الجهاد والعزة
الجهاد
لكي تعيش العزة والكرامة، وتنعم بالحرية والعدالة، لا بد من التحرر من ربقة الجبت والطاغوت، ولا يكون ذلك إلا بالجهاد في سبيل الله عز وجل. ولكي تقاوم الظلم، وترد العدوان لا بد من مواجهة آلهة الأرض، الذين اتخذوا مال الله دولاً وعباده خولاً، ولا يكون ذلك أيضا إلا بالجهاد في سبيل الله.
عدد الزوار: 105
لكي تعيش العزة والكرامة، وتنعم بالحرية والعدالة، لا بد من التحرر من ربقة الجبت والطاغوت، ولا يكون ذلك إلا بالجهاد في سبيل الله عز وجل.
ولكي تقاوم الظلم، وترد العدوان لا بد من مواجهة آلهة الأرض، الذين اتخذوا مال الله دولاً وعباده خولاً، ولا يكون ذلك - أيضاً - إلا بالجهاد في سبيل الله.
ويجنون على أنفسهم أولئك الذين جزءوا فهمهم للإسلام، وصبغوه بغير صبغة الله تعالى التي أرادها له.
فالله - عز وجل - أراد الإسلام كاملاً شاملاً، لكل نواحي الحياة... أراده ديناً قيماً يمنح الناس العزة والكرامة، وأراد لهم العيش في ظل الحرية والعدالة.
وهل يكون ذلك إلا بالإسلام كله، وليس ببعضه أو نصفه؟
فالإسلام كلٌّ لا يتجز...
ولقد علّمنا التاريخ
أن كل الفارين من الزحف المقدس...
وأن كل الهاربين من سوح الجهاد..
وأن كل المتقاعدين عن التغيير والثورة على الطغاة..
إن كل هؤلاء إنما يجنون على أنفسهم، ويسلطون سيوف أعدائهم على رقابهم بأيديهم، وسيقدمون ضحايا على طريق التبعية والذل أكثر وأكثر.
فقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:"أيها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصرة الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يطمع فيكم من ليس منكم، ولم يقو من قوي عليكم".
ويقول عليه السلام - أيضاً -: "أف لكم!لقد سئمت عتابكم!أرضيتم بالحياة الدنيا عن الآخرة عوضاً، وبالذل من العز خلفاً؟ إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غرة، ومن الذهول في سكرة، يرتج عليكم حواري فتعمهون، فكأن قلوبكم مألوسة، فأنتم لا تعقلون، تُكادون ولا تكيدون؟ وتُنتقص أطرافكم فلا تمتعضون؟ ولا يُنام عنكم وأنتم في غفلة ساهون؟ غُلب والله المتخاذلون!".
إذن.. لابد من اقتحام دروب الجهاد.. والكفاح ضد البغي والظلم والعدوان.
فلا الذي يفر من سوح الجهاد أطول عمراً من الذي امتهن الجهاد.
ولا الذي يهرب من السيف لا يطاله السيف.
يقول الإمام علي عليه السلام: "وأيم الله، لأن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآخرة..إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم، والعار الباقي، وإن الفار لغير مزيد من عمره، ولا محجوز بينه وبين يومه".
ولكن بالرغم من كل الذين تخاذلوا.. أو الذين انسحبوا من ساحة الصراع.. رغم كل ذلك... فقد بدأت تلوح في الأفق تباشير انتفاضة أبناء الأمة الإسلامية في أكثر البقاع، وبدأ المسلمون يرتشفون من نبع الإسلام روح الإباء والعزة والكرامة.
بالرغم من كل ذلك ترى الأمة اليوم - أيضاً - ترفض أن تتخلى عن هذه الفريضة، بل وبدأت تقاوم أعداءها في كل مكان.. وما انتفاضة الشعب الفلسطيني المسلم ببعيدة عنا.
فهاهم أبناء فلسطين يدكون عروش الطغاة الصهاينة، ليعلنوها صرخة مدوية ضد المستكبرين.
لكن لابد من أن تعود كل الأمة إلى الوضع الصحيح... ولا بد أن يؤدي كل واحد من أبنائها دوره في مسيرة الثورة والجهاد.
ولابد من الاستعداد والتأهب للجهاد، وتعبئة كل الطاقات، والإمكانات، وصبها في قناة الجهاد.
لقد حان الوقت.. وآن الأوان لنجعل كل القوات الاستعمارية ترحل عن البلاد الإسلامية.
ولا ننسى بأن ولوج دروب الجهاد لا خسارة فيه أبداً.. فمن يسلك طريق الجهاد منتصر في كلتي الحالتين:
فإن انتصر فله الأجر والثواب وإن قُتل فهي الشهادة والجنة.
فلا نبيع أرواحنا إلا لله عز وجل فهو خير من يشتري والثمن الجنة.
أو ليس الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. 1
فالواجب يحتم علينا أن نسلك طريق المجاهدين، الذين لا يزالون يخوضون المعركة بعد الأخرى، لإنقاذ الأمة من الجبت والطاغوت، وتحقيق قيم الحق والعدل والحرية في أصقاع العالم.
ولا تنطلي علينا دعايات المغرضين حول المجاهدين.. فنظن ونتصور بأن المجاهد إرهابي لا يعرف إلا العنف، والحرب، والتخريب!!.
إن هذه الصورة ليست الصورة الحقيقية للمجاهد..
ولا بد لنا من أن نتعرف على المجاهدين عن قرب، وليس عن طريق أجهزة الإعلام للمستكبرين والمستعمرين والطغاة الذين لا يرسمون صورة للمجاهد إلا ويلحقون به التشويه أمام الناس ظلماً وعدواناً.
صحيح أن المجاهد يتدرب على العنف، ويستخدم القوة، ولكن ضد من؟ أليست ضد الطغاة؟
أليس من أجل رفع الظلم وتحرير الإنسان؟
من هنا فإذا ما أردنا أن نتعرف على المجاهدين في سبيل الله علينا - لا أقل - أن نعيش معهم.. نعاشرهم.. ونحمل معهم هموم الأمة في التغيير والثورة والتحرير...
هذا هو الحد الأدنى..
بينما المطلوب: أن نصنع "الأمة المجاهدة".
تلك الأمة التي تحمل راية التحرر، والتقدم والازدهار، وتبني الحضارة للبشرية جمعاء.
تلك الأمة التي يقول عنها الله عز وجل: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾. 2
وهذه سنة الله تعالى تؤكد: أن الأمة - أي أمة - إذا ما تخلفت عن الجهاد ابتليت بالذل والعدوان.
بينما - أي أمة - سلكت درب الجهاد عمها الخير، ونزل في ساحتها العز، وغطت سماءها الكرامة.. أليس كذلك؟
* افاق الجهاد الاسلامي، السيد محمد العلوي، دار المنهل، ط1-1409هـ1989م، ص11-14.
1- التوبة: 111.
2- آل عمران: 110.