كلمة الإمام الخامنئي المتلفزة الموجّهة إلى الشعب الإيراني
2021
كلمة الإمام الخامنئي المتلفزة الموجّهة إلى الشعب الإيراني
عدد الزوار: 98 النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي المتلفزة الموجّهة إلى الشعب الإيراني 2021/05/02
الأمريكيون يمنعون العلاقات السياسية للدول المجاورة مع الجمهورية الإسلاميّة
بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولا سيما بقية الله في الأرضين.
السلام على أمير المؤمنين وإمام المتّقين وأفضل الوصيّين وحجّة ربّ العالمين ورحمة الله وبركاته.
أيّام الضّيافة الإلهيّة، والاستعداد لنيل الرّحمة الإلهيّة
قمّة شهر رمضان هي أيام القدر وليالي القدر المباركة. ولقد وصلنا إلى هذه القمّة. [يجب] أن نغتنم الفرصة الفريدة للتوسّل والتضرّع والدعاء والطلب من ربّ العالم. هذا شهر الضيافة الإلهية، وأفضل الضيافات الإلهية هي في هذه الأيام المباركة. هذا الدعاء الذي تقرؤونه، هذا التوسّل الذي تفعلونه، هذه الدمعة التي تذرفونها، كلّها ضيافات الله التي أُعطيت لكم. اعرفوا قدرها وادعوا لأنفسكم ولكل إخوتكم في الدين والوطن والمجتمع، واسألوا الله، واطلبوا مطمئنين منه الإجابة.
ورد في الرواية أنه عندما تدعون، يجب أن يكون لديكم اطمئنان أن هذا الدعاء سوف يُستجاب. ليس هناك أي قصور من جانب الله. إنه الكرم المحض. [لكن] أحياناً لا يكون إناؤنا جاهزاً لتلقي ذلك اللطف والرحمة الإلهية. لنَسْعَ أن نعدّ أنفسنا لتلقي الرحمة الإلهية بالاستغفار، وبمزيد من التوجّه والتضرّع. بقيت ليلتان من ليالي القدر، فلنُقدّر ذلك. أنا أيضاً أسألكم الدعاء جميعاً، أيها الأعزاء الذين تسمعون وتشاهدون.
حسناً، في بداية حديثنا اليوم أتوجّه بحديث مختصر محبّةً لمولى المتّقين - صلوات الله وسلامه عليه - ثم سأقول بضع كلمات بمناسبة عيد المعلم وعيد العمال، وبضع كلمات حول المعلمين الأعزاء، وبضع كلمات حول العمال الأعزاء، إن شاء الله.
الإمامة المعنويّة والسّامية لأمير المؤمنين (ع)
في ما يخصّ أمير المؤمنين - عليه الصلاة والسلام - وتعريف شخصية هذا العظيم إحدى المراحل هي مرحلة الإمامة لذلك العظيم. الإمامة لا تعني رئاسة الدين والدنيا وهذا الكلام الذي نقوله عن الإمامة. ليس هذا المقصود، بل الإمامة التي قالها الله - تعالى - للنبي إبراهيم (ع): {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (البقرة، 124).
حسناً، متى قيل هذا لإبراهيم (ع)؟ هذا بلا شك في زمن كِبَرِ إبراهيم (ع)، لأنه (ع) في جواب الله يقول: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (البقرة، 124). واضح أنه (ع) لديه ذرّية. وذرية النبي إبراهيم (ع) هي في مرحلة شيخوخته؛ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} (إبراهيم، 39). النبي (ع) في مرحلة الشباب ومنتصف العمر وحتى في أوائل كهولته لم يكن لديه ولد. الابن كان في نهاية المطاف. فهذه الإمامة مرتبطة بأواخر الحياة للنبي إبراهيم (ع)، في حين أن إبراهيم (ع) كان نبياً منذ عقود قبل ذلك، والأنبياء هم رؤساء الدين والدنيا. لا شك في ذلك، ولكن هذه الإمامة أعطاها الله - تعالى - لاحقاً. إذن، هذه الإمامة مرحلة أخرى، إنها شيء أسمى، إنها أمر معنوي. مسألة الإمامة لا يمكن قياسها ووزنها بموازيننا العرفية هذه. هذا ما نادى به الإمام الصادق (ع) في منى أمام حشود الناس: «إِنَّ رَسولَ الله كان الإمام»(1). كان النبي إماماً. الإمام هو بذلك المعنى [المقصود].
حسناً، إنها مقام سامٍ وعالٍ، وللإنصاف إنّ فهمها خارج عن إدراكنا. الآن، بصرف النظر عن المعصومين (ع) أنفسهم، كان هناك نخب وعظماء بلغوا المفاهيم العالية للإمامة. ربما يوجد أشخاص في عصرنا، وهناك أشخاص من قبلنا أيضاً، وقد سمعنا أسماءهم أو رأينا آثارهم من بعيد. [مثل] المرحوم الحاج ميرزا جواد آغا ملكي التبريزي، الذي رحل عن الدنيا قبل نحو مئة عام تقريباً، كتب في كتاب المراقبات كلاماً حول أمير المؤمنين (ع) ومقام الإمامة هذا. نحن لا نستطيع الوصول إلى هذه الأشياء.
