خطبتا صلاة عيد الفطر السعيد للإمام الخامنئي في مصلّى الإمام الخميني
2019
خطبتا صلاة عيد الفطر السعيد للإمام الخامنئي في مصلّى الإمام الخميني
عدد الزوار: 85خطبتا صلاة عيد الفطر السعيد للإمام الخامنئي في مصلّى الإمام الخميني بطهران في الأول من شوال 1440 هـ.ق_05/06/2019 م
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، الحمد لله الّذي خلق السّماوات والأرض وجعل الظّلمات والنّور، ثمّ الّذين كفروا بربّهم يعدلون، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيّما بقية الله في الأرضين، والسّلام على أئمّة المسلمين وهداة المستضعفين وهداة المؤمنين. أوصيكم عباد الله بتقوى الله.
أبارك حلول عيد الفطر السعيد لكم جميعاً أيها المصلّون الأعزاء، وللشعب الإيراني أجمع، وللأمة الإسلامية جمعاء.
يكفي في عظمة هذا اليوم هو أننا في قنوت صلاة العيد الذي نكرره لعدة مرات نُقسم على الله «بِحَقِّ هٰذَا الیَوم»، وفي ذلك دلالة لنا على عظمة هذا اليوم.
كما وأرى من الضروري أن أسأل الله الرحمة والرضوان للشهداء الأبرار الذين سقطوا في واقعة الخامس عشر من خرداد (5/6/1963) واستُشهدوا في طهران وقم وورامين وبيشوا وسائر أرجاء البلد. سائلاً الله سبحانه وتعالى ببركة الأرواح الزاكية لهؤلاء الشهداء أن يثبّت أقدام الشعب الإيراني على هذا الطريق الزاخر بالفخر والاعتزاز.
أقدّم شكري القلبي العميق للشعب الإيراني على ما أبداه من همّة في يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وخرج في هذه المظاهرات العظيمة الشاملة في كافة أنحاء البلاد. لقد كان هذا حراكاً كبيراً، وربّما لا يلتفت كثيرون إلى التأثير الكبير الذي يتركه هذا الحضور القويّ المتين للشعب في السياسات العالمية، وفي آراء أعداء الشعب الإيراني وفي قراراتهم، ولا إلى الخلل الذي يضفيه على حساباتهم.
لقد كان شهر رمضان المبارك شهر البركات الإلهيّة والرحمة الإلهية، وإزالة الغبار عن القلوب، ومناسبة لتجلّي الإيمان وظهوره. فكم من شبابنا وناشئتنا الذين هم في سنّ الحداثة تحمّلوا على امتداد أيّام هذا الشهر، صيام الأيام الحارّة طاعة وامتثالاً للأمر الإلهي. وقد تزامن شهر رمضان هذا العام مع الامتحانات المدرسيّة، ومع ذلك لم يترك ناشئتنا الصيام، فجمعوا صعوبة الصيام في الجو الحارّ إلى صعوبة الدراسة والامتحانات، وهذا شيء على قدر كبير من الأهمّيّة، وهو دليل على تنامي الإيمان الديني بين شبابنا وأجيالنا الصاعدة.
لقد خرج الناس من الامتحان المعنوي في هذا الشهر مرفوعي الرأس، وقد كان حضور الناس في المساجد والحسينيات ومراقد الأولياء في مختلف المناطق الدينية في البلاد حضوراً حارّاً معنويّاً مخلصاً نقيّاً. فبحسب ما زُوّدنا به من تقارير واطّلعنا عليه، فقد كانت تجّمعات الناس في طهران سواء لاستماع المحاضرات والخطب [الدينيّة] التي تزيد المعارف وتبيّن التعاليم وتضاعف البصيرة، أو لقراءة الأدعية، أو للمناجاة في الأسحار، وهذه الدموع الجارية في الليالي، كانت بحقّ نعماً كبيرة وذخائر معنويّة نابعة من قلوب الشباب والأحداث الطاهرة في هذا البلد، وهو ما سيضفي البركة على مستقبلنا إن شاء الله.
من جملة بركات هذا الشهر المحافل القرآنية الآخذة بالازدياد. لقد كانت هناك محافل قراءة لأجزاء من القرآن في كافّة أنحاء البلاد تقريباً، وهي ظاهرة مغتنمة كثيراً وعمل نافع جداً. وإرادة عموم أبناء الشعب وعزيمتهم في هذا الشهر تقوى وتشتدّ في سبيل الله ونحو التقوى الإلهية؛ وخصوصاً في ليالي القدر، فهذه التجمّعات الهائلة في ليالي القدر هي حقّاً مدعاة للعِبَر، حيث يجتمع أفراد مختلفون، من مختلف الشرائح الاجتماعية، بملابس وأساليب وسلوكيات متنوعة، يجتمعون كلّهم تحت سقف واحد، وفي مكان واحد، ويتوسّلون وتجري الدموع. ينبغي معرفة قدر هذه الأمور. شهر رمضان شهر تدفّق الرحمة الإلهية؛ وهذا ذخر لبلادنا ولشعبنا، أسأل الله تعالى أن يعينكم ويوفّقكم لتحفظوا هذا الذخر إن شاء الله إلى شهر رمضان القادم لتستطيعوا فتح باب الرحمة الإلهية هذا على أنفسكم مرّة أخرى.
