يتم التحميل...

الموضوع: الغاء المصادقة على لائحة مجالس الاقاليم والمدن‏

خطاب

الحضور: جمع من اهالي طهران‏

عدد الزوار: 175

التاريخ: 9 آذر 1341 هـ. ش/ 2 رجب 1382 هـ. ق‏
المكان: مدينة قم‏
الحضور: جمع من اهالي طهران‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ
بعد الاطلاع على اصدار الحكومة قرار تعلن فيه امكانية تنفيذ لائحة المجالس المحلية، اطمأنت بانتهاء القضية. ولكن انتابني الخوف من احتمال أن يكون قرار الحكومة مكيدة، وأنها تسعى به الى إقناع العلماء فحسب بصرف النظر عن اقامة الاجتماع الديني المهم الذي كان مقرراً له أن يقام في مسجد السيد عزيز الله. ومثل هذه الشكوك ما زالت قائمة الآن أيضاً، ذلك أن الحكومة لم تلتزم الوعود التي قطعتها للعلماء بإعلان الإلغاء من الأذاعة وفي الصحف. لقد انتابهم الرعب من اجتماع طهران فحسب. انهم يتصورون أن اقامة مثل هذا الاجتماع سيكلفنا الكثير مثلما يفعلون هم اذا ما ارادوا أن يقيموا اجتماعاً ما، حيث ينبغي لهم صرف آلاف التومانات كي يتسنى لهم جمع عدة اشخاص .. لا، ليس الأمر هكذا بالنسبة لنا.

الناس تصغي للعلماء وتطيعهم. واذا ما أشار العلماء الى اجتماع عامة المسلمين خارج طهران، فسوف يستجيبون لذلك، ويعطلون أعمالهم. فالمسلمون غير مستعدين للتخلّي عن القرآن وتجاهل المخاطر التي تحيق بدين الله بسبب انشغالهم بأعمالهم ومكاسبهم.

الاجانب يرمون الى هدم القرآن وتدمير بلاد المسلمين‏

اقتصرت جهودنا حتى الآن على تقديم النصح للحكومة والتحرك السلمي، غير أن الحكومة تحاول خداعنا، ولتعلم الحكومة أن علماء الاسلام ذوو اطلاع وخبرة، فالانسان البصير المتدين ليس بوسعه أن يرى الاخطار تحيق بالقرآن والدين ويجلس ساكتاً. والمسلم الذي يحتمل- ولو واحداً بالألف- أن القرآن في خطر، يجب أن لا يقر له قرار. لقد نهبوا ممتلكات الناس، فتحملوا نهبهم، نهبوا الثروات فصبروا، وهاهم أولاء اليوم يتطاولون على القرآن وعلى نواميس المسلمين ..

ان محافظات البلاد التي يجب أن يديرها المسلمون ويحفظوها، يريد هؤلاء بالمصادقة فيه على لائحة المجالس المحلية وإلغاء شرط الاسلام من الناخبين والمرشحين، أن يضعوا مقدرات المسلمين بأيدي غير المسلمين من قبيل اليهود البهائيين. واذا ما وقعت محافظات هذه البلاد بأيدي غير المسلمين، فمن الممكن أن يسمع فيها من الحناجر الخبيثة لهؤلاء صوتاً غير القرآن، وآنذاك تتهددها اخطار كبيرة لا تنال الاسلام والقرآن فقط، بل ستزول هويتكم ووجودكم بالكامل، إذ سيًصادر اقتصاد البلاد وأسواقها وثرواتها، ويصبح كل شئ في مهب الريح.

أيها المؤمنون، احذورا وتيقّظوا، فالأجانب يتطلعون للقضاء على ايران وعلى بلاد المسلمين، ولن يروا عقبة غير القرآن. لقد دفعوا عملاءهم للقضاء على القرآن بكل وسيلة ممكنة، غافلين عن كم من دماء طاهرة أُريقت وكم من أرواح مقدسة أُزهقت كي يصل الى ايدي المسلمين.

