كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع جمعٍ من المُنتجين والناشطين الاقتصاديّين في القطاع الخاصّ
2025
بتاريخ 2025/01/22م
عدد الزوار: 29كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع جمعٍ من المُنتجين والناشطين الاقتصاديّين في القطاع الخاصّ، بتاريخ 2025/01/22م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[1]
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، [ولا] سيّما بقيّة الله في الأرضين.
كانت هذه الجلسة اليوم جلسة مفيدة وعذبة جدّاً. أحد الأجزاء كان يتعلّق بالأعمال المنجزة والمبادرات التي طُرحت والنجاحات والانتصارات وبثّ الأمل. في رأيي، نحن بحاجة إلى سماع مثل هذه الكلمات؛ فوسط الأجواء المُحبطة التي يحاول الأعداء نشرها في أوساط معيّنة من البلاد مثل أوساط الشباب والجامعيّين، بدوافع خاصّة، تُعَدّ هذه الكلمات وهذه التقارير وهذه الأحاديث مصدراً للحياة والأمل والحركة والتقدّم. الجزء الآخر يتعلّق بالشكاوى، وهذه الشكاوى سمعناها مراراً من مجموعات مثل مجموعتكم، وعلينا أن نوليها الاهتمام، ونعمل على حلّها.
في ما يتعلّق بالجزء الأوّل؛ أي الأخبار السارّة وأنواع التقدّم وعرض ما تحّقق [من إنجازات]، في رأيي، نحن بحاجة إلى عملٍ إعلاميّ مهمّ. هل يعلم شبابنا أنواع التقدّم هذه كلّها التي عرضتم تقارير عنها هنا، وسمعناها نحن؟ هل يعرف بها طلّابنا الجامعيّون؟ وأولئك الذين يرغبون في أن ينشطوا داخل البلاد، ويتركوا أثراً، ويجدون القدرة في أنفسهم على ذلك، هل يعلمون أنّهم يستطيعون تأسيس وحدة صغيرة في مدينة صغيرة مثلاً قبل سنوات عدّة، ثمّ يوسعونها، بعد مدّة، عشرات الأضعاف، ويتقدّمون إلى الأمام؟ هل لديهم علم بذلك؟
ينقصنا كثير من العمل في مجال إظهار ما هو موجود، وأنواع التقدّم تلك، وتحقّق الآمال تلك. ثمّة حاجة إلى عمل إعلاميّ، وهذا فصلٌ مستقلّ، ويجب أن يجلسوا ويتناقشوا ويفكّروا في هذا المجال. في ما يتعلّق بالشكاوى، سأتطرّق إليها الآن.
حسناً، هذا اللقاء اليوم هو اللقاء الخامس الذي نجريه معكم، مع مجموعة روّاد الأعمال والمستثمرين، في هذه السنوات القليلة الماضية. لقد بدأنا هذه الجلسات في عام 2019: عام 2019، ثمّ عام 2022 و2023 و2024، والآن عام 2025. كثير منكم كان حاضراً في هذه الجلسات في السنوات السابقة. في عام 2019، وفي ذروة الحظر والتهديدات المتزايدة بشأن العقوبات والضغوط وما شابه ذلك، عقدنا هذه الجلسة لكي نشكر أولئك الذين كرّسوا جهودهم في البلاد، واتّخذوا من الإنتاج وتقدّم البلاد هدفاً رئيسيّاً لهم، وقلنا لهم: أنتم قادة الخطّ الأماميّ في الحرب الاقتصاديّة[2]. في عام 2019م، أعطينا هذا اللقب للأصدقاء الحاضرين، وقلنا: أنتم قادة الخطّ الأماميّ في الحرب الاقتصاديّة.
