كونوا كشمران |
هذا الشهيد أولاً كان عالم، كان شخصاً لامعاً وعظيم الاستعداد. وهو نفسه كان يقول لي إنّه في تلك الجامعة التي درس فيها في الولايات المتحدة الأمريكية، تلك الدراسات العليا ـ وكما أذكر فإنه كان أحدأفضل اثنين في تلك الجامعة وعلى صعيد ذلك التخصص والفرع العلمي ـ وكان يشير إلى تعامل الأساتذة معه وتطوره في الأعمال العلمية.
فقد كان عالماً بكل الموازين. وفي ذلك الوقت، كان مستوى الإيمان القلبي (العشقي) لهذا العالم إلى درجة أنه أعرض عن الاسم والمقام والعنوان والمستقبل الدنيوي الذي هو بالظاهر عقلائي، وذهب ليكون إلى جانب الإمام موسى الصدر في لبنان ويقوم بالأنشطة الجهادية.
ومنذ بداية الثورة كان له حضورٌ في الساحات الحساسة. فذهب إلى كردستان وكان له حضورٌ فعّال في المعارك التي جرت هناك، ثم بعدها جاء إلى طهران وأضحى وزيراً للدفاع، وعندما اندلعت الحرب ترك الوزارة وباقي المناصب الحكومية والمقامات جانباً وجاء إلى الأهواز، حارب وصمد إلى حين شهادته بتاريخ 31 خرداد لعام 60 هـ. ش.
ولم يكن رجلاً جافاً لا يفهم لذائذ الحياة، بل على العكس، فقد كان لطيفاً جداً وذوّاقاً ... وفنّاناً وصاحب قلب مفعم بالصفاء، لم يدرس العرفان النظري، ولعلّه لم يدرس على يد أحدٍ في أي مسلك توحيدي أو سلوك عملي، ولكنّ قلبه كان طالباً لله، قلباً صافياً إلهياً، من أهل المناجاة والمعنويات.
كان يتابع الأعمال حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وعند الصباح الباكر المعتم أو المسفر كان يتواجد قبل الجميع في الجبهة وفي كل مكان يلزم. فعلينا أن نتمرّن على التواجد الدائم وفي الزمان والمكان المطلوبين.
كلمته في أعضاء التعبئة في الهيئة العلمية للجامعات 23/06/2010
مع الإمام الخميني قدس سره |
كانت التعبئة حركة مدهشة لا نظير لها، حدثت في الثورة. وهي نهضة نبعت من منبع الحكمة الإلهية التي أودعها الله تعالى قلب ذلك الرجل الكبير، إمامنا العظيم. كان الإمام حكيما، وحكيما بالمعنى الواقعي. نحن أحيانا نستعمل لفظ الحكيم لأشخاص صغار. لكنه كان حكيما بالمعنى الواقعي. ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثير﴾. فقد وهبه الله تعالى الحكمة. وكانت الحقائق تنهمر من قلبه وتنهال منه. ومنها قضية التعبئة، فالإمام منذ اليوم الأول للانتصار بل حتى قبيل الإنتصار كان قد وضع أسس التعبئة من خلال جر الشعب إلى الميدان ووضع حمل النهضة على أكتاف الناس واثقاً بهم معتمداً عليهم. فعندما وثق بالناس، انبعثت ثقتهم بنفسهم.
