يتم التحميل...

الموضوع: واجبات النخبة المثقفة المسلمة

نداء

المخاطب: اتحاد الجمعيات الإسلامية للطلاب في أوروبا

عدد الزوار: 83

التاريخ: 24 بهمن 1356 هـ ش/ 5 ربيع الأول 1398 هـ ق‏
المكان: النجف الأشرف‏
المخاطب: اتحاد الجمعيات الإسلامية للطلاب في أوروبا

بسم الله الرحمن الرحيم‏

اتّحاد الجمعيات الإسلامية للطلاب في أوروبا- أيدهم الله تعالى‏

وافاني كتابكم الكريم المرفق بتقارير اجتماعات السنة الماضية والقرارات المتعلّقة بالسنة القادمة واوجب عليّ الشكر لكم.

إن هذا العام الذي نشهد فيه برغم دمويته ومواجهة الشعب الايراني لأقسى أنواع الوحشية التي يمارسها النظام البهلوي التي تذكّرنا بالعصور الوسطى مصاديق بارزة لضعف وتزلزل أركان الحكم الطاغوتي الهش. في هذا العام أدّى تضامن طبقات الشعب وشرائحه الواعية من رجل الدين والجامعي والخطيب والكاتب والتاجر والعامل والمزارع إلى زعزعة أركان النظام وتوتير أعصاب الشاه الخائن، فوجّه إليها ضربات بحيث هاجم بأسلوب وحشي الشعب الذي لا سلاح له إلّا الإسلام ولا ملجأ إلّا القرآن الكريم ولا شعار إلّا التوحيد.

كما هاجم حوزة قم العلمية حصن الوحي والعدالة الحصين ومعقل المسلمين المطالبين للعدالة، وهاجم أهالي مدينة قم الذين يُعدّون جنود الإسلام المضحّين والمدافعين عن القرآن. وأخيراً حاول الشاه بالهجوم على الفكر الشيعي المنقذ أن يخفف من الضغوط العصبية عليه ومن توتره.

وأكثر التصرفات فضيحة هي تلك الأبواق الدعائية والمظاهرات المصطنعة التي نظّمها عدد من رجال الأمن الانتهازيين وعدد من الذي ن أُجبروا على المشاركة فيها في حين قد اعترفت الإذاعة الموجّهة صراحة بأن أكثر من سدس المدعويين إلى مظاهرات السادس من بهمن لم يشاركوا فيها، ويعرف الجميع أن هذا الادعاء واه ومبالغ فيه، وليس بين الشعب المسلم من يوافقه ولا يمكن للشعب أن يوافقه.

ان مجرماً يخالف جميع الشعائر المذهبية وجميع الظواهر الإسلامية لا يمكن أن يكون له موافق بين المسلمين. إنّ مجرماً يصرّح بأن الدين ليس له دور في حكومته كيف يمكنه أن يجد له موافقين. ان هذا الرجعي الذي يعبد الأوثان القديمة رأيناه يلاطف الزرادشتيين ويحترمهم، ويؤيد عبّاد النار وعبادتها في سفرته الأخيرة إلى الهند، ويغيّر تاريخ الإسلام الراقي والقيم من أجل اعتقاداتهم الرجعية لا يمكن أن يجد له أنصاراً، إلا تلك الفئة التي تعبد الأوثان البالية القديمة.

يجب على الشباب المثقفين وعلى جميع طبقات الشعب اليوم أن يطبقوا ما يلي:

1- أن يكون الإسلام وأحكامه الداعية إلى العدالة هدفكم الأول، إذ إن الوصول إلى هذا الهدف مستحيل دون الحكومة الإسلامية العادلة، والتولي والتبري من أصول الإسلام الأساسية، فعليكم أن تتولّوا الحكومات العادلة والحاكم العادل، وأن تتبرؤا من الأنظمة غير الإسلامية التي يكون النظام البهلوي المنحط في رأسها، وعليكم أن تعلنوا مخالفتكم صراحة، وأن تسعوا للإطاحة به، وإلّا فلن تنعموا بالاستقلال والحرية.