اليوم يوم الجمعة، فكل أذن تستمع لهذا النداء عليها أن تنقله الى الآخرين. لابد من توعية الناس بما يدور حولها كي تعلن للحكومة رفضها وضع محافظات هذه البلاد تحت تصرف اليهود المتظاهرين بالبهائية. احذروا وتيقظوا، فالخطر عظيم والتكليف مهم، القرآن والدين الاسلامي لهما حقوق على الناس، وأداء مثل هذا الحق صعب. على أية حال، ليعلم اعداء الدين والبلد أنهم يقفون في مواجهة شعب لديه العلماء الواعون والتجار والنخبة المثقفة، ولا يمكن خداعهم. بل سيدافعون عن الاسلام وعن بلدهم بكل ما أوتوا من قوة.

يا إخوة الايمان، إن هؤلاء يتلاعبون بالمقدسات الوطنية والدينية، ويمارسون الضغوط على الصحف لنشر مقالات معادية للدين والمصالح العامة لأبناء الشعب .. لا حظوا كيف تتناول الصحف احداث السابع عشر من دي المفضوحة والعار التي ملأت رائحتها النتنة العالم، وكيف أنهم يفردون صفحات كاملة للدعاية للمشروبات الكحولية، ولا يكفون عن الحديث بمظاهر الشهوة والإثارة الجنسية في صفحات الجرائد والمجلات، وسوق المجتمع المسلم الى مستنقع الفساد الاخلاقي والجنسي، غير أنهم لم ينشروا كلمة واحدة عن قوانين الاسلام والمشاعر العامة للمسلمين.


مؤامرة النظام ضد علماء الدين‏

ان هؤلاء من اجل القضاء على الدين، جنّدوا عدداً من اعوانهم لارتداء زيّ رجال الدين، وقد فرضت منظمة الأمن على الصحف نشر صور هؤلاء وتعريفهم على أنهم مجموعة من المهرّبين وسيّي‏ء السمعة. ولا يخفى أنهم يريدون أن يشوهوا صورة علماء الدين بهذه الأساليب، ولكن عامة الناس حتى هم انفسهم يعلمون اكثر من غيرهم أن علماء الدين قانعون برغيف معيشتهم ويدافعون عن الاسلام وعن استقلال البلد وعن نواميس الاسلام والمسلمين، فهم مرفوعو الرأس مع انفسهم ولدى الرسول ولدى الله- تعالى. والمفضوحون والمفتضحون لدى الله وخلقه هم اولئك الذين يشيدون بعد ايام معدودة من الرئاسة والوزارة القصور ويؤدّوا الى تعاسة أبناء الشعب. الفضيحة تحيق بتلك العدة المعدودة التي حينما تفعل ... ويقيم الناس الاحتفالات. وأنا لا ادري اذا ما اندحر هؤلاء ماذا سيفعل ابناء الشعب من فرحتهم؟

حفظ كيان الاسلام وعلماء الدين‏

ومهما يكن فان علماء الاسلام لا يرضون اشاعة الفساد، واننا نعمل للحفاظ على القرآن وعلى بلدنا، ولن نتردد عن اتخاذ اية خطوة ضرورية في هذا السبيل.
لقد أبلغتنا احدى المجموعات أنها على استعداد للتضحية والموت في هذا السبيل، وقد قلت لهم: اذا رأينا قرآننا في خطر، كنّا نحن في الطليعة، ولن نسمح أن يتقدّمنا الناس، فلابد من قتلنا اولًا لينالوا من القرآن. (بكاء الحضور). لن نجلس مكتوفي الأيدي، لتأتي ثلة من أزلام النظام المتهرئ لتنال من كيان علماء الدين والاسلام، لينالوا من ديننا وقرآننا .. إننا مستعدون في كل الاحوال.

