الّذين مَضَوْا عَلَى الْحَقِّ
جمادى الأولى
عن أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليه السلام): «أَيْنَ إِخْوَانِيَ الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّرِيقَ، ومَضَوْا عَلَى الْحَقِّ. أَيْنَ عَمَّارٌ؟ وأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ؟ وأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ؟ وأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ».
عدد الزوار: 262
عن أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليه السلام): «أَيْنَ إِخْوَانِيَ الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّرِيقَ، ومَضَوْا عَلَى الْحَقِّ. أَيْنَ عَمَّارٌ؟ وأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ؟ وأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ؟ وأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ».
يصفُ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) جَمْعاً مِن أصحابِهِ الذينَ نالوا درجةَ الشهادةِ الرفيعة، وَيَبُثُّ نجواهُ مُبيِّناً صفاتِهِمُ البارزةَ التي تتجدَّدُ في كلِّ زمانٍ مع شهداءِ ذلك الزمان، وعلى رأسِهِمُ الشهيدُ القائدُ «الحاج قاسم سليماني»، ورفيقُهُ «الحاج أبو مهدي المهندس»، وهذه الصفاتُ تتمثَّلُ في ما يأتي:
1. الإستقامةُ على الحقّ: وهي أعظَمُ ما أَمَرَ اللهُ بهِ نبيَّهُ (صلى الله عليه وآله)، قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. تقولُ الروايةُ عنِ الإمامِ الحَسَنِ (عليه السلام) لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآية: «شَمِّروا، شَمِّروا! فما رُؤِيَ ضاحكاً».
وَمَن شَمَّرَ كان مصداقاً لقولِ الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾.
وتمثِّلُ مدرسةُ الإسلامِ المحمَّديِّ الأصيل -كما أطلَقَها عليها الإمامُ الخمينيّ- مدرسةَ الاستقامةِ التي يَشهَدُ الإمامُ الخامنئيُّ (حفظه المولى) أنه: «كان القائدُ الشهيدُ قاسم سليماني نموذجاً بارزاً لِمَن تربَّوا في الإسلام، وفي مدرسةِ الإمامِ الخمينيّ».
وَلَمَّا كانَ قِوامُ الاستقامةِ أداءَ التكليف، كان ذلكَ الصفةَ البارزةَ في الشهيدِ القائدِ سليماني. يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (حفظه الله): «كان دقيقاً جدّاً في مراعاةِ الحدودِ الشرعيّة. قد ينسى الأفرادُ أحياناً الحدودَ الإلهيّةَ في ساحةِ الحرب، فيقولون مثلاً: ليس الآنَ وقتُ هذا الكلام... أمّا هو فلا؛ كان حذراً. في الموضعِ الذي لا ينبغي فيه استخدامُ السلاح، لم يكن يستخدمُه. كان يَحذَرُ مِن أن يُحْدِثَ اعتداءً أو ظلماً على أحد، فيحتاطُ ويلتزمُ بأمورٍ لا يَرى كثيرونَ أنها ضروريّةٌ في الميدانِ العسكري».
2. بَذْلُ المُهَجِ في سبيلِ الله: فالمجاهدونَ اجتمَعوا وتعاقَدوا على بذلِ أرواحِهِم في سبيلِ الله، يحدوهُمُ الشَّوقُ الخاصُّ إلى لقاءِ الله، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) خلالَ دعوتِهِ الناسَ إلى الجهاد: «مَنْ رَائِحٌ إِلَى اللَّهِ كَالظَّمْآنِ يَرِدُ الْمَاءَ! الْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِي».
وبهذا النَّحْوِ كانَ شوقُ الشهيدِ القائد «سليماني» للشهادة، وبهذا وَصَفَهُ الإمامُ الخامنئيُّ(حفظه الله) حيثُ يقول: «لقد تعرّضَ الحاج قاسم مرّاتٍ ومرّاتٍ للشهادة، لكنّهُ لم يكن يَأبَهُ لشيءٍ وَلِأَحَدٍ في سبيلِ الله، والجهادِ وأداءِ المسؤوليّة... إنّ استشهادَ اللواء سليماني على يَدِ أشقى النّاسِ في العالَم؛ أَيِ الأمريكيّين، وتباهيهِم بهذه الجريمة، يشكِّلُ قيمةً مضافةً لذلك المجاهدِ الشّجاع... جهادُهُ كان جهاداً عظيماً، وقد جَعَلَ اللهُ شهادتَهُ شهادةً عظيمة. هذه نِعمةٌ عظيمةٌ استحقَّها الحاج قاسم، هنيئاً له. كان ينبغي للحاج قاسم أن يُستشهَدَ على هذا النّحو».
ويَذكُرُ ذلك سماحةُ الأمينِ العامِّ فيقول: «الحاج قاسم كان يسعى وراءَ الشهادةِ منذ أنْ كان شابّاً. ليالي كثيرةٌ كان يقضيها باكياً، عندما يُذكَرُ الشهداءُ يبكي، في كثيرٍ من اللقاءاتِ كان يقول لي: لقد ضاقَ صدري في هذه الدنيا مِن شِدَّةِ شوقي للقاءِ اللهِ وللشهداءِ الذينَ مَضَوا».
نسألُ اللهَ عُلُوَّ الدرجةِ للشهيدَينِ الجليلَين «الحاج قاسم سليماني» و«الحاج أبو مهدي المهندس».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين