
أميركا المستعمرة لا تستغل ثرواتها النفطية، ولا تستخرجها، وتشتري النفط من الآخرين لحفظ مصالحها القومية. أمّا شاه إيران، فيبيع هذا الذهب الأسود، ويقضي على خزانة إيران والشعب الإيراني وبدلًا من صرف هذه الأموال الطائلة على ابناء هذا الشعب الحفاة الجياع يقدمها قروضاً إلى أسياده المستعمرين، أو يشتري بها أسلحة فتاكة ومدمرة يدافع بها عن مصالح المستعمرين وأطماعهم في ايران والمنطقة، ويواصل نهجه السفاك في قمع الحركات المناهضة للاستعمار. كان الشاه إلى الأمسِ يدمّر الاقتصادَ الإيراني بالقروض الفادحة، واليومَ جَرَّ الشعبَ الإيراني إلى الإفلاس بإعطاء القروض وشراء الأسلحة ومنع هذا الشعب من الرقي والتقدم. والصفقات الآسرة ولا سيّما الأخيرة التي كانت مع أميركا بخمسة عشرَ مليار دولار هي ضربة قاضية اخرى أنزلها الشاه بالاقتصاد الإيراني، وهي عرض رخيص لثروات وذخائر الشعب الايراني المستضعف.
الشعب الإيراني مجبر على التصويت لمصلحة من سبَّب تقهقرَ إيران في الزراعة وتنمية الثروة الحيوانية، وجعل هذا الشعب يستورد اليوم جميع ما يحتاج اليه من القمح والأرز واللحم والزيت بأسعار باهظة. الشاه الذي كان يَعدُ المزارعين في بداية الطرح المدعو الثورةَ البيضاء بالاكتفاء الذاتي في الغلات والحبوب في ظل الإصلاح الزراعيّ يتبجّح اليوم باستيراد مليونين ونصف مليون طن من القمح واربعمائة ألف طن من الأرز هذه السنة بدلًا من الشعور بالخجل. هذا في وقت يعلم فيه المطّلعون أنَّ محافظة إيرانية واحدة مثل محافظة خراسان كانت قادرةً وحدها على توفير القمح لكل البلاد، لكنّ ثورة الشاه البيضاء سلبتها هذه القدرة.
تشدَّقَ الشاهُ أكثر من عشر سنوات بتطور البلاد في وقت أغرق فيه أغلب الشعب الإيراني في الفقر والبؤس. وقد قام بتزيين ظاهر طهران وبناء القصور الفخمة لعملائه بعرق هذا الشعب بينما تفتقر القرى والأرياف الإيرانية التي تضم أكبر نسبة من سكان ايران لأدنى مقوّمات الحياة، اليوم يعد الناس مواعيد تستغرق 25 عاماً، إلا أنّ الشعب الإيراني الواعي يدرك جيداً أن هذه المواعيد واهية لا أساس لها من الحقيقة. فالبلاد سُلِبت القدرة الزراعية وأحوال الفلّاحين والعمال تتدهور يوماً فيوماً، وليس لها من التصنيع المستقل غير التابع لسواها من الأمم، ولن يكون إلّا أن يتغير هذا النظام البالي بإذن الله تعالى.
بنفاد احتياطي النفط في هذا البلد بيد هذا النظام سيبوء الناس بفقر مدقع لا يجدون معه حلًا إلا الاستسلام للذل، ولابدّ لشعب إيران الشريف الذي لا زراعة له ولا صناعة أن يعاني الفقر والحرمان أو يرضى بالعمل للرأسماليين.