الشّخصيّة الفريدة لأمير المؤمنين (ع) في المعايير الدّنيويّة
بغض النظر عن هذه المرتبة المعنوية العالية والمهمة جداً أميرُ المؤمنين (ع) أيضاً شخصية فريدة وفقاً للمعايير الدنيوية والبشرية. فبعد النبي الأكرم (ص) لعلّه لا تمكن الإشارة إلى أيّ شخص آخر بهذه الخصوصيات التي عند أمير المؤمنين (ع). لذلك، ترون أنّ لديهم حبّاً لأمير المؤمنين (ع) وأتباعه وغير أتباعه، فكثيرون هم الذين يحبّونه من غير الشيعة، وغير المسلمين، وغير المتدينين بأي دين، وما إلى ذلك. أولئك الذين عرفوه مثلاً ويدركون المفاهيم المتعلقة بهذا الرجل العظيم لديهم يريدون ذلك الإمام، ويحبون ذلك الإمام، [وهذا] بسبب الخصوصيات الموجودة في هذا الرجل العظيم، وأبرزها، في المقام الأول، عدالة ذلك العظيم، تلك العدالة غير المتساهلة، والشاملة، ومن دون أي استنسابية، هذه العدالة العجيبة والغريبة التي يحار المرء حقاً حين سماعها... أو ذلك الزهد، وأنه لا يكترث للدنيا لشخصه. هذا الرجل العظيم الذي كان يعمّر الدنيا، ويقود الناس إلى النمو والترقي المادي والروحي، لكنه لم يكن يريد لنفسه شيئاً. وما رُوِيَ عنه محيّر حقاً. أو شجاعة ذلك العظيم، القلب الرحيم لذلك العظيم تجاه الضعفاء، العزم الراسخ لذلك العظيم تجاه المتغطرسين والظالمين والمستكبرين وتضحيته في طريق الحق وبحر حكمته - كلامه بحر من الحكمة وفعله جبل ثابت -... حقاً هناك أشياء عجيبة في حياة هذا العظيم، وقد اجتمعت هذه الصفات العجيبة والغريبة [فيه]، وقد اعترف بها أعداؤه أيضاً، ولكن لا يوجد مجال لأقولها الآن.
[مثلاً] قال عروة بن الزبير لابنه الذي تحدث عن الإمام (ع) بسوء، قال جملة محيرة وعجيبة: «الله هو الذي عظّمه، ومهما يفعلون، فإن علوّه ورشاده سيزداد»، مع أن عائلة الزبير، وبخاصة أبناء عبد الله بن الزبير، كانوا سيئين أصلاً مع أمير المؤمنين (ع). حسناً، هذا في ما يخص هذا العظيم، وفي هذه الخصوصيات كلها أيضاً يكون هذا العظيم في ذروة الكمال. وهو ما يعني أن هذه الخصوصيات موجودة فيه بمنتهى الكثرة والتألّق. وهي التي يجب أن نجعلها قدوة لنا.
السّعي إلى التّقدّم، والاقتداء بالخصوصيّات الشّخصيّة لأمير المؤمنين (ع)
بالطبع، نحن متأخرون كثيراً في هذه المجالات. سواء على المستوى الشخصي، يجب على المرء أن يقتدي في هذه الخصوصيات بهذا العظيم ويتّبعه، أو على مستوى الآداب لممارسة الحكم. حسناً، الحكومة اليوم بيد أتباع أمير المؤمنين (ع). لا بدّ أن نراعي الأسلوب نفسه، الطريقة نفسها، الخصوصيات نفسها، العدالة نفسها، الشجاعة نفسها، الزهد نفسه في أفعالنا وسلوكنا، وبالطبع نحن متأخرون. يجب أن نحاول ونسعى إلى المضيّ قدماً في هذه المجالات.
نموذج من تضحية أمير المؤمنين (ع) وحماسته للشّهادة
حسناً، لأن اليوم التاسع عشر هو يوم ضربة هذا العظيم، أقول جملة عن تضحية هذا الإمام (ع) وحماسته للشهادة. هذه من نهج البلاغة. الخطبة 156 من نهج البلاغة. يقول الإمام (ع) إنه عندما نزلت آية {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت، 2)، وأُثير موضوع الفتنة، أدركتُ أنه ما دام النبي (ص) بيننا، هذه الفتنة لن تحدث، هذه الفتنة هي لما بعد الرسول (ص). لقد تحدثت إلى النبي (ص)، وسألته، وكان للنبي (ص) كلام أيضاً، وكلام النبي (ص) مذكور في تلك الخطبة طبعاً.
عندما يقول الرسول الأكرم (ص) هذه الأمور لأمير المؤمنين (ع)، تلميذه الأفضل، يبدو أن الحماسة والشوق للشعور بالتكليف والإحساس بالمسؤولية تصل إلى الهيجان عند الإمام (ع)، فيقول للنبي (ص) جملة سأقرؤها لكم: «فقلت يا رسول الله: أوليس قد قلت لي يوم أحد حين استشهد من استشهد من المسلمين، وحيزت عنّي الشهادة، فشقّ ذلك عليّ، فقلت لي أبشر فإن الشهادة من ورائك».
فيقول: قلت للنبي (ص) - الآن بلساننا - يا رسول الله، هل تتذكر أنه في يوم أحد، عندما استشهد حمزة، واستشهد بعض أصدقائنا ولم أستشهد مع كل تلك الجراح التي أصابتني، كان ذلك صعباً جداً عليّ أن أتخلف عن الركب ولم أستشهد، فالتفتّ وقلت لي أنْ عزيزي علي، أبشر، سوف تستشهد أيضاً. هل تذكر؟ «فشقّ ذلك عليّ فَقُلتَ لي أَبشِر إنّ الشهادة من ورائك»(2). في ذلك اليوم، أخبرتني بشرى لك يا عزيزي علي! إن الشهادة من ورائك وسوف تستشهد. كأنّ الإمام يسأل: حسناً والآن قد مرّت سنوات، فلماذا لم أستشهد؟ «فَقالَ لي إنَّ ذلِكَ لَكذلِك». رداً على هذا قال الرسول (ص) هذا القول: عزيزي علي، هذا صحيح، سوف تستشهد. ثم قال: فكيف صبرك؟ الآن وقد صار مصيرك الشهادة فكيف صبرك على الشهادة؟ حسناً، الاستشهاد في ساحة المعركة ليس أمراً صعباً. لنفترض، على سبيل المثال، أن رجلاً أُصيب برمح أو سيف في ذلك اليوم، اليوم يصاب برصاصة ويُستشهد. ليس أمراً مهماً. الاستشهاد في ساحات القتال العظيمة التالية حيث يتحمل الإنسان المصاعب مهم جداً. استشهد أمير المؤمنين (ع) بعد مرحلة صعبة، وذلك في المحراب، وبتلك الطريقة الصعبة. لذلك، قال النبي (ص): فكيف صبرك؟ عندما تصير الشهادة من نصيبك، كيف ستصبر على الاستشهاد؟ فقلت يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر. هذا ليس مكاناً للصبر. الصبر يكون على الأمر المرّ. الإنسان يصبر على الأمر غير المرغوب فيه. «ولكن من مَواطن البُشری والشكر». هذا من أحد الأماكن التي ينبغي للإنسان أن يبشّر فيها نفسه ويشكر الله. هذا الطلب للاستشهاد هو خصوصية أمير المؤمنين (ع)، وقد وصل الإمام (ع) إلى هذا المقصد في مثل الليلة الماضية، عندما ارتفعت صرخة: «تهدّمت والله أركان الهدى وقُتل علي المرتضى». هذه الشهادة جاءت من الضربة التي حدثت بها. جرى ذلك لأمير المؤمنين (ع) الليلة الماضية، صلوات الله عليه.
