التاريخ: 12 ارديبهشت 1342 هـ. ش/ 8 ذي الحجة 1382 هـ. ق
المكان: مدينة قم
المناسبة: مرور اربعين يوماً على شهادة المظلومين في الاعتداء على المدرسة الفيضية
المخاطب: المسلمون في ايران والعالم
لقد مضي اربعون يوماً على قتل وضرب وجرح اعزائنا .. اربعون يوماً وأسر قتلى المدرسة الفيضية تندب أعزتها، فبالأمس جاءني والد المرحوم السيد يونس رودباري1 منحني الظهر وآثار عظم المصاب على وجهه الحزين، فبأي عبارات يمكن مواساة الامهات اللاتي ثكلن بأبنائهن، والآباء المغمومين، ينبغي لنا تقديم التعازي الى نبي الاسلام- صلى الله عليه وآله-، وإمام العصر- عجل الله تعالى فرجه-.
اننا من أجل هؤلاء الاجلاء تلقينا الصفعات، وفقدنا شبابنا، وليس لنا ذنب سوي الدفاع عن الاسلام واستقلال ايران .. اننا أهنّأ كلّ هذه الاهانات ونُهان من اجل الاسلام، وها نحن أولاء مستعدون للسجن والتعذيب والاعدام .. دعوا النظام المتجبّر يفعل ما يشاء من ممارسات غير انسانية، فيكسر أذرع وأرجل ابنائنا، ويطرد مرضانا من المستشفيات، ويهددنا بالقتل، وهتك الاعراض، ويهدم مدارس العلوم الدينية، ويشرّد حمامات حرم الاسلام عن اعشاشها.
اننا لم نتمكن خلال الاربعين يوماً هذه من إحصاء القتلى والجرحى والذين نهبت ممتلكاتهم بدقة، فلا نعلم عدد الذين دفنوهم، وعدد من هم في غياهب السجون، وعدد الذين يعيشون في الخفاء. مثلما لم نعلم، برغم انقضاء سنوات كثيرة، عدد قتلى مسجد (گوهرشاد) 2 الذين نقلوا بالشاحنات.
ان العقبة الكبري هي أن كل مركز حكومي يرجع اليه يقولون: ان ما حدث كان بأمر صاحب الجلالة. وليس بوسعنا أن نفعل شيئاً، الكل يقول، بدءاً برئيس الوزراء وانتهاء بمدير الشرطة وقائم مقام قضاء قم، الكل يقول: إنه أمر جلالة الملك.. يقولون: إن الجرائم التي شهدتها المدرسة الفيضية كانت بأمر منه. فبأمر صاحب الجلالة طردوا المرضى من المستشفيات، وبأمر منه ستقتحم القوات الخاصة والمومسات، منازلكم وتقتل وتنهب، إذا ما بدت منكم اية ردّة فعل لبرقية سماحة آية الله الحكيم.. بأمر من صاحب الجلالة ومن غير تصريح قانوني، نلقي القبض على طلبة العلوم الدينية، ونسوقهم الى الجندية .. بأمر من صاحب الجلالة! نقتحم الجامعات، ونسحق الطلبة. إن ازلام السلطة ينسبون خرق القانون هذا كله الى الشاه، فان صح ذلك، فلتُقرأ الفاتحة على الاسلام وعلى ايران وعلى القانون. وإن لم يكن صحيحاً، وكان هؤلاء يفترون على الشاه ارتكاب كل هذه الجرائم والتعدي على القانون وارتكاب الافعال المنافية للانسانية، فلماذا لا يدافع الشاه عن نفسه كي تتضح مسؤولية الشعب إزاء الحكومة ويتعرف العناصر المسؤولة عن الجرائم، ليلقنها درساً لن تنساه جزاء اعمالها في الوقت المناسب؟
لقد نوّهت كراراً بأن لدى هذه الحكومة 3 نوايا سيئة، وهي تعارض احكام الاسلام، والشواهد على ذلك تتضح الواحد بعد الآخر، فقد كشفت وزارة العدل عن معارضتها لاحكام الاسلام الحقة بمشاريعها ومحاولة إلغاء الاسلام والذكورية من شروط القضاء، إذ ينبغي أن يتحكم- من الآن فصاعداً- بنفوس المسلمين واعراضهم، اليهود والنصارى واعداء الاسلام والمسلمين. إنّ منطق هذه الحكومة وبعض اعضائها يتلخص في محو الاسلام، فما دام زمام الامور بيد هذه الحكومة الغاصبة الطاغية، لن يذوق المسلمون طعم السعادة.
لست أدري، هل كل اساءات الأدب هذه وكل هذه الجرائم، هي من اجل نفط قم؟ وهل ينبغي للحوزة العلمية أن تذهب ضحية للنفط، أو أن تذهب ضحية من أجل إسرائيل، إذ يروننا عقبة تمنع تحالفهم مع اسرائيل على الدول الاسلامية؟
مهما يكن، لابد من القضاء علينا والتضحية بالاسلام واحكامه وفقهائه، فالنظام الغاشم يتصور أن هذه الاعمال غير الانسانية والضغوط يمكن أن تصرفنا عن اهدافنا في منع الظلم والاستبداد وانتهاك القوانين، وصون حقوق الاسلام والشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية التي هي غاية الاسلام السامية.
اننا لا نخشى تجنيد أبناء الاسلام، فليذهب شبابنا الى المعسكرات، ويربّوا الجنود ويعملوا على توعيتهم، فليكن بين الجنود أفراد أحرار ذوو ضمير متنور، فربما تنال ايران العزة والحرية بمشيئة الباري- تعالى.
نحن نعلم أن عدداً من قادة الجيش الايراني المعظم، وضباط الصف المحترمين، ورجال الجيش الشرفاء، يشاركوننا هذه الاهداف، ومستعدون للتضحية من اجل عزة ورفعة ايران.. انني على علم بأن ضباط الصف من اصحاب الضمائر الحية غير راضين عن هذه الجرائم والممارسات الوحشية.. إنني على علم بالضغوط التي تمارس عليهم وآسف عليها. إنني أمدّ لهم يد الاخوّة لانقاذ الاسلام وايران وأنا على ثقة أن ضمائرهم تعذّبهم بسبب الإذعان لاسرائيل، وأنهم غير مستعدين لرؤية ايران تداس بجزمات اليهود.
انني أعلن لرؤساء الدول الاسلامية والعربّية وغير العربية أنّ علماء الاسلام وزعماء الدين والشعب الايراني المتدين وجيشه النبيل هم اشقاء للدول الاسلامية وشركاؤهم في السراء والضراء، وأنهم يبغضون التحالف مع اسرائيل عدوة الاسلام وعدوة ايران، وقد اعلنت ذلك بكل صراحة فليأت عملاء إسرائيل وينهوا حياتي.
انني أرى من المناسب أن يلفت الشعب المسلم- في ايران وغيرها- الانظار الى المصائب التي حلت بالاسلام والحوزات الاسلامية، في ذكرى مرور اربعين يوماً على فاجعة الاسلام العظيمة، وليقيموا- اذا ما سمح ازلام السلطة بذلك- مجالس العزاء، ويلعنوا مسبّبي هذه المصائب والفجائع.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج1، ص: 197,198,199
1- احد طلبة العلوم الدينية الشباب الذي استشهد اثناء اعتداء جلاوزة النظام على المدرسة الفيضية.
2- اشارة الى المجزرة الوحشية التي ارتكبت في مدينة مشهد( 21 تير 1314)، إثر الاحداث التي رافقت فتنة السفور خلال عهد رضا خان.
3- حكومة اسد الله عَلمْ.