كلمة الإمام الخامنئي خلال تخريج دفعة من طلاب جامعة الإمام علي (ع)
2017
كلمة الإمام الخامنئي خلال تخريج دفعة من طلاب جامعة الإمام علي (عليه السلام)
عدد الزوار: 178
كلمة
الإمام الخامنئي خلال تخريج دفعة من طلاب جامعة الإمام علي (عليه
السلام)_25/10/2017
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
إن اللقاء بكم أيها الشباب الأعزاء في هذه المراسم، هو لقاء جميل ومانح للأمل؛
ولطالما كان هكذا دومًا، وفي كل عام يسود شعور - وبالتوفيق الإلهي- بأنّ الطلبة
الجامعيين المنتسبين لجامعات الضباط في قوات الجيش يحققون تقدمًا معنويًّا وماديًّا
أكثر. وهذا مصدر رضى وسرور كبيرين، وبشرى بالمعنى الحقيقي للكلمة.
توافر الأمن يؤمّن أرضيّة للنمو والتقدّم
قلنا مرارًا إن الثروة الحقيقية للبلاد هي أنتم أيها الشباب؛ أينما
كنتم، أنتم ذخرٌ لعزة البلاد وبقائها واستقلالها وتقدمها. بالطبع فإن لبعض القطاعات
أهمية أكبر، ومنها قطاع الحفاظ على أمن البلاد، وهو ما يقع على عاتقكم. أنتم شباب
القوات المسلحة تحملون على عاتقكم واحدة من أهم وأكبر مسؤوليات البلاد. الذين حصلوا
اليوم على رتبهم العسكرية، بدأوا في الواقع خطوات كبيرة في طريق، هو حقًّا طريق
مفعم بالمفاخر والأمجاد، طريق الحفاظ على أمن البلاد وعزتها. حين نقول إن الأمن من
أهم القطاعات، فلأن أيّ تقدّم آخر يتوقف على توافر الأمن. إن لم يكن هناك أمن فلن
يكون هناك تقدّم علمي ولا تقدّم صناعي ولا تقدّم اقتصادي. إذا لم يكن هناك أمن فلن
يكون هناك استقرار وطمأنينة وسكينة روحية لدى الناس. في أجواء انعدام الأمن تُنسى
الآمالُ الكبيرة والطموحات المتألقة من الأذهان، ويفكر الجميع بالحفاظ على أرواحهم.
وعندما يتوافر الأمن في البلاد، فسيُمَثل ذلك أرضيةً ومجالًا لنموّ كل عوامل نموّ
البلد وتقدّمه. وأنتم تتحملون مثل هذه المسؤولية.
الأمن مهم في مختلف المجالات. وبما أن قضية الاقتصاد ومعيشة الناس من القضايا
الأساسية في البلاد اليوم، أشير إلى أن الاقتصاد أيضًا يحتاج إلى الأمن، فالبناء
الاقتصادي للبلاد أيضًا يجب أن يُقام على أساس من الأمن. مشكلتنا، مشكلتنا
التاريخية، مشكلتنا المتبقية عن العهود الطاغوتية، هي تبعيتنا الاقتصادية للنفط.
وقد أدّت هذه الحال إلى أن نشعر شعورًا قويًّا في القضايا الاقتصادية بهموم الأمن
خلال كل الفترات والعهود: تنخفض أسعار النفط، ترتفع أسعار النفط، يُمنع بيع النفط،
يتعرقل نقل النفط، الزبون الفلاني لم يسدّد أثمان النفط. عندما يدور كل شيء حول
محور النفط في الاقتصاد فسيغدو الاقتصاد غير آمن. الاقتصاد أيضًا يجب أن يكون
آمنًا. قلتُ هذا، مع أن الأجواء هنا عسكرية وليست اقتصادية، ولكن، قلته لتتبيّن
أهمية الأمن لكلّ القطاعات، حتى بالنسبة لقضية الاقتصاد التي يبدو حسب الظاهر أنْ
لا صلة لها بأجواء العسكر والجيش والحرس.
بلادكم بماضيها العريق.. اعرفوا قدرها!
أيها الشباب الأعزاء! اعرفوا قدر أنفسكم، واعرفوا قدر بلادكم، واعرفوا
قدر أمنكم، واعرفوا قدر نظام الجمهورية الإسلامية الذي منح لهذا البلد هذه العزة
وهذا الاستقرار والهدوء، وهذا الشموخ. هذا البلد نفسه، وهذه الجغرافيا نفسها،
وإيران العزيزة هذه نفسها ــ وقد ردّدتم وترنمتم حقًا بهذا النشيد الجميل عن إيران
ــ بهذا الماضي التاريخي العريق نفسه، وبهذه العناصر من المواهب اللامتناهية، كانت
تعاني ذات يوم من الإذلال تحت أقدام المستشارين الأمريكيين والصهاينة والبريطانيين
وأمثالهم. كان الحكام التابعون الضعفاء الأذلاء قد فرضوا الإذلال على هذا الشعب،
وهذا البلد، وهذا التاريخ المشرق، وهذه المواهب المتدفقة الفياضة. وجاء الإسلام
فأنقذ البلد، وجاءت الجمهورية الإسلامية فأعزّت إيران وجعلتها مقتدرة.
