يتم التحميل...

الموضوع: البشارة بالنصر

نداء

المخاطب: الشعب الايراني‏

عدد الزوار: 97

التاريخ: 2 بهمن 1356 هـ ش/ 12 صفر 1398 هـ ق.
المكان: النجف الأشرف‏
المناسبة: الثورة الشعبية في التاسع عشر من شهر دي في مدينة قم‏
المخاطب: الشعب الايراني‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

السلام على علماء الشيعة التقدميين الذين وقفوا بتضامن يصعب وصفه يتحدّون أسلحة عملاء الأجانب العديمي الشرف، ولم يهابوا الضجيج واللغط والمحاولات الفاشلة. السلام على رجال الدين والعلماء الأفاضل للمذهب الشيعي من النجف الأشرف حتى أرجاء ايران الذين قاموا بعمل كبير لوحدة صفهم إزاء الظالمين والناهبين.

التحية للشباب الغيارى في حوزة قم العلمية الواعية وبقية الحوزات الدينية التي واصلت نهضة رجال الدين، وجعلتها تزدهر بكل شموخ. التحية للشباب المتحمّسين الواعين في الجامعات الايرانية الذين أثبتوا ولاءهم للاسلام العظيم وبلدهم الغالي بثوراتهم المتتابعة الواعية. السلام والتحية للشعب الايراني الواعي العظيم الذي دافع برغم كل الكبت والضغط عن الإسلام الراعي للعدالة المدافع عن المظلومين والقتلى في سبيل الدين.

رحم الله قتلى الخامس عشر من خرداد (الثاني عشر من المحرم) والتاسع عشر من شهر دي (التاسع والعشرين من محرم) لهذا العام.

ما أكثر مصائب شهر المحرم وما أعنفه على الظالمين، إن المحرم هو شهر الثورة العظيمة لسيّد الشهداء وسيّد أولياء الله الذي علّم البناء والعنف للبشر بثورته على الطاغوت، وجعل بذل الضحايا سبيلًا لدحر الظالم ودثره، وهذا في رأس تعاليم الإسلام لجميع الشعوب طوال الدهر.

إن ثورة 12 من المحرم (15 من خرداد) على صرح ظلم الشاه كانت باستلهام من الثورة الحسينية المقدسة، وكانت بنّاءة وعنيفة مثلها قدّمت رجالًا مجاهدين واعين مضحين إلى المجتمع سوّدوا الأيام في عيون الظالمين والخونة بحركتهم وتضحيتهم، وعملت على توعية الشعب العظيم وتحريكه وتوحيد صفوفه، وسلبت الأجانب وعبيدهم النوم والراحة.

وحولت الحوزات العلمية والجامعات والأسواق إلى حصون تدافع عن العدالة والإسلام والمذهب المقدس. إن الثورة الأخيرة التي اقتبست شعاعها من ثورة 15 من خرداد التي انتشر ضوؤها في أنحاء البلاد كانت لها قوتها التي أذهلت الشاه، ودفعته وأزلامه السفاكين إلى المحاولات اليائسة.

إن جرائم 29 من المحرم لهذا العام تعتبر منعطفاً بالمقارنة مع الجرائم الملكية في 12 من المحرم لذلك العام، فقد أراد الشاه أن يلقن الشعب المسلم درساً بعد أن سوّى حساباته مع الرئيس الأمريكي، فأطلق النار على مركز التشيع والفقه الإسلامي في جوار مرقد السيدة فاطمة المعصومة- سلام الله عليها- المطهّر بحجّة واهية اختلقها رجال الأمن، وضرّج جمعاً غفيراً من الأبرياء من شباب الحوزة العلمية والمتدينين الغيارى في مدينة قم الدينية بدمائهم حيث لا يعرف عدد القتلى حتى الآن، فقد قيل: إنّ عددهم يتراوح ما بين سبعين نسمة حتى ثلاثمائة، أمّا عدد الجرحى، فالله أعلم به. ومما يؤسف عليه أكثر، هو أنّهم منعوا المتبرّعين بالدماء للجرحى في المستشفيات (وهذه وصمة عار تبقى في جبينهم) وقد سبب ذلك وفاة عدد منهم.

إنّ الشاه يريد أن يثبت أن عمالته قد أحكمت، وعلى الشعب ألّا يفكر أنّ الشاه ليس مدعوماً من قبل الأجانب، ولكنّ الشعب قد أثبت بالمظاهرات العامّة والإضراب العامّ المستمر والإعراب عن كرهه للشاه أنه يرفضه، ويشعر بالسأم منه ومن أُسرته، وهذا الاستفتاء العفوي هو في واقع الأمر عزله عن حكمه الغاصب الجائر.

على كارتر وبقية الناهبين لثروات الشعوب المظلومة أن يدركوا أن محمد رضا خائن ومتمرّد وهو معزول عن الحكم لا محالة، هذا إن كان حكمه مستنداً إلى الشرعية، فكيف به وهو يحكم حكماً أقرَّه الاجانب وقد اعترف هو بذلك.

