يتم التحميل...

الموضوع: واجب الشعب في مواجهة النظام البهلوي، حب الشعب الايراني للاسلام

نداء

المخاطب: العلماء الكبار والشعب الايراني‏

عدد الزوار: 149

التاريخ: 21 آبان 1356 هـ. ش/ 29 ذي القعدة عام 1397 هـ. ق‏
المكان: النجف الأشرف‏
المناسبة: شهادة السيد مصطفى الخميني‏
المخاطب: العلماء الكبار والشعب الايراني‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏
﴿إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ

اتقدم بالشكر لكافة فئات الشعب الايراني المظلوم الذين أعربوا لي عن حبّهم ومؤاساتهم، كما أشكر للمراجع العظام- دامت بركاتهم- والعلماء الكبار- دام بقاؤهم- والخطباء المحترمين والجامعيين، وكذلك التجار ورجال السوق الذين يعانون من وطأة النظام الغاصب وكذلك سائر طبقات الشعب الايراني المظلوم أيّدهم الله تعالى.

اننا نواجه بلايا عظيمة ومصائب فظيعة تمنعنا من تذكر المصائب الشخصية، ولكن هذه المظاهرة العظيمة1 التي جاءت في الوقت المناسب كانت ردّاً بالقول والعمل لتقوُّلات استمرت عدّة سنوات من هذا العنصر الفاسد الذي داس كرامة وشرف واستقلال واقتصاد هذا الشعب العظيم الشريف بأهوائه وأهواء أسرته الناهبة.

لم تكن هذه المظاهرات لأحد معيَّن، بل كانت تعبيراً عن الكره للنظام الظالم واستفتاءً حقيقياً وتصويتاً على عدم الثقة بالنظام الخائن، ويجب على هؤلاء أن يعرفوا أنه لولا احتماؤهم بأسلحة الأجانب لأخذ الشعب الايراني الشريف بثأر شبابه واعزائه منهم.

انني أرى نفسي مضطراً إلى إعلان خطر كبير، لإنقاذ الشعب من خداع الأجانب وعملائهم، وهذا التسامح الذي أعلنته الحكومة، وفسحت المجال للكتّاب والخطباء للتعبير عن آرائهم كل ذلك خدعة لإظهار الشاه بمظهر طيب والادعاء بوجود الحرية وتحميل الحكومة- التي ليست سوى العوبة- مسؤولية الجرائم.

ان الكتاب لا يمكنهم الحديث ببؤرة الجريمة التي تكمن في الشاه نفسه في هذا الجو الملي‏ء بالكبت والرعب، وقد يدسّ بعض الكتاب العملاء أنفسهم بين الكتاب الشرفاء ليشنوا الهجوم على الحكومة، ويشيروا إلى بعض الجرائم ليصرفوا أنظار الناس عن بؤرة الجريمة والخيانة، ليخدعوا بذلك الطيبين الذين يصدّقون كل ما يقال بسرعة، في حين أن مصدر جميع مصائب الشعب الايراني خلال خمسين عاماً هو الحكم غير الشرعي لسلالة البهلوي الخائنة منذ عهد ذلك الوالد والى عهد هذا الولد.

ان ايدي هؤلاء كانت ومازالت ملطّخة بدماء الشعب المظلوم، ذلك الوالد الذي اجترأ على مجزرة مسجد گوهرشاد والإساءة إلى مزار ثامن الحجج (عليه السلام) وهذا الولد الذي ارتكب مجزرة الخامس عشر من شهر خرداد، واساء إلى مرقد السيدة فاطمة المعصومة المقدّس.

ذلك الوالد الذي قام بسجن وتعذيب ونفي وقتل العلماء الكبار والفقهاء العظام والأحرار الذين كان ذنبهم قول الحق. وهذا الولد الذي يعامل العلماء والخطباء والأحرار والمثقّفين والشرائح الأخرى معاملة أقسى.

