1- أقسام الحج والعمرة
تقدّم أنّ أقسام الحج ثلاثة، حج التّمتع وهو وظيفة من يبعد أهله عن مكّة ثمانية وأربعين ميلاً أي ما يقارب تسعين كيلومتراً، وحجّ القِران والإفراد وهما وظيفة من يكون أهله في مكة أو فيما دون المسافة المذكورة .
يختلف حج التمتع عن الإفراد والقِران ، في كونه عبادة واحدة مركّبة من عمرة وحجة ، وتُقدّم فيه العمرة على الحجة وتفصل بينهما مدة زمنية يتحلّل فيها الإنسان من إحرام العمرة ويحلّ له ما يحرم على المحرم فعله قبل أن يحرم للحج ، ولأجل هذا ناسب إطلاق اسم حج التمتع.
عليه. فالعمرة جزء من حج التمتع وتسمى بعمرة التمتع والحجة هي الجزء الثاني ، ولابدّ من الإتيان بهما في سنة واحدة. وهذا بخلاف حج الإفراد أو القِران فإنّ كلاً منهما عبادة تعبّر عن الحجة فقط، بينما العمرة عبادة أخرى مستقلّة عنهما تسمّى بالعمرة المفردة، ولهذا فقد تقع العمرة المفردة في عام وحج الإفراد أو القِران في عام آخر. والعمرة سواء كانت مفردة أم تمتّعاً لها أحكام مشتركة نأتي على ذكرها قبل بيان الصورة الإجمالية لكلّ من حج التمتع وعمرته وحج الإفراد أو القِران وعمرتهما مع بيان الفوارق بينهما.
وهنا مسائل
مسألة 67: العمرة كالحج تارة واجبة، وأخرى تكون مستحبّة.
مسألة 68: تجب العمرة كالحج في أصل الشرع مرّةً في العمر على كلّ مستطيع لها على حذو الاستطاعة المعتبرة في الحج ، وهي واجبة فوراً كالحج، ولا يشترط في وجوبها استطاعة الحج بل تكفي استطاعتها وحدها، وإن لم تتحقّق استطاعة الحج، كما أنّ العكس كذلك، فلو استطاع للحج فقط وجب هو دونها، هذا بالنسبة إلى من يكون أهله في مكة أو فيما دون ثمانية وأربعين ميلاً عن مكة . و أمّا الناؤون عن مكّة الذين وظيفتهم حج التمتع فلا يتصوّر فيهم فرض استطاعتهم للعمرة منفصلة عن الاستطاعة للحج، وكذا العكس، لأنّ حج التمتع مركّب منهما، ولابدّ من وقوعهما معاً في سنة واحدة.
مسألة 69: لايجوز للمكلف الدخول إلى مكّة المكرمة إلاّ مُحرِماً فمن أراد الدخول في غير أشهر الحج وجب عليه أن يحرم للعمرة المفردة . ويستثنى من هذا الحكم موردان:
أ - من يقتضي عمله كثرة التردد إلى مكّة .
ب - من خرج من مكّة بعد إتمامه أعمال حجّ التمتّع أو العمرة المفردة، فإنّه يجوز له العود إليها من دون إحرام قبل مضيّ شهر على إتيانه لأعمال العمرة السابقة .
مسألة 70: يستحب تكرار العمرة كالحج ، ولا يشترط فاصلٌ معينٌ بين العمرتين وإن كان الأحوط أن يفصل بينهما بشهرٍ إن كانتا لنفسه، وأما إن كانتا عن شخصين أو كانت إحداهما عن نفسه والأخرى عن غيره فلا يعتبر الفصل المذكور ، وعليه فإن كانت العمرة الثانية بالنيابة، جاز للنائب أخذ الأجرة عليها، وأجزأت عن العمرة المفردة الواجبة على المنوب عنه إن كانت واجبة عليه.
2- صورة حج التمتع وعمرته
حج التمتع مركّب من عملين أحدهما العمرة، وهي مقدّمة على الحج، وثانيهما الحج . ولكلّ منهما أعمال خاصة به.
أمّا أعمال عمرة التمتع فهي:
1 - الإحرام من أحد المواقيت .
2 - الطواف حول البيت .
3 - صلاة الطواف .
4 - السعي بين الصفا والمروة .
5 - التقصير .
وأمّا أعمال حج التمتع فهي:
1 - الإحرام من مكّة المكرمة.
2 - الوقوف في عرفات من ظهر التاسع من ذي الحجة حتى الغروب .
3 - الوقوف في المشعر الحرام ليلة العاشر من ذي الحجة حتى طلوع الشمس .
4 - رمي جمرة العقبة يوم العيد (العاشر من ذي الحجة).
5 - الهدي .
6 - الحلق أو التقصير .
