كلمة الإمام الخامنئي (دام ظله) في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة
2021
كلمة الإمام الخامنئي (دام ظله) في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة
عدد الزوار: 180كلمة الإمام الخامنئي (دام ظله) في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة بتاريخ 27/9/2021م
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله. إنني ممتنّ جداً لله - تعالى - على منْحنا هذا التوفيق حتى نتمكن اليوم كما في السنوات السابقة أن نكون، على نحوٍ ما، في خدمتكم، أيها الشباب الأعزاء، ونستفيد من أنفاسكم الدافئة وقلوبكم الطاهرة والصافية عبر هذا اللقاء، إن شاء الله.
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (ع).
هذه الأيام الأربعون التي وقعت من عاشوراء إلى الأربعين هي من المراحل المهمة جداً في تاريخ الإسلام. إن يوم عاشوراء في ذروة الأهمية، وإن هذه الأربعين يوماً بين عاشوراء والأربعين هي مثل يوم عاشوراء. فإذا كان يوم عاشوراء ذروة المجاهَدة المقرونة بالتضحية - التضحية بالنفس، والتضحية بالأعزاء والأبناء والأصحاب -، فإن هذه الأربعين يوماً ذروة المجاهَدة المصحوبة بالتبيين والكشف والتوضيح.
لو لم تكن هذه الأربعون يوماً، ولولا وجود الحركة العظيمة لزينب الكبرى (ع) والسيدة أم كلثوم والإمام السجاد (ع)، لربما كانت عبارة «ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة»[1] لم تتحقق.
لقد كانت هذه الحركة العظيمة، وهذا الصبر الفائق لآل الرسول (ع) بقيادة زينب الكبرى (ع) والإمام السجاد (ع)، ما أدى إلى تخليد واقعة كربلاء، وكان هذا التبيين مكمّلاً لتلك التضحية بالمعنى الحقيقي للكلمة.
سأستخدم هذه الجملة للتعبير عن هذه القضية، أيْ أنتم، أيها الشباب والطلاب الأعزاء، وأنتم بالمعنى الحقيقي للكلمة ثمرة قلب الشعب والأمل لمستقبل هذا البلد، أَوْلوا أهمية لقضية «التبيين».
هناك حقائق كثيرة ينبغي تبيينها. في مواجهة هذه الحركة المضللة التي تتدفق من مئة اتجاه نحو الشعب الإيراني وتؤثر في الرأي العام - هذا أحد الأهداف الكبيرة لأعداء إيران والإسلام والثورة الإسلامية - وإبقاء الأفكار ملتبسة وترك أذهان الناس وخاصة الشباب، فإن حركة التبيين تحبط مؤامرة العدو وحركته.
إنه بمنزلة الواجب على كل واحد منكم أن تنيروا ما حولكم كالمصباح والنور. اليوم، لحسن الحظ، الميدان مفتوح لنشر الأفكار. هذا الفضاء العام إضافة إلى المشكلات التي قد يسببها، له أيضاً بركات كبيرة. يمكنكم نشر الأفكار الصائبة والصحيحة، والإجابة عن الإشكالات والإبهامات المختَلَقة في هذا الفضاء بالاستفادة من هذا الإمكان، كما يمكنكم الجهاد في هذا المجال بالمعنى الحقيقي للكلمة.
بالطبع، إن المبدأ الحاسم في هذا الشأن هو ضرورة اتباع نهج أخلاقي في أداء هذا العمل. علينا أن نجتنب بشدة ما يفعله بعضهم في الفضاء المجازي أو المطبوعات والمقالات وهنا وهناك من مواجهة للرأي العام بالسّباب والافتراء والخداع والكذب.
لا بدّ من نشر الحقائق بمنطق قوي وخطاب متين وعقلانية تامة، مع تزيينه بالعاطفة والمشاعر الإنسانية وتطبيق الأخلاق. علينا جميعاً اليوم أن نتحرك في هذا الميدان. كل واحد بطريقةٍ وبالسَّهم الذي لدينا في هذا الطريق.
أرجو أن يوفقكم الله - تعالى- جميعاً، إن شاء الله. إن شبابنا مجهّزون اليوم، بحمد الله. مجهّزون بالفكر والعقلانية والوعي الكبير، ويمكنهم بذل الكثير في هذه المجالات. أعدّوا أنفسكم، وعزّزوا هذه الوسائل داخلكم، وجهّزوا أنفسكم بالمعنى الحقيقي للكلمة وادخلوا هذا الميدان، ميدان التبيين والكشف، أي الطريق الذي سلكته زينب الكبرى (ع) في هذه الأربعين يوماً.
عظمة هذه الأيام الأربعين تعود إلى ما فعلته هذه العظيمة (ع) والإمام السجاد (ع) والبقية الذين كانوا من حولهم، وتحمّلوا المشقات. و[إذا أردنا] التحدث بلغة العزاء، ففي الحقيقة، جاءت زينب الكبرى (ع) يوم الأربعين وقدّمت إلى الإمام الحسين (ع) تقرير العمل: إننا فعلنا هذه الأعمال، وذهبنا بهذا النحو، وتحمّلنا مثل كذا، وعبّرنا وبيّنا بهذه الطريقة.
أرجو أن يوفقكم الله - تعالى – جميعاً، إن شاء الله. نهج الإمام الحسين (ع) نهجٌ مبارك، نهجٌ عذب وموفّق ويصل إلى نتيجة حتمية. وسوف تتمكنون، إن شاء الله، بالاستلهام من الحركة الحسينية والاستفادة من المعارف الحسينية من إيصال هذا البلد إلى قمم السعادة بالمعنى الحقيقي للكلمة، السعادة المعنوية والمادية أيضاً. هذا هو الطريق. إنه الطريق فعلاً. الطريق الصحيح هو التحرّك في شعاع نور التوجيهات الحسينية وأئمة الهدى (ع) والقرآن والعترة.
موفّقون، إن شاء الله. أسأل الله أن يوفقكم ويتقبل منكم، إن شاء الله. أسأل الله أن يشمل بألطافه هذه الدموع الصافية والقلوب الطاهرة والمنيرة، وأن يمنّ علينا ببركة وجودكم - أنتم الشبابَ - إن شاء الله، وأن يزيّن هذا البلد، إن شاء الله، بتحركاتكم المجاهِدة والمنطقية والمتينة، أيها الشباب.
يسعدني أنني تمكنت من أن أكون اليوم أيضاً في خدمتكم، وأسأل الله - تعالى - الرحمة والرضوان لروح الإمام (الخميني) الطاهرة وأرواح الشهداء الطيبة، وشهيدنا العزيز الشهيد سليماني ورفاقه، والعالم القيّم المتوفّى أخيراً، المرحوم الشيخ حسن زاده (رض).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج6، ص113، «زيارة الأربعين».
2021-09-30