نماذج للمقتدين بأمير المؤمنين (ع) في وقتنا الحاضر
حسناً، الشكر لله أن رجالاً مضحين كانوا وما زالوا في زماننا، ورأينا كثيراً من الأشخاص الذين اقتدوا بأمير المؤمنين (ع) في هذا الصدد واتّبعوه. كانوا عاشقين للشهادة، كانوا يسعون للشهادة، كانت لديهم أمنية الشهادة، والله - تعالى - جعل الشهادة من نصيبهم. الشهيد سليماني كان قد هدّده الأعداء بأننا سنقتلك. هذا العظيم قال لأصدقائه إنهم يهدّدونني بالشيء الذي أبحث عنه في الجبال والصحاري والوعور والمرتفعات. إنهم يهددونني بها! نسأل الله، إن شاء الله، أن يجعلنا من أتباع هذا الطريق لنسلكه، وأن يجعلنا بين الذين يتمتعون بهذه المزيّة العظيمة، إن شاء الله.
السّمات البارزة والمهمّة للشّهيد مطهّري
1- إنتاج الفكر ونشره مع التسلّط في القضايا الفكريّة
أما عن يوم المعلم، فيصادف يوم المعلم في الجمهورية الإسلامية يوم استشهاد المعلم العظيم الشهيد (مرتضى) مطهري (رض). هناك خصوصية للشهيد مطهري يجب أن يقتدي بها حقاً المعلمون جميعاً - معلمو الحوزات العلمية أو الجامعات أو المدارس والتربية والتعليم - ويجب أن تكون قدوة لهم.
حسناً، الشهيد مطهري كان رجلاً عالِماً، كان رجلاً متفكّراً، كان حقاً عالِماً، كان فيلسوفاً، كان فقيهاً، كان لديه تسلّط كامل في القضايا الفكرية. كانت هذه الخصوصيات في هذا [الرجل] العظيم، ولكن تلك الخصوصية المهمة للغاية والخاصة به كانت أنه كان ينتج الفكر وينشره أيضاً. نشر الفكر مهم جداً.
هذا العظيم كان لا يهدأ. لم يكن لديه هدوء وسكون. نحن شاهدنا ذلك. كان يفكر دائماً، وحريصاً دائماً على نشر الفكر الصحيح والفكر المتقن والعميق بين مخاطبيه. وكان قد بدأ جهاداً برمجياً بكل ما للكلمة من معنى لسنوات مديدة. كان يواجه الأمواج المهاجمة، ويلتحم معها بصدره، ويتصادم معها ويتغلّب عليها.
لم تكن القضية المهمة له الأمواج الفكرية الماركسية والشرقية فقط، سواء الشرقية أو الغربية، سواء الفكر الماركسي أو الليبرالي السائد في الغرب، كان يواجهها كلّها... عندما [ينظر] المرء إلى كتب ذلك العظيم. بالطبع، شهدنا أنشطته من كثب أيضاً.
2- إرشاد المخاطب وتقريب القابليّات الفكريّة والعلميّة من احتياجات المجتمع
كان يهدي مخاطبه ويُضفي عليه في مسير الفكر الصحيح الطمأنينةَ والسكينةَ. كان الشهيد مطهري عارفاً بالمسؤولية، كان ذا توجّه تكليفي، كان لديه حقاً همّ الواجب. لم يتعطّل عن العمل أبداً. كان لديه التراث العلمي لأسلافه، وقد أضاف إليه أيضاً الكثير من الذخر، وقدّمه كلّه إلى مخاطبيه، سواء في صفوف الدراسة في الجامعة، وخلال زمن قصير في الحوزة - عندما كان يذهب إلى قم حيث لديه صفوف درس في حوزة قم - أو في المكتوبات، أو في المحاضرات التي كان قد ألقاها في اللقاءات الجامعية والطالبية الكثيرة والمتعددة وفي اللقاءات المختلفة.
على أيّ حال، كان هذا هو الوضع الفكري والعملي لهذا العظيم. وكان ينقلها إلى الجيل اللاحق. المهم أنه كان يقرّب ويوجّه قابليات المجال الفكري والمجال العلمي كلها نحو المرحلة المطلوبة ومتطلّبات المجتمع. أي كانت أولويات المجتمع معيار سعيه. كان ينظر، ويجد الأولويات الفكرية للمجتمع، ويَعرفها جيداً، وللإنصاف، كان يشخّصها جيداً، ويوجّه هذه القابليات الفكرية كلها نحو هذه الأولويات. حسناً، يجب أن يضع المجتمع القيّم لمعلّمينا الأعزاء هذا كله في إطار عملهم.
نقل المدّخرات العلميّة إلى الجيل المقبل
وصَون فكر المخاطب، والمسؤوليّة الثّقيلة على المعلّمين
عمل المعلم هو نقل المدّخرات العلمية والتراث العلمي للبشرية إلى الجيل المقبل. عليه أن ينقلها إلى الجيل المقبل بأمانة تامّة، وبكلّ قدرة ومهارة، وأن يعدّ مخاطبيه وتلاميذه ليصيروا من أهل الفكر ويضيفوا [شيئاً] إلى هذه المدّخرات. هذه من إحدى المهمات المُهمّة للمعلم. إنها مسؤولية ثقيلة وتتطلب إحساساً كبيراً بالمسؤولية. هذا يجب أن يكون همّ المعلم. كذلك على المعلمين الانتباه، وهذه إحدى المسؤوليات المهمة للمعلمين الذين عليهم أن يصونوا فكر مخاطبيهم - الطلاب والتلاميذ والشباب والطلبة وغيرهم - كما كان الشهيد مطهري يفعل هذا الأمر.