2- عليكم أن تدعوا إلى الإسلام جميع الناس غير الإسلامية التي تخالف معتقداتهم وأعمالهم الإسلام، وتنزع إلى المدارس الفكرية الاخرى من أي نوع كانت، وفي حالة عدم قبولهم للاسلام يجب أن تتبرؤا منهم، أو أن تجتنبوهم في الأقل من أي صنف أو طبقة كانوا. وعلى الشباب أن يدركوا أن الإنسان مالم ينعم بالمعنويات وعقيدة التوحيد والمعاد، لا يمكن أن يضحّي بنفسه من أجل الأمة. وعليهم أن يعرفوا أن دعايات الشيوعية الدولية المستمرة كنظيرتها الامبريالية العالمية لا تهدف إلّا إلى خداع واستعمار الشعوب المستضعفة، ويجب أن تُكْسَرَ هذه الأبواق الاستعمارية.

3- على الشباب من رجال الدين والجامعيين أن يخصّصوا بعض أوقاتهم بمعرفة أصول الإسلام الأساسية التي في رأسها التوحيد والعدل ومعرفة الأنبياء مؤسّسي العدالة والحرية، منذ إبراهيم الخليل حتى الرسول الخاتم- صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين- وأن يبدأوا ذلك من معرفة فكرهم من القضايا المعنوية والتوحيد إلى تنظيم المجتمع ونوعية الحكومة وشروط الإمام وأولي الأمر وسائر الطبقات من الأمراء والولاة والقضاة وأصحاب الثقافة أي العلماء.

وكذلك تجب معرفة المسؤولين عن الضرائب الإسلامية وشروطهم والشرطة وموظفي الدرك، ويجب أن يعرفوا من هم الذين يختارهم الإسلام للحكومة ومن يختارهم كعمّال للحكومة ومن هم الذين يطردهم الإسلام من العمل الحكومي وغيره من الأعمال.

4- عليكم أيّها الطلاب الجامعيون وسائر الطبقات من رجال الدين وغيرهم ألّا تدخلوا آراءكم الشخصية في تفسير آيات القرآن الكريم وتأويل أحكام الإسلام وأسانيده- وأن تلتزموا بأحكام الإسلام بجميع ابعادها. وتأكدوا أنّ ما يصلح المجتمع من نشر العدالة وإبعاد الأيدي الظالمة وتوفير الاستقلال والحرية والقضايا الاقتصادية وتعديل الثروة بشكل معقول وعملي وعيني كل ذلك موجود في الإسلام بشكل كامل، ولا يحتاج إلى التأويلات البعيدة عن المنطق.

وعليكم أن تأخذوا الحيطة والحذر بكل وعي وتدقيق من الذين ليسوا ملتزمين بالاسلام، ويخالفونكم ولو في أصل من أصوله، وعليكم أن تدعوهم إلى الالتزام وإن لم ينفع ذلك، فما عليكم إلا أن تمنعوهم من المشاركة في اجتماعاتكم وجمعياتكم الإسلامية، ولا تظنوا كثرة العدد تُقرِّبكم إلى الهدف، ويمكن الاستغناء عنهم بعد نيل الهدف. يجب أن تعرفوا، بل أنتم تعرفون أن الشرائح غير المسلمة أو غير الملتزمة بالاسلام ستطعن ظهوركم وستمنعكم من الوصول إلى الهدف، بل تقضي عليكم، اعتبروا بالتجارب القديمة.

5- يجب أن تكون برامج ومنشورات جميع التيارات معتمدة على الإسلام والحكومة الإسلامية بكل شفافية. وأن يكون في مقدمتها الإطاحة بالطاغوت وعملائه وأحد العملاء في بلادنا هو الحكم‏ البهلوي العميل، وعلكيم أن تتجنبوا مطالبات تؤدي إلى تأييد حكم الطاغوت البهلوي، مثل ما نشاهده في كتابات بعض الأحزاب وتصريحات البعض إذ يقولون: إنّ الهدف هو العمل بالدستور.

وعليكم أن تتحدّثوا في منشوراتكم وخطاباتكم بكل صراحة- وفي حالة التعذر بشكل غير صريح- عن مركز الظلم والجرائم والخيانات الاصلي الذي هو الشاه نفسه، وأن تعرضوه على الناس.

ولا توجّهوا السهام إلى المأمورين أو الحكومة والسلطات الأخرى، فيتسبب ذلك في إبعاد المجرم الأصلي، وعليكم أن تنبّهوا الكتّاب والخطباء على هذا الأمر.

