يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء رئيس السلطة القضائيّة ومسؤوليها

2023

بتاريخ 27/06/2023م.

عدد الزوار: 122

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء رئيس السلطة القضائيّة ومسؤوليها، بتاريخ 27/06/2023م.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، [ولا] سيّما بقيّة الله في الأرضين.


أهلاً وسهلاً بكم[1]، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء العاملون الموقّرون في السلطة القضائية الحساسة للغاية، الذين تحظى جهودهم في المؤسسة القضائية لهذا البلد بأجر مضاعف حقاً، نظراً إلى الأهمية الكبيرة لهذه السلطة. موفقون ومسددون، إن شاء الله.

في البداية، أود أن أشير إلى أهمية هذه الأيام. أنتم، يا من تعملون في خدمة النظام الإسلامي، ولديكم - إن شاء الله - منزلة وقرب عند الله المتعالي، عززوا في هذه الأيام، وخاصة اليومين الأخيرين من العشرة الأولى العظيمة من شهر ذو الحجة، ارتباطكم القلبي مع الله المتعالي بكل ما في وسعكم. اعرفوا قدر يوم عرفة - الذي يصادف الغد - فكّكوا العُقَد بالمعنى الحقيقي للكلمة عبر الدعاء والتضرّع والتوجّه والمسألة من الله المتعالي، فلولا فضل الله ولطفه، لن تصل مساعينا والجهود التي نبذلها وتبذلونها إلى مكان. [جاء] في دعاء «كميل» الشريف: «لا يُنال ذلك إلّا بفضلك»[2]، أي نحن نؤدي الواجبات كافة، [لكن] الذي يمنح الروح والحياة لجهودنا وواجباتنا هو اللطف والفضل والعناية الإلهية. بالطبع، يمكنكم التواصل مع الله في الآناء كافة، فالارتباط مع الله أمر سهل، لكن تحظى بعض الساعات والأيام بأهمية خاصة، وفي مقدم هذه الأيام يوم عرفة هذا غداً، ويوم عيد الأضحى كذلك.

يجدر أن نذكر الشهيد بهشتي (رض) الذي حُدّدَ هذا اليوم بمناسبة ذكراه، ذكرى هذا الشهيد الجليل. كان المرحوم بهشتي (رض)، إضافة إلى المقامات العلمية المعقولة والمنقولة لديه - للحق والإنصاف كان ذا مرتبة رفيعة في العلوم الحوزوية المعقولة والمنقولة - كان عالم دين وازناً. لكن إضافة إلى هذه، فإن الخصوصيات الأخلاقية والعملية لهذا الجليل يمكن أن تكون درساً لنا جميعاً. أولاً كان مثابراً للغاية؛ كان لا يكلّ من العمل ويُسخّر للعمل حقاً ذلك القدر كله الذي يستطيع. لقد كان منظماً للغاية، فعلى مر السنوات الطويلة من معرفتي إياه وتعاوني معه، سواء قبل الثورة أو بعدها، لم أرَ أحداً من بين أصدقائنا والمقربين منا، مثل المرحوم السيد بهشتي في النَّظم، أيْ نظم العمل. النّظم مهم جداً. كان ذا ابتكار وصبوراً للغاية، فكان لا يغضب من الاعتراض وحتى الاعتراضات المهينة، بل يستمع وينصت حتى إلى كلام المخالف. كان صبوراً جداً. هذه كلها دروس لنا، ولا بد أن نتعلم ونتصرّف على هذا النحو. كان متجرداً من الرياء. لم يكن من أهل الرياء. كلا! لقد رأينا سنواتٍ طويلةً أن ما يُظهره هو ذاك الذي في باطنه نفسه. لم يكن من أهل الرياء. طبعاً، منحه الله المتعالي الأجر الذي يستحقه أفضل عباده، وكان ذلك الشهادة على يد أشقى الأشقياء في تلك المرحلة، التي أهداها الله المتعالي لعبده المؤمن والصالح هذا.