المعلمون ضبّاطٌ لتقدّم البلاد وإيمانهم بهذا الدور
حسناً، لحسن الحظ، إمكانية التعليم موجودة بصورة واسعة اليوم في بلدنا. في الماضي، لم يتوفّر بالتأكيد هذا القدر من إمكانية التعليم في أنحاء البلاد جميعاً للشباب والفتية وحتى الأطفال. اليوم، ببركة الثورة الإسلامية، ببركة الجمهورية الإسلامية، هذه الإمكانية متاحة. هذه الإمكانية متاحة للمعلمين، ومعلمونا الأعزاء هم جزء مهم من هذه الإمكانات. هذا يعني حقاً أن إمكانية التعليم، بحمد الله، قد اكتسبت غنىً بزيادة عدد المعلمين وعلمهم العالي واستعداداتهم. لذلك، يمكننا القول إن المعلمين هم ضباط فيلق لتقدّم البلاد.
إذا أردنا تشبيه الحركة العامة لتقدم البلاد بحركة فيلقٍ، فإن الضباط الشباب في هذه المجموعة هم المعلمون الأعزاء. يجب أن يؤمنوا هم أنفسهم بهذا الدور. حسناً لقد قلت الآن المعلمين الشباب، لأن العديد من معلّمينا اليوم هم من الشباب، وإلّا فهناك معلّمون كبار في السن وكادحون وفاعلون، وقد اجتهدوا لسنوات طويلة ولا يتخلّون عن مهنة التعليم. من كثرة اهتمامهم بمهنة التعليم، لا يسلخون قلوبهم عنها، ويظلون يعملون بها، حتى مع تقدّم السن. في النهاية، يجب أن يؤمن المعلمون أنفسهم بهذا الدور الحيوي والمهمّ. عندما يؤمنون، هم بطبيعة الحال سيشعرون بالمسؤولية بالمقدار نفسه.
الجهاد المستمرّ والدّائم للمعلّمين لمواجهة الهجمة الفكريّة للأعداء على الشّباب
الوجه الآخر لهذه الصفحة أنه في بلدنا قلّما تعرّض الشباب والناشئة للتهديد والهجمة الفكرية والأخلاقية بهذه الطريقة. بالطبع، خلال النظام البهلوي، أوجد هذه الهجمة مسؤولو البلاد أنفسهم، [لكن] هذه الهجمة اليوم موجودة عبر الأجانب، عبر الأعداء، عبر المنحرفين. طبعاً لدى معلّمينا تلك القابليات العظيمة من جهة، ومن جهة أخرى هم يواجهون هذا الهجوم الشامل. بين هاتين عليهم أن يحملوا على عاتقهم جهاداً مستمراً ودائماً وحقيقياً وأن يجاهدوا بالمعنى الحقيقي للكلمة. يجب أن يقوموا على عمل يقرّب المتساقطات من الصفر ويضع الإنباتات في أعلى مستوى.
مسؤوليّة الأقسام المختلفة تجاه المعلّمين والتّعريف بمكانتهم العالية
بالطبع الآخرون أيضاً مكلّفون حقاً تجاه مجتمع المعلمين. جميعنا مكلّفون تجاه مجتمع المعلمين، ولدينا مسؤولية كبيرة. القضية الرئيسية هي رفع المكانة لمهنة التعليم. لقد أكدت هذه القضية في عدد من خطاباتي، وما زلت أؤكد أن مكانة المعلم عالية. علينا أن نفهّم ذلك للجميع، ويجب أن يتحوّل هذا إلى ثقافة عامة.
في ما يخص العامل هذه المسألة نفسها موجودة أيضاً، وسأتحدث عن ذلك. مكانة المعلم يجب أن تصير معروفة. مهنة التعليم عمل عظيم جداً، عمل مهم جداً وقيّم للغاية. على التربية التعليم أن تؤدي دوراً، وعلى الأجهزة الثقافية والتبليغية أن تؤدي دوراً. يجب أن يكون الهدف لهؤلاء جميعاً هو تعريف الناس بالمكانة الرفيعة للمعلم. طبعاً حلّ العقدة المعيشية هو أيضاً مَهمة ضرورية جداً ومُهمة للغاية، ويجب إنجازها، وهي أساساً على عاتق الحكومة و«مجلس الشورى الإسلامي».
بشأن موضوع يوم العمال... حسناً كان لدينا برنامج جيد في يوم العمال العام الماضي. كان برنامجاً من بعد، ولكن كان هناك اتصال متلفز مع مراكز صناعية وعمالية متعددة. تحدثنا إلى كلٍّ من العمال وروّاد الأعمال. استمعنا لكلامهم وقلنا لهم أشياء عدة. كان لقاؤنا العام الماضي جيداً جداً ولا يُنسى. هذا العام، للأسف، بسبب الانتشار الأخير لهذا الفيروس المنحوس، لم تتوفر الإمكانية لهذا. أي لم يكن من الممكن للعمال أن يجتمعوا في مكان واحد، ونتحدث معهم، حتى من بعد. وكما يقولون، إنّ خطر هذا النوع من التابعية الإنجليزية لهذا الفيروس على ما يبدو أعلى من الأنواع الأخرى!
حسناً بخصوص العامل هناك مسألة هي أن نرى ما شأن العامل. وهناك مسألة [أخرى] هي أنني سأتحدث حول دعم العمال. وهناك مسألة أيضاً هي حول إيجاد العمل وإيجاد فرص العمل والعمل. سأقول جملتين أو ثلاثاً حول كلٍّ منها.
