يتم التحميل...

صدى الولاية - العدد 207 - رجب 1441 هـ

رجب

عدد الزوار: 427

 

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

* بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) أعظم الأيّام
لو كانت عظمة الأيّام وأهميّتها بكونها زمناً أنزل الله تعالى فيه لطفه على البشر، فباليقين أنّ يوم البعثة هو أعظم أيّام السنة وأهمّها؛ لأنّ نعمة بعثة النبيّ الأعظم على البشريّة هي أعظم من جميع النعم الإلهيّة على مرّ التاريخ. لهذا يمكن القول بكلّ جرأة: إنّ يوم المبعث هو أسمى وأعظم أيّام السنة كلّها وأكثرها بركة.

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الأُمَم». فالبعثة وقعت بعدما كانت البشريّة محرومة -ولعصورٍ طويلة- من حضور الأنبياء الإلهيّين. فقد مرّ على ظهور النبيّ عيسى (عليه السلام) نحو ستمائة سنة، فلمئات السنين والبشر لم يروا سفيراً إلهيّاً بينهم. وماذا كانت النتيجة؟ «والدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّورِ ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ»، كانت الدنيا مظلمة، والمعنويّات فيها ضامرة، والناس يسيرون في متاهات الجهالة والضلالة والغرور. ففي مثل تلك الظروف أرسل الله تعالى النبيّ محمّداً (صلى الله عليه وآله).

* بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ودرس الصبر
انظروا -اليوم- إلى العالم؛ القوى المهيمنة والمستكبرة فيه تصنع الأسلحة مهدّدة البشريّة لا من أجل بسط العدل، إنّما تفعل ذلك للمزيد من الظلم، ولا لأجل تقديم الأمن للبشريّة؛ بل لتسلب الأمن من أولئك الذين لا يخضعون لها.

إنّ الله تعالى بيّن للنبيّ (صلى الله عليه وآله) -في بداية البعثة- مجموعة من العقبات التي قد تواجهه في طريقه؛ ليكتسب من خلال التغلّب عليها القدرة على حمل الرسالة الثقيلة والمسؤوليّة الجسيمة، ومن جملة هذه العقبات الصبر ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ (المدثِّر: 1-7). فقد وضع الله تعالى عقبة الصبر أمام النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا بدّ من الصبر؛ أي عدم الشعور بالضجر، والتغلّب على المشاكل، فطريقنا مملوء بالمشاكل، وعلينا أن لا نُهزم أمامها، وهذا أيضاً من الدروس التي علّمنا إياها لنا الإمام (قدّس سرّه) عمليّاً؛ فقد كان الإمام (قدّس سرّه) صابراً. عندما كان صوت الإمام (قدّس سرّه) يصدح في مدينة قمّ، لم يكن يجد له ناصراً سوى الطلّاب؛ لقد كان غريباً، الإمام كان غريباً في وطنه وفي مدينته، لكنّه كان ثابتاً.

لقد تعرّض هذا الرجل العظيم لأنواع الضغوط -المادية والمعنوية- لكنّه صمد وثبت «المؤمن كالجبل الرّاسخ لا تحرّكه العواصف» ـ فلم تكن تلك العواصف تحرّك تلك الإرادة الفولاذية وذلك العزم الراسخ؛ لأنّ عين الماء عندما تنبع من أعالي الجبال سترتوي السفوح والوديان؛ لقد تدفّق الصبر من الإمام، فتعلم الآخرون الصبر منه، وصبروا.
* بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وبشرى الحياة الدائمة
االبعثة هي بشرى بالحياة الهادئة المتلازمة مع العدالة، والمنسجمة مع خلقة الإنسان. وبالتأكيد تبع هذه البشرى البشارة بالثواب الإلهيّ الذي يرتبط بالحياة الدائمة للإنسان. لهذا، فإنّ بعثة النبيّ في الواقع هي بعثة الرحمة؛ فبفضلها شملت الرحمة الإلهيّة عباد الله، وفُتح هذا الطريق أمام البشر، وطُرحت العدالة والأمن؛ وبفضل هذه التعاليم بيّن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) للبشريّة سبل السلام وسبل الأمن. وسبل السلام والأمان والهدوء والأمن هذه تتعلّق بجميع البيئات التي تهمّ الإنسان؛ بدءاً من البيئة الداخليّة المعنويّة للإنسان، ومروراً بالبيئة الاجتماعيّة، الأسريّة، بيئة العمل والتكسّب، بيئة الحياة الجَماعيّة، وانتهاء بالبيئة الدوليّة، وهذا ما كان يسعى الإسلام من أجله.

* بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وصنع الحضارة الإسلاميّة
لقد أعدّ الله تعالى النبي المكرّم (صلى الله عليه وآله)، هذا العنصر اللائق، من أجل تحقيق حركة عظيمة على مرّ تاريخ البشرية. لهذا تمكّن (صلى الله عليه وآله) وعبر 23 سنة من أن يوجد تيّاراً استطاع أن يتفوّق على جميع الموانع والمشكلات، ويتقدّم بالتاريخ إلى يومنا هذا.

