تأسيس النظام الإسلامي في إيران والسيادة الشعبية
تأسيس الجمهورية الإسلامية
تأسيس النظام الإسلامي في إيران والسيادة الشعبية
عدد الزوار: 164
إن مفهوم (الجمهورية الإسلامية) واضح لا يحتاج إلى كثير من الشرح والتفصيل.
فالمفهوم مركب من كلمتين: كلمة (جمهورية) وكلمة (إسلامية)..
كلمة الجمهورية: تعين شكل الحكومة المقترحة.
وكلمة إسلامية: تُحدد محتوى هذه الحكومة.
إن النظم التي حكمت في العالم وتحكم الآن متنوعة منها النظام الفردي الوراثي، كنظام
السلطنة والنظام الملكي.. ومنها النظام الارستقراطي كالنظم التي يحكم فيها الفلاسفة
أو الحكماء أو المتخصصون أو الأشراف. ومنها حكومة المتنفذين وأصحاب رؤوس الأموال
ودافعي الضرائب.. وغيرها من النظم والحكومات.
حكومة عامة الناس، واحدة أخرى من الحكومات المطروحة على ساحة أنظمة الحكم.. وهي
تعني الحكومة التي يتمتع فيها جميع الناس بحق الانتخاب دون تمايز بينهم في الجنس أو
اللون أو العقيدة، والشرط الوحيد في المنتخب هو البلوغ والنضوج العقلي لا غير..
إضافة إلى ذلك، الهيئة الحاكمة المنتخبة تحكم لفترة معينة، وللشعب حق إبقائها أو
تغييرها بعد انقضاء تلك الفترة.. وهذا الشكل من أنظمة الحكم هو (الجمهوري)، وهو
الشكل الذي قرر لنظام الحكم في إيران.
أما كلمة (إسلامية)، فتعني كما قلنا تحديد محتوى هذه الحكومة، ومحتوى هذا الشكل ـ
أي أن المنتخب حينما يقول نعم للجمهورية الإسلامية، يقترح أن يكون نهج الحكومة على
أصول وتعاليم إسلامية.
الإسلام -كما هو واضح - مدرسة فكرية وأيديولوجية وأطروحة لتنظيم الحياة البشرية
بجميع أبعادها وشؤونها.
من هذا الفهم فإن (الجمهورية الإسلامية) تقوم على أساس نظام يتمتع فيه أفراد الشعب
بحق الانتخاب وبحق تغيير الهيئة الحاكمة، وهذا هو شكل النظام.. أما المحتوى فإسلامي.
والذين يجدون غموضاً وتناقضاً في كلمة (الجمهورية الإسلامية) قد اختلط عليهم الأمر،
وخالوا أن ثمة تناقضاً بين حق السيادة وحق الالتزام بمدرسة فكرية عملية في الحياة.
هؤلاء ظنوا أن الإنسان الملتزم بخط فكري معين والمناضل من أجل تطبيق مبادئ هذا الخط
في الحياة الاجتماعية، ليس بحرّ ولا ديمقراطي. ومن خلال هذه المعادلة الوهمية
الخاطئة يستنتجون أن الديمقراطية سيتهددها الخطر، إن أضحى النظام إسلامياً وأضحت
الجماهير تؤمن بالمبادئ الإسلامية وتطالب بتطبيقها!.
مسألة الجمهورية الإسلامية - كما ذكرت - ترتبط بشكل النظام المؤطر بنوع من
الديمقراطية، أي القائم ضمن إطار إعطاء الأفراد حق تقرير المصير، ومفهوم الجمهورية
هذا لا يعفي الجماهير من التمسك بخط فكري معين والالتزام بمبادئ مدرسة معينة.
تُرى، هل تعني الديمقراطية أن يلتزم كل فرد بخط فكري خاص، أو أن يتخلى جميع الأفراد
عن أي التزام بمدرسة فكرية؟!
ترى، هل الإيمان بمبادئ قائمة على أساس العلم والمنطق والفلسفة، والتسليم لهذه
المبادئ، يعارض الديمقراطية؟!
الأكثرية الساحقة للشعب الإيراني تؤمن إيمانا راسخاً بمبادئ الإسلام، وليس في هذا
الإيمان المطلق ذنب ولا عيب.
لكن العيب أن تسلب هذه الأكثرية الساحقة، ومن الأقلية غير المؤمنة، حق النقد
والمناقشة والاعتراض.
وهل هذه الأقلية الضئيلة المعارضة تتمتع بالحد الكافي من الحرية؟ هذا ما نترك
الجواب عليه لأولئك الذين يصرون على أن الديمقراطية ترادف عدم الالتزام بمدرسة
فكرية!
* الشهيد مرتضى مطهري - بتصرّف
2018-04-02