العمّال: الرّكيزة الأساسيّة للإنتاج واقتصاد البلاد
أما في مدح العامل، فيكفي أن يده هي اليد التي يحبها الله - تعالى – ورسوله (ص). رسول الله (ص) قبّل يد العامل، وهذا يكفي [لإدراك] قيمة العامل. إنّ المجتمع العمّالي له حقّ كبير في عنق أفراد المجتمع كلهم، لأنه في اقتصاد مستقل محوريّ الإنتاج، ويريد أن يقف على قدميه ولا يعتمد على هذا أو ذاك، ولا يعتمد على الخارج في القضايا الأساسية للاقتصاد، في مثل هذا الاقتصاد، يلعب العامل دوراً رئيسياً. من أهم الأدوار دورُ العامل، فهو الركيزة الأساسية. يعتمد الاقتصاد المستقل على الإنتاج المحلي، فيما يعتمد الإنتاج المحلي على العامل، وفي النتيجة، العامل هو الركيزة الأساسية. هذا الدور أيضاً من الأدوار التي يجب على الناس الانتباه إليها، وأن تصير ثقافة عامة. كما قلنا عن المعلمين، يجب أن تعمل وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والدعائية في هذه المجالات أيضاً.
الحقّ العظيم للعمّال في الجمهوريّة الإسلاميّة
بالطبع، في الجمهورية الإسلامية، حقوق العمال أكبر من أي مكان آخر. السبب أنه في الجمهورية الإسلامية، منذ البداية الأولى لتأسيس هذا النظام، سعى الأعداء والأجانب والمسيئون إلى تحريض الطبقة العاملة ضد الجمهورية الإسلامية. لقد تعرضوا لإغراءات شديدة، [لكن] الطبقة العاملة وقفت بصلابة، وقفت في خدمة النظام، وقفت إلى جانب النظام، وفي «الدفاع المقدس» كان لهم الحضور بالمعنى الحقيقي للكلمة. لديهم هذا الحق العظيم على الجمهورية الإسلامية. بعض عمالنا الأعزاء ضحّوا بأرواحهم في «الدفاع المقدس».
دعم العمّال: آثاره وبركاته
لكن قضية دعم العمال مهمّة للغاية، وقد أكّدت دائماً هذا في ما قلته عن العمال، ولا أزال أفعله اليوم. كان شعارنا هذا العام: «الإنتاج والدعم وإزالة الموانع»(3). حسناً، من أهم الأنواع لدعم الإنتاج دعم العمال ومساندتهم. إذا أردنا دعم الإنتاج المحلي للبلد، الإنتاج الوطني للبلد، يجب علينا دعم العمال. هذا نوع مهمّ من الدعم. بالطبع، يجب أن نلتفت إلى أن حماية العامل هي في الواقع حماية للثروة الوطنية. أي إذا كان عامل بلد ما فعّالاً ونشيطاً ويعمل جيداً، يحرز هذا البلد ثروة وطنية وهذه الثروة تصنع له ماء الوجه، وهذه الثروة توجد له الاقتدار. لذلك، يجلب العمال الاستقلال إلى البلاد والاقتدار وماء الوجه. إذا دعمت العامل، هذه هي آثاره وبركاته.
أنواع دعم العمّال
1- تعليم المهارات
بالطبع، حماية العمال التي نقولها ليست فقط أن نرفع مثلاً الحدّ الأدنى للأجور لهؤلاء كل عام أو عامين بما يتناسب مع التضخم. هذا نوع من الدعم. ولكن هناك أشكال أخرى يجب أخذها بالاعتبار. الأول هو مسألة تعليمهم المهارات. لا بدّ من التخطيط الموسّع حتى نتمكن من تعليم المهارات لعمالنا - سواء كانوا عمالاً صناعيين أو زراعيين، وأنواع العمال جميعاً - ورفع مستوى مهاراتهم، ورفع مستوى تخصصهم، وهو أمر مفيد للغاية لهم وكذلك يضفي الجودة على العمل ويجعله ذا قيمة. هذا نوع من الدعم.
2- التّأمين والرّعاية الصّحيّة
مسألة التأمين والرعاية الصحية هي أيضاً قضيّة مهمّة في دعمهم. إن التأمين للعمال والرعاية الصحية والعلاجية لهم أمر لازم وهو بالطبع ملحوظ في بعض المؤسسات العامة. على الجميع الامتثال، وأن يكون هذا من القضايا الرئيسية في الموضوع العمالي.
3- الأمان الوظيفيّ
مسألة الأمان الوظيفي وضمانة حفظ العمل هي أيضاً من أنواع الدعم. أي يجب ألّا يقلق العامل من بقاء عمله أو سلبه منه. هذا واحد من الأسباب الرئيسية التي تجعلنا نشعر بحساسية شديدة بشأن إغلاق المصانع - سأشير إليها لاحقاً بجملة – إذ يجب أنْ يتمتع العامل بأمان وظيفي وأنْ يعرف أنّ عمله ووظيفته مضمونان.
4- المسكن
قضية أخرى هي سكن العمال، وهو أمر مهم. اليوم، يجري إنفاق جزء كبير من دخل العمال على استئجار المسكن. يجب أن نفكر بصورة أساسية في سكن العمال. بالطبع، سمعت أن «مجلس الشورى الإسلامي» قد أدرج هذا في الميزانية لهذا العام، فإذا ما كان الأمر على هذا النحو، إن شاء الله، وتمّ جيداً وتحقّق، سيكون ذلك دعماً كبيراً.
5- إيجاد علاقة منطقيّة وعادلة بين العامل وصاحب العمل والحكومة
دعم آخر هو إقامة علاقة منطقيّة وعادلة عامة بين العامل وصاحب العمل والحكومة. إيجاد علاقة عادلة، هذا أيضاً دعم للعمال. وهذا بالطبع من مسؤوليات وزارة العمل التي يجب أن تعمل في هذه المجالات.
هناك قضية مهمة أخرى يجب التطرّق إليها في باب العمل والعمال هي خلق فرص العمل وإيجاد الوظائف، وهي مسألة مهمة أخرى. فإذا كان لدى الحكومات التخطيط الصحيح لخلق فرص العمل وتابعوا هذا التخطيط بعناية وانضباط، واستفادوا من إمكانات البلاد وقدراتها وقدرات القطاع الخاص في خلق فرص العمل، نعتقد أن هذا سيكون عوناً كبيراً لاقتصاد البلاد ولتقدّمها وصحة اقتصادها. النمو الاقتصادي يعتمد على هذه [القضية].
