العزاء الحسيني: الإرتباط العاطفي رافعة للإرتباط الفكري والعملي بالحسين وقضيته
محطات من محرم الحرام
العزاء الحسيني: الإرتباط العاطفي رافعة للإرتباط الفكري والعملي بالحسين وقضيته
عدد الزوار: 102
إنّ البعض قد يقولون إنّكم تريدون توضيح ثورة الإمام الحسين؛ حسنًا، استعرضوا ثورة
الإمام الحسين. لماذا قراءة التعزية والبكاء والنحيب وما إلى ذلك؟ اجلسوا واذكروا
أنّ الإمام الحسين فعل كذا وكذا وكان هدفه كذا وكذا.
هذه فكرة خاطئة جدًّا ونظرة مغلوطة. هذه العاطفة تجاه أولياء الله وأولياء الدين،
وهذه الآصرة العاطفيّة تعدّ رصيدًا وسندًا قيّمًا جدًّا للارتباط الفكريّ والعمليّ.
وسيكون من الصعب جدًّا التحرّك في هذا الطريق من دون هذا الرصيد. هذه الآصرة
العاطفيّة مهمّة جدًّا. حين أوصى الإمام الخميني الراحل (رضوان الله عليه) بإقامة
العزاء بالطريقة التقليديّة لم يكن كلامه هذا بدافع العادة بل هو كلام عميق جدًّا.
لاحظوا أنّ في القرآن الكريم ثلاثة تعابير بخصوص أولياء الله:
أحد التعبيرات هو تعبير الولاية: "إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين
يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون"[1]. القضيّة هنا قضيّة ولاية. ومن الجليّ
أنّ الآصرة والارتباط والمعرفة أمور داخلة كلّها تحت عنوان الولاية.
والبحث الآخر هو قضية الطاعة: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"[2]،
إطاعة الرسول وإطاعة أولي الأمر. هو على مستوى العمل. ينبغي تحقيق الطاعة والاتّباع
على الصعيد العملي.
ولكن هناك بحث ثالث وهو بحث المودّة؛ "قل لا أسألكم عليه أجرًا إلّا المودّة في
القربى"[3]. ما هي هذه المودّة؟ فإذا ما كنتم توالونهم وتطيعونهم[4]، فلماذا
المودّة إذًا؟ المودّة موجودة هنا دعامة وسند. إذا لم تكن هذه المودّة لنـزل
بالأمّة الإسلاميّة البلاء نفسه الذي نزل في العصور الأولى ببعض الذين تركوا هذه
المودّة جانبًا؛ فكانت عاقبتهم أن تركوا تدريجيًّا الطاعة والولاية أيضًا.
قضيّة المودّة على جانب كبير من الأهميّة. تحصل المودّة بهذه الأواصر العاطفيّة
وعبر ذكر مصائبهم وخلق نوع من الترابط العاطفي. وإنّ ذكر مناقبهم وفضائلهم هو نوع
آخر من الرباط العاطفي.
إذن، مراسم العزاء التي تقام، وهذا البكاء والنحيب، وذكر أحداث عاشوراء؛ هذه كلّها
أمور ضروريّة. فلا يأتينّ بعضهم من منطلق التنوير والتوضيح ليقول: لم تعد هناك
ضرورة لهذه الأمور. لا، هذه أمور ضروريّة، وهي ضروريّة إلى آخر المطاف. طبعًا، ثمّة
أشكال سيّئة ذكرناها مثل التطبير الذي قلنا إنّه ممنوع ويجب أن لا يحصل؛ هذه من
دواعي تجرّؤ الأعداء وتطاولهم على محبّي أهل البيت. لكن هذا العزاء المتعارف ومواكب
اللطم، ورفع الأعلام، وإعلان المحبّة، وكتابة الشعارات، وقراءة التعازي والبكاء،
هذه ممارسات تزيد من الوشائج العاطفيّة يومًا بعد يوم. هذه أمور جيّدة جدًّا.
[1] سورة المائدة، الآية
55.
[2] سورة النساء، الآية 59.
[3] سورة الشورى، الآية 23.
[4] أو: فإذا ما كانت لديكم الولاية لهم والطاعة فلماذا إذًا المودّة