طبعاً، لدينا كلام كثير بشأن السلطة القضائية، فهناك التذكير وهناك الشكر أيضاً. يمكن أن نشكر، ويمكن أن نذكّر أيضاً، فالكلام كثير. الموضوعات التي تحدّث عنها الشيخ محسني هنا كانت مهمة. هذه [الموضوعات] التي تحدث عنها سمعت من تقارير مختلفة كثيراً منها ولديّ اطلاع عليها. لقد تحدّث سماحته في موضوعات مهمة. طبعاً، واحدة من ميّزات جناب الشيخ محسني معرفته بزوايا السلطة القضائية، فقد كان سماحته موجوداً وحاضراً في هذه السلطة سنوات طويلة. سأتحدث بدوري أيضاً ببعض الجمل عن هذه الأمور.

أولاً: أهمية السلطة القضائية. يا من تعملون في هذه السلطة بأي شكل من الأشكال سواء لكونكم قضاة - قاضي المحكمة أو النيابة العامة - أو موظفين مثلاً، فلتعرفوا أنكم تعملون في واحد من أهم أركان النظام الإسلامي، ولا تمكن مقارنته بكثير من الأماكن الأخرى. إن السلطة القضائية هي حقاً من الأركان الرئيسية في إقامة النظام الإسلامي. معلومٌ أنه إذا حدث خلل في هذه الأركان الرئيسية، فسيصيب الخلل النظام بأكمله. لذلك، إن عملكم مهم للغاية. بالنسبة نفسها، إذا وقعت أخطاء هنا، وحدث خلل، فإن ضرره عظيم أيضاً. إذاً، الأمر على هذا النحو: عندما ترتفع موقعية الإنسان، يكون لكل من عمله الإيجابي وكذلك السلبي، كليهما، آثار هائلة. أنتم على هذا النحو: لكل من عملكم الجيد والإيجابي تأثير هائل في تحسين حياة الناس وتقدّم النظام الإسلامي، وإذا - لا قدّر الله - صدر منكم خطأ أيضاً، يكون الأمر على هذا النحو.

ذكرت في العام الماضي في هذا اللقاء السنوي بيننا نقاطاً مهمة[3]، ولا أريد أن أكررها نفسها ثانية أو أتحدث بالتفصيل، إنما سأؤكد نقاطاً عدة فقط. [بالنسبة] إلى الأعمال التي ذكرناها العام الماضي، حسناً، لقد اطّلعت في ذاك الحين على أن السلطة القضائية أسست مقراً لمتابعة تلك الأعمال. كان هناك تقدّم جيد في قسم من تلك الأعمال أيضاً، لكن في قسم لم يكن ثمة تقدّم. في النهاية، أُنجز عملٌ، واتُخذت تدابير، واتخاذ تلك التدابير نفسها ليدفعوا الأعمال إلى الأمام هو أمر مهم وحريٌّ بالاهتمام، لكن لأشير إلى نقطة: لا تجعلوا العمل الذي أنجزتموه المعيار لتقييمكم، [بل] اجعلوا معيار التقييم مخرجات العمل. افترضوا مثلاً أننا أنجزنا هذه الأعمال في ما يخص المسألة الفلانية، وعقدنا هذا العدد من الجلسات وغيره. هذه [الأمور] ليست معياراً؛ المعيار هو: ماذا كانت النتيجة، وماذا كانت مُخرجات الأعمال؟ هكذا في قضايا البلاد كافة. الإحصاءات مهمة، غير أنه يجب أن تتضح ماهية مخرجات هذه الإحصاءات والموضوعات التي قيلت؛ هذا هو المهم. الحصيلة النهائية هي المهمة: ماذا يصل إلى أيدي الناس؟