البركات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة
لخلق فرص العمل والعواقب السّلبيّة للبطالة
أريد أن أقول إنّ خلق فرص العمل ليس له بركات اقتصادية فحسب، بل له أيضاً بركات اجتماعية، فضلاً عن السياسية. إن العمل نفسه والتوظيف للناس، وخاصة للأجيال الشابة، مصدر للنشاط والحركة والشوق والحيوية والانتعاش. ترون مدى البهجة والنشاط لدى العامل أو رجل الأعمال الذي يعمل ويبذل الجهد ويكون عمله ناجحاً! النقطة المقابلة: البطالة هي حجر الأساس للفساد، وأرضيّةٌ للتشاؤم والافتراء، وللإدمان، والانحراف الأخلاقي، وحتّى للانحرافات الأمنية. في النتيجة، إن قضية العمل ليست مجرد قضية اقتصادية، بل إن خلق فرص العمل وخلق الوظائف قضية شاملة الأبعاد ومتعددة الأوجه ومهمّة للغاية. على الحكومات أن تضع من أهم خططها كيفية خلق فرص العمل. يجب أن تمتلك هذه البرامج. تلك من القضايا الاقتصادية المنتظرة.
إغلاق المصانع ضربة للإنتاج وخيانة لاستقلال البلاد
ثم هنا يجب أن أحذّر أولئك الذين تسبّبوا في إغلاق المصانع. للأسف، أُغلق عدد من المصانع، وقد رأينا تقارير حول بعضها، والآن صرنا نطّلع أكثر على بعضها الآخر. بعض الأشخاص يأخذون المصنع بإحدى الطرق لمصلحتهم الخاصة، ثم لاستخدام أرض ذلك المصنع، يطردون العمال بطريقة ما ويحوّلون معدات المصنع وآلاته إلى نقود، ثم يحتفظون بالأرض حتى تسنح الفرصة المناسبة لتحويلها إلى مبنى ويكتسبون قيمة مضافة باطلة ومحرّمة في هذا المجال، سواء عرفوا ذلك أو لم يعرفوه، فهذا في الواقع خيانة. بعض الناس لا ينوون الخيانة وينوون السعي وراء مصالحهم الشخصية فقط، لكن هذه خيانة. إنها خيانة لاستقلال البلاد، إنها خيانة لاقتصاد البلاد، إنها خيانة للشعب وللعمال. هذه ضربة للإنتاج. عندما يصير العامل متعطلاً عن العمل ويتوقف المصنع عن العمل، يجب استيراد منتج ذلك المصنع، ثم تظهر المشكلات نفسها التي نواجهها اليوم في الواردات، وإضافة إلى أن الموارد المالية للبلاد وموارد النقد الأجنبي للبلد يجب أن تذهب إلى الخارج، سنواجه مشكلات الحظر وهذه الأشياء. هذه [القضية] ترجع أيضاً إلى حقيقة أن بعض الناس عطّلوا الثروة الرئيسية للبلاد، وهي ثروة الإنتاج.
بطالة العمّال وظلم الموظّفين
فضلاً عن ذلك عندما يصير عدد كبير من العمال متعطلين عن العمل، يتعرض الموظفون للظلم أيضاً. لأنه عندما يزداد عرض العمالة، تنخفض قيمة عمله بصورة تلقائية. عندما تكون نسبة البطالة مرتفعة، لا يستفيد العامل بقدر ما يستحق. لذلك، هي [قضية] مهمة للغاية. يجب أن تفكر الأجهزة ذات الصلة بجدية. في الحكومة الأجهزة ذات الصلة في هذه الحالة هي بصورة رئيسية وزارة الصناعة ووزارة الزراعة وهذه الوزارات التي تقوم على الإنتاج، وينبغي أن تؤدّي الدور [اللازم]. طبعاً أبعاد هذه القضية أوسع من هذه. قد أشرت الآن باختصار. هذا أحد البرامج الرئيسية لاقتصاد البلاد، ويجب التعامل مع أولئك الذين يغلقون الأجهزة الحالية بأي حال من الأحوال.
تفعيل ورشات العمل الصّغيرة والمتوسّطة في البلاد:
من طرق الإنتاج للثّروة وخلق فرص العمل
أحد الأشياء التي طلبتها سابقاً - هو بالطبع رأي الاقتصاديين؛ سمعنا وتعلمنا منهم - أنّ ورشات العمل الصغيرة والمتوسطة الحجم في أنحاء البلاد جميعاً يجب أن تكون نشطة. بالطبع ورشات العمل الكبيرة مهمة للبلد، لكن التوسع في ورشات العمل الصغيرة والمتوسطة التي تفيد في كلِّ مكان وكلَّ شخص مصدرُ ثروة للعموم وللطبقة المتوسطة وللطبقة الفقيرة، ولإيجاد فرص العمل في جوانب البلاد وأنحائها جميعاً التي تتضمن آلاف الحالات في أنحاء البلاد. يجب إحياء هؤلاء.
التّعزيز الحقيقيّ للإنتاج الوطنيّ أنجحُ طريقة لتحييد الحظر ورفعه
آخر شيء عن قضايا العمل: [لأن] في هذه الأيام هناك حديث عن الحظر وأشياء من هذا القبيل - بالطبع لمدة طويلة، ولسنوات عدة قد أثيرت قضية الحظر، وهذه الأيام تُطرح أيضاً -، في رأينا، أفضل وأنجح طريقة لتحييد الحظر هو هذا الجهد الحقيقي - ليس الجهد الشعاريّ [بل] الجهد الحقيقي - لتعزيز الإنتاج الوطني. إذا تمكّنا من تعزيز الإنتاج الوطني بطريقة صحيحة، وتابعناه عبر التخطيط والمواظبة، اطمئنوا إلى تحييد العقوبات أولاً، ثم معالجتها أيضاً. أي عندما يرى الطرف الآخر أن البلد لم يتعرض لضربة من الحظر، وصار نشطاً، وتزايدت جهوده الداخلية، سيكون مضطراً إلى رفع العقوبات بنفسه. حسناً انتهت هذه الموضوعات.
