الالتزام بالتكليف
ربيع الثاني
إن الإسلام لم يحدد للإنسان المسلم أهدافه التي عليه تحقيقها ويتركه يتبع الأسلوب الذي يرتئيه لتحقيق هذا الهدف، بل تدخل في أسلوب تحقيق الأهداف أيضاً، من هنا كانت حياة المؤمن كلها لله تعالى، بما فيها من أهداف ووسائل وطرق...
عدد الزوار: 285نور الأسبوع: الالتزام بالتكليف
لا يطاع الله من حيث يعصى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام:162).
إن الإسلام لم يحدد للإنسان المسلم أهدافه التي عليه تحقيقها ويتركه يتبع الأسلوب الذي يرتئيه لتحقيق هذا الهدف، بل تدخل في أسلوب تحقيق الأهداف أيضاً، من هنا كانت حياة المؤمن كلها لله تعالى، بما فيها من أهداف ووسائل وطرق... وهذه الميزة التي تحدث عنها أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: " والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة، ولكل غدار لواء يعرف به يوم القيامة ".
فالمؤمن كما يكون هدفه لله تعالى فكذلك عمله ووسيلة الوصول لهدفه لا يمكن أن تكون إلا لله تعالى فإن الله تعالى لا يطاع من حيث يعصى. وهذا ما أصر عليه أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: " أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ لا والله لا أفعل ما طلعت شمسٌ ولاح في السماء نجم..." لذلك لا بد للعامل أن يتعرف على طريقة طاعة الله تعالى في عمله والحدود والأحكام الشرعية لهذا العمل، والتي يمكن إرجاعها إلى العناوين التالية:
1- الالتزام بالقوانين:
لكل عمل منظم قرارات وقوانين خاصة يجب احترامها والالتزام بها من قبل العاملين، لأن هذه القوانين هي التي تضمن التنسيق والتكامل ومن خلالها يتم تفعيل الطاقات واستثمارها بالشكل الصحيح، يقول الإمام الخامنئي (حفظه الله ) متحدثاً عن الالتزام بالنظام في الحكومة الإسلامية: " من الأمور الواجب اتباعها الحفاظ على النظم والقوانين الصادرة فمراعاة القوانين والأوامر ليست ظلماً، بل إن لهذه الطاعة قيمة سامية"
2- العمل ضمن الصلاحية:
إن من لوازم التنظيم تقسيم الأعمال والمهام واعطاء صلاحيات لكلٍ حسب المهام المطلوبة منه، فمن مؤديات التنظيم تقسيم الأعمال، وتقسيم الأعمال يعني تحديد الصلاحيات، فلذلك يجب مراعاة الصلاحية بشكل كامل، لتحصل الترجمة العملية للتنظيم.
والعمل بغير صلاحية وإن كان هدفه صحيحاً لكن وسيلته غير صحيحة وهو أشبه بالذي يسرق ليتصدق ! من هنا لا بد للعامل أن يتعرف على صلاحياته ويقف عندها ولا يتعداها، فعن أمير المؤمين عليه السلام: " هلك من ادعى وخاب من افترى،... " ( نهج البلاغة الخطبة 16).
3- طاعة الأوامر العليا:
ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الأمر فإنه نظام الإسلام " فالنظام الذي يكفل الترابط والتوحد والقوة كل ذلك يمثله طاعة الولي ضمن آلياته التي أمضاها، وهذه الطاعة هي التي تحقق النصر والعزة والفلاح، يقول تعالى:﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
وقد كانت تجربة عدم الطاعة مريرة جداً في زمن أمير المؤمنين عليه السلام، ذلك القائد العظيم يقف أمام جيشه وقد خيبوا آماله ليقول لهم: "قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظاً... وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراساً وأقدم فيها مقاماً مني ؟!... ولكن لا رأي لمن لا يطاع" (نهج البلاغة ج 1 صفحة 70 الخطبة 27).
فالمشكلة في حكومته عليه السلام لم تكن في النظام، فهل يوجد أفضل من الإسلام العظيم نظاماً ؟! ولا كانت في القائد، وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام بنفسه القائد لهم، بل المشكلة كلها كانت في عدم الطاعة، فعدم الطاعة قادرة على إفشال أكثر المشاريع إتقاناً وأهمية !
وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين
2011-03-16