أول موضوع أريد التحدث عنه مسألة التحوُّل في السلطة القضائية. طبعاً، السلطة القضائية لديها دعامة أربعين وبضع سنين من الخبرة و«التجربة والخطأ»، وهذا مهم جداً. أربعون وبضع سنين ونحن نشهد في السلطة القضائية مشاريع متنوعة وبرامج مختلفة وإجراءات شتى، وهذا يضع تجارب متراكمة وكثيرة بين أيدي أصحاب الرأي. إنه أمر قيّم للغاية، ولا بد من الاستفادة من هذه التجارب من أجل التحول. لقد بيّنّا أيضاً معنى التحول. إنه يعني أن نعزّز النقاط الإيجابية، ونوصل السلبية إلى الصفر. هذا معنى التحول. يستلزم أحياناً إيصال النقاط السلبية إلى الصفر فعل تغيير مؤسساتي مهم، فيجب إحداث تغيير في المؤسسة، ويتعين أحياناً تغيير التوجُّهات، وفي حالات معدودة، يتعيّن تغيير الأشخاص. التحول يتطلب هذه الأمور، وهذا هو التحول.

أُعدَّ مشروع تحوُّلٍ في السلطة القضائية قبل بضعة أعوام من الآن. يقول كافّة الخبراء الذين تحدثوا حول هذا المشروع في بضعة الأعوام هذه، أو رفعوا تقريراً خطياً، أنه مشروع جيد، وهو مشروع مُتقن. هذا المشروع بين أيديكم الآن، وبين أيدي السلطة القضائية. لقد شدّدت عليه العام الماضي أيضاً. يتعين أن يمضي هذا المشروع قُدُماً، ويجب أن يتقدَّم، فقد كان تقدّمه ضئيلاً. يجب أن تتقدَّموا لكي يصبح مشروع تحوّل السلطة القضائية ووثيقة تحولها عمليّاً وعملانياً. بالطبع هو يحتاج إلى ميزانية، وعلى الحكومة والمجلس أن يساعدا، ويحتاج إلى قوى كفُؤة، وبحمد الله، ثمة في بعض الأماكن قوى كفؤة، وكذلك ربما ينبغي تعزيز مسألة القوى الكفؤة والقوية نوعاً ما في بعض الأماكن. يُحتمل أيضاً الحاجة إلى تغيير نقاط من الوثيقة، ففي نهاية المطاف، من الطبيعي أن كل وثيقة هي ليست دائمة وأبدية.

لربما يتعين تحديث بعض النقاط، وهذه أيضاً نقطة أخرى. ألقوا نظرة على الوثيقة، وانظروا أين تحتاج إلى تكميل، وأين تحتاج إلى تحديث، وحدِّثوها، لكن ينبغي العمل بها. الحُسن الذي تمتاز به هذه الوثيقة وكل وثيقة برنامجية أنها تجعل العمل منضبطاً، فتحُول دون تشتيت العمل، بل يتقدم منضبطاً، وهذا أمر مغتنم ومهم جداً. بالطبع هي أيضاً تحتاج إلى قانون. ثمة نقاط في تطبيق الوثيقة تحتاج إلى قانون، وهذه أيضاً يتعين أن يساعد فيها المجلس. يتعين عليكم أن تعملوا، وتطالبوا الحكومة والمجلس حتى يعدّوا لكم القانون.

لأنني قلت: يحتاج تحول السلطة القضائية إلى قوى كفؤة، فلأستغل هنا الفرصة ولأؤكد بناء قوى متخصصة وتدريبها، فهذا ضمن الأعمال الضرورية للغاية. ينبغي أن يكون تحت تصرف السلطة القضائية، في كل قسم من الأقسام، مجموعة جاهزة متخصصة وخبيرة لتستفيد منها كلما لزم الأمر وبرزت الحاجة لتبديل ما أو تغيير أو إضافة. قضية تأهيل وإعداد البديل هذه التي ذكرتها بشأن الأجهزة المختلفة مصداقها هنا هو تدريب هذه القوى المتخصصة التي تحدثت عنها. كانت هذه نقطة أؤكدها وأركز عليها. خذوا مسألة الوثيقة بهذه الخصائص التي ذُكرت على محمل الجد.

