يتم التحميل...

قواعد لمواجهة العدو

الاستكبار

قواعد لمواجهة العدو

عدد الزوار: 37



في مواجهة الأحداث ينبغي أن لا يعترينا الخوف
في مواجهة الأحداث ينبغي أن لا يعترينا الخوف والفزع. «ألا إنَّ أولِياءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يحزَنون» (13). هذه الآية في سورة يونس، وقد نظرت فوجدت أنّه في سورة البقرة أيضاً هناك ربّما أربعة أو خمسة مواضع (14) وردت فيها عبارة «لا خَوفٌ عَلَيهِم وَ لاهُم يحزَنون» بشأن المؤمنين. هذا بفضل الإيمان وبسبب الارتباط بالله، وبسبب القبول بالولاية الإلهية. يجب أن لا يكون هناك خوف وما شاكل. الإمام الخميني (رضوان الله عليه) لم يكن يخاف حقّاً. ذات مرّة كنت جالساً في حضرته ـ في بداية الثورة، في الآونة التي كانت لنا مع ذلك المسكين (15) مشكلات بشأن قضايا القوات المسلّحة وما شاكل ـ فقلت له «إنّ السبب في أنّكم قلتم العبارة الفلانية عن الشخص الفلاني هو أنّكم تخافون ...» أردت أن أقول «إنّكم تخافون أن يسوء ذلك القوات المسلّحة»، لكنني ما إن قلت «تخافون» حتّى قال مباشرةً وعلى الفور : «إنّني لا أخاف من أي شيء». ولم ينتظر أن أذكر متعلّق الخوف، فبمجرد أن قلت «إنك تخاف» حتى قال «إنني لا أخاف من أيّ شيء». وقد كان هكذا فعلاً. لم يكن يخاف من أي شيء. هذا هو معنى «ألا إنَّ أولِياءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يحزَنون‌». ولماذا سيخاف؟ إنسان عظيم مثله كان هكذا فعلاً.

في مواجهة المستكبرين ينبغي أن لا نصاب باليأس
وفي ثنائية الأمل واليأس يجب أن لا نصاب باليأس: «لا تَيأسوا مِن رَوحِ اللهِ إنّه لا ييأَسُ مِن رَوحِ اللهِ إلَّا القَومُ الكافِرون» (16)، الواردة في سورة يوسف. وهذا الأمر يتعلّق بالشؤون الدنيوية. «لا تَيأسوا مِن رَوحِ الله» لا تتعلّق بالشؤون المعنوية، [بل] بالعثور على يوسف: «يا بَنِي اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأخيهِ وَلا تَيأسوا مِن رَوحِ الله‌» (17). «لا تَيأَسوا مِن رَوحِ الله» في العثور على يوسف وهو شأن دنيوي. إذن، «لا تَيأسوا مِن رَوحِ الله» أمر عامّ في الشؤون الدنيوية. طبعاً الحالة نفسها تنطبق على الشؤون الأخروية، بيد أن الآية تتعلّق بالشؤون الدنيوية. «لا تَيأسوا»، ولماذا يصاب الإنسان باليأس؟ لا، فنحن نأمل أن نستطيع تمريغ أنف هذه القوى المستكبرة في التراب ونذلّها، ويمكننا فعل ذلك، نحن متفائلون آملون. إذا ما سعينا وعقدنا الهمم، وأردنا، وتوكّلنا على الله، وطلبنا من الله، فإن ذلك سيكون ممكناً.

ضرورة تحديد الحدود مع العدو بشكل واضح
حسناً، قضية أخرى نطرحها أيضاً هي وضع الحدود وتحديدها مع العدوّ للمصونيّة والمنعة ضدّ الهجمات الناعمة. فمن الأمور اللازمة والضرورية جداً أن لا نسمح لحدودنا الفاصلة بيننا وبين العدوّ بالاضمحلال والتبدد. تحديد الحدود مع العدوّ. إن لم يكن هناك من تحديد للحدود مع العدوّ، ولم تكن هذه الحدود بارزة واضحة لأمكن اجتياز هذه الحدود سواء من هذا الجانب إلى ذاك أو من ذاك الجانب إلى هذا. وهذا تماماً كالحدود الجغرافية. إذا لم تكن هناك حدود جغرافية ولم تكن هذه الحدود بارزة واضحة فسوف ينهض شخص من ذلك الجانب ويعبر وينفذ إلى هنا؛ شخص مهرّب أو سارق أو جاسوس يدخل من هناك إلى هنا. ومن هنا [أيضاً] ينهض إنسان غافل فيجتاز الحدود ويذهب إلى هناك ويقع في الفخ. والحدود العقائدية والحدود السياسية أيضاً على هذا النحو تماماً. عندما لا تكون الحدود واضحة سيستطيع العدو التغلغل والنفوذ وممارسة الخداع والحيلة والتسلط والهيمنة على الفضاء الافتراضي. أمّا إذا كانت الحدود مع العدوّ بيّنة جليّة فلن تكون سيطرته على الفضاء الافتراضي والأجواء الثقافية بهذه البساطة والسهولة. إليكم أيضاً هذه النقطة فقد ورد في قوله تعالى: «لا تَتَّخِذوا عَدُوّي وَعَدُوَّكم أولِياءَ تُلقونَ إلَيهِم بالمودة» إلى أن يقول: «تُسِرّونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ وَأنَا أعلَمُ بِما أخفَيتُم» (23). لقد نهانا الله تعالى أن نتعامل مع العدوّ بهذه الصورة. هذه أيضاً نقطة.