6، يجب التذكير بأعمال الشاه المخالفة للاسلام اللاإنسانية في أية فرصة وفي جميع المنشورات الحزبية وغير الحزبية وفي الخطب والمظاهرات. ويجب الحديث بتغيير التاريخ الإسلامي الذي هو إساءة إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والى الإسلام والمسلمين وانكفاءٌ الى الزرادشتية ومخالفة للاسلام والتوحيد. يجب فضح هذا العنصر الخائن، ولا يغفل أحد عن ذكر جرائمه، يجب تخليد (15 من خرداد) و (19 من دي) حتى لا ينسى الناس جرائم الشاه، وأن تعرف الأجيال القادمة جرائم الملوك السفّاكين.

7- اني ا ثمّن ما ورد في جدول الاتحاد، فقد أدرجتم فيه تضامن جميع الطلاب المسلمين في أي مكان كانوا سواء في أميركا أو كندا أو الهند أو الفلبين وبقية الأماكن حيث تنوون بوحدة وبانسجام القيام بنشاطاتكم الإسلامية- الإنسانية وأرجو من الله التوفيق للجميع.

تجب إقامة قواعد إسلامية لتعريف الاسلام ونشر حقائقه المنقذة في جميع أرجاء العالم إذا توفرت الإمكانية لذلك، ويجب أن تعمل بإشراف تنظيم منسق لنشر العدالة وقطع أيدي الظالمين والناهبين. ويجب تنبيه شبابنا المخدوعين والكشف عن انحرافات المدارس الفكرية الأخرى وتعريفهم النظام الإسلامي ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا1.

8- يجب نشر نشاطاتكم ومنشوراتكم في ايران خاصة في حوزة قم العلمية الحية وفي الجامعات الواعية، ليتكاتف أبناء الشعب في الداخل والخارج، ويحيا الأمل في قلوبهم بهذا التعاون، وتتوحد أصواتهم، ويتعاونوا بعضهم مع بعض. كما يجب تأسيس قواعد في الداخل للعمل المشترك حسب الإمكانيات المتاحة، فهذا العمل سيؤدّي لا محالة إلى تعزيز معنويات الجميع، وإرباك العدو وزلزته معنويّاً.

9- يجب أن تدعوا بكل وعي وبعد تدقيق النظر إلى تقويم أسلوب ومنهج اعضاء الجمعيات والتنظيمات، حتى لا يجد المشبوهون والمنحرفون أو من يشك في انحرافهم طريقهم إلى هذه الجمعيات والتنظيمات، وفي حالة نفوذهم يجب طردهم، ويجب أن تتصوروا العدو دوماً في حالة اليقظة ولا تظنوا أنه غافل، ويهمل الأمور، وذلك لكي لا تتساهلوا في أمر الرقابة.

10- اجتنبوا الخلافات إطلاقاً، فهي كالسرطان ينتشر بين جميع الشرائح، ويشل النشاطات، وينسي الهدف، وكثيراً ما يؤدّي إلى تغيير الطريق، وقد يتحول الهدف إلى ضده. إن من يسبّبون الخلافات أو يزيدونها يجب طردهم، لأنّهم إمّا خبثاء، وإما مكلّفون هذه المهمة. وإذا كانت هنالك جمعيات تقوم بنشاطات إنسانية وإسلامية ولم تنضم اليكم، فلا تخالفوهم، لأن نتيجة ذلك هي الاختلاف والضرر اللذان يصيبان الجميع. حاولوا أن تتضامنوا معاً بالإرشادات الأخوية، ويجب‏ التعاضد والأخوّة، لأنّ الهدف مشترك، ولأن الهدف هو الإسلام يجب نبذ الأهواء النفسانية وحب السيطرة والسبق.

11- يجب على رجال الدين والجامعيين الحرص على مراعاة الاحترام المتبادل بينهما، وعلى الشباب الجامعيين المثقفين أن يحترموا رجال الدين، لأن الله- تعالى- قد احترمهم، وأوصى أهل البيت- عليهم السلام- الناس بذلك.

إن رجال الدين قوة عظيمة إذا تلاشت- لا قدّر الله ذلك- فإن الأعداء الجبابرة لن يجدوا معارضاً لهم، ودراسات الأجانب المستعمرين طوال التاريخ أثبتت لهم ضرورة كسر هذا السد المنيع وقد نجحت دعاياتهم المستمرّة ودعايات عملائهم في القرون الأخيرة في الفصل بينهم وبين المثقفين، بل نجحت في إعطاء نظرة سيئة عنهم، وذلك لكي لا تجد جبهة الأعداء من يعارضها. وإذا كان فعلًا بينهم من لا يصلحون لذلك، فعامتهم يُواصلون خدماتهم ومواقفهم وخدماتهم برغم اختلافها دفعت الناس إلى الالتزام بأصول الدين وفروعه.