ذلك الوالد الذي سلب الحريات بحيث لم يكن بإمكان الشعب والبرلمان والصحف التعبير عن الحق، وهذا الولد الذي ترون عهده وحالة شرائح الشعب والبرلمان والصحف. ذلك الوالد الذي قد أخذ أراضي شمال البلاد عنوة وبقوة السجن والنفي والقتل من الناس، وسجلها باسمه، وهذا الولد الذي كدّس اموال الشعب في المصارف الاجنبية، وراح يمتص هو وأسرته وأقرباؤه دماء الشعب حتى آخر قطره. رأينا ذلك الوالد بكل جرائمه وخياناته، وعانينا منه الكثير، واليوم نشاهد جرائم هذا الخلف الحقيقي لذلك السلف، ونتحمل آلاماً كثيرة.

انهم يحاولون تهدئة القلوب الصافية وصرف الأذهان الساذجة بمنح الحريات المحدودة بتحميل الحكومات مسؤولية الجرائم، لينسى الناس بؤرة الخيانة والجريمة الأصلية، ولكنهم غافلون عن أن الوقت قد فات وقد صحا الشعب بجميع شرائحه من رجال الدين والجامعيين والعمّال والمزارعين رجالًا ونساءً. إن هؤلاء الكادحين الغارقين في المصائب لن يتصالحوا مع هذه السلالة، ولن يرضوا باستمرار هذا الحكم الباطل ولو يوماً واحداً.

الشعب الايراني مسلم ويريد الإسلام، الإسلام الذي يحمي الحرية والاستقلال، ويقطع أيدي الاجانب، ويهدم قواعد الظلم والفساد، ويقطع أيدي الخونة والمجرمين. ان الشعب لا يريد سلالة سلّمت مقدساتهم ومصائرهم إلى الأجانب، وضيعت جميع مصادر بترولهم وغيرها، ودمَّرت اقتصاد البلاد، وقضت على الزراعة، وسلمت إدارة الجيش إلى القادة والخبراء الأمريكان، ومنحتهم الحصانة والقدرة وغير ذلك من الجرائم والخيانات التي ستسجل في تاريخ المستقبل.

الآن وبعد كل الاعمال القذرة التي قامت بها عندما شعرت بالأزمة، تحاول منح الحريات المحدودة العديمة الفائدة وحسب مقتضيات الزمن وتحت ضغط الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخروج من المعركة وإحكام هيمنتها وتهيئة المناخ لاستمرار حكمها، لتبدأ هجومها الوحشي مرة أخرى بأسلوب أشنع وأسوأ من ذي قبل وهي لا ترحم الحرث والنسل.

اليوم على المسلمين عامة والعلماء الافاضل والمثقفين والجامعيين وطلاب العلوم القديمة خاصة أن يهبّوا للدفاع عن الإسلام العزيز وصيانة أحكامه الباعثة للحياة التي تضمن الاستقلال والحرية، وللدفاع عن وطنهم العظيم- الذي هو مهد العظماء والاحرار، ولكنه الآن على وشك الزوال والسقوط- وأن يغتنموا الفرص، وأن يقولوا ما يجب أن يقال، وأن يكتبوا ويُسْمِعوا صوتهم الأوساط الدولية وبقية المجتمعات البشرية.

وعلى الجيش وقادته أن يخلصوا أنفسهم من عار الذل للأجانب، وأن يُنقذوا بلادهم من الهلاك والسقوط.

كما أذكِّر الشخصيات المهمة والملتزمة التي تُدير المبادرة أن لا تفشي أسماءها، وأن تتعظ بالتجارب السابقة، وتواصل نشاطها في ظل الإسلام واطار الموازين الإسلامية، وتتجنّب التعاون مع العناصر التي لا تعمل في هذا الاطار مائة في المائة. أرجو من الله- تعالى- عظمة الإسلام والمسلمين كما أرجو قطع أيدي الأجانب وصحّة جميع أفراد الشعب وتوفيقهم. والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.

29 ذي القعدة الحرام عام 1397 هـ

روح الله الموسوي الخميني‏


* صحيفة الإمام، ج‏3، ص: 238-240

2011-03-21