من خطاب
الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مسؤولي النظام وسفراء البلدان الإسلامية بمناسبة
ذكرى المبعث النبوي الشريف_7/ 6/ 2013
يوم المبعث
يوم تكريم النبي (ص) بالخطاب الإلهي
لقد وَرَدَ في الروايات بخصوص ليلة المبعث، أنّ السماء لَمْ تُرخ
بظلالها على ليلة كتلك الليلة، أي لم يَشْهد التاريخ ليلةً كليلة المبعث، ففي صباح
تلك الليلة كُرّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخطاب الإلهي، وبُعث بالرسالة
العظيمة والخالدة على مرّ العصور.
دعوة النبي (ص) تواجه بعداوة شياطين الإنس والجن
البعثة عمل عظيم وشاق. عَظَمة الأعمال تتناسب والمشاكل والصعاب التي
تعترض مسيرها. وعادةً ما تكون الصعاب التي تواجِه الأعمال والخطوات الصغيرة،
صغيرةً. بينما تواجِه الأعمال العظيمة معارضات ومصاعب كبيرة. لقد توالت الصعاب التي
واجهت الدعوة خلال حياة النبي، سواء في "مكة" أو في "المدينة"، ومن مختلف الجوانب،
وهذا الأمر لم يقتصر على نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم فحسب، فقد واجه جميع
الأنبياء والرسالات هكذا معارضات. لكن بالطبع، كانت المعارضة على نبيّنا صلى الله
عليه وآله وسلم ، أشدّ وأشمل: ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا
شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ
غُرُورًا?1. فقد ساعد شياطين الإنس والجن بعضهم بعضاً في مواجهة الدعوة الإلهية،
وفي مواجهة السعادة البشرية. (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ
أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ
وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ)2 أي أن الأفئدة
(القلوب) الغافلة، الساذجة، عديمة الفكر، الغُلُف، تَتَقبلُ هذه الأصوات المعارضة
والمناوئة لدعوة الأنبياء الإلهية. كانت البداية مع بدء عصر البعثة وعصر ظهور
الرسالة الإلهية، واستمرّت بأشكال مختلفة حتى آخر يوم من عُمر النبي المبارك، وما
تزال مستمرة من بعده إلى يومنا هذا. ففي كلّ مكان يوجد دعوةٌ، توجد مخالفةُ
الشياطين لها، وكلّ مكان كان درباً للأنبياء، وُجد المعرقلون لهذا الدرب.
حركة التاريخ تتجه نحو انتصار دعوات الأنبياء
بالطبع، فإن حركة التاريخ تتجه نحو الحق. ولو نظرتم إلى مُجريات
التاريخ، فسترون أنّ دعوات الأنبياء أصبحت، يوماً بعد يوم، أدْوَمَ، وأوسع، وأكثر
أُنساً وقُرباً لأذهان الناس وقلوبهم. الشياطين يعملون، لكن طبيعة العالم وحركته
تتّجهان سَمْتَ الحق. وهذا موجود. وقد وُجدت دائماً قلوب تعي الحقيقة، وتنشُر
المعارف الإلهية، الحقائق الإلهية والأخلاق الإلهية، وبأشكال مختلفة في المجتمعات.
لكنّ وُجدت المعارضة أيضاً وبأشكالها المختلفة. وهي موجودة اليوم.
الدعوات البشرية فشلت في توفير السعادة
لقد أثبتت الدعوات غير الإلهية اليوم، كالدعوة الماركسية، التي جذبت
أنظار العالم إليها في يوم من الأيام، ودعوة الأنسنة (الهيومونيسم)، والدعوة
التحررية (الليبرالية)، التي أحكمت قبضتها على حضارات العديد من مناطق العالم،
بأنها غير قادرة على تأمين السعادة للبشر، فيَمَّمت القلوب وجهها شطر الإسلام. ففي
أي بُقعة علا صوت العدالة والمطالبة بالعدالة، فهو صوت الإسلام، ولو لَمْ يعرف
المُنادون مصدر هذا النداء. وأينما ارتفع صوت الكرامة الإنسانية، فهو نداء الإسلام،
نداء الأديان، وبالتأكيد فإنّ محور كل هذه النداءات، هو الإسلام والإيمان