أ ــ محاذرة النزعة الأرستقراطية ومجانبة الإسراف
أقول لرجال الدولة والحكومة أوّلاً: اعرفوا قدر مواقعكم ومسؤوليّاتكم. فأن تكونوا مشغولين في المسؤولية الفلانية لهو نعمة إلهية كبيرة. أن يستطيع الإنسان تولّي مسؤولية معينة والعمل من أجل مثل هذه الأهداف، ولمثل هذا الشعب، ولمثل هذا البلد، فهذه نعمة كبيرة من الله؛ عليهم أن يعرفوا أهمّيتها ويشكروها.
ثانياً، عليهم العمل بلوازم هذه النعمة الكبيرة، وليحذروا من الميل نحو السلوكات الخاطئة، ونحو النزعة الأرستقراطية والإسراف، ونحو تلك الحالة الشائعة بين الساسة الطواغيت. هذا هو واجب ساستنا. الطريق طريق الإسلام والحكومة الإسلامية. إننا لا نستطيع العمل مثل أمير المؤمنين، لكن يمكننا أن نعرفه [نعرف عمله] كنهج ومسار، ونعلم أنه يمكن السير بذلك الاتجاه. فيجب السير في ظل ذلك الطريق.
ب ــ السير في الطريق الصحيح بشجاعة وعقلانية
الشجاعة والعقلانية. هما أيضاً واجبان آخران من واجبات المسؤولين. فعليهم أن يكونوا شجعاناً ولا يتراجعوا أمام تهويلات وصراخات هذا وذاك. ولا يتخلوا عمّا هو صائب، وعمّا ينبغي أن يقوموا به، مقابل أراجيف وترّهات هؤلاء الساسة الأمريكان والأوروبيين وغيرهم. ولكم أن تلاحظوا كم يطلقون من ترّهات، كلامهم أحياناً يكون ككلام المهرجين حقّاً. يريد أحد الساسة الأمريكيّين إثارة الضجيج واللغط حولنا في العالم [بحسب ما يتوهم]، فيأتي ويقول: "إنّ على إيران أن تتعلّم حقوق الإنسان من العربية السعودية"! ما الذي يمكن أن يقوله المرء عن مثل هذا الإنسان؟ وهل يمكن أن يُطلق عليه سوى المهرج؟ هل يمكن أن ننعته بنعت آخر؟ هذا الشخص وأمثاله لا اعتبار لتهديداتهم ولا لوعودهم ولا لكلامهم ولا لتوقيعاتهم. لا ينبغي الاكتراث لهؤلاء، بل ينبغي السير في الطريق الصحيح بشجاعة، وكذلك بعقلانية، فلا يمكن السير اعتماداً على المشاعر والأحاسيس. وإدارة البلاد غير ممكنة بالمشاعر والأحاسيس الصرفة. المشاعر والأحاسيس ضرورية جداً، لكن بما هي داعم وظهير للعقلانية. علينا أن نختار الطريق بعقلانية، ونتقدّم انطلاقاً من الدوافع والأحاسيس.
ج ــ لتقديرطاقات الشباب واستثمارها
واجب آخر ينبغي على مسؤولينا الالتفات إليه هو تقدير الإمكانات الداخلية في البلاد وتثمينها، ومعرفة هذه الإمكانات والطاقات. الكثير من هذه الطاقات عندما لا نعرفها ستتوقف وتعطل. وذلك كما حصل ـ للأسف ـ مثل هذا الشيء فعلاً؛ فلم نعرف الكثير من الإمكانات. ومن جملة هذه الإمكانات والطاقات هؤلاء الشباب الصالحون. ثمّة عُقد تعترض أعمال بعض المسؤولين في بعض أقسام المؤسّسات الحكومية والرسميّة الكبيرة، يمكن لهؤلاء الشباب أن يحلّوها ويفكّوها، سواء بأنامل أفكارهم الشابة النيّرة، أو بأنامل عملهم وجهودهم. فليعرفوا قدر الشباب وليرجعوا إليهم، وليستفيدوا من آرائهم. وغالباً ما كان التوفيق حليفنا في المواطن التي استفدنا فيها من آرائهم وانتفعنا بها. ليعرفوا قدر الشباب، وقدر طموحاتهم العالية. الشباب طموحون؛ لا إشكال في ذلك. هذه الطموحات هي التي تتقدم بالشعب إلى الأمام وتحول دون مراوحته مكانه وتوقفه. ولا يهابوا ضجيج الغربيين وضوضاءهم.
د ــ لجعل معيشة الناس أولويتكم الأساس
وليولوا اهتمامًا خاصّاً لمعيشة الناس، فهذا هو العمل الأهمّ والأولوية الأساس في الوقت الحاضر، لأنّ العدوّ يركز على هذا الجانب وعلى معيشة الطبقات الفقيرة. والمشكلات التي تعرض للطبقات الفقيرة في معيشتها هي من أهم الأعمال التي ينبغي للمسؤولين في البلاد، وخاصّة المسؤولين الحكوميين، التصدّي لها. وهذه من أهم الأعمال والواجبات. قد تكون المصادر والوسائل الداخليّة قليلة، لكن المرء يشاهد في داخل البلاد أفراداً وتيارات تبتلع هذه المصادر والوسائل بشكل ظالم. هذه السمسرة والاحتكار في الأمور المادية وفي التجارة وغير ذلك تحول دون تقدم البلاد. إننا نؤكد دائماً على الإنتاج الداخلي، [قد نرى] السمسار الفلاني المستورد، ولأنّ الأمر يتعارض مع مصالحه، يذهب ويعرقل الأمر بطرق شتى، ويرى المرء أن العمل لا يؤتي ثماره. والاهتمام بمعيشة الناس لا يكون فقط بأن نوزع الأموال عليهم. فمن الأعمال المهمة [في هذا المجال] النظر إلى هذه القطاعات المضرة والخطيرة ومنعها. وهذا ما ذكرنا به مسؤولي البلاد بخصوصياته، وأحياناً بتفاصيله في جلسات العمل، وأكدناه عليهم، ونؤكد عليهم مرة أخرى. هذا خطابنا للمسؤولين.
كلمة الإمام الخامنئي في لقائه حشدًا من أهالي مدينة قم بمناسبة ذكرى انتقاضة 19 دي 9/1/2019
2019-09-23