الانتخابات فرصةٌ فريدة لتقوية أسس البلاد
أشير بجملة إلى الانتخابات والقضايا المتعلّقة بالانتخابات. نريد أن نوضح نقطتين: الأولى أن الانتخابات فرصة مهمة بالمعنى الحقيقي للكلمة ولا ينبغي إحباط الناس عن [المشاركة في] الانتخابات. هذه قضيّة، وقضيّة أخرى هي أن الانتخابات لا يجب أن تُدمر بالكلمات غير المجدية، والوعود الخادعة، ودون أساس. على أولئك الذين يرغبون في المشاركة في هذه الحملة الانتخابية أن يفكّروا بالمعنى الحقيقي للكلمة ويعرضوا الأعمال على الناس بالمعنى الحقيقي للكلمة.
في النقطة الأولى الانتخابات فرصة عادلة. أي هي فرصة لا يمكن تعويضها. لا شيء يحلّ محلّ الانتخابات في البلاد وفي تعزيز الأسس لاقتدار البلاد. الانتخابات هي حضور الشعب، وعندما يكون الناس حاضرين، لا يمكن لأي قوة زعزعة النظام. الانتخابات مظهر مهم من المظاهر لحضور الشعب. لذلك، إن الذين يشاركون في الانتخابات يعملون بالفعل من أجل اقتدار بلدهم وحمايته وأمنهم، ومن أجل مستقبل الوطن ومصير البلاد.
إجراء انتخابات سليمة في أنحاء الجمهوريّة الإسلاميّة جميعاً
هناك من يسعى إلى إحباط الناس بتشويه الانتخابات، وتشويه العاملين في الانتخابات، سواء في «مجلس صيانة الدستور» الموقّر أو الأجهزة الأخرى. يشوّهون عملهم. هذا خطأ. لقد أجرينا عدداً من الانتخابات منذ بداية الثورة حتى اليوم - عشرات الانتخابات - وتمت جميعها بصورة سليمة. قد تكون هناك مخالفات طفيفة في بعض الأماكن – حدث هذا في بعض الحالات - لكن لم يكن لها أيّ تأثير في نتائج الانتخابات، لأنني تابعت القضية. في إحدى الحالات التي اشتكوا فيها، تابعنا القضايا - أي كانت هناك أماكن جرى فيها تقديم شكاوى بوقوع هذه الانتهاكات، وتابعناها، وحققنا فيها، وأجرينا تحقيقاً جاداً - ولم يكن هناك أبداً انتهاك يعد خيانة أمانة أو قد أثّر في نتيجة الانتخابات؛ لم يحدث ذلك مطلقاً في انتخاباتنا. لقد كانت انتخاباتنا مصحوبة بالأمانة وكانت سليمة. هذه النقطة الأولى.
تجنّب التجنّي في الانتخابات
طبعاً هناك من يقبلون الانتخاب عندما تكون نتيجة الانتخابات هي ما يريدونه! إذا كان لهم ما يريدونه من الانتخابات، يرونها سليمة ويقبلونها، وإذا لم تعجبهم، يتهمون الانتخابات ويتهمون أولئك الذين أجروها، في أي قسم. في بعض الأحيان، كما حدث عام 2009، يثيرون أعمال شغب، وهي بالطبع اتهامات غير منصفة، وأعمال الشغب تلك جريمة. بعضهم كذلك. هذا خطأ، أي لا ينبغي فعله. إذن، هذه قضيّة.
الحاجة إلى تقديم برنامج وتجنّب تصريحات المرشّحين التي لا أساس لها
المسألة التالية هي أن بعض الذين يدخلون السباق الانتخابي يدلون بتصريحات ليست جيدة، كلام مخادع، تصريحات ليس لها أي دعائم فكرية أو تستند إلى برنامج. هكذا إنهم يدّعون شيئاً، ويقولون شيئاً، دون التفكير أو حتى معرفة إمكانات البلاد. قد لا يكون العديد من الإخوة الذين يدخلون هذا المجال على دراية تامة بالعديد من إمكانات للبلاد، ودون حساب صحيح، فيقولون شيئاً ما، ويقولون كلاماً ما، ويقدمون الوعود. هذه [التصرفات] ليس جيّدة. يجب أن يُقدم البرنامج بالمعنى الحقيقي للكلمة، وأن يكون على نحو يقرّه الخبراء عندما ينظرون إلى خطاب شخص مرشّح يتحدث إلى الناس، أي يقرّون في قلوبهم أن هذا الكلام متقنٌ وجيّدٌ.
التزام المرشّحين الدّستورَ في الانتخابات
في بعض الأحيان، يقول بعضهم أشياء تظهر كأنهم لا يقبلون أساس الدستور. حسناً من يريد أن يتولى الرئاسة ويريد الترشح لها عليه أن يؤمن بالإسلام وبصوت الشعب وبالدستور. يجب أن يؤمن بهذه كلها وإلا [إن] لم يكن مؤمناً بها، فهو لا يستحق هذا المعنى. تُسمع أحياناً كلمات لا تتناسب مع هذه الوظيفة المهمّة. نحن نطالب بهذا ونطالبهم بشدة بالتزامه.
حرصُ المسؤولين على تجنّب تكرارهم كلام الأعداء
طبعاً سُمع بعض الكلام من بعض مسؤولي الدولة هذه الأيام، وهو مصدر استغراب وأسف. وسمعنا أن وسائل الإعلام المعادية والمعارضة للجمهورية الإسلامية نشرت هذا الكلام أيضاً. يأسف المرء حقاً عندما يسمع هذه المسائل. بعض هذا الكلام هو تكرار للكلام العدائي من أعدائنا، تكرار لكلام أمريكا.