القضيّة التالية هي مكافحة الفساد داخل السلطة [القضائيّة] وخارجها أيضاً. هذه إحدى مسؤولياتكم. طبعاً، في ما يرتبط بداخل السلطة، قلت هذا لسماحة الشيخ محسني أيضاً، فقد كان لي لقاء مع سماحته أمس أو أول من أمس، وركّزت على هذا الأمر، [أيْ] داخل السلطة. طبعاً إنّ الغالبيّة الساحقة، وتقريباً الجميع في السلطة القضائيّة، هم من الشرفاء، سواء أكانوا القضاة أم الموظّفين، فهم يُنجزون عملاً صعباً بإمكانات ومداخيل قليلة، هي قليلة حقّاً. وينبغي ألّا تغيب كرامة هؤلاء الأعزّاء عن أنظار الإنسان. وهناك أقليّة صغيرة أيضاً يستغلّون الموقعية، فيشوّهون السلطة وصورتها في أنظار الناس. هذا الذي يفعل ذلك، أيْ من يرتكب عملاً مخالفاً، ليس قاضياً بالضرورة، فأحياناً يُقْدم السكرتير الفلاني في النيابة العامة الفلانيّة بالمدينة النائية الفلانية على خطوة معيّنة، فيروّجون لها ويُعمّمونها على السلطة ويَحكمون عليها انطلاقاً من ذلك. هذا مؤسف. تجب مكافحة هذا الأمر. ينبغي أن يحرص الأعضاء والأقسام في السلطة جميعهم على ألّا يتغلغل الفساد. الفساد أمرٌ معدٍ أيضاً. فعندما يخترق الفساد - لا سمح الله - قسماً معيّناً، يتفشى هذا المرض ويزداد يوماً بعد يوم. الفساد يتضاعف عندما لا يجري التصدّي للفاسد. كان هذا في ما يرتبط بداخل السلطة، وهكذا الحال بشأن خارجها. طبعاً الآخرون شركاء أيضاً خارج السلطة بشأن المسؤوليّة عن صدّ الفساد، أي إنّ فساداً يقع أحياناً، ومنشأ الفساد ليس بيد السلطة القضائيّة، بل الأمر بيد السلطة التنفيذيّة أو التشريعيّة أو القوات المسلّحة. عليهم هم إيقاف المناشئ لهذا الفساد ومنابعه. طبعاً في حال لم يحدث ذلك، تكون عندئذ مسؤوليّة السلطة القضائيّة أن تتدخّل. طبعاً إنّ بثّ المُغرضين ومرضى القلوب الشائعات، الذين ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾[4] حقّاً، بثّهم الشائعات ضدّ السلطة القضائيّة، بل أحياناً يثيرون الجدل ويقولون شيئاً ما، هو أكبر بكثير من واقع الأمر داخل السلطة. لكن لا تسمحوا بهذا الأمر! تابعوا [المسار]. كان هذا أيضاً في ما يرتبط بالنقطة الثانية التي ذكرناها حول قضية الفساد.

القضيّة الأخرى التي دوّنتها هنا وهي ضمن مناشئ الفساد وقلنا إنّها بيد السلطات الأخرى هي النقطة نفسها التي أشار إليها الشيخ محسني أيضاً [أي] سلب الاعتبار من المعاملات غير الرسميّة في الأموال غير المنقولة. هذا أمرٌ مهمّ. هناك أنواع كثيرة من الفساد المرتبط بالأموال غير المنقولة تنشأ من هذه المعاملات غير الرسميّة والمعاملات العاديّة، ويجب التصدي لها. الأمر على هذا النحو حقّاً، فعلى سبيل الافتراض لو كان هناك إشكالٌ أيضاً من وجهة نظر «مجلس صيانة الدستور» الموقّر في هذا القانون [المقدّم] من «مجلس الشورى»، فإنّ المصلحة الحتميّة للنظام والبلاد تكمن في متابعة هذا القانون، فهذا الأسلوب الرائج الآن، أن تكتبوا سطرين ويوصلونها وما إلى ذلك، هو في حدّ ذاته منشأ لأنواع كُبرى من الفساد. كان هذا بشأن هذه القضية.