اليوم، يُعدّ الجانب الاقتصاديّ من أهمّ جوانب حربنا. لقد قلنا إنّه يجب متابعة نموّ الإنتاج. في كلّ عام تُعقد هذه الجلسة، لاحظنا وتحقّقنا -ليس مجرّد تقارير عابرة- من أنّ القطاع الخاصّ قد ازداد إبداعاً وأصبح أقوى. في السابق، كان همّنا الرئيسيّ هو إشراك القطاع الخاصّ في الميدان، أمّا اليوم، فنلاحظ أنّ القطاع الخاصّ، وبفضل الخبرة التي اكتسبها من دخوله الميدان، يسعى بحماسة وشغف إلى توسيع الإنتاج والاستثمار؛ وهذا يعني أنّنا قد تقدّمنا في هذه السنوات الخمس.
شاهدتُ المعرض بالأمس. طبعاً، ما كان معروضاً وموجوداً في هذا المعرض، هو في الواقع جزءاً صغيراً من تلك الحقيقة الموجودة في البلاد. مع ذلك، فقد أثبت هذا المعرض -المعرض الذي شاهدته يوم أمس- أنّ القطاع الخاصّ في البلاد، وبرغم الضغوط الأجنبيّة والحظر القائم والتهديد بفرض المزيد من الحظر -أنتم مطّلعون على ذلك- لديه القدرة على تحصيل مستوى مقبول من التقدّم. هذا المعرض كان يعبِّر عن التقدُّم، ويعكس الحركة نحو الأمام.
لماذا لا نقدّر هذه النعم الكبيرة التي وهبنا الله إياها؟ البلاد تتحرّك وتتقدّم. القطاع الخاصّ، في مجال الاقتصاد، هو أحد الأمثلة والمصاديق على تقدّم البلد. إذا دخلنا مجال العلم والبحث، سنواجه هناك أيضاً واقعاً مشابهاً. نرى أنواع التقدّم هذه في مختلف أنحاء البلاد. طبعاً، العيوب والنواقص والمشكلات ليست قليلة، وهذه من مسؤوليّتنا. الآن السادة الوزراء حاضرون هنا، والدكتور عارف[3] موجود أيضاً؛ سأذكر ما هو على عاتقنا.
الدولة التي تواجه الحظر يجب أن تتّبع هذا الخطّ وتجعله أحد مبادئ عملها؛ فاليوم، ثمّة عدد من الدول في العالم تخضع لعقوبات القوى الكبرى؛ طبعاً، العقوبات من وجهة نظرهم، ولكن تلك الأشياء التي فرضوا عليها العقوبات تصبح، رغماً عنهم، متاحة لهذه الدول بطرق مناسبة وصحيحة. ما يجب على الدولة التي تتعرّض للحظر هو أن تصبّ أنظارها أكثر على قدراتها المحلّيّة، وأن تركّز عليها وتستفيد منها. أقترح أن يأتي المسؤولون في البلاد لزيارة هذا المعرض؛ في المرّة السابقة أيضاً طرحنا الأمر نفسه؛ [وقلنا] إذا لم يرَوه، فليأتوا ويرَوه. فليأتِ رؤساء السلطات الموقّرين ومختلف المسؤولين ليطّلعوا على هذا المعرض. في العام الماضي قدّمت التوصية نفسها، وبعد يوم أو يومين، أتى الرئيس الشهيد، السيّد رئيسي -رحمه الله- إلى هنا، وزار هذا المعرض، وأمضى وقتاً أطول ممّا أمضيته فيه -ربّما ضعف الوقت- وخرج أكثر منّي سعادة ورضىً. أنا على يقين من أنّ مسؤولي البلاد ورؤساء السلطات ومختلف المسؤولين سيشعرون بالشعور ذاته.
هناك نقطة جميلة لوحظت في المعرض، كُرِّرت أيضاً في الكلمات اليوم، وأنا كنت على علم بها من الخارج أيضاً ومُطّلعاً عليها، وهي أنّه في بعض الحالات -التي ليست قليلة- نلاحظ أنّ المستثمر الخاصّ يهتمّ بتقدّم البلاد أكثر من اهتمامه بالدخل الشخصيّ، وهذا أمر في غاية الأهمّيّة؛ لقد لاحظنا هذا في كلمات اليوم أيضاً. نعم، الدخل وتحسين الحياة الشخصيّة مهمّان بالنسبة إليهم، ولكن بالقدر نفسه وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك أو أضعافه، يُعدّ تقدّم البلاد أمراً مُهمّاً بالنسبة إليهم؛ أي أن تتمكّن البلاد من التغلّب على هذه المشكلات.