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ * قُل هُوَ اللهُ اَحَدٌ * اَّللهُ الصَّمَدُ * لَم يلِد ولَم يولَد * ولَم يكـُن لَهُ كفُوًا اَحَدٌ.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيّما بقيّة الله في الأرضين، وأسمّي الأئمّة الأطهار علي بن أبي طالب عليه السّلام أمير المؤمنين والحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة وعلي بن الحسين سيّد العابدين ومحمّد بن علي باقر علم النّبيّين وجعفر بن محمّد الصّادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرّضا ومحمّد بن علي الجواد وعلي بن محمّد الهادي والحسن بن علي الزّكي العسكري والخلف القائم الحجّة صلوات الله عليهم أجمعين وأستغفر الله لي ولكم.
تحدّثنا في الخطبة الأولى عن قضايا تتعلّق بالعبودية لله والتوجّه إلى الله تعالى، ونتطرّق في هذه الخطبة لأمور تتعلّق بعباد الله.
الوجه الآخر لشهر رمضان في هذا العام وفي كلّ عام هو مساعدة الناس، والنزعة الشعبية والميل نحو الناس اللذان يزدادان في البلاد يوماً بعد يوم بحمد الله. لقد أقبل الناس بحمد الله على إقامة موائد الإفطار البسيطة التي جرت التوصية بها، في المساجد والحسينيات والشوارع وحتّى في الأزقة، وأحياناً فُرشت موائد الإفطار في ساحات المدن الكبرى وشارك الناس فيها، وقد استطاع أفراد على اختلافهم وتنوعهم وحتّى غير الميسورين المشاركة في موائد الإفطار العامة الجماعية هذه. ثم دُعي في مكان ما، لإقامة إفطار فرحّب الناس بذلك، وقدّموا المساعدات، فجمعت مليارات التومانات للإفطار وأنفقت في هذا السبيل. هذه أعمال عظيمة آخذة بالنمو والإزدياد بين أبناء شعبنا على شكل عادات إسلامية مباركة والحمد لله.
كما كانت المساعدات الرمضانية التي قدّمها الشعب للمنكوبين بالسيول ملحوظة هي الأخرى. وأقول هنا لكلّ أبناء الشعب من الإخوة والأخوات في كلّ أنحاء البلاد، وللمسؤولين المحترمين خصوصاً، أن حذار من نسيان قضية المنكوبين بالسيول. فقضيّة المنكوبين بالسيول قضيّة مهمة، وينبغي متابعتها باهتمام، وحلّ مشكلاتهم بمنتهى الجدّيّة إن شاء الله. خاصّة في مناطق مثل خوزستان حيث الجوّ يميل نحو الحرارة تدريجياً وحرارة الجوّ في هذا الفصل والفصول القادمة لا تُطاق في بعض المناطق، فينبغي التفكير في هؤلاء الإخوة والأخوات. هذه القضية هي من الأعمال اللازمة والملحّة التي تقع على عاتقنا جميعاً، سواءً أبناء الشعب أو المسؤولين.
في القضايا الدولية، تحتلّ القضية الفلسطينيّة هذه الأيام المرتبة الأولى بين قضايا العالم الإسلامي.
خيانة بعض حكّام الدول الإسلامية أدّت إلى اتّخاذ خطوات خيانية صريحة في خصوص القضية الفلسطينيّة. هذا المؤتمر المقرّر عقده في البحرين هو مؤتمر الأمريكيين، لكنّ حكام البحرين بضعفهم، وعجزهم في أمور مختلفة، وبروحيّتهم المعادية للشعب والمعادية للإسلام بشدّة، قد مهّدوا الأرضية لهذا العمل وتعهّدوا بإقامة هذا المؤتمر. والهدف من هذا المؤتمر هو تنفيذ الخطة الأمريكيّة الخيانيّة الخاطئة الخبيثة بشأن فلسطين والتي اسموها «صفقة القرن». بالتأكيد، هذا الشيء لن يحدث، ولن تقوم لصفقة القرن قائمة أبداً، إن شاء الله وبتوفيق من الله. ونحن نشكر تلك البلدان المسلمة أو البلدان العربية التي عارضت هذه الصفقة وكذلك الفصائل الفلسطينية التي عارضت هذه الخطة. هذه خيانة كبرى للعالم الإسلامي. نتمنى أن يفهم حكّام البحرين وحكّام السعودية في أيّ مستنقع يضعون أقدامهم وأيّ أضرار ستلحق بمستقبلهم.
أللّهم بمحمد وآل محمد عرِّف العالم الإسلامي بمصالحه، وأهدِ الشعوب المسلمة والأمة المسلمة والحكّام المسلمين إلى طريق الرّشاد والصلاح.
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ * إنّا أعطَيناك الكوثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّك وَانحَر * إنَّ شانِئَك هُوَ الأبتَرُ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.