23 سنة زمنٌ قصير. وفيها 13 سنة من الجهاد في غربة، وفي مكّة بدأ مع خمسة أشخاص ثمّ عشرة ثمّ خمسين، وتمكّنت فئة قليلة من مقاومة الضغوط الهائلة للأعداء المتعصّبين والجهلة. تمكّن من بناء أركان مُحكمة لإشادة مجتمعٍ وحضارة إسلامية. ولاحقاً هيّأ الله تعالى ظروفاً تمكّن النبيّ (صلى الله عليه وآله) معها من الهجرة إلى المدينة ليوجد هذا النظام وهذا المجتمع، وليخطّط لهذه المدنية.

لقد استطاع النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) في هذه المدّة أن يغرس هذه الغرسة ويسقيها ويهيّئ لها أسباب النموّ. أوجد حركة أدّت إلى هذه الحضارة التي بلغت قمّة التمدّن البشريّ في عصرها؛ أي في القرن الثالث والرابع الهجريّين. لم يُشاهد في كلّ عالم ذلك اليوم مع السوابق الحضاريّة والحكومات المقتدرة والتراث التاريخي المتنوع كلّه أيّ حضارة بعظمة الحضارة الإسلاميّة ورونقها؛ وهذا هو فنّ الإسلام.

* بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لكلّ الناس
إنّ البشرية في الوقت الراهن -حقّاً- أحوج ما تكون إلى إدراك معنى البعثة وحقيقتها من أيّ وقت آخر.

لقد وجّه القرآن الكريم خطابه في هذه الآية الشريفة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾، إلى البشرية كلّها، ثمّ يقول في آخرها: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (التوبة: 128).

آلام البشر، والشدائد الـمُلمّة بحياة الناس وبالمجتمعات البشريّة، إنّما هي عبءٌ ثقيلٌ على نفس النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فإنّه ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾، ومتشوّق إلى هدايتكم وسعادتكم؛ فالبعثة جاءت لجميع الناس.

* من أهمّ نتائج البعثة
إنّ للبعثة جهاتٍ وأبعاداً عدّة. حُزَمُ النور التي سطعت على البشريّة من هذا الحدث ليست واحدة أو اثنتين، لكن البشريّة اليوم بأمسّ الحاجة لقضيّتين ناجمتين عن البعثة: إحداهما إثارة الأفكار والتفكير، والثانية تهذيب الأخلاق.و لو توافرت هاتان المسألتان، فسوف تؤمّن المطالب المزمنة للبشريّة. سوف تؤمّن العدالة والسعادة والرفاه الدنيويّ.

1- تهذيب النفوس
قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ﴾، وبعد التزكية يقول: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ (سورة الجمعة: 2)؛ وهذا هدف سامٍ.
وعنه (صلى الله عليه وآله): «إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق». تزكية النفوس وتطهير القلوب والارتقاء بالأخلاق البشريّة وإنقاذ البشر من قمامة المعضلات الأخلاقيّة والضعف الأخلاقيّ والشهوات النفسيّة.

2- إثارة التفكير
وقضيّة التفكّر أيضاً قضيّة أساسيّة ومهمّة، وهي لا تختصّ بنبيّنا (صلى الله عليه وآله)، فالأنبياء كلُّهم بعثوا لإحياء القوّة العاقلة وطاقة التفكير لدى البشر. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة في نهج البلاغة: «لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِه، ويُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِه،... ويُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ»، بعث الأنبياء ليستثيروا دفائن العقول وليستخرجوا كنوزها عند البشر في ذواتهم وبواطنهم.

نحن البشر لدينا موهبة تفكير عظيمة كامنة في داخلنا. حينما لا نتدبّر في الآيات الإلهيّة، وفي تاريخنا، وفي ماضينا، وفي الأمور والقضايا المختلفة التي حدثت للبشريّة، وفي مشكلات الماضي، وفي عوامل الانتصارات الكبرى للشعوب، نبقى محرومين من الكنوز المعنويّة التي أودعها الله فينا.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

توصيات الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) للناس بخصوص المرض الناجم عن فايروس كورونا

 


 

 

توصية الإمام الخامنئي بقراءة الدعاء السابع من الصحيفة السجادية
 من أجل تخطي المصاعب والأمراض

 

 
 

استفتاءات حول الوقاية الطبّيّة

 

1- هل الالتزام بتعاليم الأطبّاء من ناحية الوقاية والعلاج واجب؟
يجب الالتزام بتعاليم الأطبّاء للوقاية والعلاج إذا كان في عدم الالتزام ولو احتمال الضرر احتمالاً عقلائيّاً معتدّاً به.

2- إذا كان في المصافحة والمعانقة احتمال الضرر، فما حكمهما؟
إذا كان في مخالطة الناس احتمال انتقال العدوى إليهم احتمالاً معتدّاً به فلا يجوز له ذلك.

3- يوصي المختصّون لمن يُصاب ببعض الأمراض بالحجر مدّة من الزمن، هل يجب الالتزام بهذه التوصية؟
إذا كان الحجر مدّة من الزمن من مقتضيات العلاج اللازم بحسب نظر أهل الاختصاص المأمونين، فيجب الالتزام به حذراً من الضرر أو الإضرار بالآخرين.

 
2020-03-18