النقطة الأساسيّة التي ذكرتها في كلامي، والتي أودّ أن أركّز عليها اليوم أيضاً هي أنّ نظام اتّخاذ القرارات التنفيذيّة في البلاد يجب أن يساعد القطاع الخاصّ؛ هذه ضرورة: يجب أن يساعده. أهمّ مساعدة هي إزالة العقبات من أمامه؛ إزالة العقبات. مع الأسف، ألاحظ في بعض الحالات أنّ الأجهزة الحكوميّة أو الرقابيّة تؤدّي دوراً مُعرقلاً؛ أي بدلاً من أن تساعد في تقدّم الشركات وتطويرها، تضع عقبات تمنع تقدّمها.
إحدى القضايا المهمّة هي قضيّة الواردات التي ذكرها عدد من السادة؛ هذا كلام كرّرته مراراً؛ حسناً، تابعوا هذا الأمر. ليطالب الدكتور عارف الوزراء المحترمين ومن وزير الصناعة والمعادن والتجارة الموقّر[4].
يشعر المرء بالخجل إذ قال أحد السادة: إنّ رقم تسعيرة استيراد [المُنتج الشبيه] بالمصنع، هو أكثر بنسبة تقارب الأربعين بالمئة من رقم تسعيرة استيراد منتج ذاك المصنع؛ أي إنّه منافس للعامل الإيرانيّ وللمصنع الإيرانيّ وللمستثمر الإيرانيّ. حقّاً، يعتري المرء الخجل حقّاً! عندما يكون المنتج الإيرانيّ قادراً على حلّ مشكلة البلاد، لماذا نسمح ونُشرّع الطريق أمام المستثمر الأجنبيّ للاستفادة والتقدّم على حساب تدمير المستثمر الإيرانيّ؟ هذا إلحاق للضرر بالبلاد، وإنّه ليس أمراً بسيطاً؛ يجب أن نتابع هذا الأمر. ما أؤكّده هو: على الأجهزة الحكوميّة أن تساعد وتزيل العقبات؛ هذه العقبات قد تكون قانوناً أحياناً، فيجب تعديل القانون؛ وتارةً تكون لوائح حكوميّة، فيجب تغييرها. طبعاً، أنا لا أوصي بالتساهل في مواجهة من يسيئون التصرّف، فهناك من يدخلون الميدان تحت مسمّى مستثمرين أو روّاد أعمال، ولكن الواقع هو أنّهم ليسوا مستثمرين، بل يمارسون الاستغلال، كما حدث في قضيّة تخصيص العملات الأجنبيّة التفضيليّة وما شابه ذلك، إذ حدث كثير من الاستغلال، وأنا لا أوصي بذلك. عزّزوا الرقابة، لكن فلتضاعفوا المساعدة أيضاً؛ المساعدة لأولئك الذين يؤدّون العمل الصائب بالمعنى الحقيقيّ للكلمة؛ يجب إزالة العوائق من طريقهم.
أحد المصاديق المهمّة لإزالة العقبات هو تطبيق سياسات المادّة 44. عندما أعلنّا سياسات المادّة 44 قبل عدّة أعوام[5]، وافق عليها الجميع -أي المسؤولون والأشخاص المطلعون جميعهم الذين كانوا على تواصل معي- بعضهم أيّدها في الصحف، وبعضهم في وسائل الإعلام، وبعضهم قال لنا مباشرة إنّ هذا هو الحلّ لمشكلات البلاد الاقتصاديّة، وسيذلّل الصعوبات. لكن، مع الأسف، لم يُنفِّذ عدد من المسؤولين المعنيّين هذه السياسات، إذ لا نزال نعاني من هذه المشكلة حتّى الآن. يجب تنفيذ سياسات المادّة 44. في رأيي، أحد أسباب التدهور الاقتصاديّ الذي حدث في العقد الثاني من الألفيّة الجديدة كان هذا بالضبط. كانت هناك أسباب متعدّدة، وكان أحدها غياب تنفيذ هذه السياسات؛ أوصينا بها مراراً وتكراراً [لكن] لم تحظَ بالاهتمام المطلوب.