لتعبئة قوانابحدودها القصوى في مقابل هجوم العدو بحدوده القصوى
وأشير في الخاتمة إلى نقطتين: أوّلاً إنّ هجوم العدوّ بأقصى الدرجات يحتاج إلى تعبئة قصوى للقوى. إنّ هجوم العدوّ في الوقت الحاضر قد بلغ أقصى الدرجات، أي إنّهم يستخدمون كل طاقاتهم وأدواتهم. وهذا ما يفعله الأمريكان بالدرجة الأولى، وعلى هامشهم وتبعاً لهم الصهاينة أي الحكومة الصهيونية. وإلى جانبهم ومن خلفهم عموم الغربيّين وكلّ الأوروبيّين. لنفترض الآن مثلاً أنّ أمريكا قد رفعت حظر شراء النفط الإيراني عن بعض البلدان الأوروبية، لكنّ هؤلاء لا يزالون يمتنعون عن شراء النفط منّا. هذا عداء بالتالي.أي لا وجه آخر لهذا الأمر على الإطلاق. بيد أن هذا نوع من العداء، ونوع خاصّ منه. لقد عبّأوا الناس ضدّنا بأقصى درجات التعبئة. ولطالما كرّر الأمريكان وردّدوا أنّ الحظر الذي فرضناه على إيران هو الحظر الأشدّ على مرّ التاريخ، وهم على حقّ في هذا. وقلت ذات مرّة في الردّ عليهم بأنّ الهزيمة التي ستمنى بها أمريكا في هذه القضية ستكون إن شاء الله الهزيمة الأشدّ على مر التاريخ (24). هذا إن عقدنا نحن الهمم إن شاء الله وتحرّكنا بصورة صحيحة وتقدّمنا إلى الأمام. إذاً لا بدّ من تعبئة كلّ الطاقات والإمكانيات. وفي مقابل الهجوم بحدوده القصوى لا بدّ من التعبئة بحدودها القصوى. هذه نقطة.

لعدم الغفلة عن ذكر الله في مواجهة الأعداء
والنقطة الثانية، هي أنّ ذكر الله هو أساس العمل: «وَلا تَنِيا في ذِكرِي» (25). يقول الله تعالى لموسى وهارون في ذلك الظرف الحسّاس حيث يسير رجلان لوحدهما إلى قوة جبّارة قاهرة مسيطرة كفرعون بكلّ تلك الإمكانيات والطاقات: «وَلا تَنِيا في ذِكرِي»، التفتوا؛ قال مراراً: «لا تَخافا إنَّني مَعَكما أسمَعُ وَأرى» (26). إنّني أساعدكما وأحميكما، لكنّه قال أيضاً «ولا تَنِيا في ذِكرِي»، أي لا تقصّرا. الذكر الإلهي وسيلة ومصدر لكلّ هذه القدرات التي عدّدناها وأشرنا إليها، والتي يجب استخدامها والاستفادة منها. الذكر الإلهي هو الأرضية لكلّ هذا.

أسأل الله تعالى أن يمنّ علينا وعليكم بالتوفيق لذكره والتوجّه إليه إن شاء الله، وأن يحقّق وعده قريباً بحقّ هذا الشعب وحقّ هذه الأمّة إن شاء الله.

وأقول ضمناً، سمعت البعض يقولون إنّ فلاناً قال: «التوجّه نحو شريحة الشباب يعني إقصاء الشيوخ»، وأنا أنكر هذا الشيء فليس مرادي إقصاء الشيوخ والمسنّين. النزعة الشبابية معنى من المعاني يجب التفكير والتأمل فيه. لدينا معنى واضح للنزعة الشبابية، ولا نعني بها إقصاء المسنّين والشيوخ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة 14/03/2019 م


13 ـ سورة يونس، الآية 62.
14 ـ من ذلك الآيات 62 و112 و262 و274 و277.
15 ـ أبو الحسن بني صدر.
16 ـ سورة يوسف، شطر من الآية 78.
17 ـ م. ن.
23 ـ سورة الممتحنة، شطر من الآية 1.
24 ـ كلمة الإمام الخامنئي في لقائه بمختلف شرائح الشعب من أهالي مدينة قم بتاريخ 09/01/2019 م.
25 ـ سورة طه، شطر من الآية 42.
26 ـ سورة طه، شطر من الآية 46.

2019-09-23