زيارة السيدة المعصومة عليها السلام
ولادة السيدة المعصومة(ع)
إن أهم ما يميّز الشيعة الإماميّة عن سواهم، ولاؤهم لأهل البيت عليهم السلام وصدقهم في الولاء، وحفظهم المودّة ورعايتهم للودّ؛ ذلك لأنهم علموا وتيقنوا أن طريق النجاة والخلاص منحصر في اتباعهم واقتفاء خطاهم، والسير على هديهم وهداهم،
عدد الزوار: 144
إن أهم ما يميّز الشيعة الإماميّة عن سواهم، ولاؤهم لأهل البيت عليهم السلام وصدقهم في الولاء، وحفظهم المودّة ورعايتهم للودّ؛ ذلك لأنهم علموا وتيقنوا أن طريق النجاة والخلاص منحصر في اتباعهم واقتفاء خطاهم، والسير على هديهم وهداهم، وربطوا مصيرهم بأئمتهم عليهم السلام، لا يحيدون عن ذلك ولا يبغون عنه بدلاً.
ومع أن الزيارة تتحقق من البعد، فقد ورد أنّهم يبلغهم السلام، إلا أن الأئمة عليهم السلام قد أكدوا على شيعتهم في السعي إلى مقاماتهم المشرّفة لما يترتّب على ذلك من الفوائد العظيمة.
فقد حرص الأئمة عليهم السلام على أن لا تفوتهم تلك المغانم الجليلة حيث جعل الله تعالى مواضع قبورهم مواطن الرحمة، ومهابط الملائكة، مظانّ إجابة الدّعاء وغفران الذنوب، والقربة لله والوفاء لرسوله، وإظهار المودّة لذوي القربى. روى الكليني بسنده عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما لمن زار واحداً منكم؟ قال:"كمن زار رسول الله صلّى الله عليه وآله ". وقال الشيخ المفيد وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال:"من زارنا بعد مماتنا فكأنما زارنا في حياتنا ".
وروى الشيخ في التهذيب بسنده عن أبي عامر السّاجي واعظ أهل الحجاز، قال: أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، وقلت له: يا بن رسول الله ما لمن زار قبره - يعني أمير المؤمنين عليه السلام -وعمّر تربته؟ قال: يا أبا عامر حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي عليهم السلام، عن علي عليه السلام، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له: والله لتقتلنّ بأرض العراق، وتدفن بها، قلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمّرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن إنّ الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة، وعرصة من عرصاتها، وإنّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عبادة تحنّ عليكم، وتحتمل المذلّة والأذى، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها، تقرباً منهم إلى الله، ومودّة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي، وهم زوّاري غداً في الجنّة.
يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمّه، فأبشر وبشّر أولياءك ومحبّيك من النعيم، وقرّة العين بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ولكن حثالة من الناس يعيّرون زوّار قبوركم كما تعيّر الزّانية بزناها، أولئك شرار أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي، ولا يردون حوضي. إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة. وإضافة إلى كون الزيارة إحدى القربات والعبادات، فيها من المنافع الدينية والدنيويّة ما لا يخفى، بحيث لو لم يرد أي نصّ في الترغيب فيها والحثّ عليها لكانت في نفسها جديرة بالاغتنام.
ولما كانت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام غصناً من تلك الشجرة الطيبة، وفرعاً من ذلك الأصل الزّاكي، ولها من الشأن والمقام ما قد عرفت، ورد الترغيب في زيارتها، والحثّ على قصد بقعتها، قربة لله تعالى ووفاء لرسوله صلّى الله عليه وآله.
وقد ورد في العديد من الروايات التأكيد على زيارتها، وأنّ الله تعالى قد جعل الجنّة ثواباً لمن زارها، ومن تلك الروايات ما تقدم ذكره عن عدّة من أهل الرّي أنّهم دخلوا على أبي عبد الله عليه السلام وقالوا: "نحن من أهل الرّي، فقال عليه السلام: مرحباً بإخواننا من أهل قم، فقالوا: نحن من أهل الري، فأعاد الكلام، قالوا ذلك مراراً وأجابهم بمثل ما أجابهم به أولاً، فقال عليه السلام: إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة"، قال الراوي: وكان هذا الكلام منه عليه السلام قبل أن يولد الكاظم.
ومنها: ما روي عنه عليه السلام أيضاً أنه قال: إنّ زيارتها تعدل الجنّة.
ومنها: ما رواه الصدوق بسنده عن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم السلام، فقال عليه السلام: من زارها فله الجنّة.
ومنها: ما روي عن سعد عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: قال: يا سعد عندكم لنا قبر، قلت: جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسى عليهما السلام، قال: نعم، من زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة.
ومنها: ما روي عنه عليه السلام أيضاً أنه قال: من زار المعصومة بقم كمن زارني.