الشاه يتحدّث بالشورى والدستور وهو رأس المخالفين للدستور والشورى التي قضى على أساسها، والدليل البارز على ذلك هو مقابلته الأخيرة والضجة التي أثارتها، فإرغام الناس على الدخول في الحزب مناقض للدستور، وحملهم على التأييد والتظاهر بالسرور والضجيج بأمر مخالف لإرادتهم نقض للدستور. وسلب حرية الصحافة ووسائل الاعلام وإجبارهم على الدعاية المضادَّة لمصالح البلد يناقض الدستور. والعدوان على حقوق الشعب وسلب الحريات الفردية والجماعية نقض للدستور. وإقامة الانتخابات الزائفة وتأسيسُ مجلس مأمور زائف محو للشورى ونقض للدستور. وإقامة القواعد العسكرية والاستخباريّة والتجسسية للأجانب مخالفة للشورى. والسماح للأجانب وعملائهم القذرين من أمثال اسرائيل بالسيطرة على أفضل أراضي البلاد ومنع الشعب عنها خرق للدستور وخيانة للبلاد. والسماح للأجانب بالاستثمار وتسليطُهم على جميع شؤون البلاد ونهبُ الذخائر النفطية باسم (السيادة القومية) ومنع الشعب من الفعاليات الاقتصادية خيانة للشعب وخرق للدستور. ومنح الأجانب وعملاءَهم الحصانةَ يخالف الديمقراطية والدستور، وتدخل الشاه- وهو غير مسئول بنصّ القانون- في شؤون البلاد وسلطاتها عودة إلى الاستبداد الأسود وخرق للدستور.
يتحدث بالثورة البيضاء، هذه الثورة التي أدت إلى شقاء الناس وشلّ القوى الفعالة للشعب حتّى إنّ الشاه نفسه اعترف بعد عشر سنوات بزيفها. هذه الثورة تريد نشر الثقافة الاستعمارية إلى أقصى القرى والأرياف وأن تفسد شبابنا. و ان من يخالف هذه- الثورة- كما تُدعى، يجب أن يعذّب ويحرم حقوقَه الاجتماعيةَ.
وعلماء الإسلام والطلاب والشيوخ والجامعيون المخالفون لهذا النظام البائد وجهاز الظلم والجور وهذه الثورة المفضوحة يدعون- خائنين للوطن- ويجب أن يساقوا لمواقع التعذيب أو يحرموا حقوقَهُم الاجتماعيةَ. وهذا المصير ينتظر طبقات التجار والمزارعين والعمال المخالفين لهذه الثورة السوداء اللعينة الذين لم يسمعوا في هذه السنوات العشر إلا المواعيد الجوفاء وسيسمعون المزيد منها.
ليعلم علماء الإسلام وسائر الطبقات أنَّ تأسيس هذا الحزب مقدمة لمصائب كثيرة تظهر آثارها تدريجيّاً. فعلى مراجع الإسلام أن يُحرِّموا الانخراط في هذا الحزب ولا يسمحوا بنهب حقوق الشعب الايراني المسلم.
وعلى سائر الطبقات خاصة الخطباء المحترمين والطلاب والشبّان الجامعيين وطبقات العمال الفلّاحين والتجار والمهنيّين ان يُخربوا أساس هذا الحزب بمواجهاتهم المستمرة والشاملة والمقاومة السلبية له، وأن يطمئنوا أن هذا النظام في حالة الانهيار وأنهم منتصرون.
على الشعب ألا ينخدع بالدعايات الواهية التي يروِّجها النظام، فهؤلاء مع مخالفتهم للإسلام وأحكامه المتزايدة يوميّاً ينقلون المراسمَ الدينية، ويبثّون قراءاتِ الأدعية مثل دعاء كميل ومواكب العزاء الحسيني ولطم الصدور في ذكرى عاشوراء في أجهزتهم الاعلامية لِخداع الغافلين من الناس. إنهم ينقضون أحكام القرآن الكريم، ويقومون بطبعه ونشره. إنني من زاوية الغربة هذه أتألم من وضع هذا الشعب المأساوي.
وما أطيب كوني بينهم في هذه الأحوال الحسّاسة، لأتعاون معهم في إنقاذ الإسلام وإيران بهذا الجهاد المقدس! أدعو الله- تعالى- قطع أيدي الأجانب وعملائهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
28 صفر 1395 هـ. ق
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج3، ص: 75-78
1- أعلن محمد رضا بهلوي تأسيس حزب رستاخيز( البعث) في 11/ 12/ 1353، ودعا في لقاء صحفي جميع الإيرانيين إلى الانخراط في صفوف هذا الحزب، وأعلن أن من لا ينضمون إلى هذا الحزب يجب أن يغادروا ايران. وكان من مبادئ هذا الحزب الثلاثة التي أعلنها الشاه لأعضاء هذا الحزب هي الاعتقاد بالنظام الملكي، وبما سمّي الثورة البيضاء، وبالدستور.
2011-03-21