في ما يتعلق بالنّمو الاقتصادي بنسبة ثمانية في المئة، فقد علمت، بحمد الله، أنّ عدداً من الخبراء في هذا المجال عملوا لعدد من الأشهر ضمن مجموعات عمل تخصّصيّة متعدّدة، إذ حدّدوا الإمكانات والقدرات ووضعوا خططاً استثماريّة، كما حدّدوا حلولاً للمشكلات. على المسؤولين الحكوميّين متابعة هذا الأمر بجدّيّة. هذه الأعمال قد أُنجزت، إذ اجتمع هؤلاء الخبراء وعملوا وبذلوا جهوداً ووجدوا حلولاً للمشكلات، ولكن تنفيذها والعمل بها على عاتق المسؤولين حتّى يتمكّنوا، إن شاء الله، من تحقيق هذا النموّ الاقتصاديّ بنسبة ثمانية في المئة. لا يقولوا إنّ الأمر غير ممكن، ولا يربطوا ذلك بأمر مستحيل مثل الحاجة إلى استثمار أجنبيّ ضخم! فمن الواضح [أنّه بهذه العقليّة] لن يتحقّق ذلك. هؤلاء الذين اجتمعوا وعملوا على هذا الأمر لم يعلّقوا تحقيق هذا النموّ بنسبة ثمانية في المئة على شروط مستحيلة؛ ما يقترحونه هو أعمال يمكن تنفيذها داخليّاً، [ولكنها] تحتاج إلى مساعدة، فيجب أن تساعد الحكومة. في رأيي، هذا العمل ممكن تماماً. طبعاً، تحقيق النموّ بنسبة ثمانية في المئة لن يكون معجزة، ولن يُحدث تغييرات جذريّة في سنة واحدة؛ يجب أن يستمرّ النموّ المرتفع، ويجب أن تُوزّع عائداته ومكتسباته بصورة عادلة حتّى تحدث تغييرات ملموسة في أوضاع البلاد، يشعر معها الناس أنّ هذا العمل قد أُنجز.
إحدى الإمكانات والفرص المتاحة لنا هي مشاركتنا الأخيرة في تجمّعات مثل مجموعة بريكس[6] وما يشابهها؛ يجب أن نستفيد من هذا إلى أقصى حدّ. يتطلّب هذا الأمر حضور مسؤولي الدبلوماسيّة في البلاد ومشاركتهم؛ عليهم أن يشاركوا ويُسهموا. هذه فرصة عظيمة للبلاد، خاصّة النظام الماليّ لمجموعة بريكس والتبادلات التي من المقرّر أن تحدث باستخدام عملات الدول الأعضاء. إذا تحقّق ذلك، فإنّه بلا شكّ سيكون دعماً كبيراً. اليوم، إحدى مشكلاتنا هي الاعتماد على الدولار، وهذا الأمر قد أدركته تلك الدول أيضاً. طبعاً، بعض أعضاء هذا الصندوق الماليّ لا يجرؤون على اتّخاذ خطوات عملّية لحسابات سياسيّة وما شابهها. يجب أن يكون هناك حراك دبلوماسيّ، وينبغي حثّهم على تحقيق هذا الأمر وتنفيذه. أمّا داخل البلاد، فقد أشار السيّد رئيس الجمهوريّة الموقّر[7] إلى هذا الأمر، وهو يتابع هذا التوجّه، وأنا أؤيّد ذلك تماماً، أن يبذلوا قصارى جهدهم لإقصاء الدولار من المعاملات التجاريّة قدر الإمكان؛ هذا عمل عظيم، وهو عمل مهمّ. في المعركة الاقتصاديّة، يُعَدّ هذا الإجراء خطوة حاسمة جدّاً ومؤثّرة. طبعاً، سيثير هذا ردود أفعال، ولكن ذلك سيجعل يدكم أقوى إذا تمكّنتم من إنجازه. بالنسبة إلى تخصيص العملات الصعبة، على المصرف المركزيّ أن يفتح المجال أمام العملات الأخرى.