إنني أُبشّر الشعب الايراني الشريف أنّ حكومة الشاه تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأنَّ هذه المجازر القاسية دليل على الخوف والهلع والمحاولات اليائسة. إن هذه المناورات الوقحة والصبيانية التي بدأوا بها لتثير الضحك والفضيحة خاصة بعد أن أثبت الشعب زيفه وبطلانه، وقد أجبروا حفنة من رجال الأمن والأوباش المنتمين إليهم وعدداً من البائسين الذين ليس لهم حول ولا قوة بقوة السلاح، ليهتفوا في المدن بشعارات (يحيا الشاه) وهم يظنون أنَّ ذلك سيعوّض من الإضراب الشامل بالأسواق، ويعيد إليهم بعض السمعة.

إنني أُبشِّر الشعب الايراني الذي يتصف بهذا الوعي والذكاء وبهذه المعنويات العالية والشجاعة التي لا مثيل لها بالنصر النصر المفعم بالشموخ والفخر، النصر المشفوع بالاستقلال والحرية وقطع أيدي الأجانب والناهبين وإزالة الظالمين وسلالة البهلوي السيئة السمعة.

إن شعباً واعياً تضامن جميع فئاته من رجال الدين والجامعيين والخطباء والتجار ومن الطلاب في الداخل والخارج ومن العمال والمزارعين، وهبّ للدفاع عن الإسلام الراعي للعدالة سوف ينتصر لا محالة. وإن شعباً يواصل بكل شموخ مخالفته وكرهه لهذا النظام الظالم سينتصر، سينتصر هذا الشعب الذي تخرج نساؤه المحجّبات في المظاهرات تنديداً بنظام الشاه. إن هذا الشعب الذي تعتز الأمهات والأخوات بشهادة شبابهن الغيارى سينتصر. إن شعباً سلب طلابه الجامعيون في الداخل والخارج الشاه وأسياده الراحة والقدرة على التفكير سينتصر.

وإن الشعب الذي وقف شبابه الغيارى في الولايات المتحدة في وجه كارتر والشاه برغم تشبث الأخير بكل الوسائل، وهزّوا أركان البيت الأبيض، وعبّروا لهما عن كل ألوان الكره سينتصر. وإن الشعب الذي يحميه الإسلام والقرآن، وقام بنهضته لله ولنشر العدالة وإزالة الظلم سينتصر.

أيها الشعب الشريف العظيم انكم لمنتصرون برغم ما تتحمّلونه من خسائر وما تقدمونه من الضحايا. العار على هذا النظام المنحطّ الذي يحاول إظهار علماء الإسلام الأفاضل بمظهر الموافقين له ولثورته الدموية الفاضحة، والفضيحة لهذا النظام الذي يحاول بكل خوف خداع الشعب بتوجيه الافتراءات إلى فقهاء المذهب.

ان الشعب الايراني بزعامة رجال الدين يخالف بشدة هذه الثورة المزيفة التي تمّت بأمر من الأجانب المصلحيين، ويعتبر الاصلاحات الوهمية التي أدّت إلى تعاسة الشعب وإيجاد الأسواق للأجانب وإفلاس الزراعة وتدميرها إفساداً وتخريباً.

ان الكلام على حرية النساء مهزلة وخداع في بلد لم يعرف الشعب فيه طوال خمسين عاماً من الحكم البهلوي الظالم الحرية اطلاقاً كما أن الكلام على الإسلام والقرآن الكريم ليس إلّا خداعاً ومهزلةً في نظام أول عمل في مهمته لوطنه إزالة الإسلام وأحكامه فقد بدّل التاريخ الإسلامي المشرّف بتاريخ الظالمين والمفضوحين لإزالة الإسلام.

على هذا النظام الفاسد الذي يتبع نظام السادة والعبيد أن يعلم أنّ الأوأن قد فات وان هذه الدعايات المتخبطة لن تستطيع تثبيط الشعب الذي هبّ بكل عنفوان ووعي. إن من يحمي هذا الشعب هو الله- تعالى- والإسلام العزيز.

انني أمدّ يدي بكل تواضع إلى الشعب الايراني وأُطالب الجميع بعد تقديم الشكر اليهم أن يحفظوا وحدة كلمتهم، وأن يتجنبوا المناقشات المسببة للتفرقة سواء في ذلك رجال الدين العظماء والخطباء الكرام والشباب المحترمين في الحوزات العلمية وطلاب الجامعات ورجال السوق المحترمين والعمال والمزارعين والشرائح والطبقات المحترمة داخل البلاد وخارجها- أيدهم الله تعالى- كما أرجو منهم أن يعملوا بصوت واحد وكلمة واحدة في سبيل استقلال البلاد وقطع أيدي الأجانب وعملائهم التابعين لهم، وأن يتوحّدوا بالتوكل على الله- تعالى- واتباع أحكام الإسلام الراعية للعدالة، وأن يذكّروا من يتحدثون بالدستور ومراعاة إطاره أن لا يؤيدوا ضمنياً هذا النظام الملكي الفاسد بهذه الكلمة، فالشعب لن يتمتّع بالاسلام وبالحرية وباستقلال البلاد، ولن يرى الشعب السعادة ما دامت هذه السلالة الفاسدة تسيّر أمور البلاد وتحكمها.

أرجو من الله- تعالى- عظمة الإسلام الذي يعد الكفيل الوحيد للعدالة والاستقلال الحقيقي عن المظلومين واستودع الله الشعب الايراني والشباب المتدينين خاصَّة والسلام عليكم ورحمة الله.

12 من شهر صفر 1398 هـ ق‏

روح الله الموسوي الخميني‏


* صحيفة الإمام، ج‏3، ص: 283-285

2011-03-21