القضية التالية مرتبطةٌ بالمسؤوليّات الأخرى للسلطة القضائيّة. حين ترجعون إلى الدستور، ستجدون أنّ مسؤوليّة السلطة القضائيّة لا تقتصر على إدارة المحاكم، أيْ إصدار الأحكام بشأن الدعاوى والنزاعات وأمثال هذه الأمور، فلا يقتصر الأمر على هذا، سواء في النيابة العامّة أو المحكمة. هناك مسؤوليّات مهمّة أخرى في الدستور تقع على عاتق السلطة القضائيّة. إحداها مثلاً إحياء الحقوق العامّة. هذا أمرٌ في غاية الأهميّة: الحقوق العامّة. إنّ تشخيص الحقوق العامّة يُعدّ قضيّة بحد ذاتها، وإحقاقها قضيّة أخرى، وهي صعبة جدّاً. من الحقوق العامّة - لو أردت أن أضرب مثالاً - الأمن النفسي للمجتمع. إنّ جلوس عدد من الأشخاص في زاوية وترويع الناس باستخدام الفضاء المجازي أو غير المجازي، وزعزعتهم الأمن الذهني للناس وترويعهم وأمثال هذه الأمور، بالطبع هذا مخالف لمقتضى إحياء الحقوق العامّة، ويجب أن تتدخّل السلطة القضائيّة هنا. طبعاً، لدي اطلاع أنّه في بعض الحالات خاض المدعون العامّون أحياناً في بعض الأمور وحقّقوا إنجازات أيضاً، لكن يجب أن يجري هذا العمل بتخطيط وانضباط. لا بدّ من هذا العمل وفق الأصول. وهذا العمل غائب، فيجب مثلاً أن تؤدوا الإجراءات اللازمة.

أو «تأمين الحريّات المشروعة»، إذ إن واحدة من مسؤوليات السلطة القضائية تأمين الحريات المشروعة. لقد دوّنوا هذا بدقة للغاية، وليست الحرية المطلقة، [إنما] المشروعة. الحريّة المشروعة هي نفسها التي يجيزها الشرع. هذا هو الدستور. يجب تأمين حريّات الناس ضمن إطار حكم الشرع. حسناً، قد تواجه أجهزة السلطة تعارضاً طبيعيّاً في حالات معيّنة. مَن الذي عليه أن يُسعف الناس في هذا الصدد؟ السلطة القضائية. فهذا واحد من الأعمال المهمّة للسلطة القضائية. أو مثلاً الوقاية من وقوع الجرم، وهذا بطبيعة الحال ضمن الأمور التي تؤدي فيها الأجهزة الأخرى أدواراً أيضاً. هذه أمورٌ جرى التصريح بها في الدستور ولا بدّ من التخطيط لها. هذه ليست أموراً تُحلّ بالكلام والحديث واتخاذ القرارات الموضعيّة والآنيّة والفرديّة والرئاسيّة وأمثال هذه الأمور، بل تحتاج إلى تخطيط ومراسيم وطرق وقوانين في بعض الأحيان، فتجب متابعتها. هذه الأعمال تحتاج إلى آليّات مدروسة ومنطلقة من الفكر. لا بدّ من الجلوس والتفكير والتفكّر. حسناً، إذن هذه هي الإمكانات القانونيّة للسلطة، وينبغي الاستفادة منها إلى أقصى حد.