لديّ كلام كثير بشأن قضايا القطاع الخاصّ، التي تحدّثت عنها في السنوات السابقة، ولا أرغب في تكرارها. المهمّ هو أن تدعم الأجهزة الحكوميّة القطاع الخاصّ. يجب أن يشعر القطاع الخاصّ بأنّ هناك دعماً حكوميّاً يسانده، وأنّه لا يواجه عوائق، بل أنّ عمله يسير بسلاسة وسهولة. أمس، في هذا المعرض، قال لي أحد السادة: «في العام الماضي أخبرتك أنّهم أوقفونا لمّدة ثلاث سنوات للحصول على ترخيص لإنشاء كذا وكذا». لقد قال لي هذا العام الماضي، وفي اليوم التالي، كما هو الحال اليوم، كنت ألقي خطاباً هنا، وذكرت هذا الأمر. قلت: لماذا توقفونهم لمدّة ثلاث سنوات؟ عمل يمكن إنجازه في غضون عشرة أيّام أو شهر على أقصى تقدير، لماذا يُؤخَّر لثلاث سنوات؟ عالجوا المشكلة، ودعوه يمضي في حال سبيله. لكن هذا الشخص قال لي البارحة: «الأعوام الثلاث من العام الماضي أصبحت أربع سنوات مع هذا العام!»؛ أي إنّهم لم ينفّذوا ذلك حتّى في هذا العام. حسناً، يجب معالجة هذا الأمر؛ لا يمكننا الاستمرار هكذا. أنا حقّاً شعرت بالخجل. يجب حلّ هذه الأمور. ثمّة كثير من الكلام؛ نتحدّث ونقول ونكرّر ونؤكّد، [ولكن] يجب أن نتحرّك للعمل؛ ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾[8]. الإيمان ضروريّ، ولكن إلى جانبه العمل الصالح ضروريّ أيضاً. هذا يتعلّق بالدرجات الأخرويّة والدنيويّة والدين والشرع، [ولكن] في أمور الحياة الأمر كذلك أيضاً. الإيمان بحقيقة ما أمرٌ ضروريّ؛ أي أن تؤمنوا بأنّه يجب مساعدة القطاع الخاصّ، هذا ضروريّ، ومن دون هذا الإيمان لا يتحقّق العمل، ولكن هذا الإيمان ليس كافياً وحده، بل يجب أن يرافقه العمل الصالح؛ الإيمان والعمل الصالح. هذه هو حديثنا اليوم بشأن موضوع هذه الجلسة.
