الرحمة بالمذنبين
جمادى الثانية
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "وإِنَّمَا يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِصْمَةِ والْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلَامَةِ، أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ والْمَعْصِيَةِ".
عدد الزوار: 213الرحمة بالمذنبين
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
"وإِنَّمَا يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِصْمَةِ
والْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلَامَةِ، أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ
والْمَعْصِيَةِ".
هذه الدنيا خلقها الله عز وجل دار اختبار وابتلاء، فهي بتمامها مرحلة امتحان لهذا
الانسان، ينجو فيها مؤمن وتزل قدم آخر، وفي النجاة توفيق إلهي وفي زلّة القدم باب
توبة فتحه الله للعودة إليه، بل حثّهم على ذلك معلنا حبه لهم:﴿إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾.
فالله عز وجل سبقت رحمته غضبه فكانت الرحمة بعباده على الرغم مما يعملون شاملة لكل
نفس يذهب بها الشيطان بعيدا عن الله عزّ وجلّ.
ولكن المشكلة في تعامل الإنسان مع أخيه حيث يجد منه زلّة أو عثرة، فتجده بدل أن يمد
له يد العون ليخرجه مما فيه، يزيد في نكبته ويباعد بينه وبين تدارك خطيئته.
ومن مظاهر الرحمة الإلهية بالخطّائين والمذنبين الستر عليهم، وأما الإنسان مع أخيه
فلا يترك سترا عليه لو شهد منه معصية أو ذنبا، ولذا يحذّر الإمام من ذلك مذكرا هذا
الإنسان بأنه هو أيضا أخطأ والله قد ستر عليه فليستر على غيره: يقول الإمام (عليه
السلام): "فَكَيْفَ بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاه وعَيَّرَه بِبَلْوَاه أَمَا
ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللَّه عَلَيْه مِنْ ذُنُوبِه مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ
الذَّنْبِ الَّذِي عَابَه بِه" وكيف لهذا الإنسان وهو يعلم من نفسه عدم العصمة أن
يذهب في كشف ما وقع به غيره وهو في معرض الخطأ مثله، وهذا يكفي رادعا له عن فضيحة
أخيه: يقول الإمام (عليه السلام): "وكَيْفَ يَذُمُّه بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مِثْلَه
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِه فَقَدْ عَصَى اللَّه فِيمَا
سِوَاه مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْه".
والخطأ العظيم الذي يقع فيه صاحب الغفلة عن عيوب نفسه والمشتغل بالحديث بعيوب غيره
أنه ينسى أن نفس حديثه بعيب أخيه ونشر ما وقع فيه من معصية وذنب هو ذنب يصدر منه
وهو جرأة لأنه يقع في غيبة الناس وهو يدرك ذلك ويصدر منه عن عمد وقصد، ولذا يقول
الإمام: "وأيْمُ اللَّه لَئِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَاه فِي الْكَبِيرِ وعَصَاه فِي
الصَّغِيرِ لَجَرَاءَتُه عَلَى عَيْبِ النَّاسِ أَكْبَرُ".
ومن أهم ما ينبغي الحذر منه أن يبادر هذا المخطئ والمذنب الى التوبة بعد المعصية
ويتجه بقلبه الى الله صادقا بطلب العفو، فيعفو الله عنه ويقيله عثرته، بينما الناس
تلهج بذكر عيبه وتمشي بغيبته يقول الإمام (عليه السلام): "يَا عَبْدَ اللَّه لَا
تَعْجَلْ فِي عَيْبِ أَحَدٍ بِذَنْبِه فَلَعَلَّه مَغْفُورٌ لَه ولَا تَأْمَنْ
عَلَى نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَةٍ فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْه".
اذا المطلوب من الانسان أولا الكف عن ذكر ذنوب الناس، والتوجه الى الله بالشكر على
أن الله عز وجل صانه وحفظه من أن يقع في ذلك الذنب، يقول الإمام (عليه
السلام): "فَلْيَكْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ
عَيْبِ نَفْسِه ولْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلًا لَه عَلَى مُعَافَاتِه مِمَّا
ابْتُلِيَ بِه غَيْرُه".
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2017-03-16