أعزائي، يا شبابنا الأذكياء الموهوبين، إن معركة الاستكبار ضدنا اليوم حول: لماذا
عمّت قدرتُكم المنطقة. هذا هو اقتدار الجمهورية الإسلامية. ما يعد من منظارنا عنصر
اقتدار وطني يعتبره أعداؤنا من زاويتهم عامل إزعاج لهم، ويحاربونه. إنهم يعارضون
تنمية اقتدار الجمهورية الإسلامية بين الشعوب في المنطقة وخارج المنطقة، لأنها عامل
اقتدار، ولأنها العمق الاستراتيجي للبلاد. إنهم يعارضون القدرات الدفاعية للبلاد
والقدرات العسكرية للبلاد. أعداؤنا يعارضون كل ما يعتبر وسيلة اقتدار وطني لنا.
فما هو سبيل المواجهة؟ أيها الشباب! فكّروا. سبيل مواجهة العدو هو أن نشدّد على
عناصر اقتدارنا بخلاف وبعكس ما يريده العدو. لقد أعلنّا ونعلن مرة أخرى أن
الإمكانيات والقدرات الدفاعية للبلاد غير قابلة للتفاوض والمساومات. يأتون
ليتساوموا معنا: لماذا تمتلكون الوسيلة الدفاعية الفلانية؟ لماذا تمتلكون النوع
الفلاني منها؟ ولماذا تنتجونها؟ ولماذا تجرون بحوثًا علمية؟ إننا لا نتساوم ولا
نتفاوض إطلاقًا مع العدو حول الأشياء التي تزيد من اقتدارنا الوطني أو تؤمِّنه أو
تدعمه. إننا نسير في طريق اقتدار البلاد، وهذا يقع على عاتقكم.
البلد بلدكم.. أعدّوا أنفسكم!
أيها الشباب الأعزاء، غد هذه البلاد لكم. لقد قام شباب الأمس بواجباتهم.
قبل نحو ثلاثين أو خمسة وثلاثين عامًا في هذه الجامعة نفسها ـ وقد عبّروا عنها (2)
بـ"فيضية الجيش"؛ وهذا صحيح؛ فهنا مثل فيضية الجيش- هنا موقع خرّج الكثير من
الشهداء من أساتذة وطلبة جامعيين وقادة ومديرين- خلال فترة الدفاع المقدس أصرّ طلبة
هذه الجامعة بشكل تطوعي، وخلال فترة دراستهم الجامعية، على أن يتوجّهوا إلى ساحات
الدفاع المقدّس ليقاتلوا. ولم يكن الجيش يأتي بهم للجبهات، لأنّ ذلك كان بخلاف
ضوابط الجيش، لكنّ عددًا من شباب هذه الجامعة كانوا يتوجّهون للجبهات متطوعين،
ويقاتلون بالشكل الذي كان يسمّى بالحروب غير المنظمة (الحرب الغوارية). تقام هذه
المراسم هنا منذ سنين طويلة، منذ عشرات السنين، أشخاص مثلكم نالوا هنا ذات يوم
رتبهم العسكرية ووصلوا ــ والحمد لله ــ إلى مراتب عالية في الجيش؛ هذه من مفاخر
هذه الجامعة. أعدّوا أنفسكم، فالبلد بلدكم، ويجب أن تصلوا به إلى ذروة العزة تحت
ظلال الإسلام، وباستلهام من الثورة الإسلامية العظيمة، والجمهورية الإسلامية تتكفل
وتتولى مثل هذا الواجب المهم، وأنتم تعملون ــ والحمد لله ــ في نظام الجمهورية
الإسلامية. أسأل الله تعالى لكم التوفيق المتزايد دومًا، وأتقدّم بالشكر لقادتكم
وأساتذتكم الذين يبذلون مساعيهم وجهودهم ويعملون. وأشكر أيضًا الذين أعدّوا
الاستعراض الجميل والعميق في معانيه.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 ـ أقيمت هذه المراسم في جامعة
الإمام علي (عليه السلام) للضباط التابعة للقوّة البريّة في جيش الجمهورية
الإسلامية الإيرانية، بمناسبة تخرّج عدد من طلبة جامعات الضباط التابعة لجيش
الجمهورية الإسلامية، ونيل الطلبة الجامعيين الجدد رتبهم في هذه الجامعات، وقد
تحدّث في بداية المراسم كلٌّ من اللواء عبد الرحيم موسوي (القائد العام للجيش)
والعميد محمد رضا فولادي (قائد الجامعة).
2 ـ يقصد سماحته قائد جامعة الإمام علي (عليه السلام) للضباط، الذي شبّه هذه
الجامعة بالمدرسة الفيضية في قم، وهي من أشهر حوزات العلوم الدينية التي ساهمت في
الثورة الإسلامية.