أودّ أن أقول شيئاً في ما يتعلّق بغزّة. قلنا إنّ المقاومة حيّة وستبقى حيّة[9]. غزّة انتصرت. أثبتت المقاومة أنّها ستبقى حيّة. ما يحدث أمام أعين العالم يشبه الأسطورة. حقّاً إذا قرأنا ذلك في التاريخ أو لو سمعنا به، لما صدّقنا أنّ آلة حربيّة ضخمة مثل أمريكا تأتي لتدعم حكومة ظالمة ومتعطّشة للدماء مثل الكيان الصهيونيّ، وأنّ هذا الكيان سيكون سفّاحاً وعديم رحمة، لدرجة أنّه لا يبالي في قتل 15 ألف طفل في غضون عام ونصف عام، وأنّ تلك القوّة ستكون غير مكترثة للمفاهيم الإنسانيّة والبشريّة لدرجة أنّها تمدّ هذا الكيان السفّاح بالقنابل المدمّرة للتحصينات، لضرب بيوت أولئك الأطفال والمستشفيات التي يعالجون فيها؛ لو حدث هذا في التاريخ، لما كنّا لنصدّق حتماً، وكنّا سنقول ربّما هناك خلل ما في القصّة. لكن هذا قد حدث أمام أعيننا اليوم؛ أي إنّ أمريكا قد قدّمت إمكاناتها كلّها للكيان الصهيونيّ، ولو أنّها لم تفعل ذلك، لكان هذا الكيان قد انهار في الأسابيع الأولى. هؤلاء ارتكبوا الجرائم لمدّة عام وثلاثة أشهر بكل ما أوتوا، فقصفوا المستشفيات والمساجد والكنائس والبيوت والمنازل والأسواق والتجمّعات وما طاولته أيديهم كلّه. أين؟ في قطعة أرض صغيرة مثل غزّة. في قطعة أرض صغيرة مثل غزّة. ارتكبوا الجرائم بما أوتوا كلّه وحدّدوا هدفاً أيضاً؛ قالوا: نريد -هذا ما قاله رئيس [حكومة] الكيان الصهيونيّ، ذاك المَخزيّ البائس[10]- القضاء على «حماس»، يجب القضاء عليهم. أبعد من الحرب؛ حتّى أنّهم خططوا أيضاً لإدارة ما بعد الحرب في غزّة، إلى هذا الحد كانوا واثقين! الآن، جاء الكيان الصهيونيّ الظالم والسفّاح، وجلس إلى طاولة المفاوضات مع «حماس» التي كان يريد أن يقضي عليها، وقبلَ بشروطها من أجل تحقيق وقف إطلاق النار. أي هذا ما يحدث. قولنا إنّ المقاومة حيّة، هذا معناه. هذا معنى قولنا: ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾[11]. ليس الأمر مقتصراً على ذلك الزمان فقط، إذْ يقول [عزّ وجلّ] بعدها: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾[12]، إنّها سنّة إلهيّة. كان لا بدّ من أن ينتصروا، وقد انتصروا. أينما توجد مقاومة من جانب عباد الله الصالحين، فإنّ النصر حتميّ هناك. لقد صرّح ذاك المتوهِّم الغارق في تخيّلاته أنّ إيران قد ضعفت، ولكنّ المستقبل سيثبت من الذي ضعف. صدّام أيضاً بدأ الهجوم ظنّاً منه أنّ إيران قد ضعفت. ريغن كذلك، قدّم تلك المساعدات الهائلة لنظام صدّام ظنّاً منه أنّ إيران قد ضعفت. هؤلاء وغيرهم من عشرات المتوهّمين ذهبوا إلى الجحيم، والنظام الإسلاميّ ينمو يوماً بعد يوم. أقول لكم، سوف تتكرّر هذه التجربة هذه المرّة أيضاً، بفضل من الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] في بداية هذا اللقاء، عبّر عدد من الناشطين الاقتصاديّين في القطاع الخاصّ عن آرائهم ووجهات نظرهم.
[2] كلمته (دام ظلّه) في لقاء مع مجموعة من المنتجين ورواد الأعمال والناشطين الاقتصاديّين، بتاريخ 19/11/2019م.
[3] الدكتور محمّد رضا عارف (نائب الرئيس الأوّل).
[4] السيّد محمّد أتابك.
[5] إعلان السياسات العامّة للمادّة 44 من الدستور بتاريخ 22/05/2005م.
[6] مجموعة بريكس (BRICS): هي منظّمة دوليّة تضمّ دولاً قويّة وناشئة اقتصاديّاً على مستوى العالم.
[7] الدكتور مسعود پزشكيان.
[8] سورة البقرة، الآية 277.
[9] كلمته (دام ظلّه) في لقاء مع فئات مختلفة من أهالي قمّ، في مناسبة ذكرى «انتفاضة 19 دي»، بتاريخ 08/01/2025م.
[10] إيهود باراك (رئيس وزراء الكيان الصهيوني سابقاً).
[11] سورة الفتح، الآية 22.
[12] سورة الفتح، الآية 23.