خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ
رجب
مِن دعاءِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) في كُلِّ يومٍ مِن رجب: «خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ، وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلّا لَكَ، وَضاعَ المُلِمُّونَ إِلاّ بِكَ، وَأَجْدَبَ المُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ».
عدد الزوار: 303
مِن دعاءِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) في كُلِّ يومٍ مِن رجب: «خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ، وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلّا لَكَ، وَضاعَ المُلِمُّونَ إِلاّ بِكَ، وَأَجْدَبَ المُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ».
إنّ أشرفَ ميزةِ عبادِ اللهِ الحقيقيّينَ أنهم من الموحِّدين، وهذا التوحيدُ كمالُهُ الإخلاصُ للهِ -عزَّ وجلَّ-، بمعنى أن لا يكونَ للهُ -عزَّ وجلَّ- شريكاً في دعاءٍ أو طلبٍ أو رجاءٍ أو أملٍ أو حاجة، بل يكونُ التوجُّهُ التامُّ للعبدِ خالصاً للهِ -عزَّ وجلَّ-.
وفي هذه الفقرةِ درجاتٌ من التوحيدِ بلسانِ بيانِ ما هي الخسارةُ التي تلحقُ بمن يفيدُ أو يتعرَّضُ أو يتّجهُ إلى غيرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، وذلك على النحوِ التالي:
1- خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ: الوافدُ هو الإنسان، عندما يذهبُ إلى أحد، ولديه الحاجة، يطلبُ الاستجابةَ لها وتلبيتَها، ولا شكَّ في أنه يكونُ متلهِّفاً لهذه الحاجة، ويرى أنَّ ذهابَهُ سوف يثمرُ الوصولَ إلى غايتِه، وبما أنَّ الأسبابَ كلَّها بِيَدِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، فهو مالكُ السمواتِ والأرض. وبما أنّ اللهَ هو الأقربُ إلى عبادِه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾؛ فإنَّ الصوابَ أن يتّجهَ الإنسانُ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ-، فلا بُدَّ مِن أن يَظفَرَ بحاجتِه، وأمامَ مَن ذَهَبَ إلى غيرِهِ فقد أخطأَ الطريق، ولن ينالَ ولن يَظفَرَ بحاجتِه؛ لأنَّ العبادَ كلَّهم مملوكونَ للهِ -عزَّ وجلَّ-.
2- خَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلّا لَكَ: لَمّا كانتْ أساليبُ طَلَبِ الحاجة متعدِّدة، فقد يكونُ طَلَبُ الحاجةِ بطريقةِ إظهارِها دونَ التصريحِ بها، بل يقفُ الإنسانُ أمامَ غيرِهِ مُظهِراً لمسكنتِهِ وهو يأمَلُ أن يلتفتَ ذلك إليه فيقضيَ له حاجتَه، وهنا يكونُ الفشلُ نصيبَ مَن يقفُ هذا الموقفَ أمامَ غيرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، وذلك لأنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- هو الأعلمُ بحالِ عبادِه، وَبِيَدِهِ قضاءُ حاجاتِهم، فَلْيكنْ إظهارُ المسكنةِ بينَ يدَيِ العزيزِ الجبّار.
3- ضاعَ المُلِمُّونَ إِلّا بِكَ: يذهبُ صاحبُ الحاجةِ وفي نفْسِهِ الخضوعُ والالتزامُ بأنَّ الإصرارَ والإلحاحَ بابٌ مِن أبوابِ الوصول، فإنْ كانَ هذا في غيرِ محلِّهِ وموضِعِهِ فمصيرُهُ الضياع، وأمّا مَن ذهبَ إلى اللهِ وَأَنْزَلَ حاجتَهُ عندَهُ فالفلاحُ نصيبُه. وفي دعاءِ الصباح: «يا خَيْرَ مَنْ دُعِي لِكَشْفِ الضُّرِّ وَالْمَأمُولِ لِكُلِّ عُسْر وَيُسْر بِكَ أَنْزَلْتُ حاجَتي فَلا تَرُدَّني مِنْ سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِباً».
4- أَجْدَبَ المُنْتَجِعُونَ إِلّا مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ: صُورةٌ تشبيهيّةٌ في هذا الدعاء، فإنَّ الراعي يذهبُ بِغَنَمِهِ إلى المنتجَعِ حيثُ يكونُ العُشب، فإذا كان مُقفِراً قد أصابَهُ القحط، فلن يتمكَّنَ مِنَ الرعي، وذلك حالُ الإنسانِ في كُلِّ شيء، حيثُ يَذهَبُ إلى المكانِ الذي يرى فيه الأسبابَ الموجِبَةَ للوصولِ إلى حاجتِه، والمكانُ الذي لا يصيبُهُ القَحطُ هو ما يكونُ في ظِلِّ رعايةِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وفضلِه، وعدا ذلكَ لن يَجِدَ الإنسانُ إلّا القحط.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين