يتم التحميل...

قَضاءُ الحَوائِج

شعبان

قَضاءُ الحَوائِج

عدد الزوار: 382


وردَ عن الإمامِ الحسينِ بنِ عليٍّ (عليه السلام): «يا أَيُّهَا النّاسُ نافِسُوا فِي الْمَكارِمِ، وَسارِعُوا فِي الْمَغانِمِ... وَاعْلَمُوا أَنَّ حَوائِجَ النّاسِ إِلَيْكُمْ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ، فَلا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَحُورَ نِقَماً».

من التعاليمِ المؤكّدةِ عن أئمّة أهلِ البيتِ (عليهم السلام) والتي كان الهدفُ منها بناءَ المجتمعِ المتكافلِ الذي يسندُ بعضُه بعضاً، مسألةُ قضاءِ حوائجِ الناسِ، وينفتحُ البابُ واسعاً لقضاءِ الحوائجِ وطلبِ الناسِ لها لمن يتولَّى منصباً أو شأناً يمكّنه من قدرةٍ خاصةٍ في هذا المجالِ، وضمنَ هذا السياقِ يأتي حديثُ الإمامِ الحسينِ بنِ عليٍّ (عليه السلام)، الذي يُبيّنُ الإمامُ فيه الرؤيةَ الصحيحةَ التي ينبغي التعاملُ معها مع الحوائجِ وأنْ يراها نِعَماً إلهيّةً، وبهذا يتّجهُ للتعاملِ معها كسائرِ النعمِ التي تصلُه من اللهِ عزَّ وجلَّ.

ومن أهمِّ حقوقِ النعمِ السعيُ للمحافظةِ عليها وذلك في مقامِنا يتمُّ من خلالِ المبادرةِ إلى قضاءِ تلك الحوائجِ، ولذا كان التحذيرُ من انقلابِها من نعمةٍ إلى نقمةٍ، ووردَ في روايةٍ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «يا جابرُ، إنّ مَنْ كَثُرَتْ نِعمُ اللهِ عليه كثُرَ حوائجَ الناسِ إليه ، فإنْ قامَ بما يجبُ للهِ عليه عرَّضَهُ للدوامِ والبقاءِ، وإنْ لم يَقُمْ فيها عرَّضَها للزوالِ والفناءِ».

بل إنّ من مقتضياتِ الأخوّةِ الإيمانيّةِ أنْ يعيشَ المؤمنُ الرغبةَ في قضاءِ حاجةِ أخيه، ولذا يصفُ الإمامُ هؤلاءِ بـ "عِلْيَةُ الإخوان" وهم الخواصُ الأول، فقد وردَ في الروايةِ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصادقِ (عليه السلام) قَالَ: «قَالَ لِي: يَا مُفَضَّلُ اسْمَعْ مَا أَقُولُ لَكَ، واعْلَمْ أَنَّه الْحَقُّ وافْعَلْه وأَخْبِرْ بِه عِلْيَةَ إِخْوَانِكَ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ومَا عِلْيَةُ إِخْوَانِي؟ قَالَ: الرَّاغِبُونَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ إِخْوَانِهِمْ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: ومَنْ قَضَى لأَخِيه الْمُؤْمِنِ حَاجَةً قَضَى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ لَه - يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ أَلْفِ حَاجَةٍ مِنْ ذَلِكَ أَوَّلُهَا الْجَنَّةُ»... وكَانَ الْمُفَضَّلُ إِذَا سَأَلَ الْحَاجَةَ أَخاً مِنْ إِخْوَانِه قَالَ لَه أمَا تَشْتَهِي أَنْ تَكُونَ مِنْ عِلْيَةِ الإِخْوَانِ .

وقد تعدّدت الرواياتُ التي تَعِدُ بجزيلِ الثوابِ على من يسعى في قضاءِ الحوائجِ فقد وردَ عن الإمامِ الرضا (عليه السلام): «إِنَّ لِلَّه عِبَاداً فِي الأَرْضِ يَسْعَوْنَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ هُمُ الآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ومَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُؤْمِنٍ سُرُوراً فَرَّحَ اللَّه قَلْبَه يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وأخطرُ ما يُمكنُ أنْ يُبتلى به المتصدِّي لموقعِ المسؤوليّةِ أنْ يجعلَ بينه وبين الناسِ حجاباً حتّى لا تصلَ إليه طلباتُهم وحوائجُهم، ففي الروايةِ عن الأصبغِ بنِ نباتةٍ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) قالَ: «أيُّما والٍ احتجبَ عن حوائجِ الناسِ احتجبَ اللهُ عنهُ يومَ القيامةِ».

وإنَّ من أهمِّ الصفاتِ التي نقلَها المؤرِّخونَ وتناقلْتها كُتُب السيرةِ صفةَ الحرصِ الشديدةِ من أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) على قضاءِ حوائجِ إخوانِهم وأصحابِهم، وقد فتحوا أبوابَ التوسُّلِ بهم للشفاعةِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ في قضاءِ حوائجِ الناسِ كرامةً خصَّهُم اللهُ عزَّ وجلَّ بها.

نُباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عج) وللإمامِ الخامنئي (حفظه الله) وللمجاهدين جميعاً ذكرى ولادةِ الأقمارِ الشعبانيّةِ ونسألُ اللهَ أنْ يُعيدَه عليهم بالخيرِ والبركةِ وتعجيلِ الفرجِ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

2019-04-11