ولكن علينا أن نتكاتف، ونتضامن، ونضع يداً بيد، وأن لا نسمح لهذه السفينة بالغرق .. علينا أن لا نسمح لخونة الدين والبلد أن يفعلوا ما يحلولهم بكل حرية. وإن شاء الله لن نسمح لهم بذلك، ذلك أنهم سعوا حتى الآن، تحت عناوين مختلفة للتحايل وتنفيذ نواياهم المشؤومة، غير أنهم خابوا في مسعاهم، فمرة أمروا أزلامهم في مدينة مشهد قائلين لهم: اسحقوا الشعب، لتنتهي القضية: لعلّهم عن هذه الخديعة يحولوا دون نهضة الشعب. إلّا أنهم أخفقوا في ذلك.

تحذير الشاه‏

اننا حتى الآن حاولنا مماشاة هؤلاء، واكتفينا بالنصيحة والتذكير، ولم نسمح للجماهير أن تغضب، وهي اذا ما خرجت من بيوتها غاضبة، جعلت الأمر بصورة اخرى، فيومئذ سيلقي الجندي حربته لمصلحة الاسلام، والشرطي بندقيته. وحينها لن يبقى قصر ل- (عَل- م)، ولا قصراً لمن هو اكبر منه.

إنني لعدم ارتباطي بالشاه، أُوجّه له نداءً شفهياً، مذكراً إيّ- اه بأن الاخطار تحيق بالبلد، وأن يأمر عَلَم بالالتفات الى مطالب الشعب أو الاستقالة، كي يتسنى لنا التفاوض مع الجماهير. واذا اصرّ على عناده، فليعلم أن ليس بوسع عدة معدودة معاندة شعب بأسره.

وفي الختام أقول: إنني مضطر للتذكير بهذه الملاحظة وهي: ان الاجانب واعداء الدين والبلد، الذين يرون مصالحهم في القضاء على القرآن والدين، كانوا يتصورون حتى الآن أنهم أحرار في تنفيذ نواياهم البليدة ولا قوة تعترض سبيلهم، غير أنهم ادركوا بهذه النهضة أن علماء الاسلام والمسلمين أحياء ويقظون وسيقفون بكل ما أوتوا من قوة في وجه اعتداءاتهم وتجاوزاتهم. ولذلك كانوا كالأفعي الجريحة يتربصون للانقضاض على المسلمين في اول فرصة وافراغ سمومهم في الاسلام والمسلمين.

ولكن، عليكم أن تكونوا يقظين، واعملوا على رصّ صفوفكم رصّاً حكيماً، واجعلوا الذود عن القرآن أحد أعمالكم اليومية، واعلموا أن هذا القرآن أمانة الله تعالى والرسول، وقد وصل الينا بفضل تضحيات أعزة الرسول والرجال الربانيين، وعلينا المحافظة على هذه الأمانة بكل ما أوتينا من قوة، وأن نسلّمها للأجيال المسلمة من بعدنا. إننا نقف في محضر الربوبية، فإذا ما تقاعسنا كنّا مقصّرين في محضر الحق- تعالى. إنكم بمنزلة إخوتنا وأبنائنا. ونحن ننشد خيركم، وعددكم كبير ومنزلنا صغير لا يتسع لكم، فأنتم في ضيق وزحمة، حتى اننا لم نتمكن من القيام بواجب الضيافة. ولذا أدعو لكم ولجميع المسلمين في هذه الأمسية من يوم الجمعة .. لينعم الله- تعالى- عليكم جميعاً بخير الدنيا والآخرة ..

اللهم أعز الاسلام وأهله، واخذل الكفر وأهله، اللهم اخذل من خذل الاسلام والمسلمين، اللهم اجعل كيدهم في تضليل. اللهم أرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجّيل. اللهم اجعلهم كعصف مأكول.


* صحيفة الإمام، ج‏1، ص: 121-123

2011-04-01