هناك من يشكك في الهوية السياسية الموالية لأهل البيت (صلوات الله عليهم) في شخصية المختار، على أساس بعض المواقف التي اتخذها، إلا أن ثمة شواهد عديدة تجعل الباحث يقطع بولاء المختار لأهل البيت (عليهم السلام)، وللإمام السجاد (عليه السلام)، وفيما يلي بعض من هذه الشواهد:
1 - مبايعته الإمام الحسين (عليه السلام) على يد مسلم بن عقيل.
2 - إيواؤه مسلم بن عقيل، وفتح بابه أمام الشيعة، حيث تحول منزله إلى مقر لأخذ البيعة للإمام الحسين (عليه السلام)[1].
3 - موقف عبيد الله بن زياد منه حيث استدعاه إلى مقر الامارة، وعنفه في إعطاء البيعة للإمام الحسين (عليه السلام)، وضرب عينه بقضيب وأودعه السجن إلى أن فرغ من الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث توسط له عبد الله بن عمر عند يزيد بن معاوية بتحريك من زوجته، [زوجة عبد الله بن عمر هي أخت المختار]، فأرسل يزيد رسالة إلى عبيد الله يأمره بإطلاق سراحه[2].
4 - موقفه الحذر من عبد الله بن الزبير، الذي يكشف عن عدم اعتقاده بزعامته، ومع إضافة مواقفه من أهل البيت (عليهم السلام) يتضح ايمانه بخطهم.
5 - موقفه من محاصرة عبد الله بن الزبير، لمحمد بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن العباس في شعب أبي طالب: حيث رفضا البيعة له، وطالباه بالانتظار إلى أن تنقشع الغيوم السياسية، فحاصرهما ابن الزبير وضرب لهما أجلا لإعطاء البيعة له، فاستنجد محمد بن الحنفية بالمختار الذي كان قد سيطر على الكوفة، فبعث إليه سرية عسكرية وصلت في الوقت المناسب [حيث أنقذهما من السجن ومن معهما]، وقد استأذن قائد السرية في الهجوم على ابن الزبير، فرفض محمد بن الحنفية ذلك[3].
6- قيادة الثورة ضد الشام، وضد ابن الزبير، والسيطرة على الكوفة، والانتقام من قتلة الحسين (عليه السلام)، حيث تتبعهم في منازلهم وطاردهم حتى قتل عبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وحرملة الكاهلي، وكل من ثبت اشتراكه في قتل الحسين (عليه السلام). وفي الواقع يكفي فخرا للمختار أنه قاد حركة الشيعة في أحرج ظروفهم، وتصدى بجيشه الشيعي القليل العدة والعدد بقيادة إبراهيم الأشتر، لجيش الأمويين الكثير العدة والعدد بقيادة عبيد الله بن زياد، حيث انتصر جيشه بفضل تلك الروح العلوية التي كان ينطوي عليها شعار (يا لثارات الحسين) الذي أخذ جنود إبراهيم بن الأشتر يطلقونه في وسط ميدان الحرب.
7 - موقفه من الإمام السجاد (عليه السلام)، حيث كان دائم الصلة معه، وكان يرسل له بين الفترة والأخرى الهدايا والأموال الكثيرة.
8 - الدعوة لمحمد بن الحنفية وأخذ البيعة له، أما موقف ابن الحنفية من تصرفات المختار هذه وبالخصوص من الدعوة إليه، فإنه لم ترد روايات حول هذه النقطة بالذات، إنما الذي ورد أن ابن الحنفية قد استنجد بالمختار في محنته مع ابن الزبير. وهذا يكشف أن محمد بن الحنفية لم يتخذ موقفا سلبياً من مواقف المختار في الدعوة إليه، وإلا لم يستنجد به. ومن الواضح أنه بناء على أن محمد بن الحنفية تصدى للعمل السياسي بناء على طلب من الإمام السجاد (عليه السلام)، لا يرد إشكال على دعوة المختار لمحمد بن الحنفية، في حين أن الإمام الشرعي هو الإمام السجاد (عليه السلام). هذه المؤشرات كافية للدلالة على ولاء المختار السياسي للإمام السجاد (عليه السلام)، ولخط أهل البيت الذي يقوده الإمام (عليه السلام). الأدلة على مشروعية ثورة المختار. إن ولاء الثورة السياسي للإمام (عليه السلام) وحده لا يكفي لإثبات مشروعيتها، إنما لابد من إحراز إذن الإمام، أو أمره بالعمل أو بالفعل الثوري.
رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ، السيد لطيف القزويني
[1] الكامل في التاريخ ج 4 ص 36.
[2] الكامل في التاريخ ج 4 ص 211.
[3] تاريخ المسعودي ج 3 ص 77.