23/06/210
التعبئة أعظم من جيش |
لا ينبغي اعتبار التعبئة مؤسسة عسكرية ... فالتعبئة هي ساحة الجهاد، لا القتال. فالقتال يمثل جانبا من الجهاد. الجهاد يعني الحضور في ميدان المجاهدة مع السعي الهادف والإيمان. هذا ما يصح أن نقول عنه جهادا. لهذا فإنّ ﴿وَجَاهِدُواْبِأَمْوَالِكُمْوَأَنفُسِكُمْفِيسَبِيلِاللهِ﴾ أي الجهاد بالنفس والجهاد بالمال... فإنّ أحد أنواع الجهاد بالنفس هو أن تقضوا وقتكم من المساء وحتى الصباح على مشروع تحقيقي أو بحثي دون أن تلتفتوا إلى مرور الوقت. الجهاد بالنفس هو أن تضحوا بأوقات ترفيهكم وراحة أجسامكم وتعرضوا عن ذاك العمل الذي يدرّ الكثير من المال والمدخول ـ وبقول الأجانب مصنع المال ـ وتقضوا وقتكم في هذا المحيط العلمي والبحثي حتى تستنبطوا حقيقة علمية حيّة وتقدموها كباقة ورد إلى مجتمعكم، هذا هو الجهاد بالنفس، وقسم صغير منه هو الجهاد بالمال.فميدان التعبئة إذناً هو ميدان عمومي، لا يختص بفئة أو قطاع أو منطقة من البلاد، لا يختص بزمان دون آخر، ولا ينحصر بميدان دون غيره، فهو موجود في كل الأمكنة والأزمنة والميادين والشرائح.
كلمته في أعضاء التعبئة في الهيئة العلمية للجامعات23/06/2010
فلنتعلّم من أمير المؤمنين عليه السلام |
إنّ شخصية أمير المؤمنين عليه السلام ومنذ ولادته وإلى حين شهادته كانت شخصيةً استثنائية في جميع هذه المراحل. وطوال حياته، سواء في حياة النبي، أو بعد رحيله، في المراحل المختلفة، بذل كلّ جهده من أجل إقامة الحق وإقامة دين الله وحفظ الإسلام. وبحسب قول النبي الأكرم، إنّ أمير المؤمنين كان ميزان الحق. فإذا كنتم تريدون الحق فانظروا إلى علي أين يقف، وماذا يفعل، وإلى أين يسير. هكذا كانت حياة أمير المؤمنين.إن أمير المؤمنين هو أهل التبصرة. ونحن اليوم بحاجةٍ إلى هذه البصيرة. اليوم إنّ أعداء العالم الإسلامي وأعداء الوحدة الإسلامية نزلوا إلى الميدان من خلال الوسائل الدينية والوسائل الأخلاقية، فينبغي الحذر. فعندما يريدون أن يخدعوا الرأي العام غير الإسلامي يأتون على اسم حقوق الإنسان والديمقراطية، وعندما يريدون خداع الرأي العام الإسلامي يأتون باسم القرآن والإسلام، في حين أنهم ما آمنوا، لا بالإسلام ولا بالقرآن ولا بحقوق الإنسان. فعلى الأمة الإسلامية أنْ تعرف هذا. فأمير المؤمنين في تلك اللحظة من الخداع والفتنة أشار إلى أصحابه قائلاً: "أمضوا على حقكم وصدقكم". فلا تتركوا هذا الطريق الحق وهذه الحركة الصادقة ولا تضيّعوها ولا تسمحوا للتزلزل أنْ يدخل قلوبكم من خلال كلمات المفتنين.يقول لنا الإسلام أنه ينبغي إدارة وهداية المجتمع الإسلامي وفق قوانين الإسلام وكذلك تكون حياته. الإسلام يقول إنه ينبغي التعامل بقوة مع الأعداء المعتدين، وينبغي أنْ يكون هناك حدودٌ واضحة وشفّافة معهم. الإسلام يقول:"لا تنطلِ عليكم خدع الأعداء". وهذا هو الخط الواضح لأمير المؤمنين.إنّ بصيرة شبابنا اليوم بحمد الله بصيرة ممتازة. ففي الميادين المختلفة، إنّ شبابنا ينجزون أعمالاً كبرى، ويجب أن يزداد هذا الأمر يوماً بعد يوم. ينبغي أن يزداد ثبات القدم هذا وهذا الصمود وهذا التآلف والإنسجام الوطني. ويجب أنْ يزداد يوماً بعد يوم هذا التمسّك بالشعارات الإسلامية والتمسّك بالقرآن والتمسك بسيرة أهل البيت عليهم السلام وبكلمات أمير المؤمنين.
