الموضوع: إظهار الاسف على قمع الشعب وظهور بصيص أمل بسبب صحوة الشعب
نداء
المخاطب: الشعب الإيراني
عدد الزوار: 145
التاريخ: 20 تير 1354 هـ. ش/ الاول من رجب 1395 هـ. ق
المكان: النجف الأشرف
المخاطب: الشعب الإيراني
بسم الله الرحمن الرحيم
الاول من شهر رجب عام 1359 هـ. ق
إلى الشعب الإيراني الشجاع المظلوم كافة- أيدهم الله تعالى-
برغم أَنَّ الاخبار الواردة من إيران بعد الإخفاق الذريع الذي باءَ بهِ الشاه في ألاعيبه الحزبية1 تبعث على الأسف والحزن هي مطلع أمل وإشراقة مضيئة للحرية. الأسف أنّه في الوقت الذي تتحرّر فيه الشعوب الواحد بعد الآخر من نير الاستعمار، وتنال استقلالها وحريتها، يبتلى الشعب الإيراني بواحد من أكثر الأفراد رجوعيّةً وهو من عملاء الاستعمار المطيعين حيث يمارس عليه أحد أبشع أنماط الاستبداد وحشية في العالم.
فالتحريات الإيرانية تحولت بأمر الشاه إلى إدارة للتفتيش عن المعتقدات كما كان سائداً في العصور الوسطى، وهي تعامل المعارضين لحزب الشاه المفروض وهم أغلبية الشعب الإيراني المتديّن بأنواع من التهديدات والإهانات والضرب والتعذيب الوحشي. وتطالبُ الشعب الإيراني المتديّن والجامعيين والتجّار والمزارعين والعمال والموظفين الصغار جميعاً بالتزام عقيدة الشاه وإن خالفت الإسلام ومصالح المسلمين والشعب وذهبت باستِقلالِهم وحريتِهم.
ومن يخالف ذلك، فمصيره السجن والتعذيب والحرمان من جميع الحقوق الإنسانية، ويوصف ب- (الرجعيّ الأسود) و (خائن الوطن الأحمر)2 ويجب قمعُه. أسفاً على قمع الشعب المظلوم والهجوم على الجامعات في البلاد. أسفاً على حادث 17 من خرداد عام (54 هـ ش) الذي جرى في المدرسة الفيضية (للعلوم الدينية) ودار الشفاء- الذي أعاد إلى الأذهان مجزرة 15 من خرداد عام 42 هـ ش- كما أتأسف على هجوم عملاء الاستعمار الوحشي والقاسي على المدارس الدينية التي ليس لها عمل إلا الاهتمام بالعلم والفقه الإسلاميّين والدفاع عن القرآن الكريم وأحكامه البناءة وكسر الرؤوس والأيدي والأبواب والشبابيك والقمع حتى الموت والقاء الشباب العزل من فوق السطوح (لمخالفة الحزب الملكي والحداد على قتلى 15 من خرداد).
وقد نقلت الصحف الأجنبية أنّ القتلى خمسة وأربعون والجرحى لم يقبلوا في المستشفيات لكثرتهم وفي السجن ما يربو على ثلاثمائة نسمة لا يعرف مصيرهم. هذا هو وضع البلد المتطوّر! هذا هو معيار الديمقراطية عند الشاه! أهذه حالة بلاد الرجال الاحرار والنساء الكريمات؟
إنني آسف على وضع الصحف الإيرانية التي تباشرُ منظمة التحرّيات إدارتها، وتكتب ما تُملِي عليها، وتلصق التهم بأيِّ إنسان تريد، ولكن مع هذه المصائب فإنّ يقظة الشعب تبعث على الأمل، فمعارضة جميع الجامعات الايرانية للشاه- حسب اعترافه- ومخالفة العلماء الأعلام وطلبتهم وطبقات الشعب المختلفة برغم الضغوط والعنجهيات هي باكورة نيل الحرية والانطلاق من قيود الاستعمار، وعدم مشاركة الشعب الغيور في هذا الحزب المصطنع والانتخابات الخيانية مثالٌ للصحوةِ والانتصار.
وبعد التعزية بهذه المصائبِ المؤلمةِ والإساءة إلى القرآن الكريم وانتهاك حرمة أهل- البيت عليهم السلام- وذكرى حادث 15 من خرداد لعام 42 هـ ش وحادث 17 من خرداد لعام 54 هـ ش، أُهنئ الشعب الإيراني بالاستنارةِ والانعتاق وأهنؤهم بطلوع فجر الحرية وقطع جذور الاستعمار وعملائه الخبثاء.
سلامي على القتلى والجرحى في حادث 15 من خرداد، سلامي على المصابين والمظلومين في حادث 17 من خرداد، سلامي على العلماء والوعاظ المحترمين، سلامي على الشباب الجامعي في إيران وسلامي على المؤمنين والمسلمين في جميع أنحاء إيران، والذين وجّهوا ضربة قاصمة إلى المتقولّين، وذلك بعدم مشاركتهم في الحزب المفروض والانتخابات غير الشرعية، وأثبتوا وفائهم للإسلام والمسلمين.
سلامي على السجناء الذين يتحملون التعذيب القاسي في سبيل الهدف الإسلامي المقدّس. سلامي على الشباب والجامعيين الغيارى الإيرانيين خارج البلاد الذين تمكّنوا بجهودهم الجبارة من إسداء الخدمة إلى الإسلام واخوانهم المسلمين وفضح فجائع الاستعمار وعملائه.
ولديّ في هذه اللحظات من آخر العمر قلق مُتزايد من أن يُصاب هذا الرجل3 المتشبِّث بكل حيلة بالتوتّر العصبي عن مخالفة الشعب والطبقة الشابَّة له ويضرج الشعب المظلوم بدمائه اكثر من هذا، ويقتل علماءَ الإسلام والمفكرين والمثقفين بتهمة (الرجعيّ الأسود) أو (خونة الوطن الحُمر) قتلًا عاماً. أعوذ بالله- تعالى- من شرّ هؤلاء الخبثاء، وأسأله- سبحانه- أن يقطع أيدي الأجانب، والسلام عليكم ورحمة الله.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج3، ص: 102-103
1- يقصد تأسيس الشاه لحزب البعث القومي الإيراني( رستاخيز ملى ايران).
2- يقصد بهم الشيوعيين.( المترجم)
3- محمد رضا بهلوي.