يتم التحميل...

صدى الولاية - العدد 200 - ذو الحجة 1440 هـ

ذو الحجة

عدد الزوار: 201

في الحضارة الإسلاميّة الحديثة تقف المعنوية إلى جانب الماديّات، والتسامي الأخلاقي والمعنوي والروحي والتضرع والخشوع إلى جانب تقدم الحياة الماديّة.

من الأمور المهمّة جداً في الحجّ قضية الألفة والأخوّة، حيث أكّدت الرويات وحثّت على الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبيّ مع مَن هم ليسوا من الشيعة، شاركوا في صلواتهم واقتدوا بهم.

إنّ فرصة التواجد في المسجد الحرام ومسجد النبي فرصة مغتنمة لا تتاح للإنسان العادي بسهولة.

إنّنا أينما أثبتنا التزامنا بأسس الإسلام وحدوده أكثر، فإنّ الله تعالى ساعدنا أكثر، واستطعنا التغلُّب على المشكلات، وأينما غفلنا نلنا جزاء غفلتنا.

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

* الحجّ فريضة استثنائيّة
في الحجّ مجموعةٌ من القيم الإسلاميّة لا تجتمع في أي واجب آخر؛ إذ الحجّ مؤشّر صغير للمجتمع الإسلاميّ الأسمى، وهو نموذج من ذلك الشيء الذي نطمح إليه في الحضارة الإسلاميّة. إنّه الشيء الذي يجب على الحضارة الإسلاميّة أن تهديه للبشريّة. في الحضارة الإسلاميّة الحديثة تقف المعنويّة إلى جانب الماديّات، والتسامي الأخلاقي والمعنوي والروحيّ والتضرُّع والخشوع إلى جانب تقدم الحياة الماديّة. الحجّ مظهر لمثل هذه الحضارة.

فالحجّ ينطوي على عامل معنويّ يتمثّل بالعبوديّة والخشوع، وعامل اجتماعيّ هو الوحدة والأخوّة والتلوُّن بلون واحد، حيث يقوم الفقير والغنيّ والشعوب والأمم المختلفة والأعراق المتعددة كلّها إلى جانب بعضها، وبدافع وحافز وهدف واحد، يقومون كلهم بعمل واحد. فأين نلاحظ مثل هذا الشيء في مكان آخر؟ والحجّ في الوقت نفسه ينطوي على عنصر حراك. إنّه عبادة فيها حراك وطواف وسعي وذهاب ومجيء، وفيها استعراض للاجتماع والتجمُّع، حيث يجتمع الناس إلى جوار بعضهم في عرفات أو في المشعر الحرام أو في أيّام منى، هي أيضاً من مظاهر الحياة الاجتماعيّة في الإسلام.

والحجّ معرض للأخلاق: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ (الحج: 197)، المكان هناك مكان الأخوّة والأخلاق والتسامح وليس مكان شجار وجدال بين الناس. هذه العناصر العجيبة والبنّاءة والتعليميّة المفيدة كلّها متوافرة مجتمعة في الحجّ.

* أيّها الحجّاج: اكشفوا حقيقة أمريكا
من الأخطاء الجسيمة التي كنّا نسمعها دائماً، ولا تزال تصدر عن بعض الألسنة غير المكترثة لحقائق الإسلام أنّه «لا تسيّسوا الحجّ»، ما معنى لا تسيّسوا الحجّ؟ ما نحتاج إليه في الحجّ من الشؤون السياسيّة هو عين تعاليم الإسلام. تحقيق الوحدة شأن سياسيّ وهو أمرُ الإسلام وهو عبادة ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُو﴾ (آل عمران: 103).

إنّنا حين ندافع في الحجّ عن الشعب الفلسطينيّ أو عن المظلومين في اليمن، وندعمهم، فهذا فعل سياسيّ، لكنّها سياسة تمثِّل عين تعاليم الإسلام. فالدفاع عن المظلوم هو في حدّ ذاته فريضة وواجب. وكذلك البراءة من المشركين، فإنّنا عندما نشدّد ونصرّ على قضيّة البراءة ونقوم بها -وينبغي أن تتمّ كلّ عام على أفضل وجه إن شاء الله- فالسبب هو أنّها فريضة إسلاميّة ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ (التوبة:3). المؤمنون «بُرَآءِ» من المشركين ﴿إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ (الممتحنة: 4). هذه تعاليم وتكاليف دينيّة، لكنّها عمل سياسيّ، بينما منع هذه التحرّكات السياسيّة هو عمل سياسيّ، لكنّه سياسة غير دينيّة، سياسة مناهضة للدين. أن يقولوا لا يحق لكم في الحجّ أن تكشفوا حقيقة أمريكا، فهذا حراك سياسيّ شيطانيّ، حراك سياسيّ غير إسلاميّ!