7 - المبيت في منى ليلة الحادي عشر .
8 - رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر.
9 - المبيت في منى ليلة الثاني عشر .
10 - رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر.
11 - طواف الحج .
12 - صلاة الطواف .
13 - السعي .
14 - طواف النساء .
15 - صلاة الطواف.
3- حج الإفراد والعمرة المفردة
لايختلف حج الإفراد عن حجّ التمتع من ناحية الصورة سوى أنّ الهدي واجب في حج التمتع بينما هو مستحب في حج الإفراد.
وأما العمرة المفردة فهي كعمرة التمتع إلاّ في أمور نذكرها ضمن المسائل التالية:
مسألة 71: يتعيّن في عمرة التمتع التقصير بينما يتخيّر بين التقصير والحلق في العمرة المفردة، هذا بالنسبة للرجال وأمّا النساء فيتعيّن عليهنّ التقصير مطلقاً.
مسألة 72: لايجب في عمرة التمتع طواف النساء وصلاته وإن كان الأحوط الإتيان به وبصلاته رجاءً، ولكنّهما واجبان في العمرة المفردة.
مسألة 73: عمرة التمتع لا تقع إلاّ في أشهر الحج، وهي: "شوال، ذو القعدة وذو الحجة" بينما تصحّ العمرة المفردة في جميع الشهور.
مسألة 74: لابدّ في عمرة التمتع من الإحرام من أحد المواقيت الآتية الذكر بينما يكون ميقات العمرة المفردة أدنى الحل لمن كان في داخل مكة، وإن جاز الإحرام لها من أحد المواقيت أيضاً، وأما من كان خارج مكة وأراد العمرة المفردة فيجب عليه الإحرام لها من أحد المواقيت.
4- حج القران
حج القِران كحج الإفراد من ناحية الصورة، إلاّ أنّه في حج القِران يجب عليه أن يصطحب معه الهدي وقت الإحرام فلهذا يجب عليه ذبح هديه.
كما أن الإحرام في حج القِران يتحقّق بالتلبية كذلك يتحقّق بالإشعار أو بالتقليد بينما لا يتحقّق الإحرام في حجّ الإفراد إلاّ بالتلبية.
5- أحكام حج التمتع العامة
يشترط في حج التمتع أمور:
الشرط الأول: النية ، وهي قصد الإتيان بهذا النوع من الحج حين الشروع في إحرام العمرة وإلاّ لم يصح.
الشرط الثاني: أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحج.
الشرط الثالث: أن يكون كلّ من الحج والعمرة في سنة واحدة.
الشرط الرابع: أن يكون مجموع العمرة والحج من شخص واحد وعن شخص واحد ، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أحدهما عن العمرة والآخر عن الحج لم يُجْزِهِ ذلك.
مسألة 75: لا يجوز لمن وظيفته حج التمتع أن يعدل إلى الإفراد أو القِران اختياراً.
مسألة 76: مَن كانت وظيفته حج التمتع وعلم ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحج سواء كان ذلك قبل الدخول في العمرة أم بعده، وجب عليه العدول من حجّ التمتع إلى حجّ الإفراد ثم يأتي بعمرة مفردة بعد إتمام أعمال الحج.
مسألة 77: والمرأة التي تريد الإتيان بحج التمتع، إن كانت عند الإحرام في الميقات على دورتها الشهرية، فلو احتملت أنها تطهر في وقت يسع للغسل وإتيان الطواف وصلاته والسعي والتقصير ثم الإحرام للحج ودرك عرفة من زوال يومها، أحرمت بعمرة التمتع، فإن طهرت في وقت يسع لإتمام العمرة وإدراك الحج، وإلاّ عدلت بعمرتها إلى حج الإفراد، وأتت بعده بعمرة مفردة، ويجزيها ذلك عن حج التمتع، وأما لو كانت عند الإحرام في الميقات على الطهر، ثم فأجائتها العادة الشهرية في الطريق أو بعد دخول مكة قبل الإتيان بالعمرة، ولا تطهر في وقت يسع لإتمام العمرة وإدراك الحج، فهي بالخيار بين العدول بعمرتها إلى حج الإفراد والإتيان بعده بعمرة مفردة ويجزيها ذلك أيضا عن حج التمتع، وبين أن تترك الطواف وصلاته إلى ما بعد العود من منى، وتأتي بالسعي والتقصير، فتخرج بذلك عن إحرام العمرة، ثم تحرم بحج التمتع وتدرك عرفة ومشعر، وبعد الفراغ من أعمال منى تعود إلى مكة لإتمام أعمال الحج، وتقضي طواف العمرة وصلاته قبل الإتيان بطواف الحج وصلاته والسعي أو بعده، ويجزيها ذلك عن حج التمتع، ولا شيئ عليها.