نظرية الوسط
فلسفة الأخلاق
تحدث اليونانيون عن الأخلاق وأكثروا خاصة سقراط حيث اتفق مؤرخو الفلسفة أنه المؤسس الأول لفلسفة الأخلاق، وأنه انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض لأن الفلاسفة من قبله كانوا يهتمون في أصل الكون ومصدره وكواكبه وعناصره ابتغاء الوصول إلى معرفة قوانين الطبيعة وعلومها، فحوّل سقراط هذا البحث إلى نفس الإنسان وسلوكه وسعادته وشقائه وفنائه وخلوده ونشاطه وفاعليته، ابتغاء الوصول إلى معرفة الفضيلة والقيم العليا.
عدد الزوار: 270
تحدث اليونانيون عن الأخلاق وأكثروا خاصة سقراط حيث اتفق مؤرخو الفلسفة أنه المؤسس الأول لفلسفة الأخلاق، وأنه انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض لأن الفلاسفة من قبله كانوا يهتمون في أصل الكون ومصدره وكواكبه وعناصره ابتغاء الوصول إلى معرفة قوانين الطبيعة وعلومها، فحوّل سقراط هذا البحث إلى نفس الإنسان وسلوكه وسعادته وشقائه وفنائه وخلوده ونشاطه وفاعليته، ابتغاء الوصول إلى معرفة الفضيلة والقيم العليا.
والغريب أن بعض الباحثين يرى هذا التحول دليلاً على أن سقراط موضوعي تقدمي، وقد رأى آخر أنه دليل على رجعية سقراط وجموده لأن اهتمام الفلسفة بالأخلاق معناه التدهور والانهيار تماماً كما قال فلاسفة اللاأخلاق الذين سبق الحديث عنهم قبل قليل.
وقال فيلسوف معاصر: لا نخطىء إذا قلنا عن الفلسفة اليونانية: إنها بصفة عامة كانت تخدم الأخلاق، وبعد أن انتشرت المسيحية في أوربا والإسلام في الشرق تحولت الفلسفة من خدمة الأخلاق إلى خدمة الدين ودعمه. واليوم وقد جاء عصرنا بالعلم الطبعي يحاول علماء الطبيعة أن تكون الفلسفة وصيفة تخدم هذا العلم تماماً كما خدمت الأخلاق في عصر الاخلاق والدين في عصر الدين.
وعلى أية حال، فقد انتهى اليونانيون بفلسفتهم الأخلاقية التي قادها ارسطو إلى أن الفضيلة وسط بين رذيلتين، فالشجاعة ـ مثلا ـ فضيلة لأنها وسط بين الجبن والتهور، والكرم فضيلة لأنه وسط بين الإسراف والتقتير الخ1.
وبقليل من التأمل يظهر الخطأ والقصور في هذه النظرية كمنهج كامل ومطرد، وذلك بأن هناك فضائل كثيرة باعتراف اليونانيين أنفسهم، ليست وسطاً بين رذيلتين، منها الصدق فانه فضيلة وتقابله رذيلة الكذب ولا ثالث، ومنها العفو عن المعتدي فأنه رحمة وفضيلة في بعض الأحيان، ويقابله القصاص، وهو عدل وانصاف ولا رذيلة إلا الاعتداء، فأين الرذيلتان؟ بل هنا رذيلة بين فضيلتين وليس فضيلة بين رذيلتين، ومنها الأمانة.
*فلسفة الأخلاق في الإسلام،الشيخ محمد جواد مغنية،دار التيار الجديد،بيروت لبنان،ط5ـ1412هـ ـ1992م،ص23ـ24.