يتم التحميل...

الثورة الإسلامية في إيران وبناء الدولة الصالحة

إنتصار الثورة الإسلامية

ظلّ الأنبياء(عليهم السلام) يواصلون بشكل أو بآخر دورهم العظيم في بناء الدولة الصالحة، وقد تولّى عدد كبير منهم الإشراف المباشر على الدولة، كداوود وسليمان عليهما السلام وغيرهما.

عدد الزوار: 175

بناء الدولة الصالحة:
ظلّ الأنبياء(عليهم السلام) يواصلون بشكل أو بآخر دورهم العظيم في بناء الدولة الصالحة، وقد تولّى عدد كبير منهم الإشراف المباشر على الدولة، كداوود وسليمان عليهما السلام وغيرهما. وقضى بعض الأنبياء كلّ حياته وهو يسعى في هذا السبيل، كالنبيّ موسى (عليه السلام)، واستطاع خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ يتوِّج جهود سلفه الطاهرة بإقامة أنظف وأطهر دولة في التأريخ، شكّلت بحقّ منعطفاً عظيماً في تأريخ الإنسان، وجسّدت مبادئ الدولة الصالحة تجسيداً كاملاً ورائعاً.

وعلى الرغم من أنّ هذه الدولة بعد وفاة الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تولّاها في كثير من الأحيان قادة لا يعيشون أهدافها الحقيقيّة ورسالتها العظيمة، فإنّ الإمامة الّتي كانت امتداداً روحيّاً وعقائديّاً للنبوّة، ووريثاً لرسالات السماء، مارست باستمرار دورها في محاولة تصحيح مسار هذه الدولة وإعادتها إلى طريقها النبويّ الصحيح.

وقد قدّم الأئمّة (عليهم السلام) في هذا السبيل زخماً هائلاً من التضحيات، توجّها استشهاد أبي الأحرار وسيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) مع الصفوة من أهل بيته وأصحابه في كربلاء.

دور الفقهاء في بناء الدولة الصالحة:

كما كانت الإمامة امتداداً للنبوّة، كانت المرجعيّة الدينيّة بعد عصر الغيبة امتداداً بدورها للإمامة، وتحمّلت المرجعيّة أعباء هذه الرسالة العظيمة، وقامت على مرّ التأريخ بأشكال مختلفة من العمل في هذا السبيل أو التمهيد له بطريقة وبأُخرى.

لذا عاش العالم المسلم الشيعيّ دائماً مع كلِّ الصالحين وكلِّ المستضعَفين من أبناء هذه الأمة الخيّرة، عيشة الرفض لكلِّ ألوان الباطل والإصرار على التعلُّق بدولة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام، بدولة الحقّ والعدل الّتي ناضل وجاهد من أجلها كلُّ أبرار البشريّة وأخيارها الصالحين.

أوّل دولة إسلاميّة في العصر الحديث:

وفي العصر الحديث استطاع الشعب الإيرانيّ المسلم أن يُشكِّل القاعدة الكبرى للرفض البطوليّ، والثبات على طريق دولة الأنبياء والأئمّة والصدّيقين عليهم السلام، باعتباره الجزء الأكثر التحاماً مع المرجعية الدينية وأسسها الدينية والمذهبية. وقد بلغت هذه القاعدة الرشيدة بفضل القيادة الحكيمة للمرجعية الصالحة الّتي جسّدها الإمام الخمينيّ قدس سره قمّة وعيها الرساليّ والسياسيّ الرشيد، من خلال صراعها المرير مع طواغيت الكفر، ومقاومتها الشجاعة لفرعون إيران الحديث، حتّى استطاعت أن تُلحق به وبكلِّ ما يُمثِّله من قوى الاستعمار الكافر أكبر هزيمة يُمنى بها المُستعمِر الكافر في عالمنا الإسلاميّ العظيم.

ومن هنا كان طرح المرجعية الرشيدة (الوليّ الفقيه) للجمهوريّة الإسلاميّة شعاراً وهدفاً وحقيقة تعبيراً حيّاً عن ضمير الأمّة، وتتويجاً لنضالها الطويل، وضماناً لاستمرار هذا الشعب في طريق النصر الّذي شقّه له الإسلام، ليُشكِّل بذلك قاعدة للإشعاع على العالم الإسلاميّ وعلى العالم كلّه، في لحظات عصيبة من تأريخ هذه الإنسانية، الّتي تتلفّت فيها كلّ شعوب العالم الإسلاميّ إلى المنقذ من هيمنة الإنسان الأوروبيّ والغربيّ وحضارته المُستغِلّة، وتشعر فيها كلّ شعوب العالم بالحاجة إلى رسالة تضع حدّاً لاستغلال الإنسان للإنسان.

خروج الإسلام من قمقم الاستعمار:
إنّ الإسلام الّذي حجزه الاستعمار عسكريّاً وسياسيّاً في قمقم، ليصبغ العالم الإسلاميّ بما يشاء من ألوان، قد انطلق من قمقمه في إيران فكان زلزالاً على الظالمين، ومثلاً أعلى في بناء الشعب المجاهد والمضحّي، وسيفاً مصلتاً على الطغاة ومصالح الاستعمار، وقاعدة لبناء الأمّة من جديد.

ولم يُبرهن الإمام السيد روح الله الموسوي الخمينيّ (قدس سره) بإطلاقه للإسلام من القمقم على قدرته الفائقة، وبطولة الشعب الإيرانيّ فحسب، وإنّما فضح أيضاً ضخامة الجناية الّتي يُمارسها كلُّ من يُساهم في حجز الإسلام في القمقم، وتجميد طاقاته الهائلة والبنّاءة، وإبعادها عن مجال البناء الحضاريّ لهذه الأمّة.

فهذا النور الجديد الّذي قُدِّر للشعب الإيرانيّ أن يحمله إلى العالم، سوف يُعرّي تلك الأنظمة الّتي حملت اسم الإسلام زوراً، بنفس الدرجة الّتي يُدين بها الأنظمة الّتي رفضت الإسلام بالمطلق.


* نظرية الدولة في الإسلام، سلسلة دروس في فكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قدس سره)، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

 

2025-02-10