* شاركوا في صلواتهم واقتدوا بهم
من الأمور المهمّة جدّاً في الحجّ قضيّة الألفة والأخوّة. جرى التأكيد والحثّ في الروايات الصادرة عن أئمّة الهدى (عليهم السلام) على الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبيّ مع مَن هم ليسوا من الشيعة، شاركوا في صلواتهم واقتدوا بهم. هذه رواياتنا، وهذه هي الألفة بين الإخوة المسلمين. ما سمعته من أن بعضهم يصرّ على إقامة صلاة الجماعة في أماكن القوافل والفنادق وغير ذلك ليس سياسة صحيحة وليس نهجاً صائباً، فليذهبوا بين الناس ومع باقي المسلمين في المسجد الحرام، وليشاركوا في الصفوف المنظّمة للصلاة في مسجد النبيّ.

* احترموا ضيوف الرحمن
إنّ المتصدّين لأمور الحجّ ومكّة والمدينة -أي الحكومة السعوديّة- يتحمّلون واجبات جسيمة، ومن واجباتهم تأمين أمن الحجاج وحرمتهم وكرامتهم. كرامة الحجاج شأن مهمّ، فهؤلاء هم ضيوف الرحمن، إنّهم ضيوف الله تعالى، وينبغي مراعاة احترامهم، وإلغاء التصرّفات التي تمسّ بكرامتهم وتهينهم. طبعاً، ينبغي أن يراعوا أمن الحجّاج ولكن دون أن يجعلوا الأجواء أمنيّة، بل بأجواء هادئة وطيّبة.

* اهتمّوا بالطاعات والمستحبّات
اهتمّوا كثيراً بالدعاء والصلاة والخشوع والتوسُّل. إنّ فرصة التواجد في المسجد الحرام ومسجد النبي فرصة مغتنمة لا تُتاح للإنسان العادي بسهولة. الدعاء والصلاة في المسجدين والطواف في المسجد الحرام والتضرع والتوجه إلى الله، هذه أمور يجب عدم التفريط بها. التجوّل في الأسواق وهنا وهناك للتبضُّع والشراء وما إلى ذلك فهذا بخلاف شأن المؤمن العارف لقدر الحجّ الإبراهيميّ.

والنتيجة هي أن الحجّ فريضة استثنائية وممتازة، والآيات والروايات في خصوص الحجّ تدل كلها أن هذه الفريضة يجب أن تمدّ الشخص الذي وفِّق لأدائها بدروس فرديّة واجتماعيّة متنوّعة. إذا أردنا إطاعة هذا الأمر وهذه الفريضة الكبرى وأداءها بالمعنى الحقيقي للكلمة فيجب أن نتفطن لهذه النقاط ونراعيها.

* استهداف المعارف والحقائق الإسلاميّة
هذه المعارف والحقائق الإسلاميّة هي اليوم مستهدفة بشدّة من قبل أعداء الإسلام. إنّها هدف لعداء حقيقيّ من قبل المستكبرين وأمريكا هذه التي تلاحظون أنّهم يهاجمون بكلّ وحشيّة الأجواء الإسلاميّة والبيئة الإسلاميّة والناس المسلمين في مختلف المجالات الثقافيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة وغيرها. يعادون هذه الحقائق الإسلاميّة. وإذا ترك المسلمون هذه الحقائق الإسلاميّة جانباً، وتلوّنوا بلونهم، وعاشوا على غرار حياتهم، فسوف يرتفع هذا العداء. إنهم يعادون هذه الحقائق؛ لأنّها على الضدّ من منحاهم الظالم. إنّكم عندما تصلّون بتضرُّع وخشوع تقولون: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (الفاتحة: 5). تتضرعون وتخشعون أمام الله ومعنى ذلك أنكم لا تخضعون ولا تخشعون ولا تستسلمون مقابل غير الله وأمام القوى الماديّة، وهذا ما يثير عداءهم، وهو ما يبعث على النصر والتقدُّم والصلاح ونجاة الأمّة الإسلاميّة. الالتزام بأسس الإسلام والالتزام بالشريعة الإسلاميّة هو ما سينقذ الأمّة الإسلاميّة.

* سيركعون أمام الإسلام
ما هو محسوس في مجتمعنا هو أنّنا أينما أثبتنا التزامنا بأسس الإسلام وحدوده أكثر، فإنّ الله تعالى ساعدنا أكثر واستطعنا التغلُّب على المشكلات. وأينما غفلنا نلنا جزاء غفلتنا. وما أشعر به لمستقبل الأمّة الإسلاميّة وألاحظه هو أنّ الأعداء المتوحّشين المفترسين الظلمة المبغضين للعالم الإسلاميّ وللأمة الإسلاميّة سوف يضطرُّون في نهاية المطاف إلى الركوع أمام الإسلام، وما سيحدث في المستقبل -بتوفيق من الله- هو عزّة الإسلام والمسلمين وتقدُّم المجتمعات الإسلاميّة. هذا المستقبل حتميٌّ، لكنّه بحاجة إلى جهود، وما من هدف ولا ثمار تُكتسب من دون جهود ومجاهدة وتضحية وتعاون.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 
 

فقه الوليّ

 

شراء الألعاب المشتملة على أغاني الأطفال
س: ما حكم بيع وشراء الألعاب التي تحتوي على أغاني الأطفال؟
ج: إذا كانت بكيفيّة لهويّة مُضلّة عن سبيل الله فلا يجوز.