من بين ما يشاهده المرء من سلوكيات أمير المؤمنين ـ التي تشمل جميع الخصال الحسنة للإنسان وللحاكم ـ فإنّ أسمى هذه الخصائص ليومنا هذا هي قضية التبصرة وإعطاء البصيرة لأولئك الذين يحتاجون إليه، أي تبيين الأجواء وتوضيحها. ففي جميع المراحل كانت هذه الشجاعة اللامتناهية وهذه التضحية العظيمة من أجل توعية الناس وإضفاء العمق على تفكيرهم وإيمانهم.
كلمته في لقاء أهالي بوشهر في يوم ميلاد الإمام علي عليه السلام 26/06/2010
الهمة والعمل المضاعف |
إن ولادة هذه الشخصية الفذّة في الواقع عيد حقيقي ... وإن إحياء هذه الذكرى لا تمحى من ذاكرة المؤمنين بالمهدوية
الشهادة |
إن الخاصية الطبيعية للشهادة هي إيجاد البركة والاستمرارية والامتداد في الحركة المتجهة نحو السمو والتكامل. والسبب في أن الله تعالى يعرّف عن الشهيد في القرآن بأنه حي وفي العرف الإسلامي واصطلاح المتشرّعة بالمقتول في سبيل الله ـ الشهيد يعني الشاهد الناظر والحاضر ـ هو أنّ دم الشهيد لا يضيع، وشخصية الشهيد هي تبلور تلك القيم والآمال والتطلعات التي كان يعيشها والتي لن تُمحى من بين الناس، هذه هي خاصية الشهادة.
والأثر المباشر والفوري لهذه الشهادة كان أن تلبّس النظام الإسلامي في آنٍ واحدٍ بالمزيد من الخلوص وأضحت حقانيته ثابتةً واستقرت واقعيته في المجتمع. هذه كانت خاصية هذه الشهادة. فقد سقطت الأقنعة واستحكمت الجمهورية الإسلامية وكذلك منطق إمامنا الكبير، وصار نظام الجمهورية الإسلامية الجديد في ذلك اليوم مستحكماً واستطاع أن يتقدّم.
أعزائي! ما دامت الشهادة (بهذا المستوى من الاعتبار) موجودةً في قاموسنا، في ثقافتنا، في منطقنا، فاعلموا أنه لا يمكن لأية قدرة ـ سواء القوى المستكبرة الحالية، أو ما هو أقوى منها بدرجات ـ التغلب على الجمهورية الإسلامية.
موعظة للجميع: العدل لا الظلم |
لا يجوز أنْ نظلم. فهذا الأمر يُعدّ أكثر الأعمال أساس، فالظلم أمر قبيح وخطر. وليس الظلم بأن يعتدي الفرد على غيره وسط الشارع فقط. فأحيانا كلمة في غير محلها ضد شخص لا يستحقها أو كتابةٌ غيُر مناسبة أو تحُّركٌ غير صائب تكون ظلماً. فعلينا رعاية طهارة القلب وطهارة العمل بشكل كبير. لا تزيدوا في القول على ما ينبغي . فلنكن منصفين. فلنكن عادلين. فهذه مسؤولياتنا. ولا ينبغي أن نعتبر لأنفسنا الحق في أن نقول ما نشاء حول من نعتبره أقل منا ولو بذرة ـ بزعمنا وتشخيصنا لأننا مجاهدون وثوريون.
فالآية تقول: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُو﴾ أي لا تغلبكم أحاسيسكم، ولا تؤثّر في أحكامكم وقضائكم عداواتكم ـ وهنا الآية الشريفة ذكرت العداوات، ولكنّ المحبة هي على هذا المنوال أيضاً. ولا تخرجْكم عن جادّة العدل. ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ والتقوى هي تلك المراقبة، مراقبة النفس ومراقبة المسير لكي لا نسقط ونُبتلى بالمشاكل.
كلمته في أعضاء التعبئة في الهيئة العلمية للجامعات23/06/2010
2010-07-14