يتم التحميل...

لماذا العدل سيّد الفضائل؟

المعارف الإسلامية

العدل ضدّ الظلم، وهو مناعةٌ تردع صاحبها عن الظلم وتحفّزه على أداء الحقوق والواجبات. وهو سيّد الفضائل وقوام المجتمع المتحضّر، والارتباط العميق والصحيح بالحقّ تعالى، وسبيل السعادة والسلام. وقد اهتمّ الإسلام اهتماماً شديداً بهذه الفضيلة وأمر بها في القرآن والسنّة:

عدد الزوار: 36

 
العدل ضدّ الظلم، وهو مناعةٌ تردع صاحبها عن الظلم وتحفّزه على أداء الحقوق والواجبات. وهو سيّد الفضائل وقوام المجتمع المتحضّر، والارتباط العميق والصحيح بالحقّ تعالى، وسبيل السعادة والسلام. وقد اهتمّ الإسلام اهتماماً شديداً بهذه الفضيلة وأمر بها في القرآن والسنّة:

1- فضيلة العدل:
أ- في القرآن:

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾[1].
 
وقال عزّ اسمه: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾[2].
 
وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾[3].
 
وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾[4].
 
ب- في الروايات:
عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "قال أَمير المؤمنين عليه السلام: اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان"[5].
 
وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: "إنّ الناس يستغنون إذا عدل بينهم، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى"[6].
رُوي أنّ أبا عبد الله عليه السلام رأَى زاملة قد مالت، فقال: "يا غلام، اعدل على هذا الحمل، فإنّ الله تعالى يحبّ العدل"[7].
عن الإمام الرضا عليه السلام، قال: "استعمال العدل والإحسان مُؤذِن بدوام النعمة"[8].
 
وعن الإمام الصادقِ عليه السلام أَنّه سُئِل عن صفة العدل من الرجل، فقال: "إذا غضّ طرفه عن المحارم، ولسانه عن المآثم، وكفّه عن المظالم"[9].
 
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: "عَدْلُ ساعةٍ خيرٌ من عبادة سبعين سنةً، قِيامٍ ليلها وَصِيامٍ نهارها"[10].
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "العدل ميزان الله في الأَرض، فمن أَخذه قاده إلى الجنّة، ومن تركه ساقه إلى النار"[11].
 
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "العدل رأس الإيمان وجماع الإحسان"[12]، وعنه عليه السلام أيضاً، قال: "شيئان لا يوزن ثوابهما، العفو والعدل"[13].
 
2- أهمّيّة العدل:
النفوس السليمة فُطرت على حبّ العدل وبغض الظلم. وقد أجمع البشر على مرّ التاريخ، ورغم اختلاف الشرائع والمبادئ، على تمجيد العدل وتقديسه والتغنّي بفضائله ومآثره والتفاني في سبيله. وكيف لا؟! وهو رأس الإيمان، ومن صفات أولي الأمر، وباب البركات ودوام النّعم، وميزان الله في أرضه، الذي من تمسّك به قاده إلى جنّة الرضوان والنعيم، وهو سرّ حياة المجتمعات، ورمز فضائلها، وقوام مجدها، وضمان أمنها ورقيّها ورخائها. وما دالت الدول الكبرى وتلاشت الحضارات العظمى إلا بضياع العدل والاستهانة بمبدئه الأصيل ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾[14]. وقد كان أهل البيت عليهم السلام المثل الأعلى للعدل، وكانت أقوالهم وأفعالهم دروساً خالدة تنير للإنسانية مناهج العدل والحقّ والرشاد. وها هو سيّدهم أمير المؤمنين ومولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: "والله، لئن أبيت على حَسَكِ السَّعْدان[15] مُسَهَّداً[16]، أو أُجَرَّ في الأغلال مُصَفَّداً، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيءٍ من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يُسرِعُ إلى البِلَى قُفولُها، ويطول في الثرى حُلولُها؟!"[17].
 
 أنوار الحياة، دار المعارف الإسلامية الثقافية


[1] سورة المائدة، الآية 8.
[2] سورة النساء، الآية 58.
[3] سورة النحل، الآية 90.
[4] سورة الأنعام، الآية 152.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 85.
[6] م.ن، ج3، ص 568.
[7] الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه‏، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفاري، قم‏، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم‏، 1413 ه‏، ط 2،ج2، ص 292.
[8] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج11، ص 317.
[9] م.ن، ج11، ص 317.
[10] م. ن.
[11] م. ن.
[12] م. ن، ص 319.
[13] م. ن، ص 320.
[14] سورة النمل، الآية 52.
[15] السعدان، نبات له حسك، أي له شوك حادّ وقاس.
[16] المسهّد، الممنوع من النوم.
[17] نهج البلاغة، خطبة 224.

2023-02-02