 
 

من توجيهات القائد (دام ظلّه)

 

السيادة الشعبيّة الحقيقيّة!

إنّ فكرة السيادة الشعبية المترافقة مع المعنويّات والدين هي فكرة جديدة في العالم المعاصر. لا يتصوّرنّ أحد أنّ فكرة التوجّه نحو المعنويّات هي فكرة قديمة ورجعيّة و«ليست على الموضة»، كما يقول السادة. كلّا، عالم اليوم يشهد اضطرابات وتلاطماً بسبب الفراغ الروحيّ والمعنويّ، والغربيّون يعترفون بذلك ويقولون ويكرّرون، ولكن من أين يأتون بالمعنويّات؟ لا يمكن ضخّ المعنويات للناس كالدواء بواسطة الحقنة. ليس لديهم معنويات وهم مبتلون بالطبع، وسيزيد بلاؤهم وتورّطهم أكثر فأكثر.

نحن قمنا بصياغة وتعريف فكرة السيادة الشعبيّة المترافقة مع الدين والمعنويّات، وهي سيادة شعبيّة بكلّ معنى الكلمة. أمّا في البلدان الأخرى فإنّ السيادة الشعبيّة هي في الواقع سيادة حزبيّة؛ إذ الحزب في الغرب لا يمثّل مجموعة شعبيّة وشبكة منتشرة بين الناس، إنّما هو نادٍ سياسيّ، منتخب، يجتمع فيه بعض النخب تحت شعارات معيّنة واستثمارات ماليّة وما شابه، ويتمكّنون من جذب الناس من خلال الإعلام والإعلانات للمشاركة في الانتخابات، فهي ليست سيادة شعبية حقيقيّة.

 
 

من طفولة الإمام القائد الخامنئيّ (دام ظله)

 

إحياء يوم عرفة

كانت السيّدة خديجة -أمّ الإمام الخامنئيّ (دام ظله)- من أهل الدعاء، ولم تكن من أهل الغفلة عن العبادات؛ من صلوات وأدعية وسائر الأعمال، كصلاة جعفر الطيّار ودعاء عرفة وأعمال أمّ داود. وكانت حريصة على أن يشاركها أولادها فيها. كانت تفرش الأغطية في حديقة المنزل الصغيرة وتجلس مع أولادها، ويأتون معاً بأعمال يوم عرفة. يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله) عن ذلك: «كنّا نجلس في الظلّ، ونقوم لساعات بأعمال يوم عرفة؛ فكنّا نقرأ الدعاء، ونصلّي الصلوات، ونقول الأذكار. كانت أمّي تبدأ بالقراءة، ثمّ نتناوب أنا وإخوتي وأخواتي عليها».

 
 

الأنشطة

 

1- موقف الإمام الخامنئيّ (دام ظله) من جريمة آل خليفة الأخيرة (2019/07/31).
عقب استشهاد شابَّين على يد نظام آل خليفة في البحرين، صرّح الإمام الخامنئيّ (دام ظله) مندّداً بالجريمة: «لن يدوم الظلم والجَور وسوف تنتصر أخيراً إرادة الشعوب المطالبة بالعدالة».

2- الإمام الخامنئيّ (دام ظله) لرئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس: «حماس تقع في قلب حركة فلسطين، والنصر النهائيّ حليف المقاومة والشعب الفلسطينيّ» (2019/07/22).
خلال لقاء وفدٍ رفيع المستوى من حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) بالإمام الخامنئيّ (دام ظله)، قال سماحته: «إنّ قضيّة فلسطين هي اليوم على رأس قضايا العالم الإسلاميّ»، وأشاد (دام ظله) بصمود الشعب الفلسطينيّ وحركات المقاومة؛ من ضمنها حماس ومقاومتهم المذهلة، قائلاً: «لا يمكن تحقيق النصر بعيداً عن المقاومة والنضال، ونحن استناداً إلى الوعد الإلهيّ الحتميّ نعتقد أنّ قضيّة فلسطين ستنتهي في صالح الشعب الفلسطينيّ والعالم الإسلاميّ».

3- الإمام الخامنئيّ (دام ظله) خلال لقائه أئمّة الجمعة: «لن تترك الجمهوريّة الإسلاميّة قرصنة بريطانيا البحريّة دون ردّ» (2019/07/16).
التقى أئمّة الجمعة بالإمام الخامنئيّ (دام ظله)، حيث كان لسماحته كلمة، جاء فيها: «إنّ قرصنة بريطانيا البحريّة وسرقتها للسفينة الإيرانيّة لن تمرّ دون ردّ من الجمهوريّة الإسلاميّة، وأنّ عملية تقليص الالتزامات في الاتفاق النوويّ التي تنتهجها إيران لا زالت في بدايتها، وسوف تتواصل في المستقبل».

كما أشار سماحته (دام ظله) إلى صمود الشعب ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة أمام الأعداء، قائلاً: «لحسن الحظّ، إنّ الشعب والنظام أثبتوا عظمتهم وقوتهم وثباتهم للعالم وفرضوا ذلك على العدوّ».

2019-08-09