الآن، افرضوا مثلاً أن الأمريكيين مستاؤون جداً وغير راضين عن تأثير جمهورية إيران الإسلامية في المنطقة لسنوات. كانوا مستائين من «قوة القدس» لهذا السبب. كانوا مستائين من الشهيد سليماني لهذا السبب. اغتالوا الشهيد سليماني لهذا السبب. أيّ شيء يكون عاملاً للتأثير المعنوي للجمهورية الإسلامية في المنطقة يضرّ بهم. لا ينبغي أن نقول شيئاً يوحي بأننا نكرر كلامهم. سواء عن «قوة القدس» أو شخص الشهيد سليماني.
تتكون سياسة الدولة من مجموعة متنوعة من البرامج الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والعلمية والثقافية، بما في ذلك العلاقات الدبلوماسية والخارجية. مجموع هذه [البرامج والعلاقات] تشكّل سياسة البلد. على الجميع السعي معاً، وعليهم المضي قدماً معاً. لا معنى إطلاقاً أن ينكر هذا القسمُ القسمَ الآخر، وهذا ينكر ذلك، لأنه خطأ كبير، ويجب ألّا يصدر عن مسؤول في الجمهورية الإسلامية ومسؤولي الجمهورية.
«قوّة القدس» عاملٌ لتحقيق السّياسة المُعزّة للجمهوريّة الإسلاميّة في المنطقة
للإنصاف، إنّ «قوة القدس» هي العامل الأكبر في منع الدبلوماسية الانفعالية في غربي آسيا. حققت "قوة القدس" سياسةً مستقلةً للجمهورية الإسلامية وسياسةً مُعزّةً لها في غربي آسيا.
إصرار الغربيين على تبعيّة الجمهورية الإسلامية وانفعالها... وسياستنا المستقلة
الغربيون يصرّون على أن تميل السياسة الخارجية للبلاد إليهم وتكون تحت رايتهم، وذلك على شكل تبعية. هذه هي رغبة الغربيين، لأنها كانت هكذا منذ سنين. في كلٍّ من أواخر فترة القاجار وخلال الفترة الطويلة للعهد البهلوي، كانت إيران تحت هيمنة السياسات الغربية. جاءت الثورة الإسلامية وأخرجت إيران من تحت الهيمنة.
على مدى أربعين عاماً، كان سعي الغربيّين - سواء أمريكا أو أوروبا - استمرار هيمنتهم السابقة على هذه البلاد. لذلك، ترون أنه عندما تقيم الجمهورية الإسلامية علاقات مع الصين، يغضبون، وعندما تقيم علاقات سياسية أو اقتصادية مع روسيا، ينزعجون ويغضبون. عندما نريد إقامة علاقات مع جيراننا، يدخلون على الخط، ويضعون جيراننا المساكين الضعيفين تحت الضغط فيمنعونهم.
هذه هي الحالات التي شهدناها، وأعرف حالات متعددة لدول عربية وأخرى مجاورة، بل حتى كبار المسؤولين كانوا يريدون السفر إلى إيران، فذهب الأمريكيون ومنعوهم لئلّا يسافروا، أي يعارضون أيّ تحرّك لدبلوماسيّتنا. لا يمكن أن نتصرّف بانفعال مقابل مبتغاهم. يجب أن نتصرّف باستقلالية وعزة ومثابرة وقوة، وقد فعل بعضهم في المنطقة ذلك، وبحمد الله، وصلوا إلى نتيجة.
تحديد السّياسة الخارجيّة للدّول كافّة في المجامع العليا لا وزارة الخارجية
فليعلم الجميع هذا: السياسة الخارجية لا تتحدد في وزارة الخارجية في أي مكان في العالم. السياسة الخارجية في أنحاء العالم جميعاً تعود إلى المجامع العليا لا وزارة الخارجية. إنّ المجامع العليا والمسؤولين الرفيعي المستوى في البلاد هم من [يحددون] السياسة الخارجية.
بالطبع، تشارك وزارة الخارجية فيها، لكن الأمر ليس كأن يكون القرار تابعاً لها. كلّا، وزارة الخارجية هي المنفّذ. [تنفّذ] السياسات الخارجية. الشيء نفسه هنا في بلدنا: تُتخذ القرارات في «المجلس الأعلى للأمن القومي» ويكون المسؤولون جميعاً حاضرين هناك، وعلى وزارة الخارجية أن تنفّذها وتمضي بها بأساليبها الخاصة.
على أي حال، يجب ألا نتحدث بطريقة توحي أننا لا نؤمن بسياسات الدولة ولا نقبلها. علينا أن نكون حذرين. احذروا من إسعاد العدو أيضاً. حقاً ينبغي ألّا تكون [أقوالنا] على نحو نُسعدُ به العدو. أتمنى لجميع المسؤولين في البلاد الذين يرغبون فعلاً أن يخدموا نظام الجمهورية الإسلامية وبلدهم ووطنهم وشعبهم، أن يوفّقهم الله، إن شاء الله، لكي يتمكّنوا من فعل ذلك بأفضل وجه ممكن.
نتمنى أن يوفقنا الله - تعالى - لما فيه رضاه ونصرته، وإن شاء الله، سنكون قادرين على خَوض هذا الطريق، ونسأل الله أن يشملنا دعاءُ ولي العصر، أرواحنا فداه. في هذه الليالي الدعاء مهمٌّ لتعجيل الفرَج. الدعاء مهمٌّ جداً للوجود المبارك لإمام الزمان، سلام الله عليه وعجّل الله فرَجه وأرواحنا فداه. ذلك العظيم سيدعو لكم أيضاً عندما تدعون له، وحضرته يدعو لكم أيضاً، ودعاء ذلك العظيم، دعاءٌ مستجاب. نسأل الله أن يشملنا دعاءُ ذلك العظيم، إن شاء الله، وأن يُرضي عنا ويُسعدَ الأرواح الطيّبة للشهداء العظماء، والروح المطهّرة لإمامنا العظيم الذي نفتقدُ حضورَه حقّاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- الكافي، ج. 4، ص. 466.
2- بحار الأنوار، ج. 42، ص. 282.
3- من كلمته بمناسبة عيد النوروز، في 20/3/2021.