القرب من الله
تهذيب النفس
توجد أنواع عديدة للقرب، منها:1- القرب المكاني: وهو تقارب شيئين من حيث المكان.2- القرب الزماني: وهو تقارب شيئين من حيث الزمان، وهذه المعاني ليست هي المقصودة في تعبيرنا "القرب من الله". 3- القرب المجازي: كأن نقول إن فلاناً قريب من فلان بمعنى أنه يحبه. 4- القرب الحقيقي: وهو نحو رابع مختلف عما...
عدد الزوار: 101
فليس إلا لأنه أفلح في تزكية نفسه وتهذيبها.
1- أنواع القرب
توجد أنواع عديدة للقرب، منها:
1- القرب المكاني: وهو تقارب شيئين من حيث المكان.
2- القرب الزماني: وهو تقارب شيئين من حيث الزمان، وهذه المعاني ليست هي المقصودة في تعبيرنا "القرب من الله".
3- القرب المجازي: كأن نقول إن فلاناً قريب من فلان بمعنى أنه يحبه.
4- القرب الحقيقي: وهو نحو رابع مختلف عما سبق، يظهر معناه من خلال النفس البشرية، بأنها في حركة مستمرة حقيقية وواقعية. من هنا كان لا بد لها في حركتها هذه على الصراط المستقيم من أن تصل إلى مقام القرب، إذاً، القرب هو بمعنى: تكامل النفس وارتقائها المعنوي والروحي، وبلوغها تلك الدرجات العالية في سيرها وسلوكها إلى الله تعالى. يقول تعالى:﴿إِن كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّون َ* كِتَابٌ مرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَربُونَ ﴾1.
2- السابقون هم المقربون
بعد أن عرفنا معنى القرب، نرجع إلى القرآن الكريم لتحديد من هم المقربون، فنجده يقسم البشر يوم القيامة إلى فئات:
أ- أصحاب الميمنة: وهم السعداء، وهم الذين كتبت لهم النجاة من العذاب.
ب - أصحاب المشأمة: وهم الأشقياء؛ وهم المعذبون بالنار.
ج - السابقون: وهم الذين نالوا درجة القرب الإلهي.
يقول تعالى: ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسابِقُونَ السابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَربُونَ * فِي جَناتِ النعِيمِ﴾2.
3- شروط القرب
لكي يصل الإنسان إلى درجة القرب الإلهي عليه أن يحقق شروطه: وهي عبارة عن: المعرفة والإيمان.
فإن المعرفة والإيمان بالله تعالى هما أساس التكامل والقرب الإلهي، إن من لا يعرف هدفه، والمصير الذي يؤول إليه، ولا يؤمن بهما، فإنه لن يسعى للتزكية والقرب من الله تعالى، وبالتالي فإنه لن يقطع مسافة على الصراط المستقيم؛ وبما أنه في الدنيا لم يطوِ الطريق فإنه في الآخرة لن يجوز الصراط. يقول تعالى:﴿يَرْفَعِ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾3.إن من لا يعرف الآخرة ولا يؤمن بها، فإنه لن يسعى لقطع المسافة على الصراط المستقيم، بل سيضل عنه، ومن يضل عنه في الدنيا فإنه لن يتجاوزه في الآخرة. ولذا على السالك أن يسعى لتقوية إيمانه وزيادة علمه حتى يرتقي أكثر في مقام القرب.يقول تعالى:﴿وَإِن الذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾ 4.
4- العمل والإيمان
وثمة شرط ثالث للقرب وهو العمل المقرون بالإيمان، فإن عمل الإنسان حتى لو كان عملاً صالحاً فإنه لن يثمر تلك الحياة الطيبة إذا لم يكن مقروناً بالإيمان، فالإيمان شرط أساس لوصول الإنسان إلى الحياة الطيبة: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾5.
والطيِّب لا يبقى في الأسفل بل يصعد إلى الله تعالى، حيث مقام القرب، يقول تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطيِّبُ وَالْعَمَلُ الصالِحُ يَرْفَعُهُ﴾6.وعليه: فإن الإيمان بالله تعالى وبالمعاد، والمعرفة بهما، يساعدان الإنسان على الوصول إلى مقام القرب الإلهي، ولا يمكن أن يصل إلى درجات القرب من لم يطهر نفسه من دنس المعاصي ومساوىء الأخلاق، فالتزكية أساس لمن عزم على أن يكون من المقربين.
أسباب التكامل والقرب
يمكن الاستفادة من مجموعة وسائل لتكميل النفس وتربيتها، والوصول بها إلى مقام القرب الإلهي، وسنشير في الدروس الآتية إلى أهمّها وهي:
الأول: التعرف على طرق الوصول وموانعه، الثاني: ذكر الله، الثالث: مكارم الأخلاق، الرابع: العمل الصالح والصلاة الواجبة والنوافل وصلاة الليل، الخامس: الجهاد والشهادة، السادس: الإحسان وخدمة الناس، وغير ذلك مما سيأتي إن شاء الله.
*تزكية النفس,سلسلة المعارف الاسلامية,نشر جمعية المعارف,ط 2009م,ص:103-108.
1- المطففين: 18 - 21
2- الواقعة: 7- 12
3- المجادلة: 11
4- المؤمنون: 74
5- النحل: 97
6- فاطر: 10