ومنها: ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام أنه قال: من زار قبر عمّتي بقم فله الجنّة.
وغيرها من الروايات الدالة على فضل زيارتها، وما أعدّه الله تعالى ثواباً لزائرها وهو الجنّة، وقد ورد أن للجنة ثمانية أبواب ثلاثة منها لأهل قم 1.
زيارتها عليها السلام
في بعض كتب الزيارات: حدّث علي بن إبراهيم عن أبيه، عن سعد عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال:"قال: يا سعد! عندكم لنا قبر؟ فقلتُ له: جعلتُ فداك، قبر فاطمة بنت موسى عليه السلام. قال: نعم، من زارها عارفاً بحقها فله الجنة، فإذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة، وكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة، وسبّح ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، واحمد الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة، ثم قل:
السَّلامُ عَلى آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى نُوح نَبِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلى إبْراهيَم خَليلِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُوسى كَليمِ اللهِ، السَّلامُ عَلى عيسى رُوحِ اللهِ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَيْرَ خَلْقِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ خاتَمِ النَّبِيّينَ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا أميرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبي طالِب وَصِيَّ رَسُولِ اللهِ.
السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمينَ.
السَّلامُ عَلَيْكُما يا سِبْطَيِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَسَيَّدَيْ شَبابِ أهْلِ الْجَنَّةِ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، سَيِّدَ الْعابِدينَ وَقُرَّةَ عَيْنِ النّاظِرينَ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ باقِرَ الْعِلْمِ بَعْدَ النَّبِيِّ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد الصّادِقَ الْبارَّ الأمينَ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُوسَى بْنَ جَعْفَر الطّاهِرَ الْطُّهْرَ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا الْمُرْتَضى.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ التَّقِيَّ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّد النِّقِيَّ النّاصِحَ الأمينَ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ.
السَّلامُ عَلَى الْوَصِيِّ مِنْ بَعْدِهِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى نُورِكَ وَسِراجِكَ، وَوَلِيِّ وَلِيِّكَ وَوَصِيِّ وَصِيِّكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ.
السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ فاطِمَةَ وَخَديجَةَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أميرِ الْمُؤمِنينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ وَلِيِّ اللهِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُخْتَ وَلِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا عَمَّةَ وَلِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ موسى بْنِ جعفر التَّقِيِّ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.
السَّلامُ عَلَيْكِ عَرَّفَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ في الْجَنَّةِ، وَحَشَرَنا في زُمْرَتِكُمْ، وَأوْرَدَنا حَوْضَ نَبِيِّكُمْ، وَسَقانا بِكَاْسِ جَدِّكُمْ، مِنْ يَدِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالِب َلَواتُ اللهِ عَلَيكُمْ.
أسْأَلُ اللهَ أنْ يُرِيَنا فيكُمُ السُّرُورَ وَالْفَرَجَ، وَأنْ يَجْمَعَنا وَإيّاكُمْ في زُمْرَةِ جَدِّكُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأنْ لا يَسْلُبَنا مَعْرِفَتَكُمْ إنَّهُ، وَلِيٌّ قَديرٌ.
أًتَقَرَّبُ إلَى اللهِ بِحُبِّكُمْ، وَالْبَراءَةِ مِنْ أعْدائِكُمْ، وَالتَّسْليمِ إلَى اللهِ راضِياً بِهِ غَيْرَ مُنْكِر وَلا مُسْتَكْبِر، وَعَلى يَقينِ ما أتى بِهِ مُحَمَّدٌ وَبِهِ راض، نَطْلُبُ بِذلِكَ وَجْهَكَ يا سيِّدي، اللّهُمَّ وَرِضاكَ وَالدّارَ الآخِرَةَ.
يا فاطمةُ اشْفَعي لي فِي الْجَنَّةِ، فَإنَّ لَكِ عِنْدَ اللهِ شَاْناً مِنَ الشَّاْنِ.
اللّهُمَّ إنّي أسْألُكَ أنْ تَخْتِمَ لي بِالسَّعادَةِ، فَلا تَسْلُبْ مِنّي ما أنَا فيهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ.
اللّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنا وَتَقَبَّلْهُ بِكَرَمِكَ وَعِزَّتِكَ، وَبِرَحْمَتِكَ وَعافِيَتِكَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ أجْمَعينَ، وَسَلَّمَ تَسْليماً يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ "2.
1- راجع: فاطمة المعصومة قبس من أشعة الزهراء، محمد علي المعلم، دار الهادي، ط1، بيروت/لبنان، 1421هـ/2000م، ص173-179.
2- فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم ع، الشيخ محمد هادي الأميني، المطبعة المهدية، ط1، 1405هـ/1363ش، ص 110-112. .