التاريخ: 19 ارديبهشت 1357 هـ ش/ 21 جمادى الأولى 1398 هـ ق
المكان: النجف الأشرف
المناسبة: ارتكاب النظام المجازر في مدن البلاد المختلفة في مراسم الأربعين لشهداء تبريز
المخاطب: الشعب الايراني
بسم الله الرحمن الرحيم
21 جمادى الأولى عام 1398 هـ ق
السلام والتحية على المؤمنين المحترمين في يزد وسائر المدن التي احتفلت بأربعينية شهداء تبريز. اننا مع الأسف نقيم المآتم إثر المآتم بل إنّ المآتم استمرت خلال خمسين عاماً في هذا العهد الأسود والحداد لهذا الشعب العظيم. وذلك بالحوادث التي جرت خلال خمسين عاماً من الكبت والقتل والحبس والنفي وإنّ خير ما قدّمته هذه السلالة هو الإفلاس الأخلاقي والثقافي، فقد أبقت على التخلف، ونجحت في إفساد شبابنا- والحق يقال- مؤدية المهمة على أحسن وجه. اننا نحزن لنهب مصادر طاقاتنا الكامنة تحت الأرض كما نقيم الحداد على مصادر طاقاتنا الموجودة فوق الأرض وهي شبابنا، ويجب أن نقيم العزاء بالانقلاب العسكري البريطاني على يدي رضا خان والانقلاب العسكري الأمريكيّ بيد محمد رضا خان.
فالشاه وعملاؤه يرون أهالي تبريز المحترمين الذين ثاروا جميعاً، وهتفوا بشعارات (الموت للشاه)، وهزوا الأرض تحت أقدامهم جماعة من الأجانب الذين دخلوا الحدود من خارجها بشكل غير شرعي.
وكذلك أنتم يا أهالي يزد، فإن ما قمتم به من ثورة شجاعة أدّت إلى إغلاق المحالّ ورفع شعار (الموت للشاه) المعروف، وزدتم بذلك من جنون عميل أميركا لم تكونوا إلا عدداً من الذين دخلوا يزد بشكل غير شرعي أيضاً. إنّ أهالي ايران من الشرق إلى الغرب ومن الشمال الى الجنوب وهم يعلنون كرههم للشاه ليسوا ايرانيين، بل دخلوا جميعاً في هذا البلد بشكل غير شرعي.
وهذا المنطق يرى أن الايراني هو الشاه وأعوانه وعدد من المستشارين والموظفين الأمريكيين والبريطانيين والروس والصهاينة الناهبين الذين سيطروا على الاقتصاد الايراني. ولأننا نواجه مثل هذا المنطق لا يمكننا الكف عن المقاومة، حتى استئصال جذور الحكم الملكي الرجعي وإقامة الحكم الإسلامي العادل حتّى تحل الحكومة الديمقراطية الحقيقية محل الديكتاتوريات وسفك الدماء.
ولنيل هذه الغاية الإنسانية والإسلامية يجب على كافة الطبقات أن تهبّ في صفوف موحَّدة آخذة بعين الاعتبار الظروف الزمانية والمكانية، وأن ترفع شعاراتها، وأن تتجنب وضع الشعارات التي تؤدّي في النهاية الى تثبيت دعائم الحكم الشاهنشاهي وتجاهل الدماء التي سُفِكت من غير حق لأبناء هذا الوطن، وأن تصوّب نحو هدف واحد هو الشاه، وأن تسمع العالم أصواتها مستنكرةً هذا الحكم الرجعي. وعلى الزعماء أن يوجّهوا الشعب، ويدعموه في طريقه، فإنّه عرف العدو وقام بثورته، وألا يحرفوا الشعب عن طريقه الصحيح الذي اختاره في هذه المرحلة الحسّاسة بأعمالهم الخاطئة. لقد هبّ الشعب الشجاع اليوم بعد معرفة طريقه وقطع الطريق على من يأتون بالحجج الواهية للهروب من المشاركة، ولا يقبل الشعب عذراً من أحد، ولن يقبل الله- تعالى- عذراً من أحد أبداً.
هل يعلم هؤلاء الذين يتذرعون بالذرائع المختلفة، ويواصلون صمتهم بل يأمرون أحياناً بالصمت، ما هي التطورات التي ستحدث لاحقاً؟ هل قرأوا جريدة (اطلاعات) رقم 15575 التي نشرت ورقة شكر قدمها الزرادشتيون إلى الشاه جاء فيها: ان المجتمع الزرادشتي فيالعالم يرى من واجبه تقديم الشكر والعرفان للشاه وشعر بالمسؤولية لذلك، لأن أحداً لم يعمل من أجل إحياء وحفظ التاريخ والثقافة والدين الزرادشتي، ولم يقدم الدعم لهم، كما فعل الشاه، وذلك منذ أن هاجر الباريتون الأرض الايرانية.
أعَلِمَ هؤلاء أن تغيير التاريخ الإسلامي إلى تاريخ المجوس كان إحياء للزرادشتية ومذهبها ومعابد نيرانها على حساب الإسلام؟ ألهم عِلم أنّه قال في لقاء خارج البلاد: (إنّه ليس للمذهب دور في حكومتي)؟
اليوم وبعد ممارسة الوان الكبت وسلب الحريات بأشكاله المختلفة وممارسة الضغوط التي لا تطاق، فإن ايران الواعية على اعتاب انفجار عظيم، وتمضي قدماً بخطى حثيثة. لقد سلب النظام الظالم باعصابه المتوتّرة الشعب الايراني جميع حقوقه وذلك بمواصلة القتل والنهب في المدن المختلفة مثل جهرم والاهواز وبالاعمال التخريبية وتفجير منازل الأحرار والسرقة والضرب واصابة المقاومين في العلن. وكذلك بالهجوم الوحشي لفرقة الانتقام1 التي أسسها على الشباب المسلم في الجبال وفرض الضرائب التي لا تطاق على التجّار والملتزمين انتقاماً منهم للمشاركة في الإضراب العام.
على جميع من يعلمون حالة هذا الشعب المظلوم منذ خمسين عاماً ويهتمون بمصير ايران من العمال والمزارعين والطلاب في الحوزات الدينية وطلّاب الجامعات ورجال الجيش والاداريين أن يعلموا أن نيل الحرية يكمن في الإطاحة بالشاه وسلالته، فهو العدوّ الرئيس لهذا الشعب، وهو أساس المصائب، وافتراضه نيل الراحة بهذا الشعب الذي خسر كل شيء على يديه دون الاطاحة به والانتقام منه وهم باطل.
أرجو من الله- تعالى- وحدة المسلمين وخاصة الشعب الايراني العظيم كما أرجو قطع أيدي الأجانب وعملائهم. والسلام على من اتبع الهدى.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج3، ص: 329-330
1- وهي فرقة أسسها السافاك كانت تهدف إلى وقف الحركة الإسلامية برعب المناضلين وضربهم والإساءة إليهم، وزرع القنابل في منازلهم.
2011-03-21