الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
جمادى الأولى
«ثلاثٌ من لم تكنْ فيه فلا يُرجى خيرُه أبداً: من لم يخشَ اللهَ في الغيبِ، ولم يرعوِ عند الشيبِ، ولم يستحِ من العيبِ».
عدد الزوار: 224
قالَ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام): «ثلاثٌ من لم تكنْ فيه فلا يُرجى خيرُه أبداً: من لم يخشَ اللهَ في الغيبِ، ولم يرعوِ عند الشيبِ، ولم يستحِ من العيبِ».
عندما ذكرَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) صفاتِ المتقينَ في الخطبةِ المعروفةِ بخطبةِ المتقينَ عدَّ منها التالي: «الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ»، فالناسُ تعيشُ الأملَ من صاحبِ الصفاتِ الأخلاقيةِ الممدوحةِ في الشرعِ، وترى أنّ هذه الصفاتِ التي يتحلّى بها سوفَ تنعكسُ سلوكاً في حياتِه، ولهذا يكثرُ فعلُ الخيرِ منه بين الناسِ، ويكونُ الغالبُ عليه المبادرةَ إلى الإحسانِ، فيتوقّعُ منه الناسُ على الدوامِ أنْ يصدرَ منه الخيرُ، كما إنّه ولخوفِه من اللهِ عزَّ وجلَّ يتحرّزُ عن الشرِّ فتعاملُه الناسُ على ثقتِها به من عدمِ وقوعِه فيما تخافُ منه، ولذا ذكرَ الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) لصاحبِ التقوى الصفةَ التاليةَ: «مُقْبِلًا خَيْرُه مُدْبِراً شَرُّه».
وفي الحديثِ المذكورِ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) صفاتٌ ثلاثٌ لو افتقدَها الإنسانُ ولم تتوافرْ عنده فإنّ الخيرَ لا يكونُ مأمولاً منه:
1- الذي لا يخشى اللهَ عزَّ وجلَّ بالغيبِ: قال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾، فحضورُ اللهِ عزَّ وجلَّ في قلبِ هؤلاءِ وشعورُهم المستمرُّ بالعظمةِ الإلهيةِ يجعلُهم يعيشونَ الخشيةَ الدائمةَ من اللهِ، لأنَّ الخشيةَ هي الخوفُ الممزوجُ بالتعظيمِ لمنْ تخافُ منه، فلا يصدرُ منهم الشرُّ أو المعصيةُ أو الأذى لأحدٍ من الناسِ حتى لو كانوا بعيدينَ عن أعينِ الناسِ؛ لإحساسِهم الدائمِ بأنّهم في محضرِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وقد روي عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «خفِ اللهَ كأنّك تراه، فإنْ كنتَ لا تراه فإنّه يراك، فإنْ كنتَ ترى أنّه لا يراكَ فقد كفرتَ، وإنْ كنتَ تعلمُ أنّه يراكَ ثم استترتَ عن المخلوقينَ بالمعاصي وبرزتَ له بها فقد جعلتَه في حدِّ أهونِ الناظرينَ إليك».
2- الذي لا يكونُ ورعاً على الرغمِ من تقدُّمِه في العمرِ: والورعُ هو كفُّ النفسِ عن المعاصي ومنعُها عمَّا لا ينبغي، وبهذه الخصلةِ يحفظُ الإنسانُ دينَه، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «اتَّقُوا اللَّهَ وصُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ»، والمبادرةُ لازمةٌ لكلِّ من تقدّمَ به العمرُ، فإنَّ الفرصَ تضيقُ عليه، وقد روي عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «إنَّ العبدَ لفي فسحةٍ من أمرِه ما بينَه وبينَ أربعينَ سنةً، فإذا بلغَ أربعينَ سنةً أوحى اللهُ عزَّ وجلَّ إلى ملكيه، قد عمّرتَ عبديَ هذا عمراً فغلِّظا وشدِّدا وتحفَّظا، واكتبا عليه قليلَ عملِه وكثيرَه وصغيرَه وكبيرَه».
3- الذي لا يستحي من العيبِ: والمرادُ الذي لا يُبالي عندَ وقوعِه في المعاصي، لأنَّ صاحبَ الحياءِ يحذرُ من ذلك، لما يخشاهُ من اللومِ فيجتنبَ ارتكابَ الذنوبِ، وقد رويَ عن الإمامِ عليٍّ (عليه السلام): «الحياءُ يصدُّ عن الفعلِ القبيحِ».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
2020-01-01