يتم التحميل...

يوم الشهيد

ذو الحجة

نعزّي صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف والإمام الخامنئي دام ظله الوارف وكل المجاهدين، في ذكرى استشهاد الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن على شهدائنا بالرحمة وعلو الدرجات، وعلى المجاهدين في المقاومة الإسلامية بالنصر المؤزر.

عدد الزوار: 58

المناسبة: يوم الشهيد


نعزّي صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف والإمام الخامنئي دام ظله الوارف وكل المجاهدين، في ذكرى استشهاد الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن على شهدائنا بالرحمة وعلو الدرجات، وعلى المجاهدين في المقاومة الإسلامية بالنصر المؤزر.

الشهادة هي إنجاز إنساني يقوم على أساس اعتناق قضية تتجاوز الشخص والعائلة والمصالح الخاصة، لتكون قضية التزام لمصلحة الدين والأمة، وهي اختيار إلهي رباني، حيث ينظر الله إلى عباده المؤمنين والمجاهدين في سبيله فيختار منهم الأصفى سريرةً، والأنقى طهارةً، والأكثر إيماناً وإخلاصاً، والأشد حباً لله، فيتخذه شهيداً وخليلاً وحبيباً ورفيقاً في المحل الأعلى، حيث لا عَينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشر.

والشهادة هي أشرف الموت، وأرفع البر، وأفضل الرزق، وخير الختام، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " فوق كل ذي برٍّ برٌ، حتى يُقتل الرجلُ في سبيل الله، فإذا قُتل في سبيل الله عز وجل فليس فوقَهُ برّ " و " إنَّ أشرفَ الموت قتلُ الشهادة ".

ولذلك فإن أعظم شرف وأعظم وسام يمكن أن يحصل عليه إنسان ما هو أن يكون شهيداً، أو أن يكون حياً ينتظر الشهادة، ويحمل إرادتها ومشروعها، ويسعى نحوها، ويندفع إليها كاندفاع ذلك الصحابي الذي كان في يده قبضة من التمر يأكلها في أحد، فقال وقد احتدم أوار المعركة: " لا يفصلني عن الجنة إلا هذه التمرات "، ثم ألقاها من يده، وشهر سيفه وانخرط في القتال.

إن هذه الإرادة - إرادة الشهادة في سبيل الله - هي ما شهدناه في كل شهدائنا من سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس إلى شيخ الشهداء الشيخ راغب إلى قائد الانتصارين الحاج عماد إلى سائر الشهداء، وهي ما نشهده في كل مجاهدي المقاومة الإسلامية، وهي ما ينبغي أن نعمل من أجل أن تتكوّن فينا وفي من نحب في كل زمان ومكان.

ويعتبر الإمام القائد دام ظله الوارف أن للشهداء موقفين في منتهى الروعة والعظمة، وكل واحد منهما يحمل في طياته نداءً عميقاً:

أحدهما: موقف من الإرادة الإلهية المقدسة، وإزاء دين الله وعباده الصالحين.

والآخر: موقف أمام أعداء الله.
ويقول: " ولو أنكم وضعتم موقف الشهيد ومعنوياته ودوافعه موضع التمحيص والدراسة لاتضح لكم هذان الموقفان ".

أما الموقف المتعلق بالله وأوامره وعباده، فيتلخص بالإيثار والتضحية، فالشهيد آثر وضحّى لله بمعنى أنه أنكر ذاته ولم يدخلها في الحسبان لأنه كان يتطلع إلى أوامر الله ومصالح عباده وبلوغ الدرجات العالية والأهداف الكبيرة، وهذا أول موقف للشهيد، فلو أنه أقحم نفسه في الحسابات واحتفظ بحياته ولم يخاطر لمَاَ بلغ هذه المنزلة.

فالشباب الذين قصدوا ساحات الجهاد والمقاومة وضحوا بأنفسهم كان لديهم عوائلَ وأُسراً، وكان لكل منهم أبوان عطوفان، ولكثير منهم زوجة وأطفال، وكان بإمكانهم أن يعيشوا حياة دعة واستقرار، إلا أنهم تخلوا عن كل ذلك وقصدوا ساحات المقاومة، لأنهم كانوا يحملون إرادة الإيثار والتضحية وإرادة الجهاد والشهادة.

وقد حققت المقاومة كل تلك الانتصارات والإنجازات.. بفعل عوامل الإيثار والتضحية التي تمسك بها هؤلاء الشهداء، والتي يتمسك بها المجاهدون الأحياء ممن يحملون إرادة أن يكونوا شهداء. والجميع مطالبون بالسعي لأن يكونوا ضمن هذه الفئة لينالوا هذه الدرجة الرفيعة.

ويعتبر الإمام القائد دام ظله الوارف: " إن الرسالة التي يحملها الشهداء، والتي يفترض بنا أن نستلهمها منهم هي أن من يبتغي مرضاة الله، ويطمح لأن يكون وجوده نافعاً في سبيل الله على طريق تحقيق الأهداف الإلهية السامية، عليه أن ينكر ذاته في مقابل تلك الأهداف الإلهية، وليس هذا من نوع التكليف الذي لا يطاق، فإنه حيثما تمسكت فئة مؤمنة بهذه السمة انتصرت كلمة الله، وحيثما ارتعدت فرائص المؤمنين كانت الغلبة بلا جدال لكلمة الباطل ".

إذن فالنداء الأول للشهداء هو نكران الذات أمام الله تعالى وأوامره وتكاليفه وأمام عباده والأمة، ويجب علينا استيعاب هذا النداء، على حد تعبير الإمام القائد دام ظله الوارف.

وأما الموقف المتعلق بأعداء الله فهو: الصمود والثبات المطلق بوجه العدو، وعدم خشيته، وعدم التهيب منه، أو الانفعال أمامه. فقد مثل الشهداء على مر التاريخ وإلى يومنا هذا أروع صور الثبات والشجاعة في مواجهة العدو، وكانوا كما قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

فالنداء الثاني للشهداء هو الصمود في مواجهة العدو، وعدم خشيته أو تهيب قوته الجوفاء وأساليبه البتراء، وإدراك أهمية الاتكال على الذات والتوكل على الله في جميع الأمور.

وثمة نداء آخر يتحدث عنه الإمام القائد دام ظله الوارف فيقول: "نداء الشهداء يدعو إلى عدم الانصياع لهواجس الغنائم والمكاسب الدنيوية، هذا هو نداءهم لي ولكم ولجميع من يكرّم هذه الدماء الطاهرة، لا تنظروا إلى من يعصي ويتجه إلى جمع الغنائم (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)عليكم بأنفسكم ولا يشغلنكم من اختار طريق الغواية ".

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

2010-11-09