وعلينا برغم الأجانب وعملائهم أن نحفظ هذه القوة، وأن نحترمها، كما يجب على رجال الدين المحترمين أن يحترموا الطبقة المثقفة من الشباب التي تخدم الإسلام والبلد الإسلامي مجابهة هجوم عملاء الأجانب، وأن يروهم أبناءهم الأعزاء واخوانهم الكرام حتى لا يخسروا هذه القوة الكبيرة التي- ستتولى مسؤولية البلاد- أبينا ذلك أم شئنا- وأن لا يعيروا الدعايات المضادّة لهذه الفئة خلال القرون الأخيرة اهتماماً، فقد شُوِّهت صورتهم ابتغاء المزيد من التفرقة، وأن يطردوا من يحاولون عن جهل أو خبث إبعاد هذه الطبقة المؤثّرة من رجال الدين وألا يسمحوا لهم بالتفرقة، وأن يتأكدوا أن انضمام هاتين القوتين الكبيرتين إحداهما الى الأخرى سيحقق انتصاراً كبيراً لن يحلم به أحد في حالة التفرقة.

12- على طبقة الشباب من رجال الدين والجامعيين أن يواصلوا تحصيل العلم كل في بيئته العلمية، وما نسمعه عن بعض الشباب هذه الأيام عن عدم جدوى العلم وفائدته يبعث على الحزن، وهو من المسائل التي تبعدهم عن الطريق الصحيح، وهو إما صادر عن البعض بسبب الجهل، وإمّا صادر عن الجهات الطاغوتية الشيطانية بسوء نية، فهم يريدون بذلك صرف طلاب العلوم الدينية عن مواصلة دراستهم الإسلامية، حتى تُتْرك أحكام الإسلام وتُنسى في النهاية، وتزول آثار الدين بأيدينا، وأن يربوا شبابنا الجامعيين تربية طفيلية معتمدة على الاستعمار، ليكون الناس كالبضائع المستوردة، فتزداد الحاجة إلى الأجانب في جميع الشؤون والفروع العلمية وهذا خطر عظيم يدفع بالبلد إلى القهقرى. لولا المتخصصون في العلوم الدينية، لكانت آثار الدين قد زالت حتى اليوم. ولو لم يظهر متخصصون في هذا المجال، لانهار هذا السدّ العظيم أمام الأجانب، وتمّ فتح الطريق للمستعمرين. وإن خلت الجامعات من الرجال المتخصصين، سيطر الأجانب المصلحيون على جميع البلاد كالسرطان، وأخذوا زمام شؤوننا الاقتصادية والعلمية بأيديهم، وقاموا بإدارتها.

على الشباب أن يتصدّوا لهذه الفكرة الاستعمارية الخاطئة، وأفضل وأنجع طرق التصدي للأجنبي هو التزوُّد بسلاح العلم الديني والدنيوي، وترك هذا الخندق والدعوة إلى رمي هذا السلاح خيانة للاسلام والبلد الإسلامي.

إنني أمدّ يدي بكل تواضع إلى جميع التيارات التي تخدم الإسلام، وأطلب منهم أن يسعوا للتضامن الشامل لنشر العدالة الإسلامية التي هي الطريق الوحيد لإسعاد الشعب. وأطالب التيارات التي تأثّرت بالدعايات المضادّة للاسلام من قبل الأجانب، ولم يدرسوا القوانين الإسلامية بجميع ابعادها دراسة صحيحة أن يعيدوا النظر في عملهم، وأن يدرسوا الإسلام العظيم الشامل دراسة دقيقة بعيدين عن سوء النية أو التعصب، وينبذوا المدارس الفكرية الاخرى بعد الالتزام بعقائد الإسلام، وينضموا الى جماعة المسلمين، ويصدوا الأجانب وعملاءهم الفاسدين عن التدخل في شؤون البلاد ويطردوهم من بلادهم. أرجو من الله- تعالى- توفيق الجميع في خدمة الإسلام والمسلمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج‏3، ص: 289-293


1-  سورة المائدة، الآية 32.

2011-03-21