النقطة الأخرى أيضاً هي قضيّة التعامل مع المراجعين وقد تحدّثنا عن هذا الأمر سابقاً[5] وجرى معالجته طبعاً في بعض الأماكن. لهذا الأمر أثرٌ كبير، فالذي يراجع المحكمة، إذا واجه عبسةً من ذاك الذي راجعه، سيخرج مكسور الخاطر من هناك. حتى لو عبستم ثمّ تابعتم عمله، يبقى لهذا الأمر ذلك الأثر السيّئ نفسه ولا يختلف، أي المعاملة الحسنة [ضرورية]. طبعاً هذا عملٌ صعب، وأنا أعلم ذلك. إنّ مراجَعات الناس أحياناً تُتعب المرء حقاً. يتعب الإنسان من كيفيّة المواجهة والمراجعة، وتتلف أعصابه، لكن لا بدّ من التحمّل.

الموضوع الأخير الذي أودّ الحديث عنه هو الصورة الإعلاميّة للسلطة القضائيّة. لا تمتلك السلطة القضائية صورة إعلاميّة جيّدة، ولا تتم الاستفادة الصحيحة من الإعلام والدعايات في هذه السلطة ومن أجلها. طبعاً، إنّ جانباً من هذا الأمر مرتبط بالأجهزة الإعلامية [مثل] الإذاعة والتلفزيون والصّحف وأمثالها، وجانبٌ آخر مرتبط بداخل السلطة نفسها. رحمة الله على المرحوم السيّد الموسوي الأردبيلي[6]، إذ كان آنذاك يشتكي من الإذاعة والتلفزيون لدينا ويقول إنّ أخبار السلطة القضائيّة تأتي بعد أخبار أوضاع طريق جيرفت، أنّه مغلقٌ [مثلاً]، أو هطل الثلج وما إلى ذلك! فبعد أن ذَكرَ [المذيع] هذه الأمور يحين الدور على السلطة القضائيّة. كانت هذه شكوى سماحته. طبعاً، ليس الأمر على هذا النحو الآن، فبحمد الله الأوضاع الآن أفضل من هذه الناحية، لكنّ صورة السلطة القضائيّة وهذه الأعمال كافة التي أُنجزت يجب أن يعلمها الناس ويطّلعوا عليها. طبعاً، هذه النقطة عينها التي أشار إليها الشيخ محسني، وهذه اللقاءات والجلسات مع مختلف الفئات، مهمّة جدّاً. إنها عملٌ مهمٌّ في الشّكل وعظيم، وكذلك عملٌ مهمٌّ في تحصيل النتيجة. حسناً، السلطة القضائيّة تتوسّع، ويتسع فكرها وتتّضح الآفاق أمامها. اجلسوا مع خبراء الحقوق ومختلف الأفراد: الخبير الاقتصادي، الخبير السياسي، الطالب الجامعي، الشباب الذين لديهم كلامٌ وادّعاء، الأستاذ، التاجر، الحوزويين... إن هذه الجلسات واللقاءات مع هؤلاء مهمّة جدّاً، ويجب أن تُعرض هذه الأمور ولا بد أن تُعرض بالأسلوب الصحيح، أي فليجرِ إعداد التقارير بصورة صحيحة.

أسأل الله المتعالي أن يعينكم لتتمكّنوا قريباً من أن تقلّصوا هذه المسافة التي كرّر سماحته القول [بشأنها] إنّه تفصلنا مسافة حتى بلوغ الوضع المنشود؛ هذا صحيح، فهناك مسافة حقّاً.

والسّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] في بداية هذا اللقاء، قدّم تقريراً رئيس السلطة القضائية، حجة الإسلام والمسلمين غلام حسين محسني إجِئي.
[2] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد‏، ج2، ص850.
[3] كلمته في لقاء مع رئيس السلطة القضائية ومسؤوليها، بتاريخ 28/06/2022م.
[4] سورة البقرة، الآية 10.
[5] كلمته في لقاء مع رئيس السلطة القضائية ومسؤوليها، بتاريخ 28/06/2022م.